الدليل في حوار للدستور..زيارة نتنياهو إلي اثيوبيا تهدف إلي إيجاد ألعاب جديدة تستخدمها أديس أبابا في التفاوض مع مصر

السعودية تحاول إيجاد موطئ قدم لها في إتفاقية كامب ديفيد من أجل تأمين مصالحها

هناك صدام سني شيعي يتم الترتيب له

حسم الصراع السوري ليس مرتبطا برحيل أو بقاء بشار الأسد

المال الخليجي لن ينجح في إسقاط دونالد ترامب

يعد الكاتب الصحفي أسامة الدليل رئيس قسم الشئون الدولية بجريدة الأهرام العربي، أحد المحلليين الذين يملكون القدرة علي تحليل السياسية الخارجية بصورة أكثرعمقا، حيث خاض "الدليل" مغامرات عديدة داخل مناطق النزاع المسلح في الوطن العربي وغيرها، مكنته من ملامسة الواقع بصورة واضحة ، وفي حوار خاص "للدستور" قال الدليل أن ما شهدته تركيا إنقلاب حقيقي وأن مستقبل أردوغان السياسي إقترب من النهاية، وأن مصر لم يعد أمامها سوي الدائرة الإفريقية لإستعادة ريادتها الإقليمية، واكد "الدليل" أن ما تشهده سوريا عبارة عن نزاع مسلح، يقف الشعب السوري موقف المتفرج وقد أدلي برايه في العديد من القضايا الأخري.

أولًأ نبدأ مع القمة الإفريقية .. ما الملفات التي يحملها الرئيس السيسي فى جعبته والمنتظر حسمها خلال إنعقاد القمة ؟

فى البداية أولا، يجب التوضيح أن السياسية الخارجية للدولة المصرية تتحرك فى إطار ثلاث دوائر، "الدائرة العربية والدائرة الإسلامية والدائرة الإفريقية"، وقد تم ضرب الدائرة العربية والدائرة الإسلامية فى مقتل، ولم يعد يتبقي أمام الدولة المصرية سوي الدائرة الإفريقية، والملفات المنتظر طرحها للحسم يأتي في مقدمتها ملف الإرهاب بإعتباره حديث الساعة، ثم ملف الأمن والسلم الإفريقي وتداعياته علي الإٍستثمار والإقتصاد وحياة المواطنين في القارة السمراء.

لكن كيف تم ضرب الدائرة العربية والدائرة الإسلامية؟

أولًا بالنسبة للدائرة الإسلامية فقد تم ضربها عن طريق خلق محورين أحدهما سني والأخر شيعي يتصارعان مع بعضهما البعض، أما بخصوص الدائرة العربية فغياب الحد الأدني من التضامن العربي العربي حول القضايا المركزية العربية، فقد تضاءل الحديث عن القضية الفلسطينية رغم كونها القضية المركزية الأولي للعرب، بالإضافة إلي محور جديد تم خلقه زاد من الإنقسام العربي بشكل كبير، وهو محور الفصل بين الشرق الاوسط الكبير وشمال إفريقيا؛ فقد صار الشمال الإفريقي بؤرة الصراع، وأصبحت الأحاديث تفصل ما بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وكأنه ليس جزءًا من الوطن العربي الكبير، وبالتالي لم يعد يتبقي غير الدائرة الإفريقية رغم وجود منافسين على الساحة.

ومن هم أبرز المنافسين لمصر على الساحة الإفريقية؟

بشكل عام تطفو على السطح مباشرة إسرائيل، لكن بجانب إسرائيل توجد أيضا إيران وتركيا، لكن الجديد هو عودة النزعات الإستعمارية مرة أخري لدي قطاع كبير من دول القارة الاوروبية، فدولة مثل بريطانيا قامت بإفتتاح قاعدة جديدة في دولة البحرين تسمي " قاعدة شرق السويس البحرية الملكية" تهدف من وراءها لمحاولة بسط نفوذها القديم مرة أخري، و كذلك فرنسا، حتي البرتغال فقد عاد يراودها الحديث مرة أخري عن أطماعها السابقة فى أنجولا، وكل هذا عاد إلي أن أفريقيا باتت هي مستقبل الثروات في العالم، بعد أن تم تنضيب العلم بأسره من ثرواته، ومصر مؤهلة بقوة للعودة مرة أخري لقيادة القارة الإفريقية من جديد، وهناك إشارات تؤكد أن مصر بدأت تسير نحو هذا الإتجاه.

وما دلالات عودة مصر من جديد على قيادة الدائرة الإفريقية؟

خلال مؤتمر القمة الإفريقية المنعقد فى شرم الشيخ فى فبراير الماضي، إستطاعت مصر خلال المؤتمر أن تجمع التكتلات الإقتصادية الموجودة في القارة، و قد تبنت مصر خلال القمة إنشاء طريق يربط القارة الإفريقية من كيب تاون إلي أفريقيا.

هل حضور الرئيس السيسي للقمة الإفريقية يأتي ردا علي زيارة نتياهو لدول حوض النيل؟

أفريقيا ليست دول حوض النيل فقط، زيارة نتنياهو لإفريقيا هي محاولة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، هوأيضا يبحث عن خلق سوق جديدة لتجارة السلاح والماس وتسويق المنتجات الزراعية، لكن من المحتمل أن تكون زيارته إلي إثيوبيا من أجل خلق ألعاب جديدة في قضية سد النهضة، وقد خرج نتياهو من أثيوبيا قائلا " أخيرًا عدنا إلي حضن أفريقيا من جديد.

بمناسبة الحديث عن دول حوض النيل.. هل هناك لين فى تعامل مصرمع قضية سد النهضة؟

يجب علينا تحمل الآثار السلبية لأحداث يناير 2011، فقد حركت أثيوبيا الملف بعد رحيل مبارك مباشرة، بعد تنامي الشعور لديهم بغياب الدولة المصرية الرادعة، بالرغم أنها ظلت مكتوفة الأيدي، ولم تكن تجرؤ علي إتخاذ قرار حاسم فى ظل حكم ناصر والسادات ومبارك، فعندما رحل مبارك فى فبراير 2011، تحرك ميايس زيناوي مستغلًا الوضع المترديء فى مصر، معلنا البدء فى بناء السد وتحديدًا في شهر مارس بعد الثورة مباشرة، ليس هذا وفقط بل قرر زيادة إرتفاع السد من 48 متر الي 148 متر.

هناك أحاديث متواترة عن تقارب سعودي- مصري- إسرائيلي.. ما مدي صحة هذا الكلام؟

السعودية تحاول إيجاد موطئ قدم لها من أجل أن تصبح طرفا في إتفاقية كامب ديفيد بما يؤمن مصالحها فى المنطقة، بالإضافة الي أنها تحاول ضم إسرائيل إلي محور سني محتمل يتم تكوينه، إستعدادًا لمواجهة المد الشيعي الإيراني، خاصةً أن أوراق الضغط العربية علي اسرائيل صارت ضعيفة، وأن ما كانت تفرضه العواصم العربية على اسرائيل سابقًا، وكانت تبدي استعدادًا لتقبله أصبحت ترفضه الآن.

وهل هناك صدام سني شيعي قادم؟

كل المؤشرات تؤكد أننا على وشك صدام، وهناك أطراف فاعلة تحاول التسريع من وتيرة الصدام مثل أمريكا وإسرائيل لكن المشكلة فى الصدام تكمن في أن أطراف الصدام المفترضين ليسوا على إستعداد الآن للمواجهة، حيث المفترض أن يكون هناك علمًا شيعيًا تقوده إيران وهو ليس موجودًا، بالإضافة لوجود علمًا سني تتزعمه السعودية لم يكتمل بعد.

لكن البعض هاجم زيارة سامح شكري الأخيرة لإسرائيل معتبرين الزيارة نوعا من التطبيع؟

كيف يرفض البعض التطبيع مهاجمين زيارة الوزير سامح شكري لإسرائيل فى الوقت الذي يقبلون فيه إتفاقية كامب ديفيد، البديهي أن ترفض الإتفاقية قبل الزيارة، لكن الزياراة هي أمر معتاد فى الدبلوماسية، وللعلم السفير الإسرائيلي الجديد وصل مصر اليوم لمباشرة مهامه، والسياسة لا تعترف بالعواطف.

كيف تري مهمة أحمد أبو الغيط الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية؟

هناك تركة ثقيلة تنتظر أحمد أبو الغيط الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية، أبرزها المشاكل المثارة فى جنوب السودان، حيث يحاول إدخال دولة جنوب السودان كمراقب فى جامعة الدول العربية، وهو ما يواجه إعتراض العديد من الدول، ومعظم القضايا العربية حلها يتوقف على وجود حد أدني من التوافق العربي العربي حول القضايا، وهو ما يصعب مهمته بشكل كبير.

نأت إلي الوضع في تركيا.. هل ما حدث في اسطنبول إنقلاب أم تمثيلية كما يتردد ؟

من المؤكد أن ماحدث هو إنقلاب حقيقي، لا يُعقل أن يكون الموضوع تمثيلية، الجيش تحرك من أجل حماية علمانية الدولة، بالإضافة أن أردوغان أدخل الجيش ذاته في مواجهات عديدة مع اطراف عدة من دول الجوار، جعلت الجيش يشعر بإقتراب ناقوس الخطر، لكن الشيء المؤكد أنه في حال نجاح الإنقلاب أو فشله فمشهد النهاية، قد حسم لمستقبل أردوغان.

كيف يكون فشل الإنقلاب سببا في نهاية أردوغان؟

الإجراءت التي سيتخذها أردوغان، ستجعله في حالة مواجهة مع القضاء والجيش التركي، وهو ما سيفقده ظهيرًا مهما، تماما كما حدث مع مرسي فقد دخل في عداء مع مؤسسات الدولة المصرية من قضاء وجيش وشرطة وقضاء وإعلام وأزهر وكنيسة، وبالتالي فقد المقومات التي تجعله يدافع به عن حكمه.

كيف تصف الصراع على الأرض فى سوريا .. وإلي أي مدي تتجه بوصلة الصراع؟

الشعب السوري خارج المعادلة، هو فقط يمارس دور المتفرج أو المشاهد، الصراع الموجود على الارض حاليًا أصبح بين مجموعات من المقاتلين الأجانب ممن يمثلون جهات مختلفة لها مصالح متشعبة علي الأرض السورية مثل روسيا وإيران وغيرها.

وهل تشهد الأزمة انفراجة قريبة؟

الحل فى سوريا لن يتم سوي عبر تسوية سياسية بين الأطراف المتصارعة، ولن يحسم النزاع بالسلاح، وأيضا بالمناسبة حسم الصراع أيضا ليس مرتبط ببقاء أو رحيل شخص بشار الأسد ، لأن من يقود سوريا هو حزب البعث وهو مؤسسة، ومن الوارد جدًا رحيل الاسد، لأي سبب آخر كالوفاة مثلا، هناك نظام يحكم وهذا النظام يملك البديل، رغم محاولة قطر والسعودية حسم الصراع عبر السلاح، وأؤكد أن بشار الأسد يقف علي أرضية صلبة.

لماذا تري أن بشار الأسد يقف على أرض صلبة .. ما هو الداعم له؟

الصراع تم تصنيفه على أنه صراع سني شيعي، وهو ما أكسب بشار تعاطفًا كبيرًا من قطاعات عديدة من الشعب السوري بسبب المذهب الديني، ووحد الصف الشيعي ومنحه دعم كبير وساهم فى دخول ايران وحزب الله بجواره المعركة.

وماذا عن الدعم الروسي لبشار؟

الدعم الروسي أيضا منح بشار قوة اضافية، ووجود روسيا في المشهد السوري ليس بجديد، فهي موجودة منذ قديم الأزل بسبب إمتلاكها قاعدة عسكرية، وقد استخدمت روسيا قوتها فى منع توجيه ضربة عسكرية لبشار عقب الهجوم الكيماوي الذي وقع على المدنيين وقتها، حيث إعترضت القاعدة الروسية الموجودة هناك أحد الصواريخ الأمريكية، تم بعدها إحتواء الأمر وتوقفت الولايات المتحدة عن الهجوم.

بالنسبة للمشهد الأوربي.. لماذا يكثف الإرهاب هجومه على فرنسا؟

ليست فرنسا وحدها التي تعاني من ويلات الأرهاب، فقد ضرب من قبل عواصم أخري فى أوروبا أبرزها العاصمة البليجكية بروكسل وعلي مقربة من مقر الإتحاد الأوربي، ولكن الصورة تكمن في أن فرنسا لها وضع خاص بسبب كثرة المهاجرين المقيمين فيها، وحتي المهاجرين من شرق أوروبا وغربها هي أزمة كبيرة تعاني منها فرنسا، بالإضافة إلي تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي ساهمت في إختراق الأرهاب فرنسا ودول الإتحاد الأوربي.

لكن ليس فقط الأرهاب ما تعاني منه أوروبا في الوقت الحالي.. هناك أيضا أزمة خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي.. وهل يعجل الخروج البريطاني بإنهيار الاتحاد الأوربي؟

سبب الخروج البريطاني عائد إلي تنامي الشعور القومي المطالب بعودة السيادة الوطنية البريطانية مرة أخري، حيث إنتاب قطاع كبير من الشعب البريطاني إحساس بالتبعية، وأن القرار السياسي والإقتصادي بات يُفرض علي بريطانيا من قبل الإتحاد الأوروبي، بالإضافة إلي بعد إقتصادي يتمثل في تقديم بريطانيا دعم نقدي للإتحاد الأوروبي سنويًا يقدر ب30 مليار جنيه إسترليني، فى الوقت الذي يعاني فيه العديد من الشباب الإنجليزي من البطالة، والأجدر أن يتم ضخ هذا المبلغ في الإقتصاد البريطاني.

وهل هناك دول أخري فى طريقها نحو اللحاق ببريطانيا؟

بالفعل هناك العديد من الدول الأخري الراغبة فى الخروج من الإتحاد الاوروبي مثل هولندا والمجر وبولندا والمجر واليونان والبرتغال، وتبقي هناك أيادي تحاول إفشال الخروج البريطاني من أجل الحفاظ علي كيان الإتحاد وإستمراره.

هل جاءت الفرصة الآن على طبق من ذهب للشعب العراقي لإقتناص حقه من جورج بوش وتوني بلير بعد تقرير "شيكلوت" الذي أدان غزو العراق وحمل بلير المسئولية؟

اللجنة تم تشكيلها منذ زمن بعيد، وقد إستغرق خروج التقرير للنور وقتًا طويلًا ، لكن المثير للدهشة والغرابة خروج توني بلير للإعلان عن تحمله المسئولية بشكل شخصي، دون أن يتقدم بالإعتذار، وكيف يعلن أنه مسئول دون أن يعتذر، ثانيًا، إذا لم يرغب فى الإعتذار فدماء هؤلاء الضحايا فى رقبة من؟!

هل تستطيع الحكومة العراقية تحريك دعوة أمام الجنائية الدولية للمطالبة بمعاقبة المخطئين؟

البرلمان العراقي فقط هو القادر علي تحريك دعوي أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد توني بلير وجورج بوش لإدانتهم عن ما حدث فى حرب العراق، والحصول على تعويضات عن الخسائر المادية والمعنوية، وهو ليس بحاجة إلي دليل فالأدلة كلها موجودة فى تقرير لجنة"شيكلوت" الذي صدر، بالإضافة الي الأدلة الموجودة لدي العراقيين المتمثلة فى إستخدام اليورانيوم لضرب الأنبار، بالإضافة الي آثار التدمير التي أحدثها الإحتلال.