المحتوى الرئيسى

بالأسماء.. أطباء دفعوا حياتهم ثمنًا للعدوى

07/20 16:35

الصحة ترفض زيادة البدل.. وتهديدات بإضراب جزئي عن العمل

إيهاب الطاهر: دعوى قضائية لحبس رئيس الوزراء ووزير الصحة

رغم صدور حكم قضائي بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 جنيهًا إلى 1000 جنيه، ورفض الاستشكال الذي قدمته وزارة الصحة لوقف الزيادة، إلا أن الوزارة تعنتت في تنفيذ ذلك الحكم، بزعم أن ميزانية الوزارة لا تسمح وهو ما دفع الأطباء إلى التهديد بإضراب جزئي.

وقالت المحكمة: "إنه بناء على ما تقدم ولما كانت الأسباب التي استند إليها المستشكلون في استشكالهم قوامها أن الحكم يتعطل تنفيذه من الناحية الواقعية لما يمثله من إرهاق للخزانة العامة لاسيما في ظل تضخم عدد الأطباء، فضلاً عن كونه صدر في ظل قانون الخدمة المدنية وهى أسباب بعضها سابق على صدور الحكم المستشكل في تنفيذه وليست لاحقة لصدوره ومتعلقة بتنفيذه وبعضها تصلح للطعن عليه ولا تصلح سندًا لقبول الاستشكال في تنفيذه ما يتعين معه الحكم برفض الإشكال ولذلك قررت هيئة المحكمة قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا".

أطباء دفعوا حياتهم ثمنًا للإهمال

العديد من الأطباء ماتوا نتيجة إصابتهم بالعدوى دون أن يلتفت إليهم أحد وسط اتهامات لوزارة الصحة بالإهمال والتقصير في الحفاظ على حياة الأطباء.

ومن بين تلك الحالات طبيبة شابة في مقتبل عمرها، فجر موتها غضب زملائها الأطباء من مختلف أنحاء الجمهورية، وكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ أن وفاتها كانت نتيجة مضاعفات إصابتها أثناء العمل بعدوى الالتهاب السحائي.

الدكتورة داليا محرز ذات الثماني والعشرين عامًا أصيبت بالالتهاب السحائي أثناء عملها بقافلة طبية ووافتها المنية في العناية المركزة بمستشفى الإسماعيلية الجامعي التخصصي إلا أن القانون لا يعطيها أو أسرتها وطفلها حقًا في المعاش لأنها لم تكمل الأعوام الخمس من الخبرة التي يمكن بعدها الحصول على معاش العمل قبل وفاتها.

عشرات الحالات سبقت "محرز"، ففي عام 2013، غيب الموت أربعة أطباء، وكانت البداية بوفاة الدكتور أحمد عبد اللطيف، طبيب بالرعاية المركزة أصيب بمرض في الجهاز التنفسي أثناء تركيب أنبوب حنجرية أصابته بفشل تنفسي وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي في أحد مستشفيات بنها وكانت حالته حرجة جدًا إلى أن فارق الحياة تاركًا زوجة وطفله، وبدلاً من أن تجد وزارة الصحة حلاً للقضاء على العدوى التي تضيع حياة الأطباء تقرر صرف مكافأة استثنائية للطبيب المتوفى من صندوق تحسين الخدمة والتنسيق بين الوزارة وهيئة المستشفيات التعليمية لصرف مبلغ استثنائي لأسرته ولم يتغير شيئًا ولم يوقظ موته وزارة الصحة للحفاظ على حياة بقية زملائه.

بعد عبد اللطيف الضحية الثانية كان الدكتور ياسر البربري الطبيب بمديرية الصحة بالقليوبية الذي توفى نتيجة إصابته بعدوى في الجهاز التنفسي أيضًا ثم الدكتورة دعاء إسماعيل بمديرية الصحة بالدقهلية بالإضافة إلى الدكتور أسامة راشد طبيب بالمنصورة.

كما توفى 4 أطباء بسبب "أنفلونزا الخنازير" نتيجة عدم وجود الوسائل التي تمكن الأطباء من الحفاظ على أرواحهم من العدوى.

فيما أكد الدكتور عمرو قنديل, مساعد وزير الصحة للطب الوقائي, أن هناك 7 حالات من الأطباء توفوا ولابد من دراسة كل حالة على حده، فالحالة الأولى توفيت نتيجة الإصابة بميكروب المرسا وطبيب الدقهلية أصيب ببكتيريا إيكولاى، ما تسبب فى حدوث التهاب رئوى، والطبيبة الثالثة جلطة في الرئة والحالة الرابعة طبيب 68 سنة ويعانى من السكر وتليف بالكبد والخامس توفى نتيجة ضعف في عضلة القلب وارتشاح في الرئة.

فيما أكد الدكتور هانى مهنى، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، أن أحد الأطباء أصيب بالإيدز نتيجة وخزة بإبرة ملوثة بدم مريض مصاب دون أن يعلم أحد عنه شيئا.

ولم تكن العدوى فقط سبب موت الأطباء حيث إن الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة أطباء القاهرة، صرح بأنه يوجد أكثر من 10 آلاف طبيب مصابين بفيروس C، بسبب ممارسة المهنة، وعدد كبير مصاب بعدوى لأمراض الجهاز التنفسي

عبر الأطباء عن استيائهم مما وصفوه بابتزاز وزارة الصحة في التعامل مع ما يحدث لهم مشيرين إلى أن الوزارة قاتلة للأطباء والمرضى معًا، مهددين بإضراب جزئي حال عدم زيادة البدل خاصة في ظل المخاطر التي يعانون منها.

الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أكد أن بدل العدوى الحالي ليس له قيمة فعلية حيث يتراوح من 19 إلى 25 جنيهًا شهريًا بما يعادل أقل من جنيه واحد في اليوم كما لا يغطى مخاطر مهنة الطب وتعرض الأطباء للخطر أو تكلفة العلاج موضحًا أن العدوى خطر يهدد عشرات الآلاف من الأطباء والممرضين العاملين بالمستشفيات والوحدات والمراكز الصحية.

وأضاف سمير في تصريحات خاصة لـ"المصريون" أن الأطباء والممرضين هم أكثر أعضاء الفريق الطبي عرضة للعدوى، مشيرًا إلى وجود تخصصات طبية محددة تزداد فيها فرص العدوى مثل الطوارئ والرعاية المركزة والأمراض الصدرية والجراحات والأمراض الوبائية.

وأشار إلى أن النقابة العامة للأطباء خاطبت وزير الصحة المهندس شريف إسماعيل لتطبيق حكم بدل العدوى تقديرًا لما يتعرض له الأطباء من مخاطر مستنكرًا طعن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين على الحكم، مشيرًا إلى أن من المفترض أن يكون المدافع الأول عن حقوق الأطباء.

وقال إن العدوى تهدد كل الأطباء لأن كل طبيب يتعامل مع المرضى مع اختلاف أمراضهم، في حين أن وزارة الصحة لا تعترف بالعدوى كإصابة عمل وتتهرب من مسئوليتها تجاه الطبيب المصاب رغم أنه لا يمثل خطرًا على حياته فقط بل على المجتمع ككل لتحوله لمصدر للعدوى التي قد تنتقل من الطبيب المصاب للمريض لأن بعض الأطباء حينما يمرضون يضطرون لمواصلة عملهم بالمستشفيات والوحدات خوفًا من خصم حوافزهم وبالتالي تنتقل العدوى من الطبيب للمرضى.

وفى السياق ذاته أكد الدكتور أحمد شوشة، عضو مجلس نقابة الأطباء، اتخاذ الإجراءات القانونية وأولها الإضراب الجزئي في المستشفيات حال عدم تنفيذ الحكم القضائي بزيادة بدل العدوى إلى 1000 جنيه.

وشدد "شوشة" على أنه لا يجوز في دولة القانون رفض تنفيذ أحكام القضاء مشيرًا إلى أنه سيتم رفع دعوى قضائية عاجلة "جنحة مباشرة" ضد وزيري الصحة والمالية تعرضهما للحبس والعزل من الوظيفة وفقا لما ينص عليه قانون العقوبات.

ومن جانبه اتهم الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي مشيرًا إلى أن عقوبة الجنح المباشرة للمسئول الدولة لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي هو الحبس والعزل من الوظيفة.

وأشار "الطاهر" إلى مخاطبة النقابة لرئيس الوزراء ووزير الصحة بشكل ودي في الأسبوع الماضي لتنفيذ الحكم القضائي أما حال استمرارهما بالامتناع عن تنفيذ الحكم سيتم تحريك دعوى قضائية ضدهما مؤكدًا وجود أموال في الدولة ولكن يتم توزيعها بعيدًا عن الأولويات والفئات المستحقة كما أن هناك فئات محظوظة لدى الحكومة تأخذ كل مستحقاتها المالية مطالبًا الحكومة بتوزيع بنود الموازنة وفقًا للأولويات لتحسين المنظومة الصحية.

فيما قال الدكتور إبراهيم كامل، إن في مصر يحصل الطبيب على بدل عدوى 19 جنيهًا فيما يحصل القاضي على 5000 جنيه كبدل لذات الغرض قائلاً: "هذا هو الملخص المفيد لوضع الطبيب المصري، والذي يدل على حجم الإهمال الذي يلاقيه من قبل الدولة".

وقال الدكتور طارق كامل، أمين الصندوق بنقابة الأطباء، إنه حال رفض الحكومة تنفيذ حكم القضاء الإداري سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية واختصام وزيري الصحة والمالية لكونهما المنوط به تخصيص ميزانية الوزارة والمطالبة بعزلهما من وظيفتهما وتطبيق عقوبة الحبس عليهما.

ورفض أمين الصندوق بنقابة الأطباء، دعوات الإضراب الجزئي التي نادي بها بعض الأطباء حال تعنت الحكومة في تنفيذ حكم القضاء، معللاً موقفه بأن المرضى مطحونون ولا يجب اللجوء إلى الإضراب لزيادة أعبائهم، حسب قوله.

ومن جانبه وصف الدكتور هاني مهني، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، الظروف التي يعمل بها الأطباء في مصر بأنها الأسوأ والأخطر مشيرًا إلى أن حياة الطبيب المصري تساوى 19 جنيها فقط، وهو ما وصفه بالمبلغ المهين، حيث تتعرض حياة عشرات الأطباء يوميًا لخطر الإصابة بخليط من الفيروسات والأمراض القاتلة أبسطها الفيروسات الكبدية ليموت فى النهاية من العدوى بلا مقابل.

وأشار مهنى إلى أنهم يواجهون صعوبة بالغة فى توفير الوسائل الأكثر بدائية من ماسكات الوجه والسوائل المطهرة والقفازات المعقمة لمكافحة العدوى، لافتا إلى أن ذلك يأتي كنتيجة طبيعية لوضع الدولة الملف الصحى فى ذيل قائمة اهتماماتها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل