المحتوى الرئيسى

بين الدبلوماسي والمتواضع ووزير الدفاع.. من يرأس حماس؟

07/24 15:43

بعد فترة طويلة من الجمود، يتوقع أن تشهد الساحة الفلسطينية الداخلية حدثين مهمين، كلاهما مرتبط بحماس. الأول في أكتوبر القادم ويتمثل في إجراء انتخابات المجالس المحلية بالضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يتوقع أن ينطلق الحدث الثاني نهاية العام الجاري، عندما تنتخب حماس قيادتها السياسية، خلفا لخالد مشعل.

في أواخر 2012 أجرت السلطة الفلسطينية انتخابات المجالس المحلية بالضفة الغربية. أدى الانقسام والتشكك بين حركتي فتح وحماس آنذاك إلى إعلان الأخيرة أنها لن تسمح بإجراء انتخابات بقطاع غزة. كذلك قاطعت حماس الانتخابات بالضفة، ولم تطرح قائمة تابعة لها، ودعت مؤيديها للامتناع عن التصويت.

مقاطعة حماس للانتخابات جعل فتح تنافس نفسها ، حيث نزل مرشحون من قبل الحركة ضد بعضهم البعض في انتخابات المجالس بالمدن والقرى. بحسب تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت".

في الأسبوع الماضي فجرت حماس مفاجأة بإعلانها أنها ستسمح بإجراء الانتخابات المحلية بقطاع غزة لتجسيد إرادة الشعب. وبعد أيام معدودة أعلنت حماس أنها سوف تشارك عبر دعم قوائم "وطنية وعشائرية وتكنوقراط". 

لم يتأخر الرد على الإعلان المفاجئ لحماس، ووصل رؤساء اللجنة المركزية للانتخابات ومقرها رام الله إلى قطاع غزة والتقوا نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية لبحث الطريقة التي ستجرى بها الانتخابات بالقطاع.

صحيح أن السلطة الفلسطينية أرسلت بيان ترحيب تلقائي ردا على خطوة حماس، لكن خلف الكواليس في رام الله لم تكن هناك حالة كبيرة من الدهشة حيال الإعلان المفاجئ.

أسباب إعلان حماس عن هذه الخطوة متعددة. تتابع الحركة عن كثب استطلاعات الرأي الجديدة التي تجريها معاهد الأبحاث برام الله، والتي يتجلى فيها يأس الجمهور الفلسطيني من السلطة الفلسطينية وغياب ديمقراطية حقيقية. كذلك سجلت حماس نجاحا كبيرا في الشهور الماضية في انتخابات اتحادات الطلبة بالجامعات، وحققت فوزا كبيرا في جامعة بير زيت وجامعة بوليتكنك بالخليل.

تشعر حماس أن الزخم لصالحها بالضفة الغربية، وأنه ليس هناك أفضل من إطلاق بالون اختبار على شكل انتخابات محلية للوقوف على مستوى تأييدها في الشارع الفلسطيني هناك.

تعرف حماس أيضا أن مشاركتها في الانتخابات المحلية سوف تعيد إحياء ضغط الجماهير الفلسطينية لإجراء انتخابات برلمانية وربما أيضا رئاسية.

ستتابع السلطة الفلسطينية بقلق خلال الفترة المقبلة خطوات حماس لتشكيل القائمة. من المحتمل أن تحاول الأجهزة الأمنية إعاقة عملها بطرق مختلفة، على أمل ألا تسمح منظومة الأمن الإسرائيلية أيضا للخضر (نسبة إلى رايات حماس) برفع رؤسهم أكثر من اللازم.

أعلن خالد مشعل في تصريحات صحفية أدلى بها في يونيو الماضي عدم الترشح لولاية جديدة على منصب رئيس المكتب السياسي لحماس. لكنه لم يعلن ذلك بشكل رسمي.

كانت مكانة خالد مشعل لا يمكن زعزعتها داخل الحركة، لكن انتابه الضعف في أعقاب عملية "الجرف الصامد" والخلافات حول إدارة المعركة بين قياددة حماس في الخارج والقيادة الداخلية.

إشارات مشعل، وإن لم تكن نهائية (أعلن مشعل في انتخابات 2012 عدم الترشح لكنه غير رأيه في اللحظة الاخيرة واكتسح) فتحت السباق أمام شخصيات يتوقع أن يحل أحدها محله. هؤلاء الأشخاص هم: موسى أبو مرزوق وإسماعيل هنية ويحيي السنوار.

كان أبو مرزوق أول من تولى منصب رئيس المكتب السياسي لحماس مطلع التسعينيات. ينظر إليه في الحركة على أنه صاحب قدرة على التفكير الإستراتيجي وشبكة علاقات واسعة بين القادة المسلمين بالعالم العربي والإسلامي.

وتكمن نقطة قوة أبو مرزوق في قدرته الدبلوماسية وتحديدا في علاقاته الجيدة (مقارنة بباقي قادة حماس) مع رؤساء القيادة السياسية والأمنية في مصر، الذين يفضلون بشكل تقليدي الحديث من خلاله مع الحركة.

خلال السنوات الأخيرة الماضية أصبح أبو مرزوق في الواقع حلقة الوصل بين حماس ومصر، ويتنقل بين القاهرة التي أقام فيها خلال السنوات الماضية وبين قطاع غزة. وبشكل مواز لعلاقاته الجيدة مع مصر، يحظى ابو مرزوق بعلاقات مباشرة مع القيادة الإيرانية وحزب الله، لكن هذه العلاقات تلقت ضربة قوية، بعدما سرب مصدر مجهول، على ما يبدو جهاز مخابرات عربي، للإعلام تسجيلا لمكالمة هاتفية يهاجم فيها أبو مرزوق إيران ويتهمها بممارسة الأكاذيب، وبعدم مساعدة حماس.

ويتمتع أبو مرزوق أيضا بعلاقات جيدة مع الجناح العسكري لحماس، الذي كثيرا ما تختلف مواقفه عن القيادة السياسية. كما يلعب دورا هاما آخر ممثلا في توليه ملف المصالحة مع فتح، وبناء عليه يرتبط بعلاقات جيدة مع جزء من القيادة الفلسطينية برام الله.

يعتبر إسماعيل هنية اليوم الرجل رقم 2 في القيادة السياسية لحماس، والشخصية القوية والأكثر تأثيرا داخل الحركة بقطاع غزة. ويتمتع هنية بكاريزما كبيرة، وقدرة على حشد الجماهير من خلفه في خطاباته المؤثرة، رجل يعرف كيف يبرز ويسوق طريقة عيشه المتواضعة.

أوجد هنية لنفسه منظومة علاقات قوية وثقة كبيرة مع باقي الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة وفي مقدمتها حركة الجهاد الإسلامي. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه الأوفر حظا بين قادة حماس للفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية حال إجرائها. كذلك فهو شخصية مقبولة لدى قطر (صحابة التبرعات الأكبر في إعادة إعمار قطاع غزة) وتركيا (الراعي الإسلامي الرئيسي لحماس اليوم) وحتى إيران.

يحيي السنوار هو أحد مؤسسي الجناح العسكري لحماس، سجن خلال الانتفاضة الأولى وكان من محرري صفقة شاليط. منذ إطلاق سراحه وصل السنوار لدرجة كبيرة في قيادة حماس وانتخب كعضو في المكتب السياسي للحركة في الانتخابات الاخيرة عام 2012.

وبشكل مواز، وطد علاقاته بالجناح العسكري للحركة وأصبح أحد المقربين للغاية من محمد ضيف قائد الجناح. ويستخدم ضيف السنوار لتعزيز نفوذه داخل الجناح السياسي للحركة. وإذا كان يمكن اعتبار ضيف رئيس أركان حماس، فإن السنوار هو وزير دفاعها.

في حماس يعتقدون أنه رغم ميل خالد مشعل لعدم الترشح مجددا، فسوف يكون له تأثير كبير على هوية خليفته نظرا لعلاقاته الواسعة مع مجلس الشورى الذي ينتخب رئيس الحركة.

يؤكد جزء كبير من الحركة على أهمية تعزيز علاقات حماس بالساحة الإقليمية، والإسلامية والدولية- وهي المهمة التي يمكن أن يقوم بها رئيس الحركة إن كان يعيش بالخارج وليس بقطاع غزة.

كذلك سيكون الزعيم الذي يعيش بالخارج أقل عرضة لخطر اغتياله من قبل إسرائيل، مقارنة بقطاع غزة، وتحديدا بعد تنفيذ الموساد لمحاولة اغتيال فاشلة لمشعل في الأردن، وهي المحاولة التي أدت لتدهور العلاقات بين تل أبيب والمملكة الهاشمية.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل