المحتوى الرئيسى

«فركة» نقادة

07/26 22:37

تشتهر مدينة نقادة جنوبى غرب محافظة قنا، بصناعة تاريخية، تسمى صناعة «الفركة» التى تصدر إلى السودان، وبلدان أخرى، وتستخدمها النساء، كزى شعبى، على غرار «الملاية اللف».

لكن تلك الصناعة باتت تواجه خطر الإندثار بعد أن أغلقت كثيرا من ورشها، وتراجع عدد العاملين بها، نتيجة للتجاهل الحكومى لتلك الصناعة، لتخرج أصوات مطالبة ببرنامج حكومى، وبتدخل شخصى، من محافظ قنا النشط، اللواء عبدالحميد الهجا، لحماية تلك الصناعة، وإعادتها لتكون الصناعة الأولى لسكان مدينة نقادة.

وقد اكتسب سكان نقادة تلك الصناعة، وورثوها عن قدماء المصريين، الذين برعوا فى الغزل والنسج وتشهد المناظر التى تزين جدران المقابر بأن مصر القديمة كانت تشتهر جدًا بإنتاج الكتان، والذى صنعت منه معظم المنسوجات المصرية القديمة. ولم يكن الكتان وحده هو الليف النسجى المستخدم، فقد عثر أيضًا على منسوجات مصنوعة من صوف الأغنام وشعر الماعز، وألياف النخيل والحشائش وغير ذلك، وقام المصرى القديم باستخدام الألوان منذ أقدم العصور.

وتكشف نقوش ورسوم المقابر والمعابد الفرعونية أن النساء كان يشكلن الغالبية بين المشتغلين فى إنتاج المنسوجات؛ وإن لم يكنَّ فى موقع المسئولية، حيث اقتصرت معظم الألقاب المتعلقة بإنتاج الأقمشة على الرجال، وظهرت أيضًا فروق تبين أى جنس استخدم أى نوع من الأنوال؛ حيث صورت النساء دائمًا وهن يستخدمن النول الأفقى، بينما كان معظم الذين صوروا مستخدمين النول الرأسى من الرجال.

وعلى خطى أجدادهم الفراعنة تمتهن مئات الأسر المصرية بمدينة نقادة فى محافظة قنا صناعة النسيج اليدوى وصناعة الفركة وهى عبارة عن شال من الحرير المصنع يدويا والتى تمثل اعتقادا دينيًا فى بعض الدول الأفريقية بأنها تجلب البركة.

ويقدر «عمر» هذه الصناعة بآلاف السنين حيث يتوارثها المواطنون فى نقادة عن قدماء المصريين ويطلق عليها «الفركة» أو كما يقول أصحابها «صنعة الستر» لأنها تستر ولا تغنى، وتتميز بأنها صناعة عائلية تمارسها الأسرة بجميع أفرادها فى المنزل الريفى، ولذلك ربما لا يخلوا منزل فى مدينة نقادة من نول أو أكثر لصناعة «الفركة» التى تصدر للسودان والدول الأفريقية بجانب تسويقه فى المحافظات المصرية مثل أسوان والأقصر وسوهاج وقنا وأسيوط والمنيا، ولا توجد أسرة لا يعمل أفرادها فى صناعة النسيج، حيث يعمل آلاف من الفنانين الفطريين فى هذه الصناعة. لذا تعد مدينة نقادة المصرية المدينة الوحيدة الوحيد على مستوى العالم التى تتفرد بتلك الصناعة التاريخية التى ورثوها عن أجدادهم الفراعنة واحتكروها بحرفيتهم ومهارتهم فيها. وفى الوقت نفسه كانت ومازالت مصدرا متميزا للدخل القومى ومصدر الرزق الاساسى لمعظم سكان المدينة التاريخية.

وتقول الباحثة المصرية فى شئون التراث الشعبى الدكتورة خديجة فيصل مهدى: إن صناعة الفركة تعد الصناعة الأولى بالمدينة حيث يبلغ عدد الأسر المشتغلة بهذه الصناعة 600 أسرة بنقادة وقرية الخطارة وتوفر حوالى 3000 فرصة عمل تبعا لمراحل الإنتاج أغلبهم من السيدات وكبار السن. ويتذكر العصر الذهبى للفركة السودانية، حيث كانت تصدر إلى السودان وكان يقدر الإنتاج سنويا حوالى 700 ألف قطعة فركه تقدر قيمتها حوالى أربعة مليون دولار وكان عدد العاملين بها 10000 أسرة بالمدينة والقرى المجاورة وعدد الأنوال 5000 نول وكانت تجلب الخيوط من شركات مصرية، أما الآن فتستورد الخيوط من الصين والهند وتعتمد هذه الصناعة فى أسعارها على استقرار الأحوال الاقتصادية التى إذا كانت مستقرة كان دخل الأسرة من الصناعة حوالى 300 جنيه شهريا، وترى الباحثة المصرية أن هذه الصناعة تحتاج إلى مد يد العون من قبل السلطات الحكومية للنهوض بتلك الصناعة حتى يمكن رفع المعاناة عن هذه الفئة وللحفاظ على هذه الصناعة التراثية عن طريق عودة تصدير الفركة السودانية مما يحقق حياة كريمة للمواطنين.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل