المحتوى الرئيسى

«إمبراطور الحديد» يسيطر على الإعلام: خطة أبوهشيمة لـ«مساندة قيادة الدولة» تبلع 4 مؤسسات إعلامية وفنية.. وحكاية الرجل الخفي

07/15 22:37

خطة أبو هشيمة لخلق «إعلام راقي» بدأت بشراء «أون تي في».. وسر لعبة «الكراسي الموسيقية» مع «ياسر سليم»

بعد يومين من شرائه القناة انتقلت حصرية الإعلانات إلى شركة مملوك لشركة يرأس إدارتها ضابط سابق بالمخابرات

المؤسسات التي يملكها أبو هشيمة: جريدتا اليوم السابع وموقع دوت مصر وشركة بريزنتيشن سبورت ونصف أسهم مصر للسينما

 في 15 مايو الماضي، أعلنت شركة «إعلام المصريين»، المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، استحواذها على كامل أسهم قناة «أون تي في»، من مالكها آنذاك نجيب ساويرس، في صفقة اعتبرها البعض «مفاجأة» ولم يتوقعها أحد خاصة مع تمسك ساويرس الدائم بالقناة.

وقتها وصفت شركة أبو هشيمة صفقة شراء «أون تي في»، أنها تأتي «أملا فى تقديم إعلام تنموى شامل بأدوات تليفزيونية شديدة الجاذبية والرقي، وشديدة الاحترافية والتميز، تتناسب مع طموح الدولة المصرية والشعب المصري، وأنه جاء ليستكمل رؤية مالكها السابق نجيب ساويرس في المساهمة بتحريك الاقتصاد المصري ومساندة القيادة الوطنية المصرية فى تحقيق تطلعات شعبنا إلى مستقبل أفضل».

وكشف الشركة عن أن «خطوة الاستحواذ على القناة تأتى كخطوة ضمن مجموعة خطوات إعلامية مستقبلية سيتم الإعلان عنها فى مجال التوسع فى إطلاق المحطات التليفزيونية، وشركات الدراما والمسلسلات، فضلا عن مشروعات أخرى على صعيد الإعلام الرقمي والبث التليفزيوني عبر الإنترنت من خلال مجموعة قنوات موجهة للشباب على الشبكة العالمية، بالإضافة إلى إطلاق محتوى إعلامى باللغة الإنجليزية وبكوادر مصرية شابة تساهم فى مسيرة الرقى الإعلامى المصرى، وتسترد مكانة مصر على هذا الصعيد فى الشرق الأوسط والعالم».

ملامح الإعلام التنموي الذي بشر به أبو هشيمة بعد شراء «أون تي في»، ظهرت في مجموعة من الإجراءات، السريعة أبرزها كان توقف برنامج «الصورة الكاملة» بعد 4 أيام فقط من عملية بيع البيع القناة - لتعلن ليليان داود مقدمة البرنامج في وقت لاحق وقف البرنامج نهائيا – والذي سبقه قبلها بأيام وقف برنامج جابر القرموطي بالإضافة إلى إنهاء استحواذ شركة «برومو ميديا» على حصرية القناة ونقلها لشركة «بلاك أند وايت» التي يرأس مجلس إدارتها «ياسر سليم» وهو الإجراء الذي وقع بعد يومين فقط من شراء أبو هشيمة للقناة بينما ظهر سليم في الصورة كشريك في الكثير من تفاصيل مشروع أبو هشيمة.

وهكذا، ظهر أسم أبو هشيمة، كأحد الذين يعيدون تشكيل المجال الإعلامي وسط تكهنات وتسريبات إعلامية عن رغبة داخل النظام في السيطرة على سوق الإعلام والصحافة وحتى الفن والثقافة في مصر، فخلال مدة لا تتحاوز شهر ونصف، اشترى أبو هشيمة قنوات ومواقع وشركات، فضلا عن تسريبات عن محاولة لشراء أخرى ولكن يبدو أنها لم تفلح.

بداية أبو هشيمة في مجال الإعلام جاءت في 2014، عندما استحوذ، على جميع أسهم جريدة «اليوم السابع» الورقية اليومية، كبداية لمشروع إعلامي كشف عن ملامحه في السنوات التي تلت شرائه كامل أسهم الجريدة التي يرأس تحريرها الكاتب الصحفي خالد صلاح منذ أن تم تأسيسها.

ومنذ هذه اللحظة، بدأت الجريدة في إطلاق مشروعات ومواقع إعلامية موازية لها، بدأت بـ«فيديو اليوم السابع»، حتى وصلت إلى «كايرو دار، وبرلماني، وانفراد»، وباستثناء أخر موقعين، فكل هذه التجارب بدأت في الظهور خلال فترة حكم الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، وقتها  كان وزراء الإخوان حاضرون بقوة في فعاليات رجل الأعمال الشاب، وأبرزهم، أسامة ياسين، وزير الشباب في حكومة الإخوان، والذي شارك في أكثر من مناسبة نظمها أبو هشيمة.

ففي ديسمبر 2012، حضر الإخواني أسامة ياسين حفل أعده أبو هشيمة لدعم ومساندة فريق كرة القدم للصم، وشارك في تسليم الجوائز التي وفرها أبو هشيمة لصالح المنتخب.

وفيما كان أبو هشيمة أحد المساندين الرئيسين للأخوان خلال فترة حكمهم وهو ما ظهر واضحا من خلال اليوم السابع، فإنه كان نفس الرجل، الذي استضاف مقالات من أطلق على نفسه "ابن الدولة" وفي صحيفته، بعد رحيل الإخوان وفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي سلسلة المقالات التي يتبنى كاتبها الذي يشير كثيرون لأنه «ضابط قريب من السيسي» الدفاع عن السلطة الجديدة في العديد من المواقف والقرارات التي كان يرفضها الأخرون.

ومع مرور الوقت ظهر اسم جديد بجوار ابو هشيمة هو «ياسر سليم» مالك ورئيس مجلس إدارة شركة «بلاك أند وايت»، والذي روى شهود عيان، في تقارير صحفية متعددة، أنه كان يحضر اجتماعات تشكيل تحالف «في حب مصر» الانتخابي في جهاز المخابرات، والتي كشف تفاصيلها القيادي السابق في حملة الرئيس عبدالفتاح السيسي «حازم عبدالعظيم»، حيث كان يقدم سليم نفسه وقتها على أنه «ضابط بالمخابرات». بالإضافة إلى أن شركة «سليم» هي المنتجة لبرنامج «أنا مصر» على التلفزيون المصري، والذي أبرز مقدميه، معتز بالله عبدالفتاح، وأماني الخياط، ويرأس تحريره دندراوي الهواري رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «اليوم السابع».

ويبدو أن «أبو هشيمة» و«سليم» قررا لعب «لعبة الكراسي الموسيقية»، والتي اتضحت ملامحها مع ظهور بوادر أخرى تشير إلى أن هناك من يحاول السيطرة على الإعلام.. حيث شهد الأسبوعين الأولين من شهر «يوليو»، توقيع صفقات إعلامية جديدة لصالح أبو هشيمة، بدأت بالأعلان رسميا شراء شركة «إعلام المصريين» لموقع «دوت مصر» المملوك في السابق لشركة «بلاك أن وايت» التي يملكها ياسر سليم،  في 11 يوليو الجاري.

حول «دوت مصر»، كشفت مصادر أن عملية البيع بدأت بأزمة مادية قبل عيد الفطر، مما دفع المالك القديم، ياسر سليم، - نفس الرجل الذي استحوذ على إعلانات «أون تي في»- لدفع ثلث المرتبات وبعد انتهاء العيد، طالب العاملون ببقية مستحقاتهم لنفس الشهر، فقال لهم أحد المسئولين إن الموقع لم يعد تحت إدراة ياسر سليم، وتم بيعه إلى أحمد أبو هشيمة، وهو المسئول عن صرف رواتب هذا الشهر لكنه في إجازة خارج مصر.

وهكذا أصبح هناك ذراعان لمشروع السيطرة .. إعلامي قائده أبو هشيمه وصفقاته للاستحواذ على الإعلام.. وإعلاني قائده ياسر سليم وشركته التي دخلت للسوق الإعلاني بقوة .. وفي 12 يوليو، ظهر جناح ثالث للمشروع حيث وقعت شركتي "إعلام المصريين" و"بريزنتيشن سبورت"، اتفاقاً يقضي باستحواذ شركة "إعلام المصريين" على ٥١٪ من أسهم شركة بريزنتيشن سبورت، في انطلاقة حقيقية لخطة طموحة من الشركتين لإحداث طفرة نوعية في مجالى التسويق والإعلام الرياضى عامة وكرة القدم بصفة خاصة – بحسب بيان الشركة المملوكة لأبو هشيمة – .

وبالعودة شهر إلى الوراء، نجد أن شركة «إعلام المصريين»، كانت قد وقعت عقد استحواذ على 50% من أسهم شركة «مصر للسينما»، تحديدا في 6 يونيو الماضي لتكتمل دائرة السيطرة.

وقالت الشركة في بيانها حول الشراء، أنها «تستعد لضخ راسمال جديد لانتاج برامج و دراما تليفزيونية وسينما، تمهيدا لتنفيذ خطة طموحة لدفع السينما والدراما المصرية خطوة للامام وإعادة دور مصر فى هذا المجال».

الخبير الإعلامي، ياسر عبدالعزيز، يشير إلى أن التنظيم الرشيد لصناعة الإعلام في أي مجتمع لابد أن يرتكز على فكرة الإستقلالية، وإتاحة الفرص للمال الخاص في استثمار الإعلام مع وضع قوانين تحد من الاحتكار والتركز الضار للملكية التي تضمن درجة مناسبة من التعدد والتنوع، وأوضح أنه في ضوء هذه القواعد نجد أن الإعلام المصري يتجه في الفترة الأخيرة للمزيد من الإحكتار والتركز الضار للملكية، وهو أمر يخل بالتعددية والتنوع ويؤثر سلبًا في المصالح السياسية والفكرية والمالية التي لا تجد طريقًا للتعبير عن نفسها.

مضيفًا في تصريح لموقع "البداية" أن ذلك الاحتكار يؤدي للضرر بحق الجهمور في الحصول على محتوى إعلامي متوزان، ويؤدي إلى تغليب الصوت الواحد، وما يحدث سببه الرئيسي أن قطاع الاعلام يعمل دون تنظيم رغم نص الدستور بوضوح، على حماية التعدد والتنوع وإرساء قواعد محاربة الاحتكار والتركز الضار للملكية، مؤكدًا أنه تم التعبيرعنها بشكل جيد في مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد الذي أعدته اللجنة الوطنية للإعلام.

وفي ختام حديثه، طالب البرلمان بسرعة إقرار قانون الإعلام الموحد، وتفعيله مما يؤدى لمحاربة الاحتكار.. وشدد عبد العزيز أنه لا يتكلم عن شخص بعينه وانما يقدم تحليل علمي لظاهر..

عاش أبو هشيمة، بمدينة بورسعيد وحصل على بكالوريوس تجارة من جامعة قناة السويس عام 1996، والتحق بالنادي المصري البوسعيدي لاعبا لكرة القدم، ثم انتقل منه لنادي الترسانة، وانضم من خلاله لمنتخب الناشئين تحت 20 سنة، ولكن أصيب فتحول للعمل محاسبا تحت التمرين ببنك المصرف العربي الدولي، وبعدها بتجارة الحديد، وأسس حديد المصريين عام 2010.

أموال أبو هشيمة تطرقت أيضًا للعبة السياسية فهو الممول الرئيسي لحزب "مستقبل وطن" الذي يمتلك ثاني أكبر كتلة برلمانية بمجلس النواب وساهم في رعاية مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ الذى انعقد بمارس 2015 وحضره أكثر من 1400 مستثمر ورجل أعمال من جميع دول العالم و 25 وفد رسمي.

نقيب الإعلاميين، حمدي الكنيسي، يوضح أن ما يحدث الآن من سيطرة رأس المال على الإعلام بلغت السطوة وليس السيطرة فقط، وهذا اتضح في رفض بعض القنوات لإعلاميين بعينهم بغض النظر عن خبرتهم وادراكهم لميثاق الشرف الإعلامي.

وأضاف في تصريح لموقع "البداية" ما يحدث من أحمد ابو هشيمة، ما يقوم به ليس بالأمر الجديد في حياتنا، فقد شاهدنا ومازالنا نشاهد قنوات لرجال أعمال، ولكن المثير للقلق عندما يستخوذ رجل أعمال واحد على عدة قنوات، وسنلاحظ ذلك من خلال آداء تلك المؤسسات في الفترة القادمة ومدى إلتزامها بميثاق الشرف الإعلامي.

وتبقى المفارقة في استمرار خطة أبو هشيمة لشراء والاستحواذ على وسائل إعلامية في قطاعات مختلفة بينما تعلن الحكومة أنها في طريقها لإصدار قانون الإعلام الموحد والذي يتضمن العديد من النصوص تمنع مثل هذه الممارسات الاحتكارية حيث ينص الجزء الأخير من المادة 59

من المشروع على أنه «لا يجوز للفرد الواحد وزوجته و أولاده  القصر الجمع بين ملكية أكثر من صحيفة أسبوعية أو شهرية أو الكترونية، كما لايجوز له ملكية أكثر من 10 % من أسهم الصحيفة اليومية. كما لا يجوز للفرد الواحد وزوجتة وأولاده القصر ملكية أو المساهمة في ملكية أكثر من صحيفة أو وسيلة إعلامية».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل