المحتوى الرئيسى

في الذكرى الأولى لرحيله.. 12 حكاية من أرشيف «عمر الشريف»

07/11 19:56

- السادات سأله: إيه رأيك لو رحت إسرائيل وتصالحت معهم؟ فأجابه: ماليش دعوة يا باشا.. و«بيجن» أكد له: سنستقبل الرئيس المصري كالمسيح في الكنيست

- السادات دعاه لحضور فرح ابنه تليفونيا وقال له "لو مجتش هاخاصمك".. ورفض تقديم فيلم عن حرب أكتوبر حتى لا يخسر صداقاته

- يرى أن الفقراء كانوا يملكون طعامهم في عهد الملك فاروق.. وأن عبد الناصر دخل حرب 67 للدفاع عن فلسطين فأضاعها بالكامل

- خسر صداقة رشدي أباظة لهجومه على راقصة يحبها.. وأحمد رمزي أصيب بصدمة عندما اختار عدم العودة لمصر في الستينات

- خوفه من الوحدة دفعه للإقامة في فنادق آخر 20 سنه في حياته.. ورفض فكرة استخدام التليفون المحمول حتى وفاته

- كان يحب الاستماع لحكايات البسطاء.. والتاكسي القديم وسيلته المفضلة في الانتقال

- يعتبر الممثل مجرد «بلياتشو» لا يتأثر العالم بغيابه.. ورفض الاعتراف بتجارب غيره من المصريين في السينما العالمية

كان الفنان العالمي عمر الشريف قليلا ما يخرج عن صمته، وعندما يكسر تلك القاعدة ويتحدث لوسائل الإعلام، عادة ما يتبع تصريحاته جدلا واسعا يحتاج إلى أسابيع أو أشهر قبل أن يهدأ.. فكلمات الفنان الكبير كانت تخرج ككرات اللهب المشتعلة، لا يعنيه أن يغضب منها "فلان" أو يقاطعه بسببها "فلان آخر".. فالحقيقة عنده أهم من كل التفاصيل.

بمناسبة الذكرى الأولى لوفاته تنشر "الشروق" 12 حكاية، كما جائت على لسان الفنان الراحل عمر الشريف، في حوار أجرته معه الجريدة عام 2011.

لم أفكر في العودة إلى مصر طوال حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وكان قرار العودة بعد أن أتصل بي الرئيس الراحل أنور السادات وكنت في هذا الوقت بفرنسا.

ورغم أنى لم يكن لي بالسادات سابق معرفة ولم ألتق به على الإطلاق، إلا أنه قال لي بطريقته المعروفة "يا عمر.. ابنى هيتجوز بعد أسبوع، ولو ما جتش هاخصمك". واستطرد الشريف كلامه ضاحكا: قال لي في التليفون إنه سيخاصمني، فقلت له سوف أحضر، وبالفعل وصلت مصر في اليوم الذى تزوج فيه ابن الرئيس السادات، والحقيقة كان يحبني كثيرا، ولأنني كنت أريد الحفاظ على صداقتي به رفضت طلبه بتقديم فيلم عن حرب أكتوبر، لأنني لم أكن أضمن نجاح هذا العمل.

ذات يوم فوجئت بأن الرئيس السادات يتصل بي في مقر اقامتي بباريس، وقال لي "يا عمر أنا عندي فكرة عايز أخد رأيك فيها.. إيه رأيك لو رحت إسرائيل وتصالحت معاهم؟".. فقلت له "مليش دعوة يا باشا أنت حر"، فقال، "بس أنا خائف ألا يستقبلوني بشكل جيد.. بص بقى أنت بتشتغل مع يهود كتير في هوليوود وفرنسا اسأل كده وشوف لو رحت هيستقبلونى كويس.. ولا إيه؟".

فذهبت إلى سفارة إسرائيل بباريس وطلبت مقابلة السفير، واتصلت بـ"مناحم بيجين"، رئيس وزراء إسرائيل في هذا الوقت، فأكد لي أنه سيستقبل السادات كالمسيح.. والمسيح في اليهودية غير المسيح عند الأرثوذكس في الديانة المسيحية.

الأزمة التي وقعت فيها أن بعد انتهائي من الكلام مع بيجين، لم يكن لدىّ أي وسيلة اتصال بالرئيس السادات لأقول له رد إسرائيل، فكانت المفاجأة أن السفير الإسرائيلي هو من أعطاني الرقم بنفسه.

فاتصلت بالسادات وقلت له، "بيجين قال لي سيستقبلونك كالمسيح" بعد هذه المكالمة بأسبوع واحد كان السادات في إسرائيل وألقى خطابة الشهير في الكنيست، ومنذ هذا التاريخ أصبحنا أصدقاء.

كنا نعيش حياة مرفهة في القاهرة الملكية، عدد المصريين وقتها لم يكن يتجاوز الـ 20 مليون نسمة، وكانت الفلوس كثيرة، وكان عندنا زراعة نصدر محاصيلها لكل دول العالم، أما الآن فنحن نستورد كل أنواع الخضراوات والفواكه والمحاصيل بما في ذلك الفول المدمس.

والسبب أن جمال عبدالناصر قسم ثروات الباشاوات على الشعب، وأعطى لكل مواطن 5 أفدنة، فتبدل الحال، لأنه بعد أن كان يملك الباشا الواحد آلاف الأفدنة يستطيع من خلالها وضع خطه لإنتاج محصول معين يصدره للخارج، أصبح لكل مواطن 5 أفدنة، وأصبح كل الهدف من الزراعة أن يأكل المواطن نتاج أرضه.

في أيام الملك فاروق كان الفلاحون والفقراء يملكون طعامهم لأنهم كانوا مسئولية الباشاوات، بغض النظر عما إذا كانوا يحصلون على أجر مقابل عملهم أم لا.. أما الآن فالفقراء لا يعرف أحد عنهم شيئا.

وأتصور أن عدم دخول مصر في حروب حقيقية في عهد الملك كان سببا رئيسيا في هدوء الشعب ورقيه، أما بعد أن تحولت مصر إلى النظام الجمهوري ودخل عبدالناصر في حروب تراجعت مصر.

- عبد الناصر وعار النكسة

رغم أن الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب كان صغير جدا، والجيش العربي وصل عدد جنوده إلى 600 ألف جندي، فإن إسرائيل تفوقت على الجيش العربي، الذى يقوده عبد الناصر في 6 أيام.

وعبدالناصر دخل حرب 1967 للدفاع عن فلسطين، لكنه بدلا من أن يساعدها أضرها وتسبب في دمارها، وأن تحتلها إسرائيل كاملة.

وشعرت بالأسى لهزيمتنا في هذه الحرب، وكنت حينها في أمريكا أصور الفيلم الكوميدي "فتاة مرحة" مع باربرا ستريساند، وأجسد شخصية رجل يهودي.

وتعرضت لفضيحة كبيرة جدا أثناء التصوير، خاصة بعد الكشف عن صور الجنود المصريين والعرب، الذين هربوا وتركوا أحذيتهم في الصحراء.

وأتذكر ما تعرضت له من سخرية بعد الهزيمة جيدا، حيث جعلني جميع زملائي "مسخة" يضحكون على طول الوقت، وكنت أبكى حينها ليس فقط لهزيمة بلدي، ولكن لأنى أعلم أن هؤلاء الجنود هربوا لأنهم غير متعلمين، ولم يكن أحد منهم يعلم أنه يحارب عدو اسمه إسرائيل.

رشدي ظل صديقي فترة طويلة، ولم أكرهه كما يردد البعض، وكنا دائما نلعب بلياردو.. وسبب الخصام والقطيعة بيننا، أنى ذات مرة انتقدت تقديمه فيلما مع الراقصة، لم يكن يلعب فيه دور البطولة، وكان رشدي في هذا الوقت يشارك في أدوار ثانوية، فقلت له: كيف توافق على المشاركة في فيلم بدور صغير مع راقصة وكان خطأي عندما قلت له «ما حدش هيدخل يشوف الفيلم الزبالة ده»، في هذه اللحظة ثار جدا وغضب ولم يتكلم معي بعدها حتى وفاته. وأنا حزنت جدا لأنه لم يكن يصح أن أقول له ما قلت، ولكنني كنت على استعداد أن أتصالح معه ونعود صديقين، إلا أنه رفض التصالح معي حتى يوم وفاته.

أنا ورمزي صديقان منذ الطفولة، وكنا نخرج ونسهر ونعمل معا، ولا نترك بعضنا البعض إطلاقا، لذلك أصيب بصدمة كبيرة عندما قررت السفر إلى أمريكا لأشق طريقي نحو العالمية، وادعى أن الفراغ الذى تركه سفري في حياته هو ما جعله صديقا مقربا لرشدي أباظة. ورغم أنى افتقدته أيضا خلال رحلتي التي استمرت ما يقرب من 15 عاما فإنني لم أكن أستطيع العودة إلى مصر، لأن جمال عبدالناصر كان يشدد على تأشيرات السفر قبل الخروج من مصر، فقررت ألا أعود في عهد عبدالناصر حتى أستطيع تنفيذ مشاريعي في الخارج خاصة أنى في هذا الوقت كنت قد وقعت على عقود أفلام كثيرة لمدة 7 سنوات متتالية بعد نجاحي الكبير في "لورانس العرب".

أنا وزاهى صديقان منذ فترة طويلة، وسافرنا أكثر من مره لأمريكا وأوربا، كان يلقى محاضرات عن الآثار المصرية، وكنت أستمع إليه مع الحضور، وأكون سعيدا جدا لأن هناك رجلا مصريا يجبر الأجانب على الاستماع إليه، وهم مستمتعون.

وأتذكر أننا ذات مرة ذهبنا إلى هوليوود، ورغم أنى معروف جدا هناك فإن الجمهور لم يكن يسأل أو ينظر إلىّ إطلاقا، وكان فقط يهتم بما يقوله حواس، والحقيقة أن طريقته في الكلام مميزة جدا، وتجذب الجميع.

والآثار هي تاريخ مصر، وأقدم ثقافة عرفها العالم، ولم تأت حتى اليوم ثقافة مثلها، وطبعا الشعب المصري، الذى صنع هذه الحضارة مختلف عن المصريين اليوم.

لم أحزن لأني لم أحصل علي جائزة الاوسكار رغم ترشحي لها عن دوري فيلم "لورانس العرب"، فلجنة تحكيم الجائزة تختار ممثل واحدا من أفضل 5 على مستوى العالم، وكان هذا الترشيح عن أول فيلم لي في السينما العالمية، الذي جسدت فيه شخصية عربي يركب الجمال، فبررت لجنة الأوسكار عدم منحي الجائزة لاعتقادهم أن ركوب الجمال سهل بالنسبة للعرب، وأن هذه شغلتي في مصر، رغم أنى لم أركب جملا في حياتي قبل هذا الفيلم.

والحقيقة أنني، كنت محظوظا عندما استعانوا بي ممثلا في فيلم "لورانس العرب"، ولكن لم يكن حظا أبدا أن أترشح عن هذا الدور للأوسكار، بالإضافة إلى جائزتين جولدن جلوب عن نفس الفيلم.

وليست فقط هذه الجائزة التي حصلت عليها خلال مشواري الفني وإنما حصلت أيضا على جائزة جولدن جلوب ثالثة عن فيلم "دكتور زيفاجو" الذى حصلت عنه أيضا على جائزة أفضل ممثل في ألمانيا، وحصلت على جائزة سيزر وهى توازى الأوسكار في فرنسا، كما حصلت على جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا، وغيرها الكثير من الجوائز.

بصوته الهادئ قال: ما فيش حد راح على العالمية خالص، ما فيش ممثل مصري غيرى وصل للعالمية، ولا أعتقد أن هناك ممثلين مصريين يصلحون للعالمية لأنهم جميعا يفتقدون التحدث جيدا بلغة الغرب.

ويضيف الشريف: وأنا بذلك لا أشكك في إمكاناتهم التمثيلية، بالعكس نحن لدينا في مصر فنانون قدراتهم التمثيلية توازى في نضجها نجوم هوليوود، ولكن ممثلينا جهلاء لا يتحدثون لغات الغرب بطلاقة، لذلك تجدهم مرشحون فقط لأدوار صغيرة جدا في الأفلام لتجسيد شخصيات عرب، وللعلم لا يلجأ المخرج الأجنبي للاستعانة بممثلين عرب إلا عندما يكون يريد وجها عربيا في الفيلم، وليس لأنه يريد هذا الممثل، لكن لا أحد من هؤلاء يصلح لتقديم فيلم عالمي من بطولته مثلما فعلت، فأنا قدمت بطولات مطلقة كثيرة ليس فقط باللغتين الفرنسية والإنجليزية اللتين أجيدهما بطلاقة منذ طفولتي، ولكنى قدمت بطولات أفلام اخري بكل اللغات والجنسيات كالروسية والألمانية وغيرها.

"التمثيل ولا حاجة، فالممثل ليس أكثر من «بلياتشو»، يقف على خشبة المسرح يحفظ بعض الكلمات ويرددها.. فالممثل ليس شيئا مهما في هذا العالم، ومن الممكن الاستغناء عنه، لأن الحياة بدونه لن تتغير أو تفرق كثيرا، لكن أبدا لا نستطيع الحياة بدون العلماء والمكتشفين أمثال الدكتور المصري العظيم مجدى يعقوب الذى أتشرف بصداقته.

وتابع الشريف، "أنا لا أمثل حتى يقال إنني وصلت للعالمية وحققت إنجازات كثيرة وحصلت على عدد كبير من الجوائز، ولكني أمثل فقط لأن هذه شغلتي.

- 20 سنة بلا عنوان

الإقامة في فندق ليست جديدة علي، فأنا أعيش بهذه الطريقة منذ 20 سنة تقريبا، سواء في مصر أو في باريس، وذلك لأنى أعيش بمفردي وليس عندي من يؤنس وحدتي.

فابني طارق متزوج ولديه ثلاثة أبناء أحفادي عمر وكارم ودانى في مناطق مختلفة من زوجات مختلفة، وهو يعمل ولديه مطاعم يديرها، ولا أستطيع في كل الأحوال أن أعيش معه في بيته، لذلك أفضل أن أعيش نزيلا في فندق، ولأنى اعتدت على مكاني في الفندق الذى أقيم فيه، بدأت أتعامل معه وكأنه بيتي.

والحقيقة هذا ليس السبب الوحيد.. ولكن لأنى تقدمت كثيرا في العمر، أصبحت أخاف من أن أعيش بمفردي في شقه، حتى إذا كان معي خادم أو خادمه، لأنى إذا تعرضت لأزمة صحية ليلا لن أجد من ينقذني، خاصة أنى لن أستطيع وقتها الاتصال بمستشفى أو إسعاف، أما في الفندق أشعر أكثر بالأمان والراحة، لأنني إذا شعرت بأي ألم في أي وقت متأخر من الليل، أتصل بالتليفون ويأتيني منقذ على الفور.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل