المحتوى الرئيسى

ثورة دى.. ولّا انقلاب | المصري اليوم

07/18 02:06

سقطة مهنية وقع فيها معظم القائمين على أمر الإعلام المصرى وهم يؤيدون الانقلاب العسكرى فى تركيا بالتهليل له واعتباره عملاً مشروعاً، ظناً منهم أن أى موقف غير ذلك معناه أنه يلقى بظلاله لدينا، بما قد يوحى بأن ما حدث فى مصر فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ لم يكن مشروعاً مثلاً، على الرغم من أن نفس وسائل الإعلام هذه تُسلِّم بأن الثلاثين من يونيو ثورة شعبية، وهو ما لا يجعل هناك وجها للمقارنة، بل ذهب الشطط بأحد المذيعين فى برامج «الليل وآخره» أن استخدم تعبير: «ثورة الجيش التركى»، بما يؤكد أن خلطاً حدث فى كل شىء.

مادامت٣٠ يونيو المصرية ثورة، إذن ليس هناك ما يبرر أبداً وقوفنا مع الانقلابات فى أى مكان فى العالم وتأييدها بالشكل الذى يشير إلى أن هناك شيئاً ما يؤرقنا لا نستطيع التخلص منه، هو فى لغة الطب عُقدة نفسية تحتاج إلى علاج على كل المستويات، فى السياسة، كما فى الدبلوماسية، كما فى الإعلام، كما فى بعض قطاعات الشارع.

على المستوى الرسمى، كان من المفترض فى حالة عدم وجود هواجس أو عُقد من هذا النوع أو ذاك، أن نخرج ببيان يدين الانقلاب، أى انقلاب، حتى لو كانت هناك رواسب فى العلاقات مع النظام المستهدف، التعبيرات فى ذلك كثيرة، نراقب، نتابع، نتضامن، التعبير عن القلق، التعبير عن الاهتمام، التعبير عن الحزن، كذلك الحال بعد وأد الانقلاب، كان يجب أن نفعل رسمياً أيضاً ما فعلته كل دول العالم بلا استثناء، الحديث عن الشرعية، الحديث عن إرادة الشعوب، الحديث عن صناديق الانتخابات، الحديث عن الاستقرار.

قد يكون من مهام الإعلام، أى إعلام، مساندة الدولة الرسمية، داخلياً وخارجياً، فى مواجهة أى مخططات تستهدف زعزعة الاستقرار، إلا أن هناك قواعد مهنية كان لا يجب بأى حال الخروج عنها، حتى لا تخرج معظم الصحف صباح اليوم التالى مثلاً، بمانشيتات موحدة «نجاح الانقلاب فى تركيا»، لمجرد أن هذا ما تأمله بعض النفوس، أو إرضاءً للبعض الآخر، النتيجة الطبيعية هى أن مرتجع بعض هذه الصحف كان أكثر من المطبوع، فى استطلاع واضح للرأى يرفض مثل هذه الممارسات المخجلة.

على الجانب الآخر، أستطيع التأكيد أنه لم يكن هناك مواطن واحد يتابع هذه الأحداث من خلال التليفزيون الرسمى المصرى، أو حتى التليفزيونات الخاصة لدينا، إلا ما ندر، على اعتبار أن التحفظات لدى خبراء المرحلة «الاستراتيجيين» أيضاً سوف تكون كثيرة، آراؤهم محسومة سلفاً، الاعتماد كان بشكل كبير على قناة الجزيرة، تليها العربية، ثم سكاى نيوز، إضافة إلى بعض القنوات غير العربية الناطقة بالعربية، مثل CNN وBBC، أو الحرة، وروسيا اليوم، وفرانس ٢٤، إلى غير ذلك، وهو ما يؤكد أن هناك شيئاً ما خطأ فى الإعلام المصرى ككل، ينبغى علاجه على وجه السرعة، ذلك أن أحداثنا المحلية المهمة أيضاً سوف تشهد نفس التوجه، نتيجة عوامل كثيرة يعانى منها الإعلام بكل محاوره الآن.

من المهم أن نعترف بأن قنوات الجزيرة الإخبارية، على الرغم من كل أزماتنا معها، إلا أنها ساهمت بطريق مباشر وغير مباشر فى تطوير الإعلام العربى بصفة عامة، من صحافة وتليفزيون، ذلك أنها كانت السبب فى خروج كل هذه القنوات الإخبارية إلى النور، ومراسلى الصحف إلى العواصم المختلفة، فى إطار المنافسة التى نجح بعضها، كما هو الحال مع العربية وسكاى نيوز، إلا أن الوضع فى مصر ظل كما هو، محلك سر، لا يتطور أبداً، على الرغم من تفوقنا التاريخى فى هذا المجال، وهو الأمر الذى كان يجب أن يستوقف القائمين على أمر الإعلام فى بلادنا.

على الرغم من أداء الجزيرة فى أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وأزماتها مع النظام السابق فى ذلك الوقت، إضافة إلى أدائها فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وأزماتها مع النظام القادم، إلا أن ذلك لم يغير من نظرة المسؤولين إلى الإعلام، بما يجعلهم يسارعون إلى تطويره بدلاً من التركيز على السيطرة عليه من جهة، وإنشاء وإصدار أكبر عدد من الفضائيات والصحف من جهة أخرى، ولم يأخذ المسؤولون فى الاعتبار أن «العدد فى الليمون»، مما جعل الأمر يزداد سوءاً إلى الحد الذى أصبحت معه المسلسلات التركى الأكثر جذباً، وقنوات الأطفال الخليجية الأكثر مشاهدة، وقنوات الرياضة العالمية الأكثر اهتماما، أما عن القنوات الإخبارية فحَدّث ولا حرج.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل