المحتوى الرئيسى

عن الديموقراطية.. وثمنها الكبير!

07/22 00:52

نعم نستحق الديموقراطية. قوى الغرب تنكر علينا ذلك، الموقف الاستشراقي يرانا أقل من الديموقراطية لكن الدين والجيش هما العقبتان اللتان تحولان دونها. نستحق الديموقراطية لكن لا كمنحة من حاكم وبشرط أن ندفع ثمنها.

هل تستحق الشعوب العربية الديموقراطية؟

السؤال استشراقي، استخدمته قوى الغرب في بداية القرن العشرين لتبرير احتلالهم للدول العربية أو فرض الحماية عليها.. ولكن بعد التحرر من الاستعمار استخدمته الأنظمة الديكتاتورية لتبرير قمعها وديكتاتوريتها.

«ولكن متى؟» قالها عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصري عام 2011 بإنجليزية ركيكة عندما خرج المصريون إلى ميدان التحرير يهتفون للعيش والحرية، وكأن الحرية مرتبطة بتوقيت، وكأن الشعوب ليست كأسنان المشط، بعضها يستحق حريته وبعضها الآخر لا.

منذ نشأت حركات التحرر الوطني، والديموقراطية ليست من أولوياتها، مرة باسم «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».. ومرات باسم «الخبز أولا».. لكن في ما بعد لم تعد هناك معارك، ولا عدالة اجتماعية.. أصبح الحديث عن «ديموقراطيات خاصة» مختلفة باسم الخصوصيات الثقافية من شعب لآخر. هكذا ستبرر السلطة المصرية لزوارها في الغرب أن الحديث عن حقوق الإنسان والديموقراطية من أوليات هذه السلطة، ولكن ديموقراطية ليست على الطريقة الغربية. ديموقراطية بلا حقوق إنسان، ليستمر «الديكور الديموقراطي» أو الهيكل الذى يقول أن لدينا برلمانا، وزارات ومؤسسات.. ولكنها ليست فاعلة أو تأتمر باذن الرئيس وأجهزته الأمنية!

في أعقاب الثورة المصرية 25 يناير استخدمت السفيرة الأميركية آن باترسون أثناء المناقشات حول الدستور المصري الذى دار خلاف اساسي حول مواد الحريات فيه، مصطلح «خصوصية المجتمع».. المصطلح فضفاض، عنصري يقدم نظرة فوقية كأن الأفراد ينقسمون إلى صنفين الإنسان الأبيض الذي يستحق حريته.. والآخر الشرقي العربي لا يستحق الحرية. بدا المصطلح كأنه نوع من الاستشراق الجديد الذي حاول إدوارد سعيد تفكيكه وفضحه في كتابه الأشهر «الاستشراق».. الذي فضح فيه تصورات الغرب عن الشرق، وهي تصورات مستقاة من رحالة ومبشرين، وجواسيس، ومغامرين ومستثمرين، وكتاب.. جميعهم اتفقوا أن الاستبداد ملته شرقية؟ حتى ماركس نفسه الذي يعتبر فيلسوف المستضعفين، كان صاحب العبارة الشهيرة: «إنهم لا يستطيعون تمثيل أنفسهم.. ينبغي أن يمثلوا».. ولم يكن يرى في الشرق سوى «عبودية معممة».

كان التصور أن النظرة الاستشراقية قد تغيرت، وأن الثورات العربية ضد الاستبداد يمكن أن تغير هذه التصورات ..وأن هتافات الملايين بالعيش والحرية والعدالة يمكنها ان تقنع السيدة السفيرة بعكس ما ترى.. ولكن ما حدث هو العكس تماما ...نوع جديد من الاستشراق لا يزال يرى أن هذه شعوب لا يمكن أن تحكم إلا بالاستبداد.

بعيدا عن التصورات الغربية الاستشراقية ..هل قدم المثقفون العرب تصورات مختلفة لدور الدين في المجال العام ..وهل حسمت السلطات العربية أيضا تصوراتها لشكل الدولة أو لما ينبغي عليه أن تكون؟ مدنية أم دينية؟ أم مجرد تلفيق بين الاثنين كما كنا طوال السنوات الماضية؟ أم أن مصطلحات مثل «ثوابت الأمة» و «الهوية» وغيرها لا تزال تملأ المجال العام لدى مثقفين وساسة وليس فقط رجال الدين؟

هل فشلت الثورات في ان تنقل المجتمعات العربية الى «ديموقراطية حقيقة؟

الإجابة السهلة والمريحة هي «نعم». أو هذا ما جرى حتى الآن. لكن علينا ان نتوقف أمام شيء هام. الثورات تحدث سلطات راسخة، التخلص منها بسهولة أمر في غاية الصعوبة، لكنها غيرت في وعى المجتمعات والأجيال الجديدة التي أدركت أن الحرية او الديموقراطية ليست منحا من الحكام والسلطات. لذا هي نضال وكفاح مستمر. هكذا تمتلئ السجون برافعي اصواتها، ممن عجزت السلطة عن شرائهم أو اسكاتهم. هكذا أيضا ثمة إدراك أنه لا ديموقراطية قبل ان نحسم الأسئلة التي ظلت معلقة لعقود من الزمن، تحديدا دور الدين في مجتمعنا العربي ودور الجيوش فيها. سؤالان لابد من حسمهما أولا!

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل