المحتوى الرئيسى

المصريون «على البلاطة»

07/07 12:50

غول الأسعار التهم كل ما وراءهم وما أمامهم. خمس سنوات عجاف أكلت كل ما ادخروه، وتساوى الجميع فى المعاناة.. موظف.. عامل.. تاجر.. صنايعى الكل فى المعاناة سواء.

جميعهم يعانون من حكومات فشلت فى مواجهة ارتفاع الأسعار وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.

أصبحوا يعيشون فى أزمات دائمة حتى وسائلهم التقليدية لمواجهة الأزمات ومنها السلف والتقسيط و«الجمعيات» لم تعد تجدى نفعاً، ومن ثم لم يعد لديهم سوى الدعاء إلى الله لرفع البلاء عنهم.

ملايين الأسر المصرية على اختلاف دخولها وميزانياتها أصبحت تعانى الأمرين.. يمر عليها اليوم «بالعافية» وتأتيها المواسم والأعياد بالهم بدلاً عن الفرحة.

والحكومة التى تتحدث دائماً عن رفع المعاناة عن المواطنين أعلنت عجزها وفشلها وتركتهم وحدهم فريسة لمعاناة لا تنتهى.. ويستوي في ذلك الفقراء و«الطبقة المتوسطة».

جاء من محافظة المنيا بحثاً عن الرزق الشحيح هناك، لعله يستطيع إطعام 6 أفواه جائعة تركهم أبوه فى رقبته ورحل عن الدنيا التى لم تمنحه من الفرح إلا أقل القليل.

جاء حالماً بالعودة لأهله بأموال تغنيهم شر الحاجة، إلا أن أحلامه تحطمت على صخرة الواقع الأليم.

أحمد محمود شاب فى الـ26 من عمره، توفى والده تاركاً 4 شقيقات والأم والعمة التى كان يعيلها، فانتقلت التركة الثقيلة إلى الابن الوحيد الذى حمل هم الأسرة على عاتقه.

جاء إلى القاهرة حالماً بالرزق الوفير، إلا أن أحلامه لم تتحقق، فعمله بأحد الجراجات لم يضمن له سوى 300 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى ما يجود به عليه أهل الخير.

يقول أحمد: «أرسل الـ300 جنيه لأسرتى شهرياً، وأعيش بما يجود به الله على.. لكن المشكلة أن الأسعار كل يوم فى الطالع، بيقولوا الدولار هو السبب، طيب احنا ذنبنا إيه؟ نموت من الجوع يعنى؟.

وأضاف: أصبحت أسافر لأهلى مرة أو اثنين فى السنة لأن أسعار المواصلات زادت حتى أصبح السفر يكلفنى 120 جنيهاً ذهاباً وعودة.

ويرفع أحمد يده بالدعاء لله قائلاً: «ربنا يرحمنا برحمته».

 أحوال الموظفين فى مصر كانت دائماً سيئة، فهم أصحاب المعاناة الدائمة بسبب ثبات دخولهم وتآكلها أمام ارتفاع الأسعار الرهيب، معاناتهم معتادة وشكواهم طالت عنان السماء ولا مجيب.

حمدى عبدالسلام موظف بالحكومة أكد أن راتبه بعد الزيادة أصبح 2300 جنيه يدفع منها 600 جنيه للإيجار، ولديه 3 أبناء بمراحل التعليم المختلفة، يدفع لهم حوالى 1000 جنيها دروساً خصوصية وما يتبقى ينفقه على الطعام والشراب.

ويتساءل حمدى: «ماذا أفعل و كل ما أحصل عليه لا يكفى شيئاً؟ فما كادت الدراسة تنتهى ونستريح من مصاريف الدروس الخصوصية حتى جاءنا رمضان، فالمواسم والمناسبات تمر علينا بالعافية، وما كاد شهر رمضان ينتهى بمصاريفه، حتى جاء العيد بمتطلباته من ملابس وكحك وخلافه، والمرتب لا يكفى لشىء، ربنا وحده العالم بنا والحكومة لا تشعر بنا.

وأضاف أسعار الكهرباء نار والمياه زادت بشكل غريب والخضار والفاكهة واللحوم وصل سعرها لـ 90 جنيهاً للكيلو، في حين أن المرتب ثابت والزيادة التى تأتى عليه لا تستطيع مواجهة هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار.

وأضاف: «كل أيامنا أصبحت معاناة دائمة، حتى الكحك أصبحنا نشتريه بالتقسيط لأننا لا نستطيع دفع ثمنه مرة واحدة».

وأكد أنه فضل شراء الكعك جاهز لأنه بالتقسيط، أما لو فكرنا فى عمله فى المنزل فرغم أنه أوفر إلا أننا سنضطر إلى شراء الخامات «كاش» وهو ما سيجعلنى أدفع 200 جنيه على الأقل دفعة واحدة وهذا صعب على ميزانية موظف بسيط مثلى.

دائماً كان أصحاب المهن أو الحرف المختلفة من أقل فئات الشعب المصرى معاناة.. لكن هذا الوضع وفقاً لعادل على «نجار» تغير.. و«الحال تغير» تماماً منذ ثورة 25 يناير 2011، والشغل قليل جداً، مضيفاً: «أصبحت بيوتنا تسير بستر ربنا فقط، والأسعار فى ارتفاع مستمر وليس لدينا دخل ثابت ومع ذلك نقول الحمد لله على كل شىء.

وتساءل عادل عن دور الحكومة فى رفع المعاناة عن الناس، فى ظل هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار ووقف الحال الذى يعانى منه المواطنون.

ويلتقط جمال إبراهيم تاجر موبيليا طرف الحديث قائلاً بانفعال: «الأسعار مولعة والحال واقف والناس تعبانة والحكومة مش عارفة تدير البلد وتضبط الأسعار، احنا أحوالنا بقت طين وما حدش حاسس بينا».

وأضاف: «عندى 5 أبناء منهم واحد فى ثانوية عامة أدفع له دروس 1500 جنيه كل شهر، غير مصاريف البيت، أحياناً تمر على شهور لا أبيع شيئاً، حتى المبالغ البسيطة التى كنت أدخرها من قبل لمستقبل الأولاد أنفقتها ولم يعد لدى شىء وأصبحنا نسير بستر ربنا».

 المصريون شعب مؤمن بطبعه يلقون بحمولهم على الله دائما، ومن ثم فرغم كل معاناته بدأ سعيد بيومى «سمكرى» سيارات حديثه بعبارة «الحمد لله مستورة، الأسعار نار والدخل ثابت ولكن الحمد لله على كل شىء».

وأضاف قائلاً: الناس مخنوقة من الأسعار وتصرخ ولكن الحكومة لا تسمع، وأضاف نحن نعيش ببركة ربنا فقط، فلا الحكومة ستنجح فى عمل شىء ولا أى بشر يمكنه أن يرحمنا سوى الله».

أما سعيد أو أبو أدهم «57 عاماً» فهو يعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساء.. ويرضى بالقليل كما يقول، ويعتقد أن هذا الرضا هو سبب ما فيه من خير.

يقول: «أنا أرضى بـ 3 جنيهات أو 5 جنيهات.. وكل ما يرزقنى به الله خير، لذلك ربنا يبارك فى القليل والحمد لله على كل شىء».

 أما حمدى محمد موسى صاحب مخبز فيقول: «جميعنا أصبح يعانى، فكل شىء غالى، وسعر شيكارة الدقيق وصل إلى 100 جنيه، وهى تنتج حوالى 1000 رغيف، وبعد إضافة تكلفة الإنتاج إليها حيث يقدر أجر العامل بـ 100 جنيه يومياً ولدى 3 عمال فى المخبز يحصلون على 300 جنيه يومياً.. بعد خصم تكلفة المازوت والماء أجد نفسى فى النهاية لا أكسب شيئاً، ومع ذلك نقول الحمد لله على الستر والصحة».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل