المحتوى الرئيسى

بانكسي.. الفنان الغامض الذي ألهم فناني الشوارع حول العالم - ساسة بوست

07/11 20:21

منذ 12 دقيقة، 11 يوليو,2016

في الليل، وفي أماكن لا يتوقعها جمهوره يرسم فنان الجرافيتي «بانكسي» لوحاته على جدران الشوارع، متخذًا من أحد معالمها مرتكزًا لرسومه التي تلفت نظر الجمهور؛ لما تحمله من رسائل مختلفةً حول الفنّ والفلسفةِ والسياسة، وما تثيره من قضايا، إذ تخوض موضوعاتها في الحرب، والرأسمالية والنظام العالمي، وممارسات رجال الشرطة، وغيرها.

بدأ بانكسي بالرسمِ اليدويِّ، ومع تزايد البحث عنه تحوّلَ للرسمِ بالإستنسل «ملء لوحات مفرغة مسبقًا، بالألوان» وهو ما يساعده على إنجاز أعماله بسرعة ودقة دون الكشف عن هويته، وهو يرسم على المجسّماتِ أيضًا، ولعلَّ أشهرَ رسومه لوحته من النمط الفيكتوري التي رسمها على فيلٍ حيّ، كما استخدم لوحات أصلية كمادة لأعماله، وأدخل عليها تغييرات.

انتشار أعماله نجح في تغيير وجهة النظر عن رسوم الشارع، من مجرد كونها أعمال تخريبية إلى تثمينها كقطع فنية مبهرة، وأصبح بانكسي ملهمًا للكثير من فناني الشوارع حول العالم، الذين تحمل أعمالهم رسائل سياسية وثورية، نسمع عن بانكسي مصر، وبانكسي بيروت، وبانكسي إيران، وإطلاق اسمه عليهم شيء يسعد أغلب الفنانين، فمن هو بانكسي الحقيقي؟

يحرص بانكسي على عدم الكشف عن هويته، فما يريده في الحقيقة أن يكون بطل المشهد الوحيد هو العمل الفني، وما يحمله من قضايا، وأن يكون هذا العمل متاحًا في الشارع أمام كل الناس، لا أن تحدّه صالات العرض ومزادات البيع.

وقد أنتج فيلمًا وثائقيًّا في عام 2010 بعنوان «الخروج من متجر الهدايا»، تناول فيه العلاقة بين الفنِّ التجاري وفن الشوارع، وعُرض الفيلم في مهرجان صندانس السينمائي للأفلام، وترشّح لجائزة أكاديمي.

شهدت مختلف بقاع العالم أعمالًا من إبداع بانكسي، حيث زار دولًا كثيرة منها أستراليا، والولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك؛ حيث كانت بدايته برسم على الجدران شارك فيه مع مجموعة من أصدقائه. في عام 2002 رسم لوحة غرافيتي تصور ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية على هيئة شمبانزي، وطالب بعمل احتفال حولها، وقد أثارت وقتها إعجاب الكثيرين فقاموا بنقلها، وواجههم مؤيدو الملكية رافضين تشويه الملكة.

يُعرف بانكسي بمفاجآته أيضًا، فقرب إحدى جدارياته في نيويورك ترك رقم هاتف ترك عليه رسالة مسجلة للراغبين في معرفة ما تعنيه اللوحة، وإن كان من غير المؤكد أن يكون بانكسي نفسه وليس شخصًا آخر كان وراء هذا الأمر. كما أصدر بانكسي كتابًا يتضمن أعماله بعنوان «اضرب رأسك بالجدار» بيعت منه حوالي 22 ألف نسخة.

تُنتزع بعض أعمال بانكسي من مكانها وتُباع في المعارض بأسعار تبلغ آلاف الجنيهات، غالبًا ما يعلن بانكسي عبر موقعه عن أنه لا علاقة له بالمعرض، لكن نجاح أعماله وانتشارها الواسع لا يسمح بتتبع كل المعارض التي تقام باسمه.

 قال وكيله السابق عن أحد المعارض:

أعتقد أن هذا ربما يكون آخر ما يود بانكسي رؤيته يحدث في العالم.

وفي عام 2007، كتب بانكسي على موقعه تعليقًا على بيع إحدى جدارياته التي رسم فيها أشخاصًا يدحرجون قنابل بدلًا من كرات البولينج ، بآلاف الجنيهات: «لا أصدق أيها الحمقى أنكم اشتريتم هذه القذارة».

لا يعرف أحد من هو بانكسي، وكل ما يُعرف عن هويته أنه فنان بريطاني من مواليد بريستول عام 1974. وقد انتشرت أعماله ولمع نجمه  في أواخر التسعينيات. غموض بانكسي بهذه الطريقة لغز حقيقي، فكيف لفنان أن يبتعد عن الأضواء لهذه الدرجة، تاركًا شهرة أعماله العالمية بلا صاحب، وكيف له أن يترك رسوماته تُباع بملايين الجنيهات، يحصدها غيره، لقد فاز بانكسي عام 2007 بجائزة أعظم فنان يعيش في بريطانيا، ولم يحضر لتسلم الجائزة كما توقع الجميع.

تبادر إلى أذهان البعض نظرًا لتنقلاته السريعة من بلد لآخر وتواجده في أزمات عالمية مختلفة أن بانكسي ليس شخصًا واحدًا، لكن الوحدة التي تجمع هذه الأعمال تنفي هذا الاحتمال، وتؤكد أن يدًا واحدةً هي التي رسمت هذه الجداريات المدهشة.

الفضول دفع محبي أعمال بانكسي لمحاولة التعرف إليه، والاسمانِ اللذان يرجح الباحثون عنه أنه أحدهما هما روبرت بانكس أو روبن غونينغام، وهو الذي يجمع أغلب الناس على كونه بانكسي، وهو فنانٌ وُلد في بريستول أيضًا عام 1973، وانتقل إلى لندن في عام 2000 مع بداية انتشار أعمال بانكسي هناك. ويقترن اسم غونينغام باسم بانكسي في الغالب إذا ما حاولت البحث عنه من خلال جوجل.

عُرفت أعمال بانكسي في العالم العربي أيضًا، فأعماله تُظهر موقفه من الصراع العربي- الإسرائيلي. وقد رسم في أحد أعياد الميلاد السيدة مريم ويوسف النجار وهما يواجهان جدار الفصل في طريقهما إلى بيت لحم. وقبل أحد عشر عامًا زار المنطقة، ورسم على الجدار العازل رسومًا عديدة لها نفس ذات المغزى.

وكان على رأس ما قام به هو زيارته إلى غزة عقب الحرب الأخيرة عام 2014، حيث أصر على الوصول إلى هناك عبر الأنفاق، ورسم أعماله المبهجة على جدران وأبواب البيوت المهدمة، وكان بينها قطة جميلة تلهو بكرة من معدن -من ركام حقيقي لأحد البيوت- لعدم وجود شيء آخر تلعب به في هذه المدينة، وأخبر بانكسي صاحب البيت المهدم -الذي أحاط الرسم بالأخشاب حفاظًا عليه- أن القطة ترمز للحق في  الحياة.

كما نشر فيلمًا قصيرًا يلفت به أنظار العالم إلى غزة، أشار فيه لأن عملية الجرف الصامد دمرت 18 ألف منزل، ساخرًا من عدم السماح بدخول الأسمنت لغزة بعد الحرب.

إن غسلنا أيدينا من الصراع بين الأقوى والأضعف، فإننا نقف إلى جانب الأقوى لذا لن نكون محايدين. *بانسكي

قضية اللاجئين كانت أحد موضوعات بانكسي أيضًا، فقد رسم بمناسبة الذكرى الثالثة للنزاع السوري إحدى أشهر لوحاته الفنية لفتاة ببالون أحمر.

وعلى الجدران المقابلة لمبنى السفارة الفرنسية في لندن رسم جدارية انتقد خلالها تعامل السلطات الفرنسية مع اللاجئين في مخيم كاليه بشمال فرنسا، رسم كوزيت فتاة مسرحية البؤساء وهي تبكي من أثر قنبلة غاز مسيلة للدموع.

ورسم بانكسي في مخيم كاليه نفسه في فرنسا، صورة ستيف جوبز باعتباره كان ابن مهاجر سوري في الأصل، وهو الرسم الذي تبنّى أحد الأثرياء في تركيا توصيله للعالم من خلال معارض في مدن مختلفة؛ أملًا في تغيير النظرة إلى المهاجرين.

كان لبانكسي مشاركة أخرى للأحداث في سوريا من خلال فيديو نشر على موقع يوتيوب، مأخوذ عن مقطع لمقاتلين إسلاميين وهم يحاولون إسقاط ما يبدو وكأنه طائرة، وتظهر تكبيراتهم وتهليلاتهم خلال الفيديو، ويبدو للمشاهد نجاحهم في تحقيق الهدف، لنكتشف أن من سقط على الأرض كان الفيل دمبو إحدى شخصيات ديزني الشهيرة، وترك بانكسي تفسير المغزى للمشاهد.

محاولة أخرى لمعرفة الفنان المجهول

مؤخرًا وفي إطار محاولة مختلفة للتعرف إليه، قامت مجموعة من الخبراء الأكاديميين بجامعة «الملكة ماري» في بريطانيا بتوظيف علوم الرياضيات والجريمة والتنميط الجيوغرافي، فيما يسمى بتقنية «التنميط الجغرافي» وهي عبارة عن تحليل إحصائي معقد يحصر الأماكن الجغرافية التي يتواجد فيه المشتبه بهم، وقد قام المحققون بدراسة تتبعوا خلالها 140 عملًا لبانكسي في مواقع مختلفة في لندن وبرستل، وفحصوا نقاطًا مفتاحية موجودة حولها، والقاسم المشترك بينها، وقاموا بالتشبيك بين مواقع هذه الأعمال، وبين معلومات يعرفها الجمهور، وتوصلوا أخيرًا لقائمة تضم عشرة أسماء محتملين. تضم أيضًا روبن غونينغام، وبالتوصل لهذه القائمة قرر الباحثون التوقف.

لكن أحد المشاركين في هذا البحث قال: «ستكون مفاجأة لي إذا لم يكن بانكسي هو غونينغام، فهذا هو الاحتمال الذي يرجحه الكل، حتى دون تحقيقنا معظم الناس يظنون أنه هو، وبحثنا دعم هذا الاحتمال».

ظهور بانكسي الأخير كان في مدرسة في بريستول ببريطانيا، حيث فوجئ طلابها الصغار -الذي اختاروا وضع اسم بانكسي على أحد مباني المدرسة- بهذا الرسم على الجدران مع رسالة من بانكسي وجه لهم فيها الشكر على اختيار اسمه:

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل