المحتوى الرئيسى

حمى بكتيرية تضرب "بلانة" النوبية.. والمسؤولون "لا حياة لمن تنادي"

07/15 17:04

في الوقت الذي كان يهنئ فيه الجميع بحلول عيد الفطر المبارك، كانت إحدى قرى الجنوب تئنّ بعد أن ضربتها حمى بكتيرية غامضة، ورغم وصول صدى استغاثاتهم إلى قلب القاهرة، إلا أن المسؤولين هناك صموا آذانهم، وكأن "لا حياة لمن تنادي".

ففي ثاني أيام عيد الفطر، استيقظ أهالي "بلانة"، إحدى قرى التهجير، التابعة لمركز نصر النوبة بأسوان، على إصابة البعض بارتفاع في درجات الحرارة يصاحبه قيء وإسهال وآلام شديدة في المعدة، مما أدى لحالة من الفزع، خاصة بعد ظهور حالات متعددة داخل العائلة الواحدة.

وفي ظل غياب الرعاية الصحية بالقرية، وتجاهل المحافظة، تفشى المرض المجهول بين الأهالى حتى وصل إلى ما يقرب من 41 مصابًا حتى الآن.

وبعد انتشار أخبار القرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووصول الأمر إلى الإعلام، خرج اللواء مجدي حجازي، محافظ أسوان، من مخبأه ليصرح بأن الأمر أخذ أكبر من حجمه، ولا يتعدى كونه تسمم غذائي أصيب به 4 أشخاص فقط، ولم يكتفِ بذلك بل قام بالاتصال بإحدى الحالات للاطمئنان عليها، على حد قوله.

"مياه الشرب هي السبب"، هكذا كانت تشير أصابع الاتهام، خاصة بعد أن تلوثت بمياه الصرف الصحي مرتين، كان أولها في مارس الماضي، والأخيرة ليلة وقفة العيد، على حد قول الأهالي.

محمد شعبان، شاب من أبناء بلانة، هجر قريته منذ أعوام؛ ليطرق أبواب الرزق بمدينة القاهرة، وفي أثناء تواجده بها، هاتفه أحد الأقارب عبر الهاتف الخلوي قائلًا، "تعالى بسرعة أمك تعبانة.. ومش عرفين عندها إيه".

هرول شعبان مسرعًا لا يدري كيف استطاع أن يقطع هذا الطريق الطويل الذي يربط بين المدينتين، في ساعات قليلة؛ ليجد والدته في حالة إعياء شديد، ما جعله يأخذها إلى حميات قرية دراو، واكتفى الأطباء هناك بإعطائها مضادات حيوية، وباراسيتامول "خافض للحرارة"، وفلاجيل "مطهر معوي".

"مفيش في بلانة كلها غير وحدة صحية ودكتور واحد، وهو اللي لاحظ أن فيه حاجة غريبة بتحصل، عشان كدة بقى يعالج الناس بإسعافات أولية زي المحاليل وخافض الحرارة وبعدين يحولهم على حميات قرية دراو"، بهذا استكمل شعبان حديثه مع "مصر العربية"، مؤكدًا أن الحميات مع الوقت بدأت في رفض الحالات حتى لا تدخل في أزمة "رصد وبائي"، على حد قوله.

لاحظ شعبان أن والدته تزداد سوءًا لما وجدته من عدم رعاية في حميات دراو، وعند سؤال الطيب عن حالتها يكون الرد "هنعرف بعد 48 ساعة"، ما جعله يسرع في إخراجها من هناك على مسئوليته الشخصية؛ ليذهب بها إلى مستشفى الجورمانية.

"مرشح المياه اللي بيغذي مياه الشرب بيتاخد من الترعة"، ويضيف شعبان، "في شهر مارس أحواض الصرف الصحي انهارت، واتسربت ولوثت مية الشرب، ساعتها لجنة من القاهرة جت وأمرت بفض الترعة، وقالت أنها بحاجة لمدة 5 شهور عشان نرجع نشرب منها تاني".

وبسبب الإهمال الذي تعاني منه القرية، وعدم وجود بديل لمياه الشرب، تم تشغيل الترعة خلال 15 يوما، بعد الاستعانة بزيادة نسبة الكلور بها، ومع الوقت تم تقليلها بالتدريج، وهو ما رأه شعبان العامل الرئيسي لظهور الحمى البكتيرية.

وعند سؤال أهالى القرية المسؤولين عن مياه الشرب، والمطالبة بتحليلها لمعرفة أسباب المرض، يأتي الرد "المية نظيفة.. مفيهاش حاجة".

هذا ما تعارض مع رد أحد مسؤولي شركة المياه على الناشطة وفاء عشري، عضو حزب العيش والحرية بأسوان، حينما قال: "نتيجة تحليل المياه مش هتظهر غير بعد 10 أيام".

تقول عشري، إنها علمت من أهالي القرية، أثناء رصدها للحالات المصابة، أن المسؤولين في شركة المياه طالبوهم بتخزينها ليلة وقفة العيد، لأنه سيتم قطعها.

ومع قطع المياة انتشر بين أهالي بلانة أنه حدث تسريب آخر للصرف الصحي أدى لتلويث مياه الترعة "الشرب"، وفي ثاني أيام العيد بدأت ظهور الإصابات بالفعل.

"المحافظ ملوش دور، والدكتور إيهاب حنفي، وكيل وزارة الصحة بأسوان، كان في أجازة من بدايه الأسبوع، واضطر يقطعها ويرجع من يومين، لما عرف أن الإصابات في تزايد" بهذه العبارة أعربت العشري عن استيائها من غياب المسؤولين بمحافظة أسوان، واكتفائهم بإصدار تصريحات ليس لها علاقة بالواقع، على شاكلة أن الإصابات كانت نتيجة أكلة سمك مسمم، أو تعديل النظام الغذائي بعد شهر رمضان الكريم؛ كان وراء الاضطرابات المعوية التي ظهرت على الحالات.

"دكتور الوحدة الصحية في بلانة أول واحد شك أنها أعراض حمى بكتيرية مجهولة المصدر، ويشتبه في أنها تكون تيفود"، هكذا تحدث المحامي محمد عزمي، رئيس الاتحاد النوبي العام، مؤكدًا أنه فور علمه بالأمر، شكل لجنة من 3 أشخاص للذهاب إلى القرية ومعاينة الكارثة على أرض الواقع.

وعقب تأكد عزمي من تزايد عدد الإصابات، طالب أعضاء مجلس النواب بدائرة نصر النوبة، بتقديم استجواب، وهو ما قوبل بالتجاهل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل