المحتوى الرئيسى

مصر نمر من ورق! | المصري اليوم

07/09 22:05

حفلت الأيام الماضية بسلسلة من الإخفاقات المروعة التي ربما لم تمر بمصر عبر 7000 آلاف عام هو تاريخها كأقدم دولة في العالم، فبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يضع رِجلا على رجل أثناء لقائه الرئيس الإثيوبي مولاتو تيشومي وابتسامة ثقة تعلو وجهه، وهو يتحدث عن أن إسرائيل هي الشريك المثالي للقارة السمراء وأن تل أبيب ستساعد إثيوبيا في إدارة مواردها المائية والزراعية عبر مدها بالتكنولوجيا الإسرائيلية، من خلال هيئة الوكالة الإسرائيلية للتعاون الدولي للتنمية (مشاف) والتى قدمت مساعدات لدول حوض النيل خلال خمس سنوات مضت تجاوزت الـ 60 مليون دولار (القاهرة قدمت مساعدات بضعف هذا المبلغ رغم أزمتها الأقتصادية ولكن بشكل عشوائى غير مخطط وبدون هيئة تنموية متخصصة وبدون أي نتائج ملموسة).

في الوقت الذي تشير فيه تقارير دولية بأن إثيوبيا بدأت بالفعل في تخزين مياه النيل الأزرق خلف السد وحلمها في إنشاء أول بنك للمياه في العالم سيصبح قريب المنال وفترة التخزين ستستغرق ثلاث سنوات فقط تنقص خلالها حصة مصر من 7 إلى 10 مليارات متر مكعب، ما سيؤدى بالضرورة إلى تراجع الرقعة الزراعية وبالتالي إلى زيادة حجم ما تستورده البلاد من المواد الغذائية كما سيؤدى لمشاكل بيئية خطيرة مثل ارتفاع ملوحة أراضى الدلتا وغرق دلتا النيل بحلول عام 2050 كل هذا يحدث وسط صمت مصرى وكأن الأمر لا يعنينا بان تعبث إسرائيل بأمننا القومى وأن يجتمع رئيس وزرائها بـ 10 من رؤساء الدول الأفريقية وأن تقوم إسرائيل بتدريب وتجهيز جيش كينيا بالمعدات العسكرية الإسرائيلية، كما أنه اصطحب معه في هذه الرحلة وفداً كبيراً من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين تم اختيارهم بمعرفة معهد التصدير الإسرائيلى وكذلك وزيرة الثقافة والرياضة ميرى ريجيف.

الإخفاق الثانى دولياً جاء كنتيجة لمقتل الباحث الإيطالى ريجينى حيث أقر مجلس النواب قراراً بحرمان مصر من قطع غيار الطائرات F-16 والتى تستوردها مصر من إيطاليا (رغم أننا نشترى الطائرات المذكورة من أمريكا) في خطوة تصعيدية بسبب ما تراه إيطاليا من عدم تعاون مصر الكافى لكشف ملابسات قتل الباحث الإيطالى وهو ما دعا بعض الباحثين إلى إطلاق تحذير بأن مصر تسير على خطى أزمة قضية لوكيربى والتى أدت لحصار ليبيا أقتصادياً لمدة 14 عام.

الإخفاق الثالث تمثل في قرار البرلمان الأيرلندى بغرفتيه استدعاء السفير المصري في دبلن السيدة سها الجندى لسؤالها بخصوص استمرار حبس الطالب المصري الأيرلندي إبراهيم حلاوة (20 سنة) بعد أن قضت محكمة الجنايات بتجديد حبسه للمرة الرابعة عشرة الأسبوع الماضي حيث ذكر تقرير في التليفزيون الوطني الأيرلندي نقلًا عن البرلمان إن السفيرة المصرية ستمثل أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة للغرفة العليا للبرلمان، حيث سيتم توصيل رسالة للسلطات المصرية للإفراج الفوري عن «حلاوة» الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه في أغسطس 2013 أثناء قضاء أسرته إجازة في القاهرة ولم يصدر بحقه حكم قضائى حتى الآن مما يعرض سمعة مصر في ملف الحقوق والحريات دولياً لمزيد من الضرر لدرجة أن مصر أصبحت دولة سيئة السمعة ولا تراعى المعايير والأتفاقيات الدولية كانت الشرطة المصرية قد ألقت القبض على حلاوة- وكان آنذاك في سن 17- وثلاث من شقيقاته كن بصحبته بأحد المساجد في القاهرة كانوا قد لجأوا للاختباء به أثناء أحداث عنف في الشوارع المحيطة، تم إخلاء سبيل الشقيقات لاحقاً وعدن إلى أيرلندا، بينما استمر احتجازه هو حتى تاريخه.

أما داخلياً فحدث عن الإخفاقات ولا حرج فمن فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة والتى عجزت الدولة بكامل أجهزتها السيادية وغير السيادية عن الوصول للجهة التي سربت الامتحانات، واكتفت باتهامات غامضة لأشخاص ملتحين (أو ينتمون لجماعة الإخوان) بأنهم المسؤولون عن التسريب بينما وقف مجلس النواب الموقر موقف المتفرج ولم يشكل حتى لجنة للتحقيق فيما حدث ولم يستدعى وزير التعليم ولو حتى ذراً للرماد لسؤاله عن أسباب التسريب أو الإجراءات المتبعة في تأمين أسئلة الثانوية العامة إلى استمرار الأزمات الطائفية في المنيا والعامرية وسوهاج التي تم بها طعن فتاة مسيحية من شاب تم اتهامه بأنه مختل عقلياُ كالعادة مروراً لحادث طرد الأعلامية القديرة ليليان داوود من مصر بصورة غير لائقة وغير مبررة بدون مراعاة لأنها أم لفتاة مصرية في الحادية عشر من عمرها شهدت ضباط شرطة أجبروا والدتها على أصطحابهم لمطار القاهرة بدون حتى السماح لها باخد شنطة ملابسها في تصرف لا إنسانى وغير مبرر ودون أي سند قانونى كالعادة، وملف الإخفاقات يتضمن أيضا أستمرار فشل الدولة في التواصل مع الشباب، فالدولة مازالت تستعمل هراوة الأمن الغليظة للتعامل مع أي أحتجاجات شبابية ولعل نزول طلبة الثانوية العامة للشارع للمطالبة بحق مشروع وعدم إعادة أمتحانات بعض المواد التي فشلت الدولة في تأمين أمتحناتها ولعل صور مواجهات الأمن مع الطلبة والتى نشرت بوسائل الإعلام تتحدث عن مدى العنف الذي تستعمله الشرطة في مواجهة هؤلاء الشباب أو كل من تسول له نفسه ويعارض الدولة مثل المحامى الناشط مالك عدلى الذي قبض عليه بسبب معارضته لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية وما ترتب عنها من انتقال السيادة على جزيرتى تيران وصنافير للسعودية خير مثال على أسلوب الدولة الأمنى في التعامل مع الشباب والمعارضين.

إن مصر التي قدر الله لها أن تواجه محنا متعاقبة طوال تاريخها تقف الآن في مفترق طرق وتواجه وحدها أطماع اليونان وقبرص وإسرائيل في ثروتها من الغاز الطبيعى بالبحر المتوسط، بالإضافة إلى خطر إثيوبيا التي تريد منع مياه النيل لمصر ناهيك- سيدى القارئ- من التغييرات الجيوسياسية وحوادث الإرهاب بالمنطقة وتهديدات أنصار بيت المقدس في سيناء وانهيار الجنيه أمام الدولار والبطالة بين الشباب كل هذه التحديات تحتاج إلى منظومة من الكفاءات الحقيقية تدير الحكومة وإلى رؤية تعبر بمصر إلى المستقبل وإلى استراتيجية تنموية مستدامة لتحقيق نهضة اقتصادية قائمة على العدالة الاجتماعية وإلى حوار مجتمعى جاد ينتج عنه عقد أجتماعى جديد.

نحتاج إلى تشجيع الشباب ودعم مبادراتهم وتشجيعهم على الدخول في برامج ريادة الأعمال وتيسير حصولهم على تمويل مالى لتنفيذ ابتكاراتهم وأفكارهم الخلاقة.

مصر غنية بأمثال مصرية مهندسة كمبيوتر مى مدحت والتى استضافها أوباما بعد أن قامت بتأسيس شركة EVenttus المتخصصة في تقديم الدعم للأشخاص الذين يعملون في تنظيم الفعاليات، نحتاج في مصر لروح جديدة تنهض بمصر لتكون نمر أفريقى عربى يساهم في تنمية القارة الأفريقية ويشجع التبادل التجارى والعلمى والثقافى والرياضى مع شركائنا الأفارقة والعرب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل