المحتوى الرئيسى

نور بهاء الدين تكتب: زرياب أحد أسباب سقوط الدولة الأموية في الأندلس، حقا!؟ | ساسة بوست

07/25 20:13

منذ 21 دقيقة، 25 يوليو,2016

علي بن نافع وكنيته أبو الحسن.

عبد أسمر البشرة عذب الصوت، لقب بـ(زرياب) وهو أحد أنواع الطيور السمراء ذات الصوت الجميل، أزعجه ذلك الاسم فكان يعتز باسمه القديم.

ولد في الموصل، وهو في التاسعة من عمره تم خطفه وأصبح عبدا للخليفة المهدي بن جعفر المنصور، وفيما بعد أهداه المهدي إلى إسحاق الموصلي الذي ذهب معه إلى بغداد لكي يستقر هناك، وكان زرياب يحب بغداد حيث كانت تذكره بالموصل.

الموصلي كان يحب العزف على العود بل كان أستاذا في ذلك، تعلم منه زرياب العزف.

أصبحت علاقة الموصلي بزرياب علاقة حب وود فكان يثق فيه ويؤمن بقدراته على تطوير عزفه وجمال صوته، وكان للموصلي عادة عتق العبيد في المواسم الدينية فأعتق زريابا ولكن جعله بجواره، وبعد وقت ليس بكبير أخبر زرياب الموصلي بأنه يريد أن يتزوج بجارية يحبها اسمها صفاء من تركمان كانت جارية عند الموصلي، وأثناء أسرها أصبحت عرجاء على إثر سقوطها فلقبت بصفاء التركمانية العرجاء.

بارك الموصلي الزواج وأهدى لزرياب بيتا ليسكنه، فأنجب زرياب منها حمدونة وعبدالله وعبد الرحمن.

الأيام تتعاقب بسرعة العاصفة أحيانا، وهكذا كان الحال مع صاحبنا. حكى له الموصلي في يوم أنه أخبر هارون الرشيد عنه وأنهما سيذهبان معا لكي يغني زرياب لخليفة المسلمين الذي كان أبوه الخليفة المهدي سيد زرياب السابق، والذي كان عنده زرياب صبيا وعبدا، ورجع زرياب إلى القصور مرة أخرى، إلى حياة من لا مصير له!

كان يريد الموصلي من عرض زرياب على الخليفة جزءا من مودته وتقربه إليه بعرض موهبة نادرة، كما كان يعد زرياب نمطا لم يعتده العرب في الغناء، و لكن انقلب السحر على الساحر!, فعند عرض زرياب على الخليفة أخذ زرياب يعرض كلامه وغناءه فكسب مودة الخليفة الذي أمر الموصلي بأن يرعاه جيدا لحين تفرغ الخليفة، أحس الموصلي بحقد وبتفوق زرياب عليه فقرر تنحيته جانبا في سبيل عدم سلب منزلته عند الخليفة بتنحيته وتقريب زرياب، فجاء يخيره بين الفرار أو الذهاب بعيدًا أو أن يظل ويقتله ويرمي جثته في أحد النهرين.

كان يريد الموصلي التقرب إلى هارون لكن هارون أراده الله بجواره، فكان أن ذهب هارون في حملة فمات، وصارت البلاد إما في حكم المأمون أو الأمين، كان الموصلي من أنصار المأمون وزرياب من أنصار الأمين.

في أول الأمر كانت كل الأمور تشير إلى أن الحكم للمأمون ولكنه صار للأمين، فبعث رجالا من البلاط إلى زرياب لكي يحضر في نفس الليلة التي كان زرياب راحلا فيها إلى الأندلس لكي يفر من الموصلي.

جعل الأمين زريابا بجواره بعد أن صار هو الحاكم، ولكنه لم يكن الحاكم الصالح برأي الكثيرين، وفي مرة طلب الموصلي للحضور وأخذ يوبخه على أشياء فعلها، وقال له إنه لا يريد أن يراه، وإن عليه أن يذهب إلى بغداد وإلا فسوف يبيح دمه ويأخذ أمواله، فكان أن فر الموصلي.

بعدها بفترة ليست بكبيرة قرر المأمون أن يسلب الأمين عرشه، فكان له ذلك بدون إزهاق للدماء، ليعود المأمون إلى بغداد ويكون خليفة للمسلمين، وأحد أقرب رجاله الموصلي، ليعود التهديد إلى زرياب مرة أخرى، فإما أن يفر من بغداد أو أن يلقى به في أحد النهرين، فيقرر زرياب الرحيل إلى بلاد الأندلس.

يكلف الموصلي رجلا يدعى قيسا كي يطمئن إلى رحيل زرياب إلى منفاه، وأنه لن يعود.           استقر زرياب مؤقتا في (القريون) وقريون مدينة أهلها متشددون في تطبيق أحكام الله، فغضبوا من اقتراب رجل كزرياب يحب المغنى ويحث على الفجور كما كانوا يدعون عليه إلى أميرهم، وشنوا حربا عليه، وحين اشتدت عليه الحياة قرر أن يرسل خطابا إلى أمير الأندلس (عبد الرحمن بن حكم) يشرح له الأمر ويطلب منه أن يستضيفه هناك، وانتظر الرد فلم يأت، فقرر الرحيل بعد التهديد بهدر دمه.

وفي أثناء رحلته قابل رجلا يدعى المنصور، وعرف منه أنه مبعوث من أمير الأندلس له كي يجلبه إليه.

فكانت حياة جديدة تلوح له في الأندلس، حياة بمعناها الذي كان يتمنى أن يلقاه وأن يستقر هو وأسرته دون أدنى تهديد.

مع الوقت صار قريبا لعبد الرحمن بن حكم، ليس فقط لأن عبد الرحمن أحب صوت زرياب، ولكنه كان يحب كل شيء جديد ومميز وفريد.

بدا تأثير زرياب في المجتمع الأندلسي واضحا، لاحظ أن أهل الأندلس لا يفرقون بين ملبس الشتاء والصيف، فألمح لهم زرياب وعلمهم الفرق بين ملبس الشتاء وملبس الصيف، وبدأ التغير من الأمير ثم أتباعه ثم العامة.

وجد أيضا زرياب أنهم لا يهتمون بحلاقة ولاتهذيب الشعر فعلمهم زرياب ذلك، وترك تلك المهمة لابنتيه حمدونة وعلية (التي أنجبها في الفترة التي قضاها في القيروان)، وعلمهم قصة الشعر التي تليق مع كل هيئة، ووجد أيضا أن ثياب الأندلسيين لا تخلو من رائحة العرق فكان حله في نبات السفراج الذي إذا خلط مع الماء يعطي رائحة طيبة.

ثم أدخل زرياب الحمام إلى الأندلس، حيث أقنع الأمير بأهميته، ولاحظ أيضا زرياب أن أهل الأندلس يقدمون أكلهم دفعه واحدة ولا يعرفون شيئا عن آداب المائدة، فعلمهم زرياب أن للمائدة آدابا، حيث يجب تقديم الحساء ثم الخضار ثم الوجبة الأساسية ثم الفاكهة أو الحلوى.

وبعد فترة أطلق على زرياب لفظ المعلم لمجهوداته في تعليم أهل الأندلس.

أما الموسيقى فلم يتركها على حالها، فأدخل لهم نظام الموشحات وأسس مدرسة تدرب المغنيين هناك، وكان يأتي لها الناس من كل بقاع الأرض.

و مات زرياب في قرطبة عام ٢٣٨ هجرية.

يقول ابن خلدون أنّ الحضارة هي سبب تطوّر الموسيقى وغيرها من فنون الترفيه، في حين يرى آخرون أنّ هذه الفنون هي سبب تطوّر الحضارات.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل