المحتوى الرئيسى

الرياضة الروسية والطريق إلى الهاوية

07/19 18:02

على مدار أكثر من قرن من الزمان، عمدت الدول الغربية على قياس مستوى رياضيها من خلال مقارنتة مستواهم بنظراءهم من الرياضين الروس الذين شاركوا في دورات الألعاب الأولمبية منذ انطلاقها، وتحديدا منذ عام 1900، وأحرزوا أول ميدالية ذهبية في أولمبياد لندن 1908 في مسابقة التزحلق على الجليد.

وما بين روسيا والاتحاد السوفيتي والفريق الموحد الذي ظهر في أوائل التسعينيات مع تقكك الاتحاد السوفيتي، لم تغب الشمس الروسية عن سماء الأولمبياد منذ دورة هلسينكي عام 1952 باستثناء دورة 1984 في لوس أنجلوس التي قاطعتها روسيا بسبب العلاقات السياسية أنذاك مع الولايات المتحدة.

والآن، تتعالى الأصوات مطالبة اللجنة الأولمبية الدولية باستبعاد روسيا من المشاركة في أولمبياد ريو بعد تورطها في أكبر فضيحة للمنشطات في التاريخ برعاية مسؤولين في الدولة، ليتبادر إلى الذهن مباشرة تساؤل هام كيف يصل الحال بواحدة من أهم الدول التي شاركت في الأولمبياد إلى أن تهدد بعثتها بالاستبعاد من المحفل الرياضي الأهم على الأرض وهو دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016.

من جانبها، استعرضت هيئة الإذاعة الأمريكية، قضية المنشطات الروسية في السطور التالية:

بدأت نيران فضيحة المنشطات في الظهور على الساحة من خلال فيلم وثائقي بُث على التلفزيون الألماني في ديسمبر عام 2014، حيث عمد ذلك الفيلم على كشف النقاب عن بعض فضائح المنشطات في الرياضة الروسية، وخاصة في ألعاب القوى وركوب الدراجات والسباحة.

وادعى الفيلم الوثائقي، أن مسؤولين روسيين اتفقا مع الرياضيين على تزويدهم بمواد محظورة مقابل الحصول على نسبة 5% من أجورهم، والعمل مع السلطات المسؤولة عن الكشف عن المنشطات؛ لإخفاء التحاليل الإيجابية.

ومن ثم انتشرت تلك الادعاءات بشكل أكبر من خلال تأكيد الرئيس السابق للوكالة الروسية لمكافحة المنشطات فيتالي ستيبانوف وزوجته يوليا، بطلة سابقة في سباقات 800 متر - والتي تم إيقافها بسبب المنشطات - على هذا الأمر، مما دفع الاتحاد الدولي لألعاب القوى إلى تشكيل لجنة خاصة؛ للبحث في مدى صحة تلك الإدعاءات برأسة ديك باوند رئيس الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات السابق.

وفي أغسطس عام 2015، عادت محطة ARD الألمانية إلى بث فيلم وثائقي جديد يستند في هذه المرة إلى تسريبات من الاتحاد الدولي لألعاب القوى يظهر 12.000 عينة لـ5,000 رياضي روسي، واستنادا إلى تلك البيانات، خرج الخبراء ليؤكدوا على أن ثلث الميداليات التي تحصات عليها روسيا منذ الألعاب الشتوية سالت لايك سيتي 2002 إلى الألعاب الصيفية لندن 2012، جاءت بسبب تعاطي الرياضيين للمنشطات.

فينوفمبر عام 2015، أصدرت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات "وادا"، الجزء الأول من تحقيقها في القضية المزعومة، مؤكدة اكتشافها تعاطي منشطات ممنهج بين الرياضيين الروس برعاية المسؤولين في الدولة، وبعدها بأسبوع واحد فقط أوقف الاتحاد الدولي لألعاب القوى روسيا من المشاركة في كافة المسابقاة الدولية بما فيها الأولمبياد.

وأعلنت "وادا"، أن الوكالة الروسية لمكافحة المنشطات لا تلتزم المعايير الدولية المتفق عليها في هذا المجال، مما دفع المسؤولين الروس للتعهد بالتعاون مع المفتشين الدوليين، والموافقة على إجراء تغييرات جذرية في المنظومة ككل.

وفي أوائل هذا العام، تم إيقاف 3 مسؤولين في الاتحاد الدولي لألعاب القوى، من بينهم رئيس الاتحاد الروسي لألعاب القوى السابق فالينتين بالكانشيف، ومدرب الفريق الروسي أليكسي ميلينكوف، مدى الحياة من قبل لجنة الأخلاقيات في الاتحاد الدول لألعاب القوى بتهمة ابتزاز الرياضيين وإخفاء اختبارات المنشطات الإيجابية.

ونشر الجزء الجزء الثاني من التحقيق للعامة في شهر يناير الماضي، والذي أكد على أن الاتحاد الدولي لألعاب القوي برئيسه الحالي البطل الأولمبي السابق سيباستيان، لا يمكن ألا يكونوا على علم بمشكلة المنشطات المتزايدة في ألعاب القوى، الأمر الذي وضع الاتحاد الدولي للعبة تحت ضغط كبير لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة في هذا الصدد، وسافر وفد إلى روسيا في شهر يناير للنظر في إجراء الاختبارات، والإشراف على الإصلاح المحتمل للأنظمة هناك.

وفي شهر يونيو الماضي، أعلنت روسيا أنها ستبدأ فصل جديد في مكافحة المنشطات بدءًا من المدارس؛ للقضاء على الغش في الرياضة.

ازدادت الأمور سوءًا في منتصف شهر يونيو قبل أيام من اتخاذ الاتحاد الدولي لألعاب القوى قراره النهائي بشأن السماح للرياضين الروس المشاركة في أولمبياد ريو، وذلك بعدما أصدرت "وادا" تقريرا صادما عن قضية المنشطات الروسية.

وكشف التقرير، أن اختبارات المنشطات التي كان من المفترض إجراءها على الرياضيين في الفترة ما بين يومي 15 فبراير و29 مايو من هذا العام ألغيت بالكامل لأسباب مختلفة، أبرزها إقامة الرياضين في مناطق عسكرية يستحيل على المحللين التوجه إليها، وهي الحيلة التي تستخدم لتجنب الاختبارات.

وبالتالي، لم يكن مستغربا أن يتم التصويت بالإجماع على دعم الحظر المفروض على الرياضين الروس، ومنع مشاركتهم في الأولمبياد تحت مظلة العلم الروسي في ظل عدم التزام الدولة بالمعايير الرياضية المتعلقة باختبارات المنشطات.

ولم تكن روسيا بحاجة إلى هذا التقرير الصادم في ظل تعرضها للطمة قوية في مايو الماضي، أثرت على سمعتها بشكل كبير، وذلك عندما أجرى جريجوري رودشينكوف، المدير السابق لمختبر موسكو لمكافحة المنشطات - الذي فر إلى الولايات المتحدة في أثار فضيحة المنشطات - العديد من الحوارات الصحفية مع وسائل الإعلام العالمية أكد فيها تعاطي عشرات الرياضين الروس الذين شاركوا في أولمبياد "سوتشي" الشتوية المنشطات، من بينهم 15 رياضي أحرزوا ميداليات في تلك الدورة.

وأشار "رودشينكوف" إلى وجود حملة ممنهجة لتعاطي المنشطات ترعاها الدولة بالتعاون مع المعامل المختصة وبالتنسيق مع قوات الأمن الروسية لتدمير نزاهة الرياضة.

وبعد كل تلك الاتهامات، نفى المسؤولون الروس جميع تلك الادعاءات، مما فتح الباب بدوره إلى تحقيق جديد أجراه المحامي الدولي البارز الذي يحمل الجنسية الكندية ريتشارد مكلارين.

ولم يسفر تقرير مكلارين عن دعم الاتهامات الموجهة إلى روسيا فقط، بل امتد ليتهم النزاهة الروسية في العديد من بطولات العالم التي أقيمت على أراضيها بمختلف الألعاب في الآونة الأخيرة، حيث أوضح رسم بياني مرفق في التقرير، اختفاء العينات الإيجابية الخاصة بالرياضيين الروس من نحو 28 لعبة أولمبية.

وأوضح التقرير، أن الأجهزة الروسية عمدت استبدال العينات الإيجابية في بطولة العالم لألعاب القوى التي احتضنتها موسكو عام 2013 قبل وقوعها في يد الاتحاد الدولي لألعاب القوى من أجل فحصها، إلى جانب إرساء وزارة الرياضة الروسية نظاما للتنشط استفاد منه الرياضيين في البلاد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل