المحتوى الرئيسى

«ونوس».. أين؟

07/10 11:20

ثلاثة، من كبار فنانينا، قاموا بدور الشيطان على الشاشة: يوسف وهبى «سفير جهنم» ١٩٤٥، مستخدما مفرداته فى الأداء التمثيلى حيث المغالاة فى نظرات الغواية، الهبوط والارتفاع بدرجات الصوت، الضحكات المنتشية بوقوع الضحايا فى شباكه.. ثم محمود الميلجى، فى «موعد مع إبليس» لكامل التلمسانى ١٩٥٥، حيث تعمد أن يبدو ناعما، رقيقا، ينجح فى الإيقاع بالطبيب الطيب، زكى رستم، الذى يتحول من حال لحال.. ثم عادل أدهم، أحد أباطرة الشر فى «المرأة التى غلبت الشيطان» ليحيى العلمى ١٩٧٣، القادر، هذه المرة، بشخصيته القوية، على شراء روح الفقيرة، الدميمة «نعمت مختار»، التى تتوب عن عاصيها، قبل انتهاء عقدها معه.. الإغراء بالثروة هو الباب الملكى لتسلل الشيطان إلى نفوس البشرية «هذا ما تتفق عليه الأفلام».

أخيرا، يأتى يحيى الفخرانى، ليجسد تلك الشخصية العاتية، خلال رؤية الكاتب المتميز عبدالرحيم كمال، بإخراج المجتهد شادى الفخرانى.

«ونوس»، اسمه الذى يصبح عنوانا للمسلسل، يعنى «الأنس، المؤانس، المأنوس به» هو فعلا، على طول الحلقات، يجسد الوعود المتلألئة بالمال، الشهرة، الصحة، الملذات، القوة. أى كل الأشواق التى يتمناها البشر، بدرجات متفاوتة، لذا يبدو كما لو أنه جزء لصيق ربما أصيل من معظم أبطال المسلسل.

«ونوس»، لا مكان ثابت له، بلا بيت أو سكن أو أسرة. لم يغير ملابسه الداكنة أبدا، لا هى جديدة أنيقة أو قديمة مهترئة: فانلة بنية تحت جاكتة بنية أيضا، يضع على رأسه بيريه من ذات اللون، يتحرك ويتصرف على نحو لا يثير الريبة، يبتعد تماما عن الأداء الصاخب ليوسف وهبى، لا يوحى بالغموض على طريقة محمود المليجى، يتحاشى الضحكات الماجنة لعادل أدهم.. إنه عفوى، مهذب، بسيط، طيبته الظاهرة، بين الحين والحين، تتحول إلى شراسة لا يحدها حدود.. ها هو، بعنف شديد، يهبط بحقيبة ثقيلة فوق جرح «ياقوت» ــ نبيل الحلفاوى ــ الذى يعصى أوامره. ملامح وجه الفخرانى تظهر أن خلف الوجه الوديع، يمكن وحش.

يتسلل ونوس إلى أسرة «ياقوت»، أو تظهر النزعات «الوانوسية» على أعضاء تلك الأسرة: الابن الأكبر، عزيز «محمد شاهين»، سائق التاكسى، لا يرفض لعب «ونوس» فى عداد العربة، كى يأخذ أكثر من حقه.. عزيز، هو الفاعل وإن كان «ونوس» هو الذى لعب فى العداد.

نرمين ابنة الأسرة، بأداء بارع، مباغت من «حنان مطاوع»، تعيش مأساة طفلها القعيد.. ذهبت به إلى أحد الأطباء، بلا فائدة، تستجيب لتهويمات «ونوس»، تتعلق بأهداب أمل الشفاء عن طريق السحر.. فى إحدى الحلقات، عقب انفراد ونوس بالطفل، يخرج الأخير سيرا على الأقدام.. أمر لم يفسره المسلسل، حتى مع اقترابه للنهايات.

نبيل «محمد كيلانى»، صاحب الصوت الجميل، يتمنى الشهرة بأى ثمن.. طبعا، يجد فى ونوس الوسيلة.. الشيطان، يقوده إلى ملهى ليلى، يغنى وراء راقصات فى مشاهد تقليدية، مكررة.. لو أن شادى الفخرانى اجتهد فى اختيار أغنيات تتواءم مع الحال، وصمم الرقصات المعبرة عن الموقف، لارتفع درجات بالمسلسل الجيد.

تتوالى شخصيات العمل، مرسومة بمهارة، كاشفة النقاب عن النوازع الدفينة «الوانوسية» إن صح التعبير، بما فى ذلك الداعية، صاحب المظهر الورع، فاروق «ميكولا معوض» الذى لا يتورع عن الزواج بأخرى، بينما الأولى حانية، مخلصة.

انشراح «هالة صدقى»، قوية البدن والروح والإرادة، لا تستجيب ــ حتى الآن ــ لوسوسات ونوس، بل تطرده من بيتها.. إنها الوحيدة التى نجت من هيمنته المتسللة للنفوس.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل