المحتوى الرئيسى

الديمقراطية في الوطن العربي .. فوضى أو انقلاب

07/24 12:16

تحت عنوان "أزمة اﻹسلام السياسي" سعى الكاتب "ياروسلاف تروفيموف" التحذير من مخاطر وصول اﻷحزاب اﻹسلامية لسدة الحكم، خاصة أنهم لا يعتبرون الديمقراطية كقيمة في حد ذاتها ولكنها وسيلة للوصول لهدافهم.  

وأوضح الكاتب في مقال نشره بصحيفة "وول ستريت جورنال" اﻷمريكية، أن ما حدث في مصر ثم المحاولة الفاشلة للانقلاب في تركيا تظهر مخاطر وجود الأحزاب العقائدية الدينية في السلطة، خاصة أن آمال الديمقراطية في الشرق اﻷوسط تنتهي باستيلاء الجيش على السلطة مثل مصر، او بحملة دموية مثل البحرين، أو الفوضى والحرب الأهلية مثل سوريا واليمن وليبيا.

في عام 1999، الرئيس السابق لبلدية اسطنبول رجب طيب أردوغان تم سجنه، ومنع من ممارسة الحياة السياسة، لالقائه قصيدة، قال فيها :" مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذاتنا.. مآذننا حرابنا.. وجيشنا يحرس ديننا.. إذا لم أكن قادرا على التحدث عن ذلك.. فما فائدة العيش؟

الحظر الذي فرض حينها على أردوغان لم يمنعه من الوصول لسدة الحكم اﻵن، حيث أصبح رئيسا للدولة، وقبلها رئيسا للوزراء لمدة 11 عاما، ويشن حاليا حملة تطهير في مؤسسات الدولة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده الأسبوع الماضي.

على مدى عقود، وفي الكثير من مناطق الشرق الأوسط، الساسة الإسلاميين مثل أردوغان لم يكونوا يستطيعون التحدث، وعندما يفعلون السجن أو المشنقة تكون في انتظارهم.

من الجزائر لمصر إلى تركيا، أطلقت الدولة العنان مرارا لحملات قمع ضد اﻹسلاميين تصل في كثير من اﻷحيان إلى تهميش، وسحق الحريات بحجة الحفاظ على القيم العلمانية، الغرب يفضل الشياطين الاستبدادية أكثر من الإسلاميين في الحكم.

وردا على ذلك، فإن العديد من الحركات الإسلامية التي نشأت متأثرة بجماعة اﻹخوان المسلمين في مصر، ومن ومن بنها حزب أردوغان (العدالة والتنمية) تبنت تدريجيا لغة التعددية، والفكرة السياسة الديمقراطية والانتخابات، لكن الإسلاميين غالبا ما ينظرون إلى الديمقراطية ليس كقيمة في حد ذاتها بل مجرد تكتيك لإقامة نظام إسلامي "صحيح"، وصناديق الاقتراع ببساطة أكثر الطرق الممكنة لتفكيك ما بعد الاستعمار، والأنظمة العلمانية التي فشلت في أعين أتباعهم في تحقيق العدالة أو تطوير المسلمين العاديين.

في 2005 أردوغان، الذي أصبح رئيسا للوزراء في تركيا، قام بتحسين سجل حقوق الإنسان، وزاد من فرص تركيا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وفي رحلتها ينظر إلى الديمقراطية فقط على أنها "مركبة".

وبعد سنوات من الحكم سعى أردوغان لتوطيد حكمه بالسيطرة على المراكز الرئيسية للمعارضة في وسائل الإعلام، والجيش التركي، والقضاء، في أعقاب الانقلاب الفاشل شن حملة على عشرات الآلاف من المعارضين المحتملين، بما في ذلك احتجاز ما يقرب من 9000 شخص.

وفي مصر، كانت الآمال للديمقراطية عالية في أعقاب مظاهرات 2011 التي ساعدت على إسقاط حسني مبارك، ولكن أول رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد محمد مرسي استغرق بضعة أشهر فقط بعد انتخابه في عام 2012، قبل البدء في توطيد حكمه، ومنح نفسه حصانة من الرقابة القضائية.

إلا أن الطريق قطع أمامه من خلال الانقلاب العسكري الناجح في 2013، والذي أوصل الرئيس الحالي للبلاد عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم، وثبت نظامه بسرعة وأصبح أكثر قمعا حتى من الرئيس مبارك.

هذه الدورة من الصراع بين "الدولة العميقة" التي تسيطر على المؤسسات العسكرية، والأمنية في البلاد، والأحزاب الإسلامية التي تسعى للسيطرة على أكبر قدر ممكن من القوة، عن طريق الانتخابات، كان سببا رئيسيا وراء فشل الديمقراطية في الشرق الأوسط.

بعلاقاتهم مع الغرب أو الأنظمة الاستبدادية، ناضلت الأحزاب الليبرالية والعلمانية للظهور كخيار ثالث في معظم أنحاء المنطقة، فبعد كل شيء الديمقراطية، اقتراح صعب عندما لا يكون هناك إلا اثنين من القوى الرئيسية يشكلان السياسة في الشرق اﻷوسط، الحرس القديم، والحركات اﻹسلامية.

الاستثناء الديمقراطي الوحيد لهذه القاعدة هي "تونس"، الديمقراطية العربية الوحيدة التي خرجت من ثورات الربيع العربي في 2011، والبلد الوحيد التي تصنف على أنها "حرة" من منظمة "بيت الحرية" والتي ترصد مستوى الحريات في العالم من حيث الحقوق المدنية والسياسية، والتي تقول إن غالبية دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لديها أسوأ سجل في حقوق اﻹنسلن.

"مشكلة الديمقراطية" لا ترتبط كثيرا بـ"الإسلام"، كدين، بنفس القدر مع نسخة "الإسلام السياسي" المستحدثة في القرن الـ20 في مصر، ولمعالجة التخلف في الشرق الأوسط مقارنة بالغرب سعى مؤسسي جماعة اﻹخوان بعد اغتيال حسن البنا، وأعدم سيد قطب لنشر أفكارهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وبعد الفشل المتكرر من الأنظمة الاستبدادية في نشر أفكارها من الاشتراكية للقومية العربية، جماعة الإخوان تمثل الآن الحركات السياسية المهيمنة من المغرب إلى تركيا إلى قطاع غزة.

فشل الأحزاب السياسية الإسلامية باستمرار في صناديق الاقتراع في باكستان، البلد المسلم الثاني الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، أحد الأسباب التي دفعت المتطرفين في باكستان لتبني استراتيجية الإرهاب.

ورغم أن الجيش الباكستاني لا يزال يحتفظ بنفوذ كبير في الشؤون الخارجية والأمن، وعزز السياسة الديمقراطية منذ انتهاء الحكم العسكري المباشر عام 2008، إلا أن انتخابات 2013 أدت إلى تسليم الجيش للسلطة للأحزاب المتنافسة، وخارج منطقة الشرق الأوسط، عملت الديمقراطية أيضا، على الأقل حتى الآن، في الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل السنغال وألبانيا.

لكن الأفكار السياسية تميل إلى السفر من قلب العالم الإسلامي لمحيطه، وليس العكس، قبل عقد من الزمان، كان في كثير من الأحيان ينظر لدول في غرب افريقيا مثل مالي، باعتبارها الاكثر حرية وديمقراطية إسلامية، ومصدر إلهام محتمل للديمقراطيين في أفغانستان التي مزقتها الحرب والعراق.

إلا أنه في 2012، انهارت ديمقراطية مالي في ظل هجمة المتطرفين الإسلاميين الذين ينتمون لحركة طالبان وتنظيم القاعدة.

لكن الدين الإسلامي الذي أسس إمبراطورية ناجحة بدلا من الموت على الصليب، يوفر وصفة طبية أكثر تفصيلا من المسيحية للكيفية التي ينبغي أن تدار بها الحكومة والمجتمع، فـ"القرآن دستورنا"، شعار جماعة الإخوان المسلمين التاريخي.

على هذا النحو، السياسيين والناخبين الذين يؤمنون بسيادة الشريعة الإسلامية وجدوا أنفسهم حتما في صراع مع مبدأ الديمقراطية، الذي يفرض مسارا مختلفا كلما فضلت اﻷغلبية، وبعد كل شيء، لماذا الجماعات المتطرفة، مثل الدولة الإسلامية، ترفض الديمقراطية المباشرة باعتبارها بدعة كفرية.

في الآونة الأخيرة، دول الخليج مثل السعودية والإمارات دعمت الانقلاب السيسي في مصر خوفا على حكمهم، وكانت معادية بشكل خاص للتجربة الديمقراطية في تونس.

وتبقى تونس الدولة الوحيدة التي لم تتبدد فيها آمال الحرية، باستيلاء الجيش على السلطة مثل مصر، والحملة الدموية في البحرين، أو الفوضى والحرب الأهلية في سوريا واليمن وليبيا.

تونس أصبحت المنارة الوحيدة للديمقراطية العربية في المنطقة، بفضل حزب "النهضة"، فبعد الانقلاب المصري عام 2013، حزب النهضة، اتخذ نهجا براغماتيا على نحو غير عادي، ونجح في المرر بتونس بعيدا عن الانقسامات التي عاشتها دول غيرها حتى وصل بالبلاد إلى بر اﻷمان.

في بلدان محورية مثل تركيا ومصر، وهما شركاء للولايات المتحدة، أصبح النضال السياسي لعبة محصلتها صفر. وفي هذه البيئة، الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لديهم الأدوات القليلة الثمينة لتعزيز أجندة الديمقراطية، وخاصة بعدما عملت إدارة أوباما للحد من مشاركتها في الشرق الأوسط، بينما القوى المعادية للديمقراطية من روسيا والصين حاولت توسيع نفوذهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل