المحتوى الرئيسى

"المهاجرون يغتصبون النساء في السويد".. مبالغة يروج لها الإعلام أم حقيقة؟

07/13 05:44

جاءت هذه الأحداث في أعقاب فضيحة كبرى حول تحرش المهاجرين والاعتداءات الجنسية بألمانيا في ليلة رأس السنة، بالإضافة إلى حوادث سابقة بالسويد أيضاً.

وربما أن حجم الاعتداءات الجنسية في ألمانيا، وفقاً لوثيقة شرطية تم تسريبها إلى الصحافة الألمانية يفوق المتوقع، حيث شارك نحو 2000 شاب في الاعتداءات.

مع ذلك، فقد كان من الصعب على السلطات في كلتا الدولتين تحقيق التوازن بين ما هو صائب سياسياً وما هو مجرد استفزاز عنصري، بحسب تقرير نشرته صحيفة "دايلي بيست" الأميركية، الإثنين 11 يوليو/تموز 2016.

في أعقاب تلك الاعتداءات، نسبت الشرطة الجرائم إلى "شباب أجانب" في بيان لها تم نشره على موقع الشرطة الإقليمية الإلكتروني. ويذكر البيان: "ليس هناك شك فيمن قد يقوم بمثل هذه الأفعال".

وتم تسمية مقترفي الجريمة بعبارة "عصابة من 7 إلى 8 فتيان ينتمون إلى جماعة من الأطفال المتسكعين دون صحبة ذويهم"، في إشارة إلى صبيان اللاجئين الوافدين دون والد أو وصيّ.

ومع ذلك، سرعان ما تم حذف البيان من الموقع بعد أن اعترفت الشرطة بأنه من بين الأشخاص السبعة الذين تم اعتقالهم كان هناك شابان فقط يقطنان بالمنازل المخصصة لصغار اللاجئين الوافدين دون آبائهم.

وذكرت صحيفة Goteborgs-posten نقلاً عن لارس ورين، رئيس شرطة فارملاند، قوله: "كانت الصياغة غير موفقة وسنأخذ ذلك الأمر بعين الاعتبار. ينبغي ألا نعمم ونشير إلى مجموعة بهذا الأسلوب. بل لابد أن نتعامل مع كل قضية على حدة".

ويأتي الحادث في أعقاب اعتداء جنسي آخر في يناير/كانون الثاني 2016، حينما تم انتقاد الشرطة لإخفاء معلومات تتعلق بنحو 40 شكوى مقدمة خلال عامي 2014 و2015 خلال مهرجان استوكهولم للموسيقى الشعبية.

وتم اتهام المسؤولين حينذاك بالإخفاق في الكشف عن تفاصيل هامة تحيط بالاعتداءات، خاصة أن أغلبية المسؤولين عن الاعتداء كانوا من شباب اللاجئين الأفغان.

ومع ذلك، ذكرت وكالة رويترز أن وثائق الشرطة التي استعرضتها وكالة الأنباء لم تذكر جنسية المرتكبين.

لماذا لم يتم فتح تحقيق بالقضية؟

وقرر مكتب المدعي العام السويدي عدم فتح التحقيقات في تلك القضية، إلا أن القصة أثارت ضجة هائلة في وسائل الإعلام وساهمت في جدل حول ما إذا كان ينبغي الكشف عن تفاصيل وهوية المتهمين بتلك الجرائم في السويد.

ورداً على حادث يناير/كانون الثاني 2016 ضمن مقال افتتاحي لمجلة Mansklig Sakerhet السويدية، تذكر مارتينا ليندبيرغ، المحاضرة حول شؤون المرأة والسلام والأمن بجامعة الدفاع السويدية باستكهولم، أن هناك اختلالاً في التوازن بين الجنسين بين طالبي اللجوء بالسويد، حيث إن ثلثي اللاجئين من الذكور.

ومع ذلك، تشير مارتينا إلى أنه بينما يتعين على الحكومة السويدية أن تعترف باختلال التوازن وتتخذ تدابير ملائمة، ينبغي ألا تسمح للجرائم الجنسية الفردية بأن تكون "أساساً لنهج مبسّط يتبعه طالب اللجوء".

وكتبت: "أصبح العنف ضد المرأة مستمراً خلال السنوات الأخيرة. ويبدو أن الجدل اليوم يعتمد بصورة أكبر على مَنْ يقترف الجريمة".

ووفقاً للإحصائيات الرسمية المدرجة بدراسات الجرائم بالسويد، ظل معدل العنف الجنسي دون تغيير فيما بين 2005 و2014، بل إنه انخفض في الواقع بنسبة 0.3% فيما بين عامي 2013 و2014. ومع ذلك، تعاني البلاد من أكبر معدلات الاغتصاب بأوروبا، ويرجع السبب في ذلك إلى القانون السويدي، الذي يحظى من خلاله الاغتصاب بتعريف أوسع نطاقاً من البلدان الأخرى، بالإضافة إلى نزعة النساء بالسويد إلى إبلاغ الشرطة عن الجرائم التي يتعرضن لها.

ونقل تقرير "دايلي بيست" عن جيرزي سارنيكي، أستاذ علم الجريمة بجامعة استوكهولم، قوله: "الأمر أكثر تعقيداً مما تعرضه وسائل الإعلام".

وبحسب الدراسات التي أجريت حول الجريمة العامة، يتم تبرير معظم الفروق بالجرائم المسجلة بين المهاجرين والسويديين من خلال عوامل اجتماعية واقتصادية.

ولا يعني ذلك بالطبع أن هناك جريمة اعتداء جنسي أو أكثر اقترفها المهاجرون لم تحدث في الأساس.

وأضاف سارنيكي: "لا يقتصر رهاب الأجانب على السويد فحسب بالتأكيد. ففي الولايات المتحدة، احتل المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب العناوين الرئيسية للصحف حول العالم بعد أن وصف المهاجرين المكسيكيين باعتبارهم مغتصبين".

وذكر سارنيكي: "يعد اغتصاب النساء بمثابة أسوأ أنواع الاعتداءات"، مشيراً إلى إعدام العديد من الأفارقة الأميركيين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين جراء مزاعم باغتصاب نساء من البيض".

وأضاف "قد يقترف الشباب الوافدون من الشرق الأوسط والذين يواجهون سلوكيات أكثر انفتاحاً لدى المرأة السويدية بعض الأفعال الإجرامية من حين لآخر. ومع ذلك، هناك مبالغة في المناقشة نظرا للبعد السياسي للموضوع".

ففي السنوات الأخيرة، استقبلت السويد التي يقل تعداد سكانها عن 10 ملايين نسمة آلاف طالبي اللجوء الفارين من الحرب الأهلية الدموية في سوريا.

وقد تلقت السويد أكثر من 103 آلاف طلب لجوء عام 2015 وحده، أي ضعف عدد الطلبات المقدمة خلال حرب البلقان في التسعينيات. وتتصاعد المخاوف مع وفود اللاجئين بشأن ما إذا كانت البلاد تمتلك الموارد الاجتماعية الكافية لاستيعاب الوافدين الجدد. وذكر أندرز دانيلسون، مدير عام وكالة الهجرة السويدية، في بيان له على موقع الوكالة في وقت سابق من عام 2016: "كان خريفاً صعباً للغاية، حيث خضعت قدراتي للتعامل مع الأمور لاختبار قاسٍ". وبينما تناضل السويد من أجل دمج آلاف الوافدين الجدد بالمجتمع، شهدت البلاد تصاعداً في تأييد الحزب الديمقراطي السويدي اليميني الذي يطالب القادة بمنع دخول اللاجئين. ونقلت صحيفة "الغادريان" البريطانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 في أعقاب اعتداءات باريس الإرهابية عن ماركوس ويشل، المتحدث الرسمي باسم الحزب لشؤون الهجرة والمواطنة، قوله: "تعد الرقابة على منافذ الحدود خطوة في الاتجاه الصحيح، لكننا نريد رؤية الحدود مغلقة تماماً".

وانتشرت مشاعر كراهية المهاجرين بالبلاد، وبالمثل تزايد معدل الجرائم التي تستهدف اللاجئين. وتم إشعال النيران بعشرات مراكز إيواء اللاجئين خلال الشهور الماضية؛ وفي أواخر يناير/كانون الثاني 2016، توجّه نحو 100 متظاهر مقنع إلى وسط مدينة استوكهولم وقاموا بتوزيع منشورات تنص على عبارة "يكفي الآن"، مهددين بعقاب "أطفال الشوارع من شمال إفريقيا الذين يجوبون الشوارع ويتسكعون بها".

وأخبر مايكل وليامز، العضو المؤسس نائب رئيس FARR، وهي شبكة جماعات دعم اللاجئين غير الهادفة للربح، "دايلي بيست" بأن تزايد دعم الحزب المهمش وموقفه العدائي بشأن الهجرة يعد بمثابة أحد العوامل وراء سرعة الاستنتاجات التي توصلت إليها الشرطة والصحافة في أعقاب الاعتداء على المهرجانات الموسيقية.

وذكر وليامز، مشيراً إلى الديمقراطيين السويديين: "أعتقد أن عدداً من الناس قد تأثر جراء الاندفاع على مدار السنوات الثلاث أو الأربع الماضية نحو تأييد الحزب المناهض للهجرة. ويمكن أن تؤثر تحيزات الأشخاص أحياناً على أسلوبهم في الحكم على الأمور".

وأثارت أنباء الاعتداءات على المهرجانات الغضب في السويد، وذكرت فرقة الروك البريطانية مامفورد آند سانز، التي قدمت عرضاً في برافالا، على صفحتها على فيسبوك أنها قررت مقاطعة الاحتفالية.

وقالت الجماعة: "لن نقدم عرضاً بهذا المهرجان ثانية حتى تطمئننا الشرطة والمنظمون بأنهم يفعلون ما ينبغي لمواجهة ارتفاع معدلات العنف الجنسي".

وفي غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين يوم الثلاثاء 12 يوليو/تموز أن الحكومة ستراجع قوانين الاعتداء الجنسي بالدولة وتنظر في أمر تشديدها.

وذكر سارنيكي أن الاعتداء الجنسي في الأغلب جريمة فرصة، وأشار هو ووليامز إلى مهرجان الموسيقى ذاته المزدحم بالجمهور، حيث يستطيع مقترف مثل تلك الجرائم أن يعمل دون أدنى مخاطرة.

وبالفعل، لم يتمكن بعض الضحايا من تحديد المعتدين، ومن السهل أيضاً على المعتدي أن يتحرش بضحيته ثم يختفي وسط الزحام.

وذكر وليامز: "هناك نقاش معقّد حول تكرار الاعتداءات الجنسية في الأماكن العامة. سمعت نساء في منتصف العمر يذكرن أن مثل تلك الحوادث كانت تقع حينما كن في سن المراهقة، ولكن لم يكن الناس يفصحون عنها علناً".

ونقلت صحيفة "دايلي بيست" عن سوزانا أودفاردي، مديرة ملجأ سكاني للنساء في الشمال الشرقي وتترأس جماعة متطوعين تساعد اللاجئين على الاندماج داخل المجتمع السويدي، قولها إنه ينبغي توعية الرجال باحترام المرأة منذ الصغر، بغض النظر عن الخلفية الثقافية.

وأشارت أيضاً إلى أن التأكيد على أن اللاجئ مغتصب في بعض الصحف يحيط قضية العنف الجنسي الأوسع نطاقاً بالغموض، حيث يتم نسيان الضحايا والتقليل من أهمية الاعتداءات الجنسية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل