المحتوى الرئيسى

موقف إمبابة.. السائقون: نتعرض للضرب والشتيمة .. وحجرة الناظر"وكر للمشبوهين"

07/15 15:34

 أكثر من 137 ألف عامل بهيئة النقل العام، يقضون أكثر من 12 ساعة يوميًا في العمل، راضيين بما قسمه الله لهم، وبعملهم الشاق الذي يتطلب في بعض الأحيان بقاءهم لفترة طويلة في الأتوبيس الذي أصبح بمثابة صديقهم "الانتيم" وعشرة عمرهم "بحسب ما قاله البعض"... فخورين بمهنتهم وبحياتهم البسيطة التي يتخللها لحظات قليلة من الفرح..

 "الوفد" عاشت يومًا كاملًا مع مجموعة من السائقين والمحصلين بمحطة إمبابة، لكي تتعرف علي كواليس حياتهم وكيف يقضون يومهم بداية من خروجهم من المنزل إلي عودتهم مرة أخرى لمنازلهم في نهاية اليوم، كما تحدثت مع بعضهم ومع أهالي المنطقة.

وصولي لموقف امبابة، كان شبيه برحلة صعبة، فالشوارع مزدحمة حالها كحال جميع المناطق في القاهرة والجيزة، أما الباعة الجائلين يجلسون علي الأرصفة العامة من أجل أن يحن عليهم فاعل خير، ليشترى منهم ويعطي "اللي فيه النصيب" علي حد تعبيرهم لكي يتناولوا طعام الفطور.

منطقة إمبابة، من المناطق العشوائية في محافظة الجيزةـ ليس فقط في نمط المباني غير المنظم، ولا حتي في الادوار المخالفة التي تعاني منها جميع المناطق في محافظات مصر، انما تمتد مظاهر العشوائية إلي الاسواق، ووجود الباعة الجائليين منتشرين في كل مكان، ومحتلين الأرصفة، فضلًا عن استحوذهم علي مساحة كبيرة من الشوارع، لدرجة تشعر أي مواطن يقطن بالمنطقة بالاشمزاز من هذه المظاهر العبثية.

بعد الوصول إلي محطة الاتوبيس، اندهشت من المظهر العشوائي للمحطة، فالاتوتبيسات تصططف بشكل غير منظم تكاد تدخل علي المحلات ومداخل الشقق الأرضية، كما أن المارة لايستطيعون السير داخل المحطة، مظهر عبثي ينتهي بمجموعة متواصلة من الخناقات بين الأهالي والساقين، "حرام عليكوا عايزين نعدي"،" أرجوكم عايز أركن عربيتي قدام بيتي ومش عارف "،"مدخل القهوة مسدود""،"هتقطعوا رزقنا منكم لله"، وتنتهي هذه الخناقات اما بالصلح بين السائق والشخص المتضرر بعد تدخل الأهالي، أو الموضوع يتطور ويصل الأمر إلي الاشتباكات بالأيدي تسفر عن إصابة أحد الطرفين المتنازعين.                                                                             كواليس اليوم:

 يوم السائقين يبدأ عاديًا مثلمهم مثل أي موظف، يستيقظون في الصباح الباكر، ويذهبون إلي عملهم، بعضهم يستطيع الإفطار مع أسرته، وآخرون ظروف حياتهم وسكنهم البعيد عن مكان عملهم يحتم عليهم الخروج مبكرًا قبل أن تستيقظ أسرهم، فيضطرون إلي تناول "سندوتش بسيط" في الطريق، ويفرحون بعودتهم وقت الغداء لكي يتناولون الطعام مع عائلتهم "اينعم وقت الغداء بيكون متأخر شوية يعني ممكن علي الساعة الخامسة أو السادسة مساءً" بس بنحمد ربنا إننا مع أولادنا"،هكذا عبر أحد السائقين، أما البعض الآخر منهم يخرجون من منزلهم مع اقتراب وقت الغداء..حاملين معهم غذاءهم لكي يتناولونه مع زملائهم.. أو أحيانًا يتناولونه بمفردهم في الأتوبيس علي حسب ظروف العمل.

"اتفضلوا علي الغداء... يا ألف اهلاً وسهلاً"، يقولها أحد الساقين ويدعي "أبوالمعارف" من منطقة المناشي بالوراق بوجه مبتسم، أثناء قيامه بوضع الكراسي حول "ترابيزة" من البلاستيك في الموقف المخصص لركن الاتوبيسات خط "إمبابة – الإمام الشافعي"، بمنطقة إمبابة.

ويضيف "أبوالمعارف"... نتغدي يوميًا في الموقف، لأن مواعيد العمل تبدأ من 12 ظهرًا وتنتهي في الثانية صباحًا، فلا يوجد وقت لكل فرد منا لكي يعود إلي منزله، خاصةً أن معظمنا ساكن في محافظات ومناطق بعيدة تحتاج مواصلات تصل إلي من 3 ساعات.

بعد لحظات بسيطة من تنظيم مكان الغداء، يجلس عدد من السائقين حول الترابيزة في حلقة دائرية، يتبادل كل منهما الحديث.

محمد، كمسري يعمل منذ 10 سنوات في الهيئة، يستيقظ من النوم ليذهب مباشرة إلي العمل ويعود إلي منزله في الواحدة منتصف الليل، يومه مقتصر علي النوم و العمل، لدرجة أنه أصبح يجلس مع الاتوبيس أكثر من اولاده، بحسب ما قاله.

 يتحدث لزميله علاء سائق يعول أسرة من 3 أبناء وزوجة،"نفسي اتغدي يوم مع مراتي وأولادي مش عارف، كل يوم مفيش قدامي غير الأتوبيس والتذاكر، الحياة بقت مملة ومالهاش طعم، "اللي ننام فيه بنصحي عليه.. ومفيش أي جديد".

 علاء: "يعني هنعمل ايه مش أكل عيشنا... إحنا منعرفش شغلة ولا حرفة غيرها، وورانا عيال اينعم مش بنقعد لوقت طويل معهم وساعات مش بنشوفهم ... بس ما هو التعب ووجع القلب ده علشانهم ولمستقبلهم... نفسي يطلعلهم بـ "قرشين" كويسين بعد ما اطلع علي المعاش يقدروا " يمشوا حياتهم بيهم".

 محمد :" وهي فلوس المعاش بتعيش حد او حتي مكافاة نهاية الخدمة، هتعمل ايه مع الغلا والحياة الي بقت غالية، فضلاً عن تعرضنا كل يوم لمخاطر من ضرب وشتيمة من سائقي المكيروباص علشان بنقف للناس لكي تركب الاتوبيس".

 مشيرًا إلي أنه أصيب بجرح عميق في الرأس، بعدما تعدي سائق ميكروباص عليه أثناء وقوفه في المحطة للركاب، وعندما قام بعمل بلاغ واخطر شرطة النقل العام بالواقعة، كان الرد: "اتصرفوا مع بعض مالناش دعوة بمشاكلكم.. وياريت تحلوا الموضوع ودي".

يرد عليه "علاء": "الحمد لله علي كل حال، لينا ربنا.. المهم اننا بنعمل الي علينا وبنشتغل وبنراعي ربنا في الفلوس الي بناخدها ونصرف بيها علي عيالنا".

ينتهي هذه الحوار، ليبدأ حديث آخر، بين أحمد سائق وأب لأربعة أولاد، يعيش في القليوبية مع أسرته، ويضطر أن يأتي يوميًا إلي مكان عمله البعيد عن مسكنه، متحملا ساعات السفر التي تصل إلي أربع ساعات وقت الصيام، ويحيي كمسري، يعمل بمهنته منذ 7 سنوات، ويعيش في المرج مع زوجته وأولاده الثلاثة .

يقول أحمد "كنا ناقصين كمان النقل الجماعي علشان "يزاحمنا في أكل عيشنا".... مستحملين الشقي والتعب والبعد عن اولادنا ... وفي الاخر يتقطع عيشنا والهيئة تسمح لوسيلة خاصة تزاحم النقل العام.. ربنا يرحمنا....

يرد "يحيي"،  لنا الله، مفيش حد حاسس بينا ولا بهمومنا، حتي لما يكون في مشكلة ونحاول التواصل مع المسئولين وخاصة رئيس الهيئة، يتهاربوا مننا ويرفضوا مقابلاتنا وكأننا شحاتين، ولسنا موظفين ليهم حقوق ومن حقهم التظلم أو الاعتراض علي أي قرار قد لايكون في صالحهم.

"احمد"، "والله كل شئ بقي يقرف..مستحملين الهم والهم مش راضي بينا، من يومين في اتوبيساتعطل مني في الطريق وحاولت الاتصال بورش الصيانة ولا حد أبدي أي اهتمام للعطل.. وردهم بيكون "مفيش قطع غيار".. فاحيانًا نضطر أن نأخذ قطعة غيار من أحد الاتوبيسات ونركبها في الاتوبيس العاطل لكي يستطيع أن يسير، واحيانا لو العطل بقي مفيش منه امل انه يتصلح ... فيكون مصير الاتوبيس انه يتركن في الجراج ... لحد ما يتباع كقطع غيار بثمن اقل بكتير من قيمته الحقيقية ... بس هنعمل ايه إذا كان المسؤولين عارفيين المشكلة ومع ذلك " مش مهتمين" بالموضوع ..."احنا يعني الي هنهتم".

يحيي:"ويارايت الموضوع بيقف علي كده بس، ساعات كتير بعض الركاب بيتعدوا علينا بالضرب والسباب، ويتهربون من دفع ثمن التذاكرة... ومع ذلك لا نستطيع أن نفعل حيالهم أي شئ ... لأن هيكون مصيرنا: "نروح لعيالنا مضروبين..ومفيش أي حد هيسأل فينا أو "هيجيب لينا حقنا".

مجيء  سيد أبو الدهب، صاحب قهوة تقع أمام الموقف مباشرة، يقطع حوار السائقين، ليبدأ حديثه منفعلا، "عايشين في القمامة دي علي طول.. من ثلاث سنين استلم مقاول حجرة الناظر... ووعد ببنائها  في اسرع وقت بعد تقاضي ثمن البناء وكافة تكاليف عملية إعمار المبني وتجهيزه، مر ثلات سنوات ويادوب بني الحواط بدون أن يرمي السقف ... ولا مسئول حاسب ولا حتي بيراقب ولا حد بيسأل... لحد ما حجرة الناظر "تحولت لـ " مقلب قمامة وملجأ للكلاب الضالة... علاوة علي انها بعد متصف الليل تتحول لمرتع للمشبوهين وتجار المخدرات ... فضلاً عن "استغفر الله العظيم.. بنات الليل.. وحاجات نخجل نتكلم فيها".

وتابع:"الأهالي تعبوا من الشكوي لرئيس الحي، بسب الحجرة دي ... ومحدش بيرد علينا ولا حتي بيتدخل لحل لمشكلة...وطبعاً الناس بتخاف تتدخل احسن هتبقي معركة وممكن ناس كتير "تروح فيها".. أصلنا مش بنتخانق مع أشخاص عاديين، دول مسجلين خطر وتجار مخدرات.. يعني "ناس مستبيعة" علي الآخر.. ولا يفرق معها أي حاجة".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل