المحتوى الرئيسى

حكومة قطع الطرق | المصري اليوم

07/15 00:16

حكى لى صديقى العائد من أمريكا مؤخراً أنه استأجر سيارة للذهاب من ولاية إلى أخرى يربط بينهما طريق على أعلى مستوى من النظافة والإنارة وانتشار الخدمات وأماكن الانتظار، وأغراه الطريق الخالى من المارة تقريباً بتجاوز السرعة، وما هى إلا لحظات حتى لحقت به سيارة شرطة وظلت تسير بجواره حتى وصلا إلى موقع انتظار فتوقفا وبعد فحص الأوراق، وعندما علمت الضابطة أنه أجنبى أبلغته بالسرعة المقررة ولمحات سريعة من قانون المرور، وطلبت منه بكل أدب أن يحرص على حياة أسرته، وعرضت عليه السير أمامه حتى يصل وجهته المنشودة، فابتسمت من الحسرة وأنا أتذكر حملات الرادار فى بلادى وكيف تحرص على «الاختباء» أسفل منحدر على الطريق أو خلف شجرة أو بين تلال الرمال، والانقضاض عليك بمجرد تجاوز السرعة عند جزء من الطريق تجبرك طبيعته على التجاوز بسببك هبوطك منحدرا أو صعودك مرتفعاً، وهو تصرف لا يهدف إلى حمايتك وأسرتك من تبعات السرعة الزائدة، وإنما للاستيلاء منك على 150 جنيهاً قيمة المخالفة، فى تشابه واضح فى التصرف بين الحكومة وعصابات قطع الطرق التى تسلبك مالك، الفرق الوحيد أن الأولى ترهبك بالقانون والثانية بالسلاح.

أما حالة الطرق نفسها، خاصة طريق الصعيد الغربى، فهى الابتلاء بعينه من المطبات «المشلفطة» و«المعجنة» كما وصفها أستاذنا عماد الدين حسين فى مقاله «تعذيب الصعايدة على الصحراوى الغربى»، وكنت قد كتبت كثيراً عن هذا الطريق الذى يفسد «عفشة» أى سيارة تمر عليه، ولن أكرر ما سبق أن ذكرته عن الحالة الفنية للطريق، خاصة بعد التشريح الدقيق والبديع الذى سطره الأستاذ عماد، لكن يبدو أن الأستاذ عماد وهو فى رحلته إلى أسيوط، لم يعلم أن هيئة الطريق رفعت «إتاوة» أو «فردة» العبور من جنيهين إلى 5 جنيهات أى بنسبة 150%، وبالتالى يتوجب عليك أن تدفع 15 جنيهاً لكى تصل إلى أسيوط، هكذا دون إعلان أو موافقة برلمان، أو حتى تقديم ما يعادل هذه «السرقة بالإكراه» من حكومة كلما زاد فشلها زادت من قيمة الجباية، فلا هى أصلحت الطريق ولا لمبات الإنارة ولا ضخت البنزين فى المحطات ولا نشرت عربات الإسعاف، لكنها رفعت الرسوم.

وربما لم يتجه الأستاذ عماد جنوباً بعد أسيوط - مسقط رأسه- وإلا لاكتشف أن مدخل المحافظة هو آخر نقطة عندها علامات إرشادية، وبعد ذلك عليك أن تسير على هدى النجوم، وتزيد الكارثة من بعد مدخل جرجا فى سوهاج، إذ ينتهى ازدواج الطريق ليصبح الموت محيطاً بك من الخلف فى السيارات التى تريد تجاوزك، ومن الأمام واليسار فى السيارات المقابلة، واليمين فى الصخور المتساقطة وسيارات النقل المتوقفة لتعطلها أو نفاد وقودها، ورغم ذلك تضع الحكومة لافتات فى بعض المناطق تقول عليها بكل بجاحة «الهيئة العامة للطرق والكبارى تتمنى لكم سفراً آمناً».

أما ما ذكره الأستاذ عماد عن مداخل ومخارج المدن، فيدعو للسخرية والحسرة فى آن واحد، فهناك من تفنن فى إفساد جميع المداخل بمطبات عجيبة تجبرك على السير ببطء لا يمكن تصوره، لتتمكن التمركزات الأمنية من متابعتك بتركيز، لكن المفاجأة أنه لا يوجد تمركز واحد طوال مسافة 400 كيلومتر، يسألك عن رخصة أو بطاقة أو يطلب منك تفتيش سيارة، لسبب بسيط جداً هو أن ضباط وأفراد هذه الكمائن مشغولون بـ «كاندى كراش» و«سب واى» على هواتفهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل