المحتوى الرئيسى

نحو حل عملى لمشكلة القمامة وتوابعها!

07/18 22:58

تناولنا فى مقال الأسبوع الماضى مأساة تراكم القمامة فى مدينة الإسكندرية، وغيرها من محافظات المحروسة، وقد أعلن أن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، سيعقد اجتماعاً عاجلاً يوم الأحد 17 يوليو يرأسه الدكتور أشرف العربى لمتابعة خطط جمع القمامة بالعاصمة والجيزة والإسكندرية، وتعميم خطة جمعها فى جميع المحافظات، شريطة ضمان استدامة هذه المنظومة، ونحن فى انتظار أن يُسفر ذلك الاجتماع عن نتائج عملية تزيح أطنان القمامة من مدن المحروسة، دون أن يتقرّر تشكيل مزيد من اللجان وعقد الاجتماعات من دون طائل.

وحين تعرّضنا للمشكلة الأكبر، وهى تردى النسق الحضارى فى مختلف أنحاء مصر، تبيّن لنا تعدُّد الأجهزة المسئولة عن التعامل مع تلك المشكلة، وتدنى ما تحققه من إنجازات، رغم وجود ما يُسمى بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى، الذى يتبع وزارة الثقافة المصرية، وتم افتتاح مقره بقلعة صلاح الدين بالقاهرة فى 10 أغسطس 2004، بهدف تحقيق القيم الجمالية فى الفراغ العمرانى المصرى، وقد ورد بموقع ذلك الجهاز على شبكة الإنترنت أن «المقصود بالتنسيق الحضارى هو جميع الأعمال القائمة على أهداف تحسين الصور البصرية للمدن والقرى والمجتمعات العمرانية الجديدة، وكذلك إزالة جميع التشوهات والتلوث البصرى والحفاظ على الطابع المعمارى والعمرانى للمناطق المختلفة، وتحقيق القيم الجمالية للعمران المصرى بشكل عام، بما يشمله ذلك من طرق وميادين وشوارع وحدائق وفراغات عامة ومبانٍ عامة، وذات قيمة متميزة، ارتكازاً على جميع الوسائل العلمية والفنية والإدارية والتشريعية!! وهذا كلام جميل، لكنه لا يُغنى عن الإنجازات الفعلية، حيث إن جهود الجهاز يشاهدها كل الناس من مصريين وغيرهم، وهى لا تشرّف القائمين عليه ولا تسعد المواطنين الذين يتحمّلون رواتبهم ومكافآتهم وحوافزهم هم والعاملون معهم!

وكان قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 305 لسنة 2008 بشأن إنشاء صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لرئاسة مجلس الوزراء، حيث يهدف الصندوق إلى حصر المناطق العشوائية وتطويرها، وتنميتها، ووضع الخطة اللازمة لتخطيطها عمرانياً، وإمدادها بالمرافق الأساسية، من مياه وصرف صحى وكهرباء. ويباشر الصندوق اختصاصاته بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية ووحدات الإدارة المحلية، وعلى هذه الجهات إمداده بالمعلومات والخبرات والمساعدات اللازمة. ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة مشكّل برئاسة وزير الدولة للتنمية المحلية، وعضوية ستة أعضاء يمثلون وزارات المالية والكهرباء والطاقة والتعاون الدولى والتنمية الاقتصادية والتضامن الاجتماعى والإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وثلاثة من الخبراء وثلاثة ممثلين لمؤسسات المجتمع المدنى وقطاع الأعمال والجمعيات الأهلية، يختارهم رئيس مجلس الوزراء، لا ندرى ماذا حقّق ذلك الصندوق طوال ثمانى سنوات منذ إنشائه؟؟

كما كانت وزارة الدولة للتطوير الحضارى والعشوائيات قد أنشئت فى يوليو 2014 لتكون المسئولة عن متابعة تطوير المساكن العشوائية والحفاظ على المظهر العمرانى الحضارى فى جمهورية مصر العربية، التى كانت تُعد أحد اختصاصات وزارة الإسكان ووزارة الثقافة، حتى تم فصلها فى وزارة إبراهيم محلب الثانية، ثم ألغى رئيس الوزراء شريف إسماعيل تلك الوزارة، غير مأسوف عليها، أى بعد نحو 14 شهراً من إنشائها فقط، وتم نقل أعمالها فى المناطق العشوائية إلى حقيبة وزارة الإسكان مرة ثانية! وكانت الوزيرة ليلى إسكندر قد بشّرت المصريين قبل إعلان إلغاء وزارتها بأن الحكومة اللبنانية قد وجدت الحل الأمثل لمعالجة أزمة القمامة فى بيروت، التى اشتعلت على أثرها المظاهرات التى عصفت بلبنان لمدة طويلة فى تطبيق المنظومة الجديدة التى تطبّقها وزارة التطوير الحضارى والعشوائيات المصرية للتخلص من القمامة، والتى تدعى «الاستراتيجية القومية لإدارة المخلفات الصلبة». ومرة أخرى، عجبى.

وفى 28 مايو 2016، صرح نائب وزير الإسكان لشئون التطوير الحضرى، والمشرف التنفيذى على صندوق تطوير العشوائيات، بأنه يثق من النجاح فى تطوير العشوائيات خلال عامين، وأنه يعتمد فى ذلك الأمر على الإرادة السياسية وتعاون الأهالى. ونأتى إلى وزارة التنمية المحلية، ومن ضمن اختصاصاتها، حسب قرار تنظيمها الصادر فى مارس 2011، التنسيق بين مختلف الجهود التى تعمل لتنمية المجتمعات المحلية ووحدات الإدارة المحلية فى جميع محافظات مصر، ومن ضمن مهامها إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالتنمية المحلية وتطوير العشوائيات القائمة، والحد من تكرار ظهورها بهدف تدعيم فرص نجاحها، وذلك بالاشتراك مع الجهات المعنية والخبراء المختصين. ولما كان وزير التنمية المحلية هو رئيس مجلس إدارة صندوق تطوير العشوائيات، وبالبحث فى موقع الوزارة على الإنترنت لم نجد أى إشارة للصندوق، ولا أى حديث عن مشكلة القمامة فى مختلف المحافظات!

ومن حسن الحظ أن واضعى استراتيجية التنمية المستدامة: «رؤية مصر 20 - 30» لم يقصروا فى تخصيص أحد أبعادها الثلاثة للبيئة، فكان المحور التاسع عن البيئة والمحور العاشر للتنمية العمرانية، وتحدثت الاستراتيجية عن الحاجة الماسة إلى التعامل مع المخلفات الصلبة من وجهة نظر إدارة المواد وليس إدارة المخلفات! حيث تهدف الاستراتيجية إلى زيادة نسبة التخلص من المخلفات الخطرة، التى تُسبب آثاراً بيئية وصحية سيئة من 7% فى الوقت الحالى إلى 30% فى عام 2020، ثم إلى 100% عام 2030!!!

إن المعضلات والمشكلات التى تعانيها مصر والمتراكمة منذ سنوات والمتصاعدة بمعدلات غير مسبوقة، تكمن فى تعدُّد الأجهزة والمجالس والصناديق واللجان بأنواعها المختلفة، وفى الوزارات التى تنشأ ثم تلغى، والوزراء الذين لا تشغلهم ضرورة الإنجاز بحل مشكلات الناس، بقدر ما يهتمون بإطلاق التصريحات واختراع الاستراتيجيات التى تُدشّن فى احتفاليات مكلفة دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع، ودون أن يشعر المواطنون بأى عائد ذى قيمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل