المحتوى الرئيسى

«هل بدأت الحرب على كنز الجنوب».. التفاصيل الكاملة لـ«الفخ الأمريكي» للتنين في «بحر الصين الجنوبي».. صراع المصالح السياسي يشتعل بعد الحكم الدولي لصالح الفلبين

07/13 13:31

فرضت قضية بحر الصين الجنوبي، نفسها على الساحة الدولية مجددًا، بعد الحُكم الذي أصدرته محكمة التحكيم الدائمة في "لاهاي"، بأن الصين لا تملك حقوقا تاريخية، على الجزء الأكبر من مياه البحر، مؤيدة بذلك موقف الفلبين في القضية.

المتابع للقضية، لن يستغرب كثيرًا، حين يقرأ تحليلا فى أكبر الصحف الصينية، يصف القضية برمُتها بأنها "فخ أمريكي تنفذه الفلبين"، لكن غير المتابع قد يتساءل: وما الذى أتى بأمريكا فى الكلام عن قضية بين الصين والفلبين؟ وهو ما يجعلنا نسلّط الضوء باختصار على أصل الأزمة وبدايتها.

مبدئيًا، بحر الصين الجنوبي يربط الشرق الأوسط، بمنطقة القارة الهندية بشمال شرق آسيا، وتمر به ثلث الشحنات البحرية العالمية بقيمة 7 تريليون دولار، أي 15 ضعف قناة بنما وثلاثة أضعاف قناة السويس، ويحتوى على 7 مليارات برميل نفط كاحتياطي محتمل، و900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي؛ ومن هُنا اكتسب أهمية استراتيجية كبيرة، جعلت منه ثروة لا تنضب لمن يبسط سيطرته عليه.

جغرافيًا.. يحد البحر كل من ماليزيا وسوماطرة غربًا، وجزر بانجكا بليتونج وبورنيو جنوبًا، والصين وجزيرة تايوان شمالاً، والفلبين شرقًا، والخلاف بين هذه البلاد يتجلى في مسألة السيادة على بحر الصين الجنوبي والنزاع على جزره بالإضافة إلى مضيق "ملقة" وحرية الملاحة والصيد.

لو لم تكن للبحر ما ذكرناه من أهمية، لما كان كل هذا الصراع والسعي لإثبات الحق فيه من قبَل كل دولة، فالصين تدعي ملكيتها لجزء كبير من المنطقة يصل لمئات الكيلومترات، وتقول إن حقها يعود إلى عدة قرون عندما كانت سلسلتا جزر باراسيل وسبراتلي جزءًا من الأمة الصينية، وفي عام 1947 نشرت خريطة تفصل حدودها وبينت مجموعتي الجزر وهما تقعان كليًّا داخل أراضيها.

من جهة أخرى، تشكك فيتنام في كلام الصين وخرائطها، وتقول إنها – فيتنام- تفرض سيطرتها على باراسيل وسبراتلي منذ القرن الـ 17، ولديها من الوثائق ما يثبت ذلك، وفي المنتصف، دخلت الفلبين على الخط، واحتجت لقربها الجغرافي من جزر سبراتلي وطالبت بالتعويض عن تأثر سيادتها وملاحتها حيث تبعد عن منطقة النزاع 100 ميل، مقابل 500 ميل من الصين.

وبينما يتنازع الجميع، انضمت ماليزيا ومعها بروناي للنزاع، الأولى تؤكد ان لديها الحق في عدد من جزر سبراتلي، والثانية تؤكد أن البحر يقع ضمن مناطق حظر اقتصادية، كما حددت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ومن ثم فإنه ليس حقًا تاريخيًا للصين.

المهم أن الصين، وسّعت من وجودها العسكري بالبحر، في إشارة تحمل معنى "ممنوع الاقتراب"، وهذا التصرّف استفز جميع المتنازعين، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل احتلت جزر باراسيل، عام 1974 وانتزعتها من فيتنام، وقتلت القوات الصينية أكثر من 70 جنديًّا فيتناميًّا، وتكرر الأمر حين اشتبك الجانبان في جزر سبراتلي عام 1988 وفقدت فيتنام نحو 60 بحارًا.

هُنا، جاء دور الفلبين، التي تدخلت بالحديث عن قربها الجغرافي من الجزر، وطالبت بالتعويض عن تأثر سيادتها وملاحتها، في إشارة إلى أنها تبعد عن منطقة النزاع بنحو 100 ميل فقط، بينما تبعد الصين 500 ميل، كل هذا، وأمريكا تراقب من بعيد، ولكن، ما علاقة أمريكا بالحكاية؟

على الرغم من أن الولايات المتحدة ليس لديها أي حدود ولا أرض ولا مياه فيها، إلا أنها تعتبر الطرف الأبرز ضد الصين في هذا النزاع، وتكمن أهمية تلك القضية لأمريكا في كونها مجرى ملاحي يشهد عبور ثلث الشحنات البحرية العالمية بمياهه وتمرُّ به شحنات تجارية قيمتها خمسة تريليونات دولار، ويتناثر فيه أكثر من 250 جزيرة، كما أنه يحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه وهو ما يجعل أمريكا من منطلق زعامتها للعالم ترغب في السيطرة عليه ووجود أذرع لها فيه.

مصلحة أمريكا، وضحت تماما في كلمة وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون، في إبريل 2010 بعد القمة السادسة عشرة لمنظمة دول جنوب شرق آسيا والتي عقدت في العاصمة الفيتنامية "هانوي" عندما اعتبرت أن استمرار التوتر في بحر الصين الجنوبي يقوّض المصالح الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وطالبت بضرورة إيجاد آلية دولية لحل النزاع.

لتصبح هذه الزيارة والتصريحات بداية أول تدخل أميركي علني بالقضية، ثم أعقبت ذلك بإعلانها مطلع شهر يونيو 2012 عن استراتيجية جديدة تقضي بحشد نحو 60% من قواتها البحرية في هذه المنطقة وبدأت بنشر طائرات تجسس.

وفي نفس العام اشتبكت الصين والفلبين في مواجهة بحرية طويلة، في اتهام متبادل باختراق منطقة سكاربورو شوال المتنازع عليها بين الطرفين، مما اضطر الفلبين إلى التوجه لرفع قضية أمام محكمة الأمم المتحدة بموجب اتفاقية قوانين البحار، للطعن في مزاعم الصين، وفي 2013 رفعت الفلبين القضية إلى محكمة الأمم المتحدة بموجب اتفاقيتها لقوانين البحار للطعن في مزاعم الصين، لكن لصين لم تهتز، وأنشأت مهبطًا للطائرات على الأراضي المستصلحة في جزر سبراتلي.

لكن الصين ردت ببناء جزر صناعية وتحويل جروف مرجانية إلى موانئ بينها مدرج هبوط للطيران يجري بناؤه، وقد ارتفعت المساحة التي يمكن استخدامها خلال سنة من 202 هكتار إلى 810 هكتارات كما أظهرت صورًا بثتها قناة فوكس نيوز الأمريكية نشر الصين 8 منصات إطلاق صواريخ ونظام رادار في جزيرتي وودي ويونج شينج، ونقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية قوله إن الصواريخ الصينية التي تم نشرها من طراز أتش كي 9 للدفاع الجوي، يصل مداها 200 كيلومترا.

في مايو 2015، بدأت أمريكا بتسيير طلعات جوية للمراقبة وإرسال سفن حربية تجول في المنطقة، وفي أكتوبر 2015، وقع ما لم تتمناه الصين حيث أبحرت مدمرة صواريخ موجهة أمريكية على بعد 12 ميلًا بحريًّا من الجزر للمرة الأولى في سلسلة من الإجراءات لتأكيد حرية الملاحة في المنطقة لتطلق الصين تحذيرها: "لا تتصرفوا بشكل أعمى أو تخلقوا المشاكل من لا شيء".

اليابان هى الأخرى، رغم بعدها جغرافيا عن البحر، دخلت في الحكاية، وأجرت تدريبات على البحث والإنقاذ مع الفلبين، فضلًا عن غيرها من التدريبات مع دول جنوب شرق آسيا، كما تفاوضت على السماح لطائرات وسفن عسكرية يابانية باستخدام قواعد بالفلبين، لإعادة التزود بالوقود والإمدادات كي تتمكن من توسيع نطاق دوريات طائراتها لفترة أطول وتغطي مسافة أكبر في بحر الصين الجنوبي، وبشكل دوري على غرار ما تفعله الولايات المتحدة حاليًا.

ولكن ما علاقة اليابان هى الأخرى، الحق أن اليابان تشعر بالقلق من مشروعات صينية لاستصلاح أراضٍ في البحر الجنوبي، فهي كدولة، تتكون من عدة جزر بموارد طبيعية قليلة لا يضمن لها حياة اقتصادية مستقرة سوى البحار، وقد أعلنت أنها قد تضطر للرد في حال وجود أي تغير حقيقي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من شأنه أن يهدد مصالحها.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل