المحتوى الرئيسى

علاج السكتة الدماغية بالخلايا الجذعية

07/25 09:29

قام فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد بدراسة أثر الحقن المباشر لخلايا جذعية في أدمغة مرضى مصابين بالسكتة الدماغية، وأفاد الفريق بأنهم مذهولون من مقدار التحسن الذي تسبَّب به هذا الإجراء العلاجي التجريبي في استعادة القدرات الحركية لبعض المرضى. وبالرغم من أن هذه الدراسة أُجريت على 18 مريضاً وصُمِّمت أساساً لدراسة مدى سلامة هذا الإجراء العلاجي بشكل أساسي، إلا أنها أحدثت ضجة في عالم علم وطب الأعصاب، لا سيما أن نتائجها جاءت تعارض المعتقدات السابقة، تلك المعتقدات التي تقول أنَّ أيَّ تلف في الدماغ هو دائم وغير قابل للعلاج.

كما قد تُسهم نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة Stroke في تحسين فهم عدد كبير من الاعتلالات مثل إصابات الدماغ الرضّية، وإصابات النخاع الشوكي والآلزهايمر، وذلك في حال تم تأكيدها في أبحاث تجرى على نطاق أوسع.

شمل هذا العلاج التجريبي مرضى تجاوزوا مرحلة الأشهر الستة الحرجة بعد الإصابة بالسكتة الدماغية، وهي المرحلة التي يصل فيها المرضى إلى حالة من التحسن تتسم بالاستقرار ويندر فيها أي تقدم، كما يتم فيها إيقاف معظم العلاجات؛ للاعتقاد السائد بأن الدوائر العصبية تكون قد ماتت وصارت غير قابلة للإصلاح.

شملت الدراسة مرضى تعرضوا لسكتة دماغية تحت الغشاء الخارجي للدماغ، ولديهم اعتلال أو ضعف في تحريك إما أذرعهم أو أقدامهم أو كليهما، كما اشتملت الدراسة على مرضى تعرضوا للسكتات الدماغية قبل 3 إلى 5 سنوات قبل خضوعهم للعلاج التجريبي.

يخضع الأشخاص في هذه الدراسة إلى جلسة علاج واحدة، وأثناءها يقوم الجرَّاح بإحداث ثقب في جمجمة المريض، ثم يحقن خلايا جذعية في عدة مواقع محيطة بالمنطقة المتضررة جراء الإصابة بالسكتة الدماغية. هذه الخلايا الجذعية يتم الحصول عليها من نخاع عظمٍ لمتبرع بالغ. وبينما يبدو هذا الإجراء العلاجي دراماتيكياً إلا أنه يُعتبر بسيطاً بالنسبة لجراحات الدماغ الأخرى، ويكون المريض واعياً خلال العملية، ويغادر المستشفى في نفس اليوم.

ومن الجدير بالذكر أن الأعراض الجانبية التي شعر بها المرضى كانت طفيفة ومؤقتة كصداع مؤقت أو غثيان أو قيء، بينما عانى واحد من المرضى من تجمع للسوائل في الدماغ ولكن السائلَ المتجمع تم تصريفه، وتماثل المريض للشفاء التام. وبعد ذلك فُحِص المرضى بعد شهر واحد و6 أشهر و12 شهراً بعد الإجراء الجراحي، باستخدام التصوير الدماغي وعدد من المقاييس المعيارية التي تحكم على قدرة المريض على التكلم والنظر والقدرات الحركية، وبعض الوظائف التي تلزم الفرد لتأدية أعمال حياته اليومية.

يقول غاري شتاينبيرغ Gary Steinberg المؤلف الرئيسي للدراسة ورئيس شعبة الجراحة العصبية في جامعة ستانفورد Stanford University، في مقابلة أجريت معه حول موضوع الدراسة، أنه بينما لا يجب تعليق آمال كبيرة على نتائج هذه الدراسة الآن، إلا أن فريقه ذُهل من النتائج؛ حيث أبدى 7 من أصل 18 مريضاً تحسناً ملموساً في قدراتهم بعد المعالجة.

يقول الطبيب شتاينبيرغ والذي أشرف بنفسه على تنفيذ معظم الجراحات: " إن التحسن الذي طرأ على المرضى ليس تحسُّناً طفيفاً، كأن يكون الشخص غير قادر على تحريك إبهام يده ثم يغدو قادراْ على أن يهزه، بل إن مريضاً مُقعداً يبلغ الحادية والسبعين من العمر تمكن من السير مجدداً بعد أن كان حبيس كرسيه المدولب".

كما أشار إلى التحسن الذي طرأ على مريضة أصغر تبلغ 39 عاماً، كانت هذه المريضة قد عانت من سكتة دماغية قبل عامين وكانت تعاني من تعثر وصعوبة في المشي والنطق، وكانت المريضة قد أفادت حسب أقوال الطبيب أنها "لا ترغب في إتمام زواجها من عشيقها" لأنها تخجل أن تعبر الممشى، ولكن بعد أن خضعت للعلاج التجريبي فإن الطبيب يقول " هي الآن تمشي أفضل من ذي قبل وتتكلم أفضل من ذي قبل وتزوجت وتنتظر أن تُرزق بمولود".

يقول شتاينبيرغ أن هذه الدراسة لا تدعم الفكرة التي كانت شائعه بأن الخلايا الجذعية التي تُحقن في الدماغ تتحول إلى خلايا عصبية، وإنما يرجِّح الطبيب أن الخلايا الجذعية تُحدِث نوعاً من العمليات الكيميائية الحيوية التي تحفِّز قدرة الدماغ ليرمِّم نفسه بنفسه.

ويقول شتاينبيرغ في محاولة لتفسير آلية عمل الخلايا الجذعية: " إن النظرية التي يمكن وضعها هنا، هي أن الخلايا الجذعية تُعيد دماغ الإنسان البالغ إلى وضع يشبه دماغ حديث الولادة، حيث يتمكن من التحسُّن بشكل جيد".

يقول الطبيب شون سافيتز Sean Savitz الأستاذ في جراحة الأعصاب في جامعة تكساس professor of neurosurgery at the University of Texas، أنَّ نتائج هذه الدراسة مشجعة ولكننا بحاجة لبذل مزيد من الجهد للتأكيد على هذه النتائج، وتكوين فهم واضح للآلية التي يحدث بها هذا التفاعل. كما قال بأن السؤال الذي يبرز هنا هو ما إذا كانت الخلايا الجذعية نفسها تُحدِث التغيُّر المطلوب، أم أن الإجراء الجراحي نفسه يُحفز تفاعلات حيوية أخرى، أم أن النتيجة وهمية لإراحة المريض نفسياً؟

كما يقول الطبيب نيكولاس بولس Nicholas Boulis وهو جراح أعصاب وباحث في جامعة إيموري Emory University، أن نتائج الدراسة تدعم فكرة وجود طُرُق كامنة في الدماغ يمكن إعادة تنشيطها (وهي نظرية بدأت تبرز أكثر فأكثر خلال السنوات القليلة الماضية).

ويضيف قائلاً :"مقدار التحسن الذي طرأ على المرضى بسبب الإجراء الجراحي التجريبي أمر يدعو للحماس بكل تأكيد".

هناك قرابة 7 ملايين مريض في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من آثار مزمنة جراء إصابتهم بسكتات دماغية، ومضطرون للتعايش مع الخلل الذي أصاب أدمغتهم والاعتلال في أجسامهم. ومع أن هناك العديد من العلاجات التي يمكن استخدامها خلال الساعات الأولى أو الأيام الأولى للإصابة من أجل تحسين النتائج للمريض، وكذلك هناك العلاج الطبيعي التأهيلي بعد بضعة أشهر، إلا أن هناك القليل القليل مما يمكن للأطباء إجراؤه بعد ذلك.

غدت الخلايا الجذعية من أكثر الطرُق العلاجية التي تفتح آفاقاً جديدة للأبحاث. كما يتمُّ رصد تحسنات هائلة على الحيوانات المخبرية، ولكن تطبيق الدراسات على البشر بدأ تواً. نشر فريق من الباحثين سابقاً في هذا الشهر في كلية ميلر للطب بجامعة ميامي Miller School of Medicine at University of Miami نتائج دراسة امتدت على مدى عام واشتملت على 48 مريضاً بينوا فيه أن حقن الخلايا الجذعية في المريض من خلال الشريان السباتي يُعد إجراءً آمناً.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل