المحتوى الرئيسى

تدويل الحج.. ونزاعات الحدود.. ومؤامرة تفتيت المملكة

07/14 22:34

موسم الحج المقبل استبقته واقعتان.. الأولى: إعلان إيران أن حجاجها «سيحرمون من الحج بسبب عراقيل السعودية»، بعد رفض بعثتها التوقيع على مذكرة تفاهم اقترحتها وزارة الحج السعودية بشأن مسئوليات وإجراءات الحج، يسرت فيها إصدار تأشيرات إلكترونية من داخل إيران، ورعاية مصالح حجاجها عبر تمثيل دبلوماسى بالسفارة السويسرية، إلا أنها رفضت إعطاء الحجاج حق التظاهر، أو أية مزايا خارج التنظيم العادى، تجنباً للفوضى.. الثانية: تزامن تفجيرات داعش قرب قبر الرسول بالمدينة، والقنصلية الأمريكية بجدة، ومسجد القطيف 4 يوليو الحالى.. سيناريو متشابه يتكرر كل عام، لتبرير دعوة إيران لتدويل «مكة المكرمة والمدينة المنورة»، بحجة عجز السعودية عن توفير ضمانات تأمين أداء الفريضة الخامسة للمسلمين، التى اشترط «الخمينى» لصحتها أن يعلن الحجاج «البراءة من المشركين»، ما حوّلها لفريضة سياسية.. الدعوة لـ«تدويل الحج» عبَّر عنها د. محمد مهدى صادقى 1979: «وبعدما قمنا بالثورة، وثبتنا أقدامنا، ينتقل المجاهدون للقدس ومكة المكرمة، حرم الله الآمن، الذى تحتله شرذمة أشد من اليهود»!!.. وأصَّلها محمد جواد لاريجانى بنظرية «أم القرى».. ولخصها حسين الخرسانى فى كتابه «الإسلام على ضوء التشيع»: «كل شيعى على وجه الأرض يتمنى فتح وتحرير مكة والمدينة وإزالة الحكم الوهابى النجس عنهما».

بعثة الحج الإيرانية يقودها عادة عناصر الحرس الثورى وحزب الله الشيعى.. رفعت صور الخمينى موسم 1980.. حاولت دخول المسجد الحرام بالأسلحة 1982.. ضبط لديها منشورات دعائية و150 كجم من مادتى C4 وRDX شديدتى الانفجار 1986.. قطعت الطرق وأحرقت السيارات وعرقلت مناسك الحجيج، وخاضت مواجهات بمكة قُتل فيها نحو 400 شخص بينهم 85 من رجال الأمن 1987.. قُطِعَت العلاقات، وغاب الحجاج الإيرانيون حتى 1991.. السفير الإيرانى بالكويت محمد غلوم تورط فى تنفيذ انفجارين قرب المسجد الحرام 1989.. قُتِل 1400 حاج وجُرِح الآلاف بغازات أطلقتها عناصر حزب الله فى نفق المعيصم 1990.. سقط المئات وأصيب العشرات أثناء رمى الجمرات 2005.. وخسائر تدافع منى قاربت 800 حاج بينهم 136 إيرانياً، بخلاف المفقودين، سبتمبر 2015.

المشاركة الدولية فى إدارة الحج تتيح معلومات قد تمكن البعض من استهداف قيادات سياسية أو معارضة، وتنفيذ أعمال إرهابية استناداً لشيوع المسئولية، رغم ذلك تبناها القذافى إبان صراعه مع السعودية، ولوح بها محمد شاهين نائب حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا، ورئيس مجلس النواب السابق، ومحمد جورماز رئيس الشئون الدينية التركية، وأيدها الجعفرى رئيس وزراء العراق الأسبق، وجماعة علماء الشيعة، وحزب الله، والحوثيون باليمن، ودعمها الإخوان باتهامهم السعودية بالتقصير والإهمال.

فى الوقت الذى تتعرض فيه السعودية لحملة تستهدف سيادتها، على الأراضى المقدسة، تُجَمِّد المنح والاستثمارات لمصر، وسفيرها بالدوحة يدعو القرضاوى، ضيفاً فى احتفالات العيد الوطنى، ثم ليعتمر كـ«ضيفٍ لخادم الحرمين»، ويُستقبل رسمياً بقصر الصفا بمكة!!، مؤشرات توحى باستخدام الإخوان كورقة ضغط، فى النزاع على تيران وصنافير.. عدد من كتاب ومحللى المملكة بدأوا حملة، لا تبدو عشوائية.. ياسر الزعاترة: «حكم الإدارية بمصرية الجزر، ليس عفوياً، وإنما رسالة يوجهها النظام!!»، خالد العلكمى: «الحكم حلقة جديدة فى مسلسل ابتزاز طويل، والحلقة المقبلة ورقة التقارب مع إيران»، متجاهلين رفض مصر وساطة روسية للمصالحة مع إيران، لأنها ستُغير من توازنات القوى فى الأزمتين السورية واليمنية، وتُحدِث تغييراً فى المعادلات السياسية بالمنطقة.. الخلافات المصرية السعودية لم يعد مجدياً إنكارها.. «سلمان» أرجأ زيارة القاهرة لحين إنهاء ملف الحدود، لم يحضر قمة شرم الاقتصادية، غادر القمة العربية مبكراً، وأجل التوقيع على إنشاء القوة العربية المشتركة، الرياض تلقت بعدم ارتياح استقبال القاهرة وفوداً سياسية يمنية تنتمى لتحالف صالح/الحوثى، ومنع المعارضة السورية من حضور القمة العربية، وتأييد الغارات الروسية ضد داعش، ورفض الإطاحة بالنظام السورى، رغم أن حليفتها تركيا تتراجع عن تمسكها بشرط الإطاحة بالأسد بعد مصالحتها مع روسيا، وتسعى لتخفيف حدة التوتر مع مصر، ما قد يفرض العزلة على الدور السعودى بالمنطقة.

قيام الدولة السعودية على أنقاض دول وكيانات سياسية، جعل استراتيجيتها ترتكز على مبادئ التوسع والضم والتوحيد، ثم فرض الأمر الواقع، وهو ما تحاول أن تطبقه على جزيرتى تيران وصنافير اللتين لم تطأهما قدم سعودية، منذ اعتبرتهما - خلافاً للخرائط البريطانية المتعلقة باتفاق 1906- امتداداً لساحل الحجاز الذى ضمته بعد هزيمة الشريف حسين.. لم تتحسب المملكة لتبعات نزاعات الحدود المتعددة على مستقبل علاقاتها مع دول المنطقة؛ استثمرت انتصار على عبدالله صالح على الحوثيين، بدعمها العسكرى والاقتصادى، لضم مناطق عسير وجيزان ونجران المتنازع عليها، بمقتضى اتفاقيات «جدة 2000» للتعاون الاقتصادى والاستثمار وترسيم الحدود!!، لكن اختراقات الحوثيين المتعددة للحدود، قبل وبعد «عاصفة الحزم»، مقدمة لإعادة فتح الملف.. صدامات حدودية وقعت بين السعودية وقطر 92/1994، حول موقع «الخفوس» الذى يربط قطر بالإمارات برياً، ثم بين السعودية والإمارات 2010، بعد تراجع الأخيرة عن اتفاق 1974، بتنازل المملكة عن واحة البريمى للإمارات، مقابل القطاع الساحلى شرق العديد، المتنازع عليه مع قطر، وإدراج الإمارات خور العديد ضمن مياهها الإقليمية فى كتابها السنوى 2006، وعلى بطاقات الهوية، ما دفع السعودية لمنع دخول حامليها 2009.. المخاوف القطرية من نتائج إنشاء مجلس التنسيق السعودى الإماراتى منتصف يونيو الماضى، دفعها لاستعجال تنفيذ تركيا للقاعدة العسكرية على أراضيها، واعتزامها تشكيل مجلس تنسيق مع إيران، ضمن تعاون عسكرى واسع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل