بالصور.. "حي الزرايب".. قصة عمال يبحثون عن الرزق بين أكوام "الزبالة"
أكوام من القمامة متراصة أمام البيوت، نساء ورجال وأطفال منهمكون في الفرز والبحث عن كل ذي قيمة بين أطنان مخلفات، تخرج يوميا من البيوت والفنادق والمستشفيات، لتصب في حي الزبالين أو الزرايب بمنشية ناصر.
يعتبر جمع وفرز وتدوير القمامة مصدر الدخل الأساسي لغالبية الأسر في حي الزرايب. يبحث عمال الفرز دوما عن ما يمكن بيعه وإعادة تدويره بين القمامة كعلب المشروبات الغازية والسمن، وأطباق الفويل، والزجاجات البلاستيكية، وأسلاك النحاس، والحديد الخردة، وورق الكرتون، وغيرها.
يقول هاني يوسف، جامع قمامة، لـ"مصر العربية"، إن 90% من القمامة التي تأتيهم يعاد تدويرها وأنهم يتخلصون فقط من المواد العضوية أو بقايا الأكل.
ويعتبر النحاس والألومنيوم أكثر المخلفات قيمة بالنسبة لجامعي القمامة. فيقول يوسف: "النحاس أغلى حاجة في الزبالة بس مش موجود كتير، بنلاقيه في بقايا أسلاك الكهرباء وبنبيع الكيلو منه بـ 30 إلى 40 جنيه، لكن الألومنيوم بنلاقيه في كانزات البيبسي وأطباق الأكل وبنبيع الكيلو منه بثمانية جنيه".
يستفيد يوسف وزملاؤه أيضا من كل مخلفات البلاستيك كزجاجات المياه والجراكن والملاعق وغيرها ويترواح سعر بيع الكيلو منها من نصف جنيه إلى ثلاثة ونصف جنيه على حسب جودتها.
عامل ينقل القمامة إلى إحدى ورش التدوير
رحلة طويلة، يقطعها كيس المهملات الملقى أمام باب شقتك, تبدأ من مرحلة التقاط القمامة في عربات ومرورا بـفرزها ثم تجهيزها في ورش إعادة التدوير بحي الزرايب أو الزبالين، وصولا إلى بيعها لمصانع بالسادس من أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة بدر، والتي تقوم بدورها بإعادة تدوير هذه المخلفات واستخدامها في تصنيع منتجات مختلفة.
عامل بورشة لإعادة تدوير أكياس البلاستيك
من بين ورش عديدة موجودة في حي الزرايب، تتخصص ورشة سمير بهجت في إعادة تدوير الأكياس البلاستيكية. يشرح بهجت، مالك الورشة، ما يقومون به فيقول: "نبدأ أولا بغسل الأكياس ثم إدخالها إلى آلة تحول البلاستيك إلى خرز، ليباع بعد ذلك إلى مصانع في أكتوبر والعاشر من رمضان والتي تستخدمه بدورها في تصنيع منتجات بلاستيكية مختلفة كالشباشب ومواسير الكهرباء والكراسي وغيرها"، ويبيع بهجت طن خرز البلاستيك للمصانع بحوالي 3700 جنيه.
الخرز البلاستيك الذي يباع إلى المصانع في المدن الجديدة ويدخل في صناعة العديد من المنتجات البلاستيكية
على بعد بضع شوارع، تقع ورشة أخرى تقوم بكبس زجاجات المياه المعدنية. يقول عادل فايز، صاحب الورشة، إنهم يقومون فقط بتجهيز عبوات المياه عبر كبسها، كي يسهل نقلها إلى مصانع بالسادس من أكتوبر، ويباع طن العبوات البلاستيكية للمصانع بحوالي ألفي جنيه، بحسب فايز.
"عندما تصل هذه العبوات إلى المصنع، يعاد تدويرها وتحويلها إلى عجينة، لتدخل في تصنيع منتجات أخرى كالملابس والستائر"، يقول فايز.
هناك ورش أخرى بحي الزبالين متخصصة في كبس وصهر علب المشروبات الغازية وتحويلها إلى قوالب من الألومنيوم، وأخرى تقوم بكبس ورق الكرتون. تقوم جميع هذه الورش بدور الوسيط الذي يجهز محتويات القمامة قبل أن تستقبلها المصانع في المدن الجديدة.
ورشة لكبس العبوات البلاستيكية
تقسم مهام العمل بين أفراد الأسرة بحي الزرايب، فالرجال تجمع القمامة من البيوت وتتولى النساء مهمة فرزها ويعاونهم الأبناء.. تقول أم يوسف، التي تعمل على فرز القمامة التي يجمعها زوجها: "صعب تلاقي في حي الزرايب حد عاطل؛ لأن الناس بتشغّل بعضها، الأسرة كلها بالزوج والزوجة والأولاد بيشتغلوا مع بعض".
تأقلم سكان الحي مع مشاهد اصطفاف أكوام القمامة أمام بيوتهم وما يصاحبها من ذباب وانتشار رائحتها النفاذة بالمكان، فهم ينظرون إليها كمصدر للرزق: " إحنا مش قرفانين من الزبالة لأنها مصدر رزقنا، لو مش موجودة كنا متنا من الجوع". تقول أم يوسف.
سيدة تفرز القمامة أمام منزلها
تكيف كرولس إسحاق أيضا مع طبيعة الحياة بهذا المكان. فرغم دراسته بكلية نظم المعلومات، لا يفكر إسحاق بترك عمله بورشة والده لإعادة تدوير البلاستيك، فيقول: "أكسب شهريا من عملي هذا 5 آلاف جنيه، لا توجد وظيفة أخرى يمكنها أن تمنحني راتبا مماثلا".
ويرفض السكان فكرة انتقال القمامة وورش التدوير إلى مناطق أخرى بعيدة عن مساكنهم. فيقول هاني يوسف، جامع قمامة: "أختي ومراتي وأخويا بيتشغلوا معايا في فرز الزبالة. ومكسبنا بيجي من أن العيلة كلها بتشتغل بنفسها، لو نقلوا الشغل في مكان تاني الستات مش هتعرف تروح لمكان بعيد، ومش هيبقى حل عملي بالنسبة لنا".
أكياس القمامة متراصة أمام البيوت بحي الزبالين
بخلاف أجور العمال وتكاليف نقل القمامة بالسيارات من الأحياء المختلفة إلى حي الزرايب، يدفع جامعو القمامة أموالا لاستخراج التصاريح اللازمة لجمع القمامة من الهيئة العامة للنظافة والتجميل.
Comments