المحتوى الرئيسى

أربع ساعات ملتهبة في عمر الدولة التركية

07/16 05:17

في ليلة لم يتوقعها العالم كله، ولا الشعب التركي، عاش العالم لحظات ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأحداث في تركيا، وذلك بعد الإعلان عن قيام بعض وحدات من الجيش التركي الانقلاب على الحكم والسيطرة على الدولة التركية.

وفي واقعة هي الأولي من نوعها التي يشهدها الشعب التركي، أن يتم انقلاب في ساعة متأخرة من الليل بهذه الطريقة، حيث بدأ في العاشرة مساء الجمعة بتوقيت القاهرة، وانتهي في الثانية صباحاً فجر السبت.

وبعد حوالي ساعة تم الإعلان عن قيام قائد القوات الجوية والبرية بقيادة هذا الانقلاب في تركيا.

وتحولت شاشات الفضائيات العالمية كلها نحو تركيا لتنقل ماذا يحدث هناك، وكل ما يصلنا هو أن وحدات من الجيش التركي حاصرت مبنى البرلمان التركي، وطائرات مروحية تحلق في سماء تركيا، وحالة من الترقب والغموض وتضارب الأخبار، ولا أحد يستطيع التحرك من مكانة خشية أن يفوته خبر ما، وكلما انتقلت من فضائية إلى أخرى وجدت أخبار مختلفة.

وتم إغلاق الطريق المؤدي إلى مطار أتاتورك، وكذلك كلا من جسري البوسفور المؤدي إلى أوروبا، وجسر السلطان محمد الفاتح، وتم قصف مبنى البرلمان في أنقرة، وتمكنت مقاتلات أف 16 من إسقاط مروحيتين للانقلابيين في اسطنبول وأخرى في أنقرة . وتم قصف مقر محطة تورك سات الفضائية.

وأعلنت الفضائيات عن قائد المخطط الانقلابي في تركيا هو المستشار القانوني لرئيس الأركان التركية العقيد محرم كوسا، والذي تم الاستغناء عنه وتسريحه قبل أسبوع من الجيش التركي.

وتم الإعلان عن السيطرة على رئاسة أركان الجيش ومقراته والسيطرة على المدن والمرافق المدنية، واقتحام مبني الإذاعة التركية، وانتشرت الدبابات في شوارع تركيا، كما انتشر الجيش في ساحة تقسيم، وتم الإعلان عن حظر التجوال في تركيا كلها، وتم الإعلان عن دستور جديد للبلاد، وإسقاط حكومة العدالة والتنمية.

وتتابعت الأخبار عن تواجد اردوغان في إيطاليا، وأخرى تنفي وتؤكد وجوده خارج تركيا، وتم إذاعة خبر أن اردوغان ناشد الشعب التركي بالتصدي لهذا الانقلاب والنزول إلى الشوارع، وهو ما حدث بالفعل.

وسمعنا أخبار عن نداءات للقوات التركية في العراق بالانسحاب والعودة إلى تركيا، وتم الإعلان عن مقتل رئيس هيئة الأركان التركي نتيجة انفجار كبير في العاصمة بسبب إسقاط مروحية.

وبعد قليل أعلن كل من رئيس حزب الشعب الجمهوري ورئيس حزب الحركة القومية التركيان المعارضان رفض الانقلاب العسكري على الديمقراطية، وطالبو الشعب بالتصدي له، وانضمت المعارضة لأردوغان، وأعلن رئيس جهاز المخابرات التركية أنه تم احتواء الأزمة وإنهاء الأمر هو مسألة وقت. 

وقامت المساجد برفع الأذان في غير وقت الصلاة لحث الناس على النزول والحشد ومواجهة هذا الانقلاب.

وانتصرت الديمقراطية، وإرادة الشعب التركي، وتمسكه بالحرية، وأعلن البرلمان التركي عن عقد جلسة طارئة لرفض الانقلاب، وكذلك حزب الشعب والقومي المعارضين، ولكن فور انتهاء الانقلاب وعودة أردوغان تم عقد لقاء مع القيادات.

وتم اعتقال حوالي 114 شخصا ممن قاموا بهذا الانقلاب، ومقتل حوالي 130 شخص، كما سارعت كل من بلغاريا واليونان بنشر قواتها على الحدود مع تركيا.

وارجع البعض هذه الخطوة لعدة أسباب أهمها سياسة أردوغان المتشددة تجاه المعارضة، وخاصة جماعة فتح الله جولان، وقال إن تركيا العلمانية تنقلب على تركيا الديمقراطية، وأن أردوغان لم يساهم في نقل السلطة بشكل سلمى دون اللجوء إلى انقلاب، وانه يدير الحياة السياسية بنفسه دون الرجوع لمستشاريه أو البرلمان، وهذا مخالف للدستور.

ورغم نفي جماعة فتح الله جولان إلا أن الرئيس التركي أردوغان اتهمها بالإرهاب، وكذلك الحكومة التركية كررت نفس الاتهام، وهذه هي المرة الأولي التي يتم وصفهم بالإرهاب حيث كان يتم وصفهم بالحكومة الموازية.

وهناك من اتهم أمريكا بالوقوف وراء هذا الانقلاب بسبب وجود جون كيري في موسكو للتباحث حول مستقبل سوريا، وكان لابد من القضاء على نظام الإسلام السياسي التركي.

وآخرون رجحوا أن يكون الاتحاد الأوروبي وراء هذه الخطوة للتخلص من حكم أردوغان الإسلامي والتمهيد لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بديلاً عن انجلترا.... الخ من التكهنات والتحليلات.

وهناك من يرى في أوروبا وواشنطن حليف لتركيا ولا ترغبان في إسقاطها لتخوفهم من الحكم العسكري، وكذلك الحفاظ على استقرار تركيا سيوفر الأمن لأوروبا.

وسادت حالة من الفرح والشماتة في بعض الفضائيات التي لها مواقف من أردوغان ودعمه للإسلام السياسي، وعلى العكس في الفضائيات التي تدعم هذا الحكم كانت في حالة من الترقب تصل للرعب لأن أردوغان هو أخر نقطة ارتكاز في المنطقة، ويحفظ التوازن مع الكيان الصهيوني ولو سقطت تركيا انفرد هذا الكيان بصفة القوة الوحيدة في الشرق الأوسط ولغرقت أوروبا في مشاكل الهجرة العربية والتركية،

وكانت تركيا ستعود إلى الوراء عشرات السنين، وسوف تتعرض لانهيار اقتصادي تام، يؤثر على العالم كله لما يمثله حجم التبادل التجاري التركي مع دول العالم.

هذا بالإضافة إلى مزيد من الضعف للدول العربية وخاصة دول الخليج التي تتشارك مع تركيا في الموقف من سوريا، وسوف تزداد مأساة غزة أكثر من حصار، وعزلة، وتهميش...الخ من الآثار الكارثية على المنطقة.

عند الساعة الثانية صباح السبت سمعنا عبر الشاشات إطلاق نار كثيف في شوارع تركيا وتواجد للشعب في الشوارع رغم إعلان عن حظر التجوال، وما هي إلا لحظات ويتم الإعلان عن إنهاء الانقلاب و القبض على الجماعات التي قامت به بعد مقتل بعضهم.

وبعد ساعة وربع في تمام الثالثة والربع فجر السبت ظهر أردوغان في مطار تركيا قادما من الخارج.

وجلس مع قياداته لرصد كل حركة، وتصرف وكل ردة فعل، وعمل مسح شامل لتركيا على مستوى الجيش، والشرطة، والمخابرات، والمكاتب، والفضائيات، وردود الأفعال العالمية، ومن الذي أدان الانقلاب على الفور، ومن تأخر، ومن أكد على الانقلاب، والربط بين لقاء سيرجي لافروف وجون كيري والتصريحات التي صدرت قبل الانقلاب عن حسم المسألة في سوريا.

واستمرت المروحيات تحلق في مناطق مختلفة في الأجواء التركية حتى بزوغ فجر السبت، حيث تقوم القوات التركية برصد هذه المروحيات وعمل مسح للأجواء التركية لتتبع الطائرات الحربية التي سيطر

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل