المحتوى الرئيسى

د. عبدالله إبراهيم يكتب: النظام الجديد للثانوية العامة بين تصدير المشكلة للجامعات والانتقام من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة - الفيومية

07/12 16:19

الرئيسيه » رأي » د. عبدالله إبراهيم يكتب: النظام الجديد للثانوية العامة بين تصدير المشكلة للجامعات والانتقام من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة

بعد انتهاء طلاب الثانوية العامة هذا العام من الاختبارات، وبعد الأحداث الكثيرة التي حدثت طوال فترة الامتحانات، من تسريب أوراق الامتحانات عبر مواقع الغش الإلكتروني، وما شهده الطلاب من تأجيل الامتحانات بسبب هذا التسريب، انتشرت الأخبار وتداولت المعلومات عن الاتجاه لتغيير مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد، والاعتماد علي نظام القدرات.

وهو حوار يتم فتحه كل عام، وليس بجديد، فكل عام يخرج من يروج لفكرة ضرورة إلغاء مكتب تنسيق الثانوية العامة الذى يصفوه بـ الظالم ظنا منهم أنه السبب فى ضياع حقوق الطلاب، وهو الأمر الخاطئ من الأساس، وكان على المطالبين بإلغائه أن يطالبوا بإعدام المناهج الدراسية الهشة وحذف ما بها من حشو، فالطلاب ما زالوا يدرسون مربع أرسطو فى كتاب الفلسفة، ويدرسون ويندوز 98  فى كتاب الحاسب الآلي، وما زالت التربية الدينية خارج المجموع الكلي في كل سنوات الدراسة – ليس الثانوية فقط –  ثم بعد ذلك ننتظر خروج جيل يحفظ الحقوق، ويخاف مخالفة ضميره، وينبذ العنف والتطرف. فكانت المحصلة النهائية لكل هذه الأمور وغيرها، أن أصبحنا في تقرير التنافسية الدولية فى المرتبة 139 من بين 140 دولة. وهنا نسأل المسئولين عن التربية والتعليم: هل تغيير نظام القبول بالجامعات ليعتمد على القدرات هو حلكم لأزمة التعليم في مصر؟! أم أنه تغطية للفشل في إجراء امتحانات نزيهة وعادلة للطلاب في المرحلة الثانوية وتصدير المشكلة للجامعات؟!، أم أنه انتقاما من أبناء الطبقة المتوسطة والدنيا الذين ثاروا على الظلم والفساد والاستبداد؟!، وللإجابة عن هذا التساؤل نذكر مجموعة من الحقائق أهمها ما يلي:

الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم في عهد مبارك، دعا إلى تطبيق إلغاء نظام التنسيق الحالي، واستبداله بنظام اختبار القدرات والمقابلات الشخصية، تكرر تسريب الامتحانات في المرحلة الثانوية خلال الأعوام السابقة، لكن هذا العام حدث بشكل ممنهج وفج للغاية. تأكيد الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم، أن هناك عناصر إخوانية داخل الوزارة، هي التي سهلت تسريب الامتحانات، ثم لم نسمع عن حجم هذه العناصر ولماذا تم الإبقاء عليهم داخل الوزارة؟، بل وإعطائهم سلطات إشرافية على مهام تتعلق بالأمن القومي للدولة، وهى امتحانات الثانوية العامة.

 على الرغم من أنه قد تم القبض على بعض الأشخاص الذين يديرون صفحات لتسريب امتحانات الثانوية العامة، إلا إنه لم يكشف حتى الآن عن العناصر الممولة لهذه الصفحات وتقف وراءها .

 وأخيرا يتم السماح لبعض طلاب الثانوية العامة بالتحويل إلى مدارس وأماكن معينة قبل بدء امتحانات الثانوية العامة.  الحقائق السابقة وغيرها من الأحداث التي شهدتها امتحانات الثانوية العامة هذا العام تؤكد لنا حقيقة مؤداها أن: الأمر لا يتعلق بتسريب امتحانات الثانوية العامة، وإنما الأمر يتعلق بوجود غريزة قوية أولا: لدى بعض المسئولين وأصحاب المصالح وكبار رجال الأعمال في الثأر من شباب الطبقة الفقيرة والمتوسطة لأنهم قاموا بثورة 25 يناير وهددوا مصالحهم، وثانيا لدى أنصار جماعة الأخوان المنتشرين داخل مختلف مؤسسات الدولة للانتقام من هؤلاء الشباب لأنهم قاموا بثورة 30 يونية وهددوا مطامعهم في السيطرة على مقدرات الدولة وإخضاعها لمصالحهم الشخصية، والهدف النهائي من وراء ذلك هو إلغاء مكتب التنسيق– الذي يمثل مظهر العدالة الوحيد المتبقي في العملية التعليمية – لأنه يوزع الطلاب على أساس درجاتهم وهو معصوب العينين دون النظر إلى الطبقة أو الدين… إلخ ، واستبداله باختبارات قدرات، لن يكون سوى نموذجًا للفساد والمحسوبية التي تدمر حق أبناء الفقراء ومحدودي الدخل في الفرص العادلة في التعليم، ونحن هنا لا نقلل من أهمية اختبارات القدرات في حد ذاتها ودورها فى الكشف عن استعدادات الطلاب للالتحاق بكليات ومجالات معينة، وإنما ما يتم الإعلان عنه كل يوم وما نسمعه من تصريحات على لسان بعض القيادات التعليمية عن نظام هذه الاختبارات لا يتفق مع ما يطبق في دول العالم المتقدمة، حيث تعتمد تلك الدول على اختيار طالب المرحلة الثانوية لاهتماماته الدراسية المتمثلة في الكلية التي يريد الالتحاق بها، وبناءً على اختياره، تحدد له مواد دراسية إضافية متعلقة بالتخصص الذي اختاره ليقوم بدراستها في مرحلة الثانوية العامة، وبناءً على درجات الطالب في تلك المواد تحدد الكلية قبوله أو رفضه، وفي حالة قبوله، يخضع لاختبارات قدرات كتأكيد لقدرته على النجاح في الكلية. فنظام القدرات يعتمد على تميز الطالب في مجال بعينه، وتكون فكرة القبول أو الرفض مرتبطة بالكلية، والمقاييس التي يفرضها هذا النوع من أنظمة القدرات يحتاج إلى بيئة تنتشر بها الأخلاق والمصداقية، لتلاشى الوساطة والمحسوبية في التحاق الطلاب بالجامعات المختلفة.

    خلاصة الدعوة إلى تغيير نظام القبول بالجامعات وإلغاء نظام التنسيق الحالي حق يراد به باطل، وهدف اجتمع على تحقيقه قوى الأضداد، والمتمثلة في فئة تريد السيطرة على كل شيء في المجتمع، وجماعة تريد إفشال النظام وهدم الدولة لأنها لا تحكم. لذا أرجو أن ينتبه الجميع إلى حقيقة أن مكتب التنسيق هو آخر ما تبقى من عدالة اجتماعية لأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل