المحتوى الرئيسى

«أقباط المهجر».. مصدر لإزعاج النظام وتبرعات الكنيسة

07/23 21:51

طالما كان ذكر اسم «أقباط المهجر» الذي يختفي ويظهر بقوة بشكل مفاجئ، يحاوطه العديد من الأقاويل، منها ما يميل ناحية «التخوين والتمويل المشبوه»، ومنها ما يذهب لـ«مشاركتهم في مشروعات الكنيسة»، ومنها ما يرى أنهم «ليسوا إلا أشخاص تحاول أن تظهر في الصورة».

مواقف وآراء بعضهم السياسية جعلت لفظ «أقباط المهجر» يدل على اتجاه أو جماعة أو منظمة بعينها، رغم أنه يعني حرفيًا «أقباط مصر في الخارج»، وهم بالفغل لا ينتمون إلى كتلة واحدة ولا يجتمعون على موقف واحد تجاه أي قضية، لكن في مصر كان للأمر منظور آخر خلقته المنظمات التي كونها بعض هؤلاء الأقباط.

أعادت دعوة الناشط مجدي خليل، عضو منظمة التضامن القبطي، الخاصة بتنظيم مظاهرة يوم الثاني من أغسطس المقبل، أمام البيت الأبيض للتنديد بما وصفه بـ«الانتهاكات التى تحدث ضد الأقباط فى مصر بعد تكرار حوادث العنف الدينى»، الحديث عن «وقوف أقباط المهجر ضد مصر والاستقواء بالخارج».

منظمة التضامن القبطي، بحسب الموقع الإلكتروني الخاص بها هي «منظمة تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، وتدعو إلى المواطنة المتساوية للأقباط في مصر والأقليات في الشرق الأوسط».

وقال خليل على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسـبوك» إن «منظمة التضامن القبطي بالتعاون مع النشطاء المهتمين بأوضاع الأقباط في مصر تدعو إلى مسيرة سلمية أمام البيت الأبيض يوم 2 أغسطس من العاشرة صباحًا حتى الخامسة مساءِ للاحتجاج على اللضطهاد والاعتداءات اليومية التي تقع على الأقباط في مصر وسط تواطؤ حكومي وغياب شبه كامل للحماية وللعدالة».

كما عرض خليل عددا من الحوادث التي وقعت ضد الأقباط في مصر، وفقًا للتسلسل الزمني، وكان من بينها «حرق الخيمة التي كان يصلي بها الأقباط في قرية الإسماعلية بالمنيا، وهجوم أكثر من 300 مسلم على منازل الأقباط بقرية الكرم بالمنيا، مما تسبب في حرق 7 منازل، وتعرية السيدة القبطية سعاد ثابت تماما من ملابسها، والهجوم والاعتداء على منزل ناصف رمزي بعزبة الدهب بالمنيا بحجة تحويل منزله لكنيسة، بالإضافة إلى الهجوم على مبنى الخدمات بقرية البيضاء بالعامرية بزعم تحويله لكنيسة».

ومن جانبه انتقد خالد صلاح، رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع» هذه الدعوة، وقال خلال برنامج «على هوى مصر»، المذاع على قناة النهار: «الدعوة لمؤتمر خاص ببحث ملف الفتنة الطائفية ناتج عن سببين إما عن سوء فهم مطلق، أو سوء نية، وأنا أشعر بسوء نية عندما نرى بعض أقباط المهجر الذين ليس لهم أي دور، يبحثون عن أدوار عبر طرح الملفات الداخلية المصرية على أنها فتنة طائفية».

مشيرًا إلى أن مثل تلك المؤتمرات تُعقد بمبالغ طائلة عبر التبرعات أو بعض المنظمات التى ليس لها مصلحة فى استقرار الأوضاع في مصرـ حسب قوله.

وجاءت تعليقات أخرى منتقدة للدعوة، حيث قال النائب مصطفى بكري، في تصريحات صحفية، إن دعوات أقباط المهجر للتظاهر أمام البيت الأبيض بالولايات المتحدة الأمريكية احتجاجا على أحداث المنيا هى «محاولة للاصطياد فى الماء العكر وتصب فى صالح المتآمرين على البلاد».

كما أعلن الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، والمكلف من البابا تواضروس الثانى لمتابعة ملفات العنف الدينى بالمنيا، فى تصريحات صحفية، رفضه لفكرة التصعيد دوليًا، وقال إن الكنيسة لا تفضل ذلك وتثق تمامًا فى الرئيس عبد الفتاح السيسي وما سيتخذه من إجراءات تعيد للأقباط حقوقهم.

يُشار إلى أن مجدي خليل هو محلل سياسي مصري مقيم في الولايات المتحدة منذ منتصف التسعينات، وهو مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات، ويكتب مقالات في عدة مواقع إلكترونية، وُجهت له عديد من الانتقادات حول دفاعه عن الإلحاد والمثلية الجنسية، ومهاجمته للدين الإسلامي.

لم يكن هذا الهجوم الأول الذي يتعرض له أقباط المهجر، ولكن في شهر يونيو الماضي، كشفت الكاتبة فاطمة ناعوت، أنها رفضت أن تكون «شوكة فى ظهر مصر مهما تعرضت للظلم»، موضحة عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» أنها كانت مدعوة إلى مؤتمر في واشنطن، وطلب منها بعض الأقباط هناك طلبوا الذهاب معهم إلى وزارة الخارجية الأمريكية لعرض قضيتها وانتقاد الدولة المصرية فى أمريكا، بسبب ملف الحريات، وذلك بعدما أن قضت محكمة جنح الخليفة، فى يناير الماضى، بحبسها 3 سنوات بتهمة ازدراء الأديان.

وفي سبتمبر 2012، أنتج عدد من أقباط المهجر فيلمًا مسيئًا للرسول، وعليه أصدرت محكمة جنايات القاهرة في 29 يناير 2013، حكمها بمعاقبة 7 منهم بالإعدام شنقا، وبمعاقبة المتهم الثامن، بالسجن المشدد 5 سنوات، كما تم تنظيم تظاهرة كبرى أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة اعتراضًا على ذلك، واستنكرت الكنيسة المصرية في بيان رسمي تلك الأفعال.

ووفقًا لـ«سكاي نيوز» فإنه في 11 سبتمبر 2012، أحال النائب العام المصري، المستشار عبد المجيد محمود، بلاغا يتهم كلا من نبيل موريس، وعصمت زقلمة، وجاك عطا الله، ونبيل بسادة، وإيهاب يعقوب، وناهد متولى، وإيليا باسييلي، وعادل رياض، من أقباط المهجر بالخيانة العظمى والسعي إلى تقسيم مصر بعد نشرهم خرائط تفيد ذلك، لنيابة استئناف القاهرة للتحقيق. كما طالب المقدم للدعوة النائب العام بإسقاط الجنسية المصرية عن أي شخص يثبت عليه تورطه في هذه المؤامرة.

وفي يناير 2010، نظم آلاف من أقباط المهجر أكثر من مظاهرة في عدة دول تنديدًا بـ«أحداث نجع حمادي»، والتي راح ضحيتها 6 أقباط إثر إطلاق النيران عليهم، وقام عدد منهم حينها بتسليم مذكرة إلي رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون حول الأحداث وما يتعرض له المسيحيون من قتل وتدمير ممتلكاتهم وحرق كنائسهم واختطاف فتياتهم في مصر وغيرها، كما تدخل «ذوي التوجهات المسيحية المتطرفة» ليعقد البرلمان الأوروبي جلسة ويتخذ قرار تجاه الأحداث، مضمونه «مطالبة الحكومة المصرية بضمان أمان الأقباط»، وهو ما استنكرته وزارة الخارجية المصرية واعتبرته تدخلًا في الشأن الداخلي.

وفي ديسمبر 2004، ناشد عدد من أقباط المهجر، رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون، والحكومة الأمريكية، التدخل في قضية «زوجة قس مسيحي تدعى وفاء قسطنطين كانت أعلنت إسلامها»، كما طالبوا بحكم ذاتي للأقباط في مصر، وهو ما رفضته الكنيسة المصرية آنذاك وتبرأت من هؤلاء الأشخاص، بحسب ما ذكره موقع «العربية».

مساعدة «أقباط المهجر» للكنيسة المصرية

ورغم استنكار وتبرؤ الكنيسة الدائم من أفعال بعض «أقباط المهجر»، واتهامهم لها بالتخاذل تجاه الحوادث الطائفية، إلا أنه اقترن ذك اسمهم كمصدر للتبرعات التي تستند عليها مشروعات الكنيسة، والتي من شأنها دعم الاقتصاد المصري من خلال إنشاء المدارس والمستشفيات، إلى جانب المزارع والمشروعات الصغيرة بالأديرة.

كما أن الكنيسة تبرعت بمليون جنيه لمشروع قناة السويس الجديدة، وفتحت حسابات للتبرع لـ«صندوق تحيا مصر»، إلى جانب مشروعات في عدة دول أبرزها أمريكا واستراليا.

يقول الكاتب كمال زاخر، الباحث في الشأن القبطي، لـ«التحرير» إن الكنيسة تعتمد على تبرعات المصريين بالداخل بشكل أساسي، أما التبرعات الخارجية تعتبر مصدر ثاني بالنسبة لها، مشيرًا إلى أنه لا يجوز لأي شخص أن يشكك في هذه التبرعات لأنها حق مشروع للكنيسة، وعلى المُشكك أن يتجه إلى الأجهزة المعنية بمراقبة مصادر التمويل في الدولة.

وفي كتاب «أقباط المهجر.. ثلاثية الدولة والكنيسة والمواطنة» للباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، يسري العزباوي، ذكر أن المهاجرين الأقباط سعوا إلى تنظيم أنفسهم من خلال إنشاء بعض التنظيمات مثل الاتحاد القبطي الدولي الذي أنشئ عام 1997، واتحاد المنظمات القبطية عام 2008.

وتتمثل أهم مطالب هذه المنظمات في تحقيق المساواة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وفتح باب الوظائف العليا أمام المسيحين، والتمثيل النيابي العادل لهم، ووقف الاعتداءات على ممتلكاتهم وكنائسهم، وتعتمد هذه المنظمات في عملها على العديد من الآليات منها: المسيرات السلمية والإعلانات المدفوعة الأجر، وعقد المؤتمرات، وإنشاء الصحف والمواقع الإلكترونية، واستخدام سلاح الضغط بكشف ما يحدث من ظلم للمسيحيين للعالم الخارجي، ومطالبة مصر بتنفيذ تعهداتها الدولية، إضافة إلى التعاون مع منظمات حقوق الإنسان.

وحول تمويل هذه المنظمات التي تضم أقباط المهجر، وتلاحقها اتهامات «التمويل الصهيوني» وغيره، يكمل كمال زاخر: «البينة على من ادعى، فمن يشكك في تمويل منظماتهم بأي طريقة، عليه إثبات ذلك بالوثائق والمستندات». 

شن القمص مرقس عزيز، كاهن الكنيسة المعلقة سابقا، والذي يرعى الآن إحدى الكنائس القبطية في أمريكا، هجومًا حادًا على الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال مقطع فيديو، نشره منذ أيام قال خلاله: «الكيل طفح واللى ما بيشوفشي من الغربال يبقى أعمى اللى بيحصل للأقباط مهزلة» حسب قوله.

وحاولت «التحرير» التواصل مع مجدي خليل، عضو منظمة التضامن القبطي، الذي دعا إلى التظاهرة أمام البيت الأبيض للتنديد بأحداث الفتنة الطائفية في مصر، للتعليق على ما ذكره التقرير، لكنه لم يجيب.

ومن جانبه علق جورج قلادة، رئيس جمعية المصريين بإيطاليا، قائلًا إن «أقباط المهجر يقصد بهم سياسيًا المنظمات القبطية، وهى منظمات وطنية، ساهمت في مشروعات تنموية عدة بمصر، ودعمت الرئيس السيسي، ولا يجوز تخوينهم، وحق التعبير عن غضبهم تجاه الأحداث التي وقعت مؤخرًا في ظل صمت الحكومة المصرية هو حق مكفول، لكن التظاهر أمام البيت الأبيض مرفوض لأن التجارب علمتنا أن الولايات المتحدة لا تسمع إلا الصوت الذي يلبي مطالبها».

وطالب قلادة، الحكومة المصرية بتفعيل القانون تجاه الوقائع الأخيرة حتى لا تعطي فرصة لكل ذلك.

Comments

عاجل