المحتوى الرئيسى

مسلسلات رمضان في عيون النقاد والمثقفين

07/06 14:00

أثارت المسلسلات التلفزيونية خلال شهر رمضان الفضيل جدلا ثقافيا ملحوظا هذا العام فيما تجلت العلاقة الوثيقة بين الأدب الروائي والدراما التلفزيونية في مسلسل حظى بالاشادة وهو مسلسل "أفراح القبة".

واذ يستمر هذا الجدل الثقافي بعد انتهاء شهر رمضان وصف كتاب ومعلقون في الصحف المسلسلات التلفزيونية خلال الشهر الفضيل الذي ودعنا "بالماراثون الرمضاني" فيما شرعوا في تقييم لهذه المسلسلات وبدا ان مسلسل "افراح القبة" الذي يقوم على رواية للأديب النوبلي الراحل نجيب محفوظ قد استحوذ على قدر كبير من التقدير والاعجاب.

واذ تشكل اعمال نجيب محفوظ مصدر الهام لاينضب للدراما التلفزيونية والسينمائية فان الأديب والبرلماني يوسف القعيد لفت الى ان مسلسل "افراح القبة" يشير الى العلاقة المعقدة والمركبة بين النص الأدبي والمعالجة الفنية.

واضاف :"ومهما يكن من تعقيد العلاقة وتشابكها فلابد وان نرحب بوجود مسلسل تلفزيوني رمضاني مأخوذ عن رواية" رغم انه العمل الوحيد في الدراما الرمضانية هذا العام "وقد يكون " اهم ماعرض" بين تلك المسلسلات .

واعاد يوسف القعيد للأذهان ان المسلسل التلفزيوني ابان مرحلة ازدهاره في مصر كان يعتمد على النص ويبدأ منه رحلته خلافا لواقع الحال الآن حيث الاعتماد والأولوية للنجمة او النجم الذي سيقبل بطولة العمل.

وإن كانت الدكتورة هالة مصطفى متخصصة في الكتابات السياسية بجريدة الاهرام فانها لم تخف اعجابها البالغ بمسلسل افراح القبة مؤكدة على ان "من يدخل عالم نجيب محفوظ الابداعي لايستطيع ان يفارقه".

وكانت كاتبة السيناريو نشوى زايد قد اضافت لمسلسل افراح القبة بعض الخيوط الدرامية المستوحاه من روايات اخرى لنجيب محفوظ مثل السراب والطريق.

وثمة اتفاق عام بين جمهرة المثقفين المصريين على ان الدراما التلفزيونية اضحت من اهم العوامل التي تشكل "العروبة الثقافية الشعبية" فيما يرى البعض ان الدور الذي كانت السينما المصرية تنهض به على هذا المضمار قد انتقل للدراما التلفزيونية التي يشاهدها العرب من المحيط الى الخليج ومن ثم فهي لابد وان تقوم "بأدوار ثقافية ناعمة" لخدمة الأمة العربية والتفاعل مع هموم رجل الشارع في العالم العربي ككل.

ولاريب ان المسلسلات التلفزيونية باتت جزءا هاما من الحياة الاجتماعية والثقافية للمصريين في شهر رمضان غير ان الأمر قد يتسم بالافراط كما ذهب الكاتب والمعلق الدكتور اسامة الغزالي حرب مشيرا الى ان المسلسلات قد سجل عددها هذا العام فيما يبدو رقما قياسيا.

وقال اسامة الغزالي حرب "راعني خلو" المسلسلات التلفزيونية الرمضانية هذا العام من اي "جرعة ثقافية غير ترفيهية" مشيرا الى ان عدد هذه المسلسلات تجاوز ال70 مسلسلا بميزانية تخطت ملياري جنيه واغلبها ينتمي لكتابات القصص البوليسية المثيرة التي تتسم بالغموض والاثارة كما تنتمي لعالم المدينة والى الطبقات الوسطى والدنيا الحضرية بعيدا عن الريف والصعيد.

وانتقد ايضا غياب مسلسلات في رمضان هذا العام عن سير المشاهير والعظماء و المبدعين وكذلك الموضوعات التاريخية والخيال العلمي ليخلص الى ان "تلك الظاهرة تستدعي تساؤلات مهمة حول دور المثقفين والنخبة المبدعة في مصر وحول أليات اختيار وتمويل الأعمال الفنية وتوجهاتها" وهي لاتنفصل عما وصفه "بمحنة الثقافة" ومن ثم فهي "تفرض على الجميع وقفة جادة ومسئولة".

وفي وقت احتدم فيه الجدل حول هذا العدد الكبير من المسلسلات التلفزيونية التي عرضتها شاشات التلفزيون خلال شهر رمضان وتساءل البعض حول "جدوى هذا الكم الهائل من الأعمال" اعتبر البعض الآخر من الذين تعرضوا لهذه الظاهرة في الصحف ووسائل الاعلام ان "غالبية هذه الأعمال تشوه صورة الدراما المصرية".

وكما كان الحال في العام الماضي انتقد الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة الكثير من مسلسلات رمضان التلفزيونية هذا العام معتبرا انها تقدم صورة سيئة ومشوهة للمجتمع المصري وتشجع على تعاطي المخدرات والادمان.

واشار جويدة الى ان خمسة مسلسلات رمضانية على الأقل في هذا العام تتحدث عن الخيانة الزوجية ولاترى في هذه الظاهرة "مايتعارض مع الأخلاق والثوابت الاجتماعية" مضيفا "اسوأ الأشياء في الفنون بصفة عامة ان تجد تبريرا للقبح وان تبرر للرزيلة وان تغلق ابواب الفضيلة من كل اتجاه".

وفي الاتجاه ذاته .. رأت لجنة الاعلام بالمجلس القومي للمرأة ان الدراما التلفزيونية الرمضانية هذا العام اظهرت المرأة بصورة سلبية ولفتت مقررة اللجنة الدكتورة سوزان القلليني الى كثافة عرض مشاهد سلبية تعبر عن سوء السلوك كما انتقدت الملابس في بعض المسلسلات وعدم تقديم "صورة واقعية للمرأة المصرية".

واعاد نقاد ومعلقون للأذهان اهمية الدراما التلفزيونية في تنمية الخيال بمضمون هادف وجرعات ثقافية ومعرفية بدلا من جرعات العنف التي تحفز على اتجاهات سلبية لدى النشء والشباب وتثير مشاكل سلوكية واضطرابات نفسية واجتماعية كما تشجع مضامينها السلبية ونماذجها المشوهة على انتشار اللغة الهابطة واختلال منظومة القيم.

ورغم انتقادات عديدة نالت مسلسل "الأسطورة" من جانب نقاد وكتاب ومعلقين باعتباره يحمل مضمونا يؤثر سلبا على اللغة والسلوك لدى الشباب ويشجعهم على العنف فان هناك من سلم بكثافة نسبة المشاهدة لهذا المسلسل الذي قام ببطولته الممثل الشاب محمد رمضان معتبرا انه يعكس "جماهيرية عريضة".

وتعرض الجزء السادس والجديد من مسلسل "ليالي الحلمية" لوابل من الانتقادات التي رأت انه لايصمد بأي حال للمقارنة مع الأجزاء السابقة من المسلسل التي كتبها الراحل اسامة انور عكاشة.

غير ان الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية تحفظ على موجة الهجوم التي تعرض لها مسلسل ليالي الحلمية في الجزء الجديد هذا العام معتبرا ان "محاولة تحقيق تراكم في اي عمل فني تستحق التقدير مهما كانت المآخذ".

ومع اشادته بهذه المحاولة انتقد وحيد عبد المجيد بشدة ماوصفه "بالسطحية غير المعقولة في كثير من الأعمال الدرامية والخواء العقلي الغالب على هذه الأعمال وكثرة الأعمال التي تعتمد على الجريمة بطريقة سطحية مع غياب المسلسلات التاريخية ".

اما مسلسل "ونوس" للكاتب عبد الرحيم كمال بتساؤلاته الفلسفية فحظى باعجاب لافت من جانب اغلب النقاد والكتاب الذين اشادوا بأداء الفنان يحيي الفخراني معتبرين انه ارتقى بالمسلسل لمركز متقدم في قائمة افضل المسلسلات التلفزيونية الرمضانية.

وكذلك نال مسلسل "جراند اوتيل" الكثير من الاعجاب الظاهر في كتابات وتعليقات بالصحف المصرية ونوه البعض بأن السيناريست تامر حبيب نجح في "تمصير" القصة الأصلية التي كانت لمسلسل اسباني كما امتدح غير كاتب ومعلق اداء الفنانة يسرا في مسلسل "فوق مستوى الشبهات" الذي قام على نص جيد "للدراما النفسية" التي تجلت ايضا من منظور المشاكل التي تعاني منها المرأة في مسلسلي "سقوط حر" و"هي ودافنشي".

وابدى نقاد وكتاب تقديرا ملحوظا لمسلسل "القيصر" بطولة الفنان يوسف الشريف وامتدحوا اداءه في المسلسل الذي كتبه محمد ناير وحمل عدة رسائل ايجابية بحس وطني غير ان هذا المديح لم ينسحب كثيرا على اداء فنانين كبار في مسلسلات تلفزيونية رمضانية هذا العام مثل محمود عبد العزيز في مسلسل "رأس الغول" وعادل امام في مسلسل "مأمون وشركاه" وكذلك غادة عبد الرازق في مسلسل "الخانكة".

وذهب المعلق والكاتب الدكتور عمرو عبد السميع الى ان عشرات المسلسلات التلفزيونية الرمضانية هذا العام "لاعلاقة لها بواقعنا واغلبها مقتبس من حلقات بوليسية اجنبية" ليصف هذه الظاهرة "بالاغتراب الثقافي" ويخلص الى اننا امام "اسوأ موسم درامي تلفزيوني رمضاني وتتجلى فيه نتيجة غياب قطاعات انتاج تلفزيون الدولة عن تقديم اي شيء ينقذ صناعة الدراما".

ومع ان قطاع الانتاج باتحاد الاذاعة والتلفزيون عاد للمشاركة في انتاج المسلسل البوليسي "الهروب" فان المسلسلات الرمضانية هذا العام عانت من غياب لافت للمسلسلات التاريخية والدينية.

وكان الفنان اشرف زكي نقيب المهن التمثيلية قد لفت من قبل الى ان "دراما رمضان تقتحم البيوت بالعديد من الألفاظ الخارجة والمصطلحات السيئة التي يتم اقحامها في العمل الفني" موضحا ان "الفن جمال وهناك اهمية لتحقيق التوازن بين النظرية الجمالية والواقع".

كما رأى الكاتب محفوظ عبد الرحمن في مقابلة تلفزيونية ان هناك "تيارا واضحا في الوسط الفني ينتج دراما معادية للغة والمجتمع ويدمر تقاليده بشراسة" منذ عدة سنوات وبدورها كانت الفنانة آثار الحكيم قد انتقدت ايضا الدراما التلفزيونية في رمضان.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل