المحتوى الرئيسى

إلى أشرف فياض: الآن أدري ما السر في شعرك الذي أربك السلطات

07/28 10:37

لا أدري كيف طعم الوقت خلف القضبان، وبالذات لو كان السجين شاعراً مسجوناً لمجرد أنه كتب الشعر؟ لا أدري أيضاً ما السر في الشعر، الذي أدى لانتزاع حريتك منك؟ ولا أدري بالتحديد، ما الذي في الشعر، الذي يؤدي إلى الحكم بالإعدام؟

كل تلك الأسئلة دفعتني إلى قراءة قصائدك حتى أجد أجوبة. وفي الشهور المقبلة، سأقرأ قصائدك وسأكون سعيدة لسماعي أنه تم تخفيف حكم الإعدام عنك، بعد اتهامك بالإلحاد والحكم عليك بالسجن 8 سنوات. مع هذا، لا يزال بانتظارك عقاب مريع، لا شك أنه يدمي روحك الشاعرة.

أشرف، الآن أدري ما السر في شعرك الذي أربك السلطات الثقافية والمجتمعية والمؤسساتية. السر هو الصدق الذي ليس له مكان في عالمنا الزاخر بالنفاق والكذب والادعاء.

شارك غردالمدونة أفراح ناصر تكتب عن أشرف فياض "الآن أدري ما السر في شعرك الذي أربك السلطات"

شارك غردالرقابة الذاتية لم تكن ضمن قاموس خيالكما وأعمالكما الفنية، فكان لا بد من أن تقولا الحقيقة. ويا لها من نتيجة مكلفة

ثم سألت: "إذاً لماذا لا تستنكرون ما يجري؟"، فأجابوا: "سجوننا ممتلئة، تعرفين ذلك".

هكذا، الآن أدري ما السر في شعرك يا أشرف.

يبدو أن الجميع يرتعد خوفاً أمام السلطات، حتى أبناء وبنات أرض أم القرى، الأمر الذي يدفعني للتساؤل: من أين لك كل هذه الشجاعة يا أشرف، وأنت شخص مهاجر في السعودية لأبوين لاجئين فلسطينيين؟ من أين جئت بكل هذه الشجاعة لتحدي السلطة الثقافية والاجتماعية والمؤسساتية؟ كيف أقدمت على ما يهابه الكثيرون؟ يبدو أن الجميع خاسر في الحرب ضد جبروت السلطات. وعليه فأنت، كموطني اليمن، ستعاني ما يجب عليك أن تعانيه ما دام القوي باستطاعته أن يفعل ما يشاء، على حد تعبير ثوسيديديس.

“لايغركم الإبداع الذي لا يقتحم المساحات المحظورة بكل لياقة وصدق. لا يغركم الإبداع المتحالف مع الرقابة الذاتية". كنت أريد ان أردد ذلك على مسامع أصدقائي اليمنيين، وكل متابعي هؤلاء المشاهير، حتى أنشر حقيقة الإبداع الزائف في مجتمعاتنا. ثم أدركت أنني أنا أيضاً مذنبة بخطيئة الرقابة الذاتية، مثلي مثل الجميع.

مهلك عليّ يا أشرف، لا تُطلق عليّ الأحكام، الجميع يدركون أنه من الأرخص أن تقمع خيالك وأفكارك الأدبية، وأنه من المُكلف أن تكون مقداماً وصادقاً في التعبير عن كيانك الإبداعي. مُكلف لدرجة أن حياتك ستكون على المحك. شعرك الصادق هو البرهان يا أشرف. صديقنا أحمد ناجي هو أيضاً برهان آخر. فأنتما الاثنان، بين العديد من الأدباء الشبان المسجونين، كانت لديكما شجاعة التعبير من دون رتوش أو أكاذيب، وسط مجتمعات محكومة بهوس الادعاء. ببساطة، الرقابة الذاتية لم تكن ضمن قاموس خيالكما وأعمالكما الفنية، فكان لا بد من أن تقولا الحقيقة. ويا لها من نتيجة مُكلفة!

هكذا، الآن أدري ما السر في شعرك الذي أربك السلطات.

قد يحدث أن يكون حبسك صفعة في وجه الحرية الزائفة والأكاذيب في عالمنا الإبداعي. وما دمت خلف القضبان، وكلفة التعبير بحرية ودون قيود كلفة خيالية، حبسك (وحبس ناجي أيضاً)، هو قيد في معصمنا نحن من نزعم أننا أحرار. قالت Gloria E. Anzaldúa ذات مرة أنها تكتب لأنها تخاف من الكتابة، ولكنها تخاف أكثر من أن لا تكتب. لهذا كانت تكتب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل