المحتوى الرئيسى

خبراء عن صراع جنوب السودان: مصيبة مائية لمصر

07/12 11:14

بعد نحو 5 سنوات من انفصالها عن الشمال تعيش دولة جنوب السودان حالة صراع سياسي محموم على السلطة والثروة تغذيها عوامل التفرقة الإثنية والقبلية ما ينبئ بإمكانية انزلاق البلاد إلى الفوضى وهو ما يشكل خطورة على بعض مصالح واستثمارات جيرانها لاسيما مصر وخاصة مياه النيل.

وتشهد جنوب السودان موجات متكررة من العنف والأزمات السياسية، منذ إعلان الاستقلال عام 2011، ولم يفلح اتفاق السلام الموقع عام 2015 في إنهاء النزاع، وإنشاء حكومة وحدة وطنية.

وأسفرت أعمال العنف عن مقتل عشرات الآلاف، وهجرة نحو 3 ملايين شخص من ديارهم، بينما تركت 5 ملايين آخرين يعيشون على الإعانات الإنسانية.

وبلغ الصراع القائم الآن في دولة جنوب السودان بين الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت، ونائبه ريك مشار، ذروته مما أثر على الوضع الجنوبي الداخلي وزاده تدهورا نتيجة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد.

وطفا الصراع الخفي في دولة جنوب السودان حينما أقال سلفاكير نائبه مشار بدعوى التخطيط لانقلاب عسكري ضده، وهو ما أثار حفيظة هذا الأخير وقبيلته "النوير"، ثاني أكبر القبائل في جنوب السودان، والتي تحتفظ بمنصب نائب الرئيس حسب التوزيع القبلي للمناصب، بينما يكون رئيس البلاد من قبيلة   "الدينكا" وهي أكبر قبائل البلاد، وجراء ذلك الصراع أعلن مشار نفسه بديلا عن سلفاكير.

 أدى هذا القتال المشتد يوما بعد يوم في الجنوب إلى رحيل بعض المستثمرين لاسيما البعثات الدولية الخاصة بشركات البترول العاملة في حقول الجنوب، وهو الأمر الذي أصاب جوبا بالشلل التام نتيجة النقص الحاد في إنتاج المواد البترولية، حتى عرضت حكومة البشير إرسال فنيين لتشغيل الحقول التي توقفت عن الإنتاج بسبب انسحاب الأجانب، وذلك لسد عجز المشتقات النفطية في الجنوب.

وتزامن النزاع السياسي وتصاعد أعمال العنف مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في جنوب السودان، إذ انهارت قيمة العملة الوطنية، متسببة في تضخم متزايد، لم تعد الحكومة قادرة على التحكم فيه.

وتدهورت الصناعة النفطية، التي هي أساس اقتصاد البلاد، وانعكس تأثيرها على المدن والقرى التي أصبحت غير قادرة على الحياة.

بدورها قالت أسماء الحسيني ، الباحثة المتخصصة في الشئون السودانية إن الصراع الدائر الآن في جوبا هو صراع قبلي بالدرجة الأولى بين بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي إليها سلفاكير والنوير التي ينتمي إليها مشار، ومن الممكن أن تتحول لحرب أهلية تأكل الأخضر واليابس من الدولة التي لم تكتمل بنيانها حتى اليوم.

وأضافت في تصريحات لـ"مصر العربية" أن جنوب السودان هو عمق استراتيجيى لمصر ودولة مهمة بالنسبة للقاهرة خاصة أن الأخيرة تعول علي جوبا كثيرا لزيادة مياه النيل والتي تسبب بناء أثيوبيا لسد النهضة أزمة كبيرة لمصر في الفترة المقبلة.

وأوضحت أن مصر تأمل في إحياء مشروع قناة "جونجلى" والذي تم وأده في السبعينات، وأي حديث عن إعادة الحديث عن هذا المشروع لن يكون إلا في ظل وجود هدوء سياسي وإنهاء لهذا الصراع الذي قطعا سيضر بالمصالح المصرية هناك.

وأشارت إلى أن ما يحدث في جنوب السودان سيؤثر على مصر من أكثر من جهة وأهمها مياه النيل، كما أن موقع جنوب السودان يربط مصر بالدول العربية في شمال وجنوب أفريقيا، وتوقعت أن يكون لمصر دور في العمل على استقرار جوبا.

وتابعت: إن لم يكن هناك دور لجميع الدول المجاورة لجنوب السودان في المساعدة لإجراء حوار وطني شامل بين أبناء الجنوب سيترب على ذلك تقسيم بلد مقسم أساسا، أو على الأقل الأقل وضعه تحت الوصاية الدولية وهذا كان مقترح طرحه المجتمع الدولي في حال استمرار الصراع.

وأكدت أن في حال إفشال دولة جنوب السودان ستطال الخسائر دول الجوار لأن التقسيم يتمدد، بالإضافة إلى ذلك ستزيد أعداد اللاجئين الذي سيتوجهون إلى جيرانهم وطبعا من ضمنهم مصر، لافتة أن الأوضاع الاقتصادية بالدول العربية لم تعتد تستوعب تخصيص ميزانيات للاجئين.

واعتبر الدكتور ضياء الدين القوصى خبير المياه والرى ومستشار وزير الرى سابقا، أن ما يحدث في جنوب السودان مصيبة كبيرة بالنسبة لمصر، لافتا إلى أن مصر قدمت معونات للجنوب على شكل استثمارات وغيرها من أجل المساعدة في إيجاد حل لمشكلة مياه النيل لكنهم أضاعوا هذه المعونات بسبب الصراع.

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن معظم الاستثمارات المصرية في جنوب السودان كانت في مجال الري والمياه حيث كانت الوزارة ستنفذ مشروعات بمنحة مصرية قدرها 26 مليون دولار،  من ضمنها استغلال بحر غزال الي يعتبر أهم مصارد نهر النيل التي تهدر بالجنوب.

وأوضح أن من ضمن تلك الاستثمارات إنشاء معمل مركزى لتحليل نوعية المياه بجوبا، وتطهير مجارى مياه بحر غزال، وإنشاء  سد واو المتعدد الأغراض، حيث كان قد تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بالسد، وكل هذه الاسثتمارات كانت ستعوض مصر إلى حد كبير عن ما فقدته من مياه النيل بسبب السد الاثيوبي.

فيما اعتبر الخبير الاسترايتيجي اللواء جمال مظلوم الخبير الأمني، إن ما يحدث في جنوب السودان تهديد مباشر للأمن القومي المصري، خاصة أن جوبا أحد منابع النيل المهمه بالنسبة لمصر.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل