المحتوى الرئيسى

«جونو».. مهمة تكلفت مليار دولار وستنتهي بـ«انتحار محتوم» (صور) | المصري اليوم

07/09 16:48

قبل نحو 5 سنوات، وبالتحديد في الخامس من أغسطس من عام 2011، وفي الوقت الذى تشرق الشمس على قاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية بولاية فلوريدا الأمريكية، جرت الاستعدادات على قدم وساق لإطلاق مُهمة جديدة إلى الفضاء، للكشف عن أسرار الوجود، وإزاحة اللثام عن كوكب غاز ضخم، لطالما ظن العلماء إن المتحكم الأول؛ بعد الشمس، في مجموعتنا الكوكبية.

لحظات، وانطلقت المهمة، تشق طريقها بسرعة هائلة، في محاولة للوصول إلى كوكب المشترى، لفتح صندوق الأسرار، بهدف تحسين فهمنا لبدايات النظام الشمسي عن طريق الكشف عن أصل وتطور الكوكب الغازى العملاق، مما سيساعد على تحديد النظرية الأقرب للدقة لتشكيل المجموعة الشمسية، التى تتضمن كوكبنا الأزرق.

قبل آلاف السنين، بنى الرومان على هضبة الكابيتول الشهيرة معبدًا كبيرًا لـ«جوبيتر Jupiter»، كبير الآلهة، وممثل قوة السماء ونورها، وضعوا التماثيل، وقدموا القرابين، ولم ينسوا أن يشيدوا لزوجته «جونو Juno» تمثالاً يؤرخ لدورها، ويؤكد على قوتها الخارقة، فهى من تستطيع –بنظرها الثاقب- أختراق الغيوم التى يقبع ورائها زوجها الحبيب، وتنقل الأخبار وتروى عنه المأثر والأخلاق. أصبح أسم جوبيتر مرادفًا لأكبر كواكب المجموعة الشمسية «المشترى»، لذا؛ لم يجد العلماء أسمًا أفضل من أسم زوجته «جونو» ليطلقوه على مسبارهم الأثير الذى تكلف نحو مليار دولار، والذى سينقل لهم أسرار وأخبار العملاق الغازى، الذى يبعد عن كوكب الأرض بنحو 800 مليون كيلومترًا.

يعتقد العلماء أن كوكب المشترى من اوائل الكواكب التى تكونت في مجموعتنا الشمسية، ويُعد هو الكوكب الأسرع في الدوران حول نفسه، إذ تبلغ سرعته نحو 45 ألف كيلومترًا في الساعة، فيما يبلغقطره حوالى 71 ألف كيلومترًا، لذا، أرسل العلماء المسبار الفضائي، الذى يُعد ثانى مسبارًا من نوعه، بعد نيوهورايزونز الذى أرسل قبل 11 عاماً لكوكب بلوتو، في محاولة لفهم طبيعة الكوكب الغازى.

زُود المسبار بمجموعة من أفضل الأدوات العلمية، منها أجهزة لقياس المغناطيسية لرسم خرائط للحقول المغناطيسية للكوكل، وجهاز تصوير طيفى للكشف عن خواص كتلة المشترى، وأخر للبحث عن الأطوال الموجية الراديوية للكوكب، وجهازاً لقياس توزيع الطاقة، وجهازاً لتحليل تركيب البلازما، بالإضافة لكاميرا وتلسكوب سيعملان معًا على تصوير سطح الكوكب.

يستمد المسبار «جونو» طاقته من مجموعة ثلاثية من الألواح الشمسية المتراكبة، تتلقى الضوء القادم من الشمس، وتحوله إلى طاقة يتك استخدامها في تشغيل المعدات العلمية، ورغم أن مدار المريخ يبعد عن الشمس بنحو 5 أضعاف المسافة بين الشمس والأرض، إلا أن التقنيات الحديثة مكنت الباحثون من استخدام الخلايا الشمسية عالية الكفاءة في المسبار.

وصل «جونو» إلى المشترى قبل 5 أيام، وأتخذ موقعه بالقرب من قطب الكوكب، فكما تقول وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، أفضل مكان لمراقبة كوكب ما هو الأقطاب، لكن؛ لا يُعد ذلك السبب الوحيد، فدوران المسبار بالقرب من الأقطاب سيحميه إلى حد ما من التعرض لكميات كبيرة من النشاط الإشعاعى لكوكب المشترى، وهو ما سيضمن عمل المسبار لفترة أطول بكفاءة عالية.

الهدف الرئيسي للمهمة «جونو» فهم أصب وتطور كوكب المشترى عن طريق دراسة بياناته تحت أغلفته الكثيفة، لتوفير المعارف الهامة والضرورية لفهم الأنظمة الكوكبية، ، وقياس كميات الأمونيا في الغلا الجوى، ومراقبة الشفق القطبي وتعيين مصادر المجال المغناطيسي للكوكب العملاق.

وفقًا لمعظم النظريات السائدة عن كوكب المشترى، ورغم كون الكوكب غازى، إلا أن غالبية العلماء أتفقوا على وجود نواة للمشترى، مُكونة من عناصر ثقيلة تشكلت خلال النظام الشمسي المبكر، من جليد وصخور ومعادن، تجمعت فيما بينها بسبب الجاذبية المتبادلة، وبدأت في صيد الهيدروجين والهيليوم، لتتراكم على مدى ملايين السنوات كُتل فوق كُتل، كونت الكوكب الذى نعرفه الآن، ورغم أن معظم الباحثون يتفقون على تلك الفرضية؛ إلا أن هناك ثمة تفاصيل لا تزال مجهولة، يُعد الكشف عنها واحدة من مهام «جونو»، فإذا ما وجد النواة، عُززت النظرية، أما إذ فشل في العثور عليها، فسيتوجب على العلماء أن يأتوا لنا بأفكار جديدة كليًا، لتفسير وجود ذلك العملاق في نظامنا الشمسي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل