المحتوى الرئيسى

العصارة.. قرية أسيوطية يغيب عنها الصرف والأيسونات تهدد مياهها الجوفية

07/09 02:58

الرئيسيه » بيئة » تقارير » العصارة.. قرية أسيوطية يغيب عنها الصرف والأيسونات تهدد مياهها الجوفية

في يوم قررت فيه الشمس أن تُخفف من لهيبها قليلًا، وكأنها تدعم خطواتنا لتشاركنا رسالتنا في رصد معاناة أهالي القرى، ومع دقات التاسعة صباحًا كانت رحلتنا إلى قرية العصارة بمركز الفتح، حيث يبدو سطو التكسير على مدخلها، وترتسم معالم الهدوء والبساطة على ملامح شوارعها، إلا أن غياب الصرف الصحي كان المعاناة الأبرز للأهالي، ورصدت “ولاد البلد” مشكلات  أخرى.

كانت القرية في الصباح شبه خالية من الأهالي حتى ظننا أننا لن نجد من نتحدث معه وفجأة رأيته واقفًا لشراء الخضروات من بائعة على مدخل القرية، بادرنا حمام علي، مشرف أمن بمستشفى خاص، بقوله: “لا يوجد لدينا محطة صرف”، وعلمنا منه أن الصرف متوقف على محطة رفع، والمحطة بحاجة لقطعة أرض، وليس لديهم أرض أملاك دولة بالقرية، ولا يوجد المبالغ التي تمكنهم كأهالي من شراء قطعة الأرض.

ويتابع علي “أنتم الآن في الصيف، ولكن لو قدمتم في الشتاء لرأيتم الكارثة، فالبيوت تغرق وتمتلئ بالرشح شتاءً، ونضطر لاستخدام سيارات الكسح بشكل متكرر”.

ما إن أنهى علي حديثه إلا وصاح محمد نفادي، موظف بجامعة أسيوط، قائلًا: “المنازل كلها على نظام آبار جوفية، وحينما تمتلئ تطفح، وتؤثر سلبًا على أساسات المنازل، وتسبب تشققات في الحوائط وصلت للطابق الثاني، وهناك منازل معرضة للانهيار، والغرفة التي يوجد بها بئر الصرف تمتلئ”.

ويضيف: “لو انتظرنا سيارة المجلس قد تأتي بعد شهرين، وسيتأزم الأمر، لذا نلجأ للسيارات الخاصة، وأسعارها باهظة تصل إلى 600 جنيه شهريًا، وحينما استفسرنا عن سبب عدم وصول الصرف قالوا: القرى المميزة في البداية وبعدها القرى الأخرى”.

يشاركه الرأي محمد عنتر، أعمال حرة قائلًا: “النزحة الواحدة من ستين لسبعين جنيه، وأحيانا لا نجد سيارات من الأساس والدنيا بتخرب”، والمشكلة أن إمكانيات القرية بسيطة ولا يمكن توفير ثمن قطعة الأرض لمحطة الرفع.

ويوضح مصطفى النجدي، كبير فنيين بجامعة أسيوط، أن أقل بيت في القرية به بئرين للصرف، فالقرية أصبحت تعوم على بركة مياه صرف، ورغم من حداثة غالبية منازل القرية؛ إلا أن جميعها متضررة بشدة، وانتفض قائلًا: “ميغركيش إن البيوت اللي قدامك بالمسلح الناس دي غالبيتها مديونة متفتكريش إننا قاعدين في الزمالك”.

وتابع حديثه منوها بأن الحل البديل لمشكلة سيارات الكسح هو دق أيسونات لتصريف المياه، وكثرت عددها فاختلطت مياه الصرف بمياه الشرب، مشيرًا إلى أن بعض الأهالي على استعداد للمساهمة في شراء الأرض المطلوبة لمحطة الرفع.

بينما النجدي يناقش نقطة مساهمة الأهالي في توفير قطعة الأرض، كان عدد من الأهالي قد التفوا حولنا للاستماع للحديث ليعارضوا حديثه قائلين إن الغالبية من أهالي القرية غير قادرين على المساهمة، وإنهم بنوا مدرسة على حسابهم الخاص، وليس لديهم استعداد مادي لأكثر من ذلك.

من الصرف الصحي إلى مشكلة المدارس يقول أحمد محمود، مدرس، إن القرية مظلومة في جميع الخدمات ومن بينها المدارس فلا يوجد مدارس إعدادية للبنين والإعدادية الوحيدة هي للبنات، وتعمل على فترتين، وعلى الذكور الذهاب لمدارس بني مر.

ويذكر أن أكثر من مرة نشبت مشكلات عديدة بسبب ذلك، ووصل بعضها لحد الثأر، كما أنه لا يوجد معاهد أزهرية، إضافة إلى الإنهاك في التنقل يوميًا.

تجولنا في شوارع القرية ولاحظنا رائحة كريهة تنبعث من ترعة راكدة المياه وسط تجمع سكاني، وعن ذلك يقول محمد عبدالرازق، مزارع: “الترعة تستخدم للري، وطالبنا كثيرًا بتغطية جزء منها، وهي على حالها كدة من 15 سنة، قليلة المياه، وتحولت لمقلب قمامة، ومنها تجتاح منازلنا جحافل الناموس والروائح النتنة، ما تسبب في انتشار الأمراض بين الأطفال”.

ويتابع: “رغم سوء مياهها إلا أننا نروي منها الزرع مجبرين، حيث تروي قرابة 500 فدان، وتمتد على مسافة 45 كليو مترًا تقريبًا على حدود قرية الحمام بأبنوب”.

أجمع عدد من الأهالي على ضعف المياه، وقالوا إنها تصل إلى الدور الأول بشق الأنفس، والحل هو تخزين المياه أو استخدام الطلمبات الحبشية التي تستمد المياه من الأرض حيث الأيسونات التي خلطت مياهها بالصرف الصحي.

في الوقت الذي شكا فيه آخرون عدم الاهتمام بوجود سيارات جمع القمامة بشكل مستمر.

بالانتقال إلى الوحدة المحلية ببني مر التقينا المهندس عادل عثمان، رئيس الوحدة المحلية، ليقول ردًا على مشكلات الأهالي إن الصرف الصحي بدأ دخوله لمدينة الفتح منذ عام 2004، ثم القرى الأم بدءًا من بني مر ثم الواسطى، وحاليًا يجرى العمل فعليا في مدينة الفتح وقرية بني مر، وبعد الانتهاء من القرى الأم سيدخل إلى القرى التابعة، وأولها العصارة ومن المفترض الانتهاء من توصيل الصرف الصحي لبني مر هذا العام.

وبالنسبة لمحطات الرفع لو توفرت أرض أملاك دولة ستُقام عليها محطة الرفع، وفي حالة عدم التوفر فهذا دور شركة المياه والصرف الصحي لشراء الأرض.

وحول مشكلة الترعة قال رئيس الوحدة المحلية، إن الصرف المغطى أثبت فشله في مناطق عدة، ومنها بني مر لأن المواسير تتعرض للانسداد بسبب الحشائش، وبالنسبة للقمامة التي بها فمن يلقيها هو المواطن وهذه سلوكيات الأهالي.

وعن شكوى الأهالي من عدم انتظام عمل سيارات جمع القمامة، يشير إلى أن السائقين يبدأون العمل من الثامنة والنصف صباحًا، ويتم رفع القمامة من العصارة يوميًا، وكانت إحدى الجمعيات قمات بعمل مشروع لجمع القمامة، ولكنه توقف وسيعود مرة ثانية خلال هذه الفترة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل