المحتوى الرئيسى

برنامج مهني للاجئين- إهداء عصارة التجارب لزملاء المهنة

07/11 12:34

يصل اللاجئ ألمانيا غريب اللسان ومعمي البصر مؤقتاً، هذا إن لم يكن يعاني من إعاقة ما. ولدخول سوق العمل ينير موجهون درب اللاجئ ويقدمون عصارة تجربتهم، وفق برنامج فريد من نوعه كما يضح هذا التقرير. تعج القاعة بالبشر: ألمان ولاجئون، نساء محجبات وأخريات سافرات، صائمون ومفطرون، أطباء ومهندسون ومختصون بالاقتصاد، وطلاب جامعيون وغير ذلك من التخصصات والمهارات. تصطف أطباق رائعة المنظر شهية المذاق بجانب بعضها البعض: شوربة، تبولة، فريكة باللحمة والمكسرات، أرز، لحمة بالصينية، حمص بالطحينة، وحلويات. بعد الانتهاء من غذاء الجسد جاء دور غذاء الروح: الموسيقى. الإفطار الرمضاني هذا هو أحد الأنشطة الاجتماعية لمؤسسة "سينغا-ألمانيا". وسينغا هي جزء من شبكة دولية موجودة في فرنسا وكندا. "تقدم سينغا للقادمين الجدد وللمجتمع المحلي الإطار لخلق مشاريع ونشاطات مشتركة"، حسب ما أخبرتنا به إحدى المؤسِسات، سيما غاتيا (27 سنةً)، الكندية الجنسية والمنحدرة من أب عراقي وأم ألمانية، والحاصلة على الماجستير في الدراسات العابرة للثقافات من ألمانيا: "كانت مواضيع الهجرة واللجوء والهوية والانتماء حاضرة في حياتي على الدوام". تنظم المؤسسة عدة أنشطة اجتماعية ومقهى لغوي. ولكن يبقى أكبر مشاريعها-حتى الآن- "برنامج التوجيه المهني". ثراء في المحتوى يعطي ثماره دشنت سينغا قبل أكثر من شهرين الدفعة الأولى من 20 زوجاً من الموجهين المهنيين واللاجئين الباحثين عن فرص العمل والتدريب. وتعمل الآن على إطلاق الدفعة الثانية في الخريف المقبل.خلال مدة التوجيه، البالغة خمسة أشهر، يقدم الموجه المهني معارفه وخبراته: بيئة العمل وفرصه، طريقة معادلة الشهادات، معلومات عن الدراسة الجامعية والتأهيل المهني والتدريبي، كتابة السيرة الذاتية على الطريقة الألمانية، طرق البحث عن عمل، التحضير لمقابلة التقدم لعمل أو مقابلة للحصول على فرصة تدريب، التعرف على زملاء وأصدقاء من الوسط المهني وبناء شبكة علاقات معهم: "حقق حسام تقدماً كبيراً، فقد تحسنت لغته الألمانية؛ ونحن الآن نستطيع التواصل معه بالألمانية، بعد أن كنا نتواصل بالإنكليزية في البداية. كما أنه حقق تقدما فيما يخص تحديد مساره المهني والحياتي اليومي، وقد أجرى مقابلة للتقدم لعمل، كما تقدم لبرنامج تدريبي في شركة إعلامية كبيرةوآمل أن يقع الاختيار عليه،" تقول روت اقروسا التي تعمل في "الاتحاد الألماني لمصارف التوفير(شباركاسة)"DSGV. مبتسماً، أومأ حسام سليم، 37 سنةً والذي عمل في سوريا كمحاسب في بنك، برأسه إيماءة تدل على موافقتها الرأي. وتلقى المهندس والمبرمج محمد البيطار من سينغا وموجهه، د. نيكولاس نويبور، مساعدة في: "جانب الإجراءات القانونية للعمل وفي الحصول على فرصة تدريب في برنامج تدريبي خاص باللاجئين والمهاجرين ومدعوم من الحكومة الألمانية. وساعدتني نصائح نيكولاس بكيفية التصرف في الشركات الكبرى ومواضيع الحقوق والواجبات". نيكولاس معجب بفكرة سينغا، لأنها "لا تعتمد نموذج المساعدة من فوق إلى تحت: مساعدة الفقراء، بل يتم تقديم المساعدة على قدم المساواة من مختص لزميل آخر يشاركه نفس الاختصاص". وموجهون عرب أيضاً! لم يقتصر التوجيه على الألمان، بل هناك العديد من الموجهين من الجنسيات العربية. لم يمض على وصول مهندس الكهرباء ومطور البرامج، الفلسطيني صلاح الدين غانم، من الضفة الغربية، إلى ألمانيا سنة، غير أنه انخرط في البرنامج وقدم لمهندس المعلوماتية، مهاب علوان خبرته المهنية وعلاقاته وكيفية تأسيس الشركات وتشغيلها، كما يقول. يعمل صلاح منذ وصوله إلى هنا على تأسيس شركته الخاصة. وعن دوافعه يقول: "الدافع الوحيد هي الرغبة بتقديم خدمة للاجئين، ليستطيعوا بدورهم عكس صورة إيجابية عنهم. لأني لحظت أن تغطية أخبار اللاجئين في وسائل الإعلام يعكس عليها الجانب السلبي". وبالمثل أعطى طبيب الأسنان المصري، سيف رضا، طبيب الأسنان السوري، طارق العالم (25 سنةً)، "عصارة تجربته". "تعرفت على كيفية تعديل الشهادة والأخطاء والمصاعب التي مر بها، واصطحبني لحضور محاضرات في طب الأسنان، مما جعلني على تماس مع عالم المهنة هنا واكسبني التعرف على زملاء" يوضح طارق. وتؤكد سيما حصول خمس متلقيين للتوجيه على خمس فرص عمل وفرص تدريب. الإطار العام لبيئة العمل يرى المهندس يوسف السقا أن بيئة العمل في ألمانيا "نشطة جداً ومليئة بالفرص في كل المجالات". ويعتقد حسام أن القواعد العامة للعمل والحقوق والواجبات تتماثل في ألمانيا مع مثيلاتها في البنك، الذي كان يعمل فيه في سوريا. ولكنه يرى زيادة في تعقيدات الأمور القانونية والبيروقراطية والمحاسبية، وتنوع القوانين والنظم المحاسبية، كون التخصصات هنا دقيقة جداً ومتفرعة. ومن جهته يقول المهندس محمد البيطار أن هناك اهتمام أكبر بالحقوق والواجبات كالإجازات المرضية على سبيل المثال. ويوافقه الرأي طبيب الأسنان طارق العالم ويضيف: "نظام العمل لا يبخسك حقك وهناك نظام التكافل الاجتماعي، الذي يحمي أفراد المجتمع من العوز والحاجة". برامج مجانية دون مقابل أكد جميع من التقيناهم أنهم لا يتوجب عليهم دفع أي رسوم لقاء برنامج التوجيه وكل ما عليهم فعله هو "توفير الوقت ليتسنى لهم مساعدتي"، على حد تعبير طبيب الأسنان طارق العالم. والأمر نفسه أكد عليه أحد الناشطين في سينغا، اللاجئ محمد غياث ناشد: "لا يتوجب دفع أي مبالغ ولا يوجد التزامات مالية مقابل هذا البرنامج ولا تتحمل التكاليف أي جهة رسمية". ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من أين يأتي تمويل سينغا؟ وكيف تغطي تكاليف عملها؟ المؤسسة مسجلة رسمياً كمؤسسة ربحية ذات نفع عام، بمعنى أنها يمكن أن تحقق أرباحا لتعيد توظيفها لخدمة الشأن العام. ويؤكد محمد غيث ناشد من المؤسسة أن سينغا لم تحقق أي أرباح حتى الآن وأنها تلقت دعما ماليا أوليا من عدة مؤسسات خيرية ك "وقفية روبرت بوش". تصف سيما، إحدى المؤسسين لمؤسسة سينغا، التعاون مع الجهات الحكومية والشركات الخاصة بـ"جيد جداً". فقد نظموا مع جهات خاصة ورشة لكتابة السيرة الذاتية. وهناك خطط لتعاون مستقبلي، على حد قولها. وتضيف أن جهات حكومية تجد أن البرنامج "ممتاز" وتنوي البدء في التعاون معنا. غير أن الموجهة روت اقروسا ترى أن الكثير من الشركات، وخصوصاً الكبيرة منها، تستغل موضوع تدريب اللاجئين لحملاتها التسويقية.

Comments

عاجل