المحتوى الرئيسى

نداء الإسلام عثمان تكتب: عانس.. ولكن | ساسة بوست

07/27 16:00

منذ 11 دقيقة، 27 يوليو,2016

لا أعتذر عن أية مرة يخط قلمي بها كلمة عانس، فمن الآن وصاعدًا سأكسر كل تابوهات الحرج والشتائم والمعاني السيئة التي تتبعها كلمة عانس.

أتشعرين بالاضطهاد؟ أمنبوذة أنتِ؟ أم أنك تشعرين أن عجلات قطار الزمن قد دهست أحلامًا وطموحات وطرحًا بيضاء وفساتين قصيرة وكلمات غزل أحسنتِ إعدادها في مطبخ أحلامك؟!

أكل هذه الأحلام قد تفلت من عقالك؟

لك كل الاحترام يا حبيسة الأحلام، احتفظي بأحلامك في خيالك وظلي حبيسته إن أردت وإلا فاتبعي هذا الشعاع لعلنا نصل للحقيقة.

إن أهم ما يؤلم العانس أنها عانس، كل صديقاتها ذهبن إلى الحياة الجديدة، وهي كما هي، الزمن يسير بخطواته السريعة وهي كما هي في موضعها نفسه.

ولكن أسالك إذن يا حبيبتي، هل هذا هو التغيير المنشود؟!

هل فلانة التي تزوجت وأصبحت أم الأولاد تغير حالها أو هي كما هي؟! أعرف أن الجواب الواقعي أن حالها قد تغير، ولكن سأجيبك أن هي كما هي، عقلها كما هو إلا من بعض معلومات عن رضاعة الطفل وتجشأه وكيفية اختيار مقاسات للأطفال، ستتبارى مع قريناتها في مهارة صنع الكنافة بالمانجو والأرز دون أن يلتصق بالإناء، هذا بصدق كل ما تغير في مهارتها، ولكن كل ما اكتسبته من علم وما ربته من طموح أصبح أسير المطبخ العزيز، لا أقلل من شأن ما تقوم به ولكن تذكرة لكِ لكي لا يشطح بك الخيال إلى أرض رخوة فلا أنت ثبتِ ولا أنت عبرتِ.

أما عن كلمات الثناء والغزل يا عزيزتي فهي غالبًا مؤقتة بأيام وشهور، وسيخلفها عاجلًا أو آجلًا النقد والأمر والنهي وهلم جر.

فالحياة ليست معزوفة موسيقية عذبة وأنتِ لست راقصة على ألحانها، إن للحياة وجهًا أقبح مما في خيالك، إنها أكثر واقعية وأكثر حقيقية، أما فقاعات الهواء التي تتطاير حولك والتي قصرت عينيك عليها فلا ترين إلا ألوانها ويأسرك تطايرها، ليس لها في الواقع صوت ولا حرف ولا وجود، فالزواج ليست تلك القلعة التي بنيتها لأحلامك الوردية، والتي توجت نفسك ملكة فيها وجعلت روحك تزينها، والتي بعثرت على أسرتها مفاتيح سعادتك السحرية، وتوغلت في مطبخها فطهوت ابتسامات وثمار حب زرعتها في بستانها، لا ليست هذه هي الصورة الحقيقية.

أما الزوجة التي تحدثت بالخير عن زوجها حتى ظننته قديسًا وملاكـًا طاهرًا وشاعرًا رومانسيًا يجيد غزل ثياب الحب والافتتان هي امرأة كريمة وسيدة أمينة لما أطلعها الله على عيوبه أبت إلا أن تستره، فلا يغرّنك مادحة لزوجها فلعلها لولا الخلق ما تمدح، وتعلمي أن الظواهر لا تساوي إلا الضئيل، والبيوت أسرار بأقفال على أصحابها والله أعلم بها.

          هل ظننت أنك عانس لسوء بكِ؟! أتعلمين فلانة جميلة خلوقة، وعانس؟!

سأزعم أنه ما من فتاة عانس إلا وفي دائرتها المحيطة نساء يتعجبن أنها عانس لخلقها وأدبها، إذن فالأمر الذي يسوؤك لا يسيء إليكِ البتة فلمَ الإحساس بالنقص؟!

لست أنثى غير مرغوبة؛ فالرجل الذي يختار فلانة يختار نصيبه معه، وكم من رجال أُعجبوا بالكثيرات واحترموا الكثيرات فلما تزوج الواحد منهم تزوج واحدة بعيدة تمامًا عمن تمنى ورغب، فهو النصيب! وأنتِ نصيب لرجل لم يأت بعد، إذن لمَ تجعلين النقص يمزقك هكذا لمَ تتركينه يعبث بك! كلما أطلقتِ يديه كلما زاد الألم فاحبسيه في موضع لا يبرحه.

          صنم مجتمعي بحت، نظرات الشفقة والشماتة المتعارف عليها ونظرات الحقد لكل من ينتظر كبوات الفرس المراهن عليه، وهي إن صدقنا القول ليست كبوة بالمرة، إنها كبوتهم هم؛ فالنميمة وتضييع العمر في القيل والقال يخصهم وحدهم.

إن الحديث المجتمعي لا يدور حولك فقط، بل حول فلانة وفلانة وفلان ولكل أسبابه، سيتحدث الناس ما عاشوا وسينسون ما جد جديد، والحياة تقذف بالجديد دومًا، أما من يحاصرنّك بنظرات الشفقة هن نساء يرون الزواج سترًا حتى وإن كانت مع هذا العمر زوجها يتحدث عنها بكل قبيح ويشهر بها بين أهله وأهلها، ولا يمانع من أن تتطاول يده الكريمة لتشبعها ضربًا إن اقتضى الأمر، وإن أزهق روحها نفسًا نفسًا ستراه سترًا أيضًا، أعاذنا الله وإياكنّ من هذا النوع من الستر، هذه هي ثقافة الستر لديهن!

وكم من امرأة رأت ظل الرجل أفضل من الحائط، فجعلها هذا تلعن الرجال والحوائط بعد فترة وجيزة، بعد أن أدركت أنه لم يوفر الظل؛ فقد رمي بها في القيظ في الصحراء المقفرة.

إن الستر يا عزيزة هو ما أحكمه الله عليكِ، ما اختاره لك، بالحال الذي يراه مناسبًا سبحانه، فلا تتعجلي سترًا يحدثونك عنه حتى الملل، وارجي سترًا وعدك الله به في رزقك وكتبه في كتاب لا يضل ولا ينسى، وهل تبلغ نفس أجلها قبل أن تستكمل رزقها؟!

الرجل يحتاج الزواج لحاجة غريزية ملحة، وأنتِ تحتاجينه لحاجة عاطفية ملحة؛ فالمرأة عاطفة جياشة ونهر لا ينضب معينه، تنتظر زوجها والذي تعامله كطفلها لتفرغ طاقتها العاطفية، ماذا لو اخترتِ محرومين من العاطفة لتتصدقي بها، نعم هلّا تصدقتِ على من نشأ مبتور العاطفة ولم يتذوق بعد كأس الرحمة، على فتاة صغيرة لم تحتضنها أمها مرة واحدة، على من تمنت أن تسمع كلمة حب من أسرة افتقدتها، ستفرغين طاقتك في أرقي محل لها، في قلب من يحتاج فعلًا.

اكسري أصنام العنوسة ولا تتوقفين أبدًا عن أحلامك لقد أمهلك الله أيامًا إضافية لتتثبت أقدامك أو ليتغير تفكيرك ومسارك فتصبحين أنضج وأنفع.

إن رسالتك المقدسة التي أشربوها لك بالملعقة كزوجة وأم ليست هي الرسالة الحقيقية.

الرسالة هي عبادة الله بأية وسيلة والإعمار في الأرض بأية طريقة ممكنة.

فاحذري ثم احذري فخًا منصوبًا على بابك، الزواج للزواج لا للزوج! وإن أردتِ أن تختبري نفسك أأنا ممن عنده الاستعداد للسقوط أو لا، ارقبي قلبك وبابك، أيهما يطرق أولًا؟

إن كان قلبك سريع الدقات، عالي التقلبات، تطيح به النظرات، وتذبحه الكلمات، فعلميه الثبات، واعقدي عليه راية بلون غير البياض، فلا ثم لا للاستسلام لأي طارق، اجعلي لقلبك بوابات أمن وحراسة، واختبارات مرور واجتياز، لا يمر إلا من يستحق، ولا يأخذ مقعدًا إلا من يملأه، لست صاحبة بضاعة مزجاه أنتِ صنعة الله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل