المحتوى الرئيسى

أصول تيار الجوار الحسن فى إسرائيل «١ـ ٢» | المصري اليوم

07/27 23:46

بمناسبة القمة العربية أعتقد أن القاده السياسيين العرب وهم يتجهون إلى إحياء عملية السلام مع إسرائيل يمكنهم أن يستفيدوا فى تخطيط سياساتهم من فهم بذور العقلية الإسرائيلية ومن التعرف على أصول التفكير تجاه العرب الفلسطينيين فى التيارات الصهيونية التى سبق أن أشرت إليها. لقد تبلور منذ العقد ألأول من القرن العشرين بين المفكرين وألأدباء وألأكاديميين والسياسيين الصهاينة الذين هاجروا إلى فلسطين عدد من التيارات يحدد كل منها منظورا للتعامل مع العرب فى فلسطين. لا بد أن أسجل هنا ملاحظتين، أقول فى ألأولى إنه من المهم لمن يريد منا تحقيق سلام عادل أن يلتفت إلى رسالة نتنياهو الأخيرة وهو - زعيم تيار السيطرة والتوسع وتطبيق وسائل القمع والدهاء - إلى الرئيس محمود عباس والتى يركز فيها على مطالبة السلطة الفلسطينية بوقف ما يسميه التحريض ضد إسرائيل دون أن يقدم فى الرساله أى إشارة إلى استعداده لتقديم مقابل بإنهاء الاحتلال أو تلبية تطلعات الحرية والاستقلال لدى الشعب الفلسطينى. أما الملاحظة الثانية فأقول فيها إن تيار الجوار الحسن الصهيونى والمتبلور حاليا فى قوى اليسار الحالية لم يظهر منذ اللحظة الأولى فى عمره من فراغ بل نتيجه للمقاومة العربية. معنى هذا أن الاهتمام الإسرائيلى لصنع السلام العادل سينطلق بالضروره من البحث عن الأمن من عواقب فورات الغضب الفلسطينية التى تخلخل الإحساس بالأمان لدى المستوطنين بالضفة وبين قوات الاحتلال مهما بدت محدودة. إذا أردنا أن نترجم الملاحظتين إلى نموذج تفاوضى من الجانب العربى فإنه سيتعين علينا أن نربط ربطا وثيقا بين مطلبنا فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للضفة وبين مطلب نتنياهو فى إنهاء الغضب الشعبى الفلسطينى. إننى أرى أن المفكرين الصهاينة الأوائل الذين وصلوا إلى فلسطين ما كانوا سيشغلون أنفسهم بما يسمونه المسألة أو المشكلة العربية لو أنهم وجدوا فلسطين ساكنة أو خالية كما تصوروها طبقا لمقولة زنجويل. إنها المقوله الشهيرة التى أطلق فيها النداء الذى جذب كثيرا من الشباب اليهودى الأوروبى إلى الفكرة الصهيونية وهى مقولة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض). إن هذا يوجب علينا أن ندرك أن أحدا فى إسرائيل لن يعطى العرب جوارا حسنا إلا اتقاء لغضب أو طلبا لمنفعة. إذا عدنا إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات العشرين سنجد أن الشعب العربى الفلسطينى لم يلزم السكون أمام موجات الهجرة اليهودية التى بدأت مع عام ١٨٨٢ مع حركة محبة صهيون . لقد شرع الفلاحون العرب نتيجة للإحساس بالخطر على أراضيهم وحياتهم فى الهجوم على المستعمرات اليهودية وأثاروا بالتالى التفات المثقفين والكتاب فى الصحف العربية فى سوريا وفلسطين إلى هذا الخطر الصهيونى ومن ثم بدأت تظهر حملات إعلامية عربية رافضة المشروع الصهيونى. من هنا راحت التيارات الصهيونيه تظهر للتفكير فى الطريقه المثلى للتعامل مع الرفض العربى للمشروع الصهيونى. كان أولها تيار الجوار الحسن ويقوم على أفكار التعايش السلمى مع العرب والاندماج الثقافى والاجتماعى معهم واحترام حضارتهم وحقوقهم وكسب تعاطفهم مع مآسى الاضطهاد التى يعانيها اليهود فى أوروبا ليتقبلوا قيام الدوله اليهودية فى فلسطين. لقد تطور هذا التيار بين المفكرين والساسة اليهود مع مرور الزمن ليفرز فكرتين الأولى فكرة أرض واحدة لشعبين وهى الأساس فى مفهوم الدولة العربيه اليهودية المشتركة والثانية الفكرة المطروحه حاليا وهى فكره دولتين لشعبين متجاورتين فى سلام . جاء التيار الثانى كرد فعل مضاد للتيار الأول رافضا فكره الجوار السلمى وداعيا إلى السيطرة على العرب واستخدام القوة معهم لإرغامهم على قبول المشروع الصهيونى. إضافة إلى ذلك نادى دعاة هذا التيار بضرورة انفصال الشباب اليهودى، الذى بدأ يعجب بنمط الحياة البدوية والتقاليد الشرقية ويرى فيها تجسيدا لحياة القبائل العبرية، عن ثقافة العرب وحياتهم على أساس أنهم فى وضع حضارى أدنى من حضارة اليهود الصهاينة المهاجرين من أوروبا والذين تأثروا بالحضارة الأوروبية الحديثة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل