المحتوى الرئيسى

استعادة الروح الوطنية | المصري اليوم

07/04 23:35

دار حوار مع صديقى القريب من دوائر صنع القرار، أصر خلاله فى البداية على أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان، إلى أن واجهته بالشواهد والقرائن الـ٢٣، التى استند إليها حكم محكمة القضاء الإدارى، مؤكداً أن الموضوع لا يعدو عن كونه بيعاً وشراء، فكان رده سريعاً كالآتى: مادام الحوار قد وصل إلى هذا الحد دعنا نتحدث بصراحة، الدولة فى مأزق مالى واقتصادى، ماذا يضير إذا تنازلنا عن هذا الصداع، المتمثل فى الجزيرتين، وتقاضينا مبالغ طائلة مقابل ذلك، البعض تقاضيناه بالفعل، والآخر فى الطريق، بخلاف ما سوف نحصل عليه على مر التاريخ.

بدايةً، كل أملى أن يقرأ كل الناس، بلا استثناء، النص التفصيلى لحكم محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن، ذلك أنه لم يترك شاردة ولا واردة إلا وتطرق إليها، وهو ما طلبته من صديقى الذى لم يكن قد اطلع عليه.. إجمالاً نستطيع القول إن المملكة السعودية، أياً كان اسمها عبر التاريخ، لم يحدث أن وضعت يدها على الجزيرتين، مدة خمس دقائق، يمكن الاستشهاد بها، بالتالى فإن اسم السعودية حينما خرج إلى الحياة عام ١٩٣٣، كانت الجزر وقتها تقع تحت سلطة المملكة المصرية، ناهيك عن أن كل المكاتبات التى أشارت إليها المحكمة، منذ عام ١٨٠١ تؤكد ذلك.

للأسف الدولة الرسمية قفزت على كل هذا، عبر وسائل الإعلام، ومن خلال بعض الموتورين باللجان الإلكترونية، يتحدثون بطريقة غريبة، بالتالى ليست مقنعة أبداً، وهى أنكم لم تسمعوا عن هذه الجزر إلا هذه الأيام، لماذا إذن تتمسكون بها! البعض الآخر يتحدث عن أنها هنا أو هناك لا فرق، الاتنين حلوين! البعض الثالث يتحدث عن أنها فى النهاية ليست مهمة إلى الحد الذى يستحق كل هذا الضجيج! ربما كانت عملية البيع للحاجة هذه، هى الأكثر جدية بين كل الأطروحات الرسمية، رغم سفاهتها هى الأخرى، بل وسفالتها، وانعدام الشق الخاص بالوطنية فيها.

أنا أعرف أن الإنسان يمكن أن يتصرف بالبيع والشراء، فيما ورثه عن أبيه، أو عن أمه، يقولون: «من حكم فى ماله ما ظلم»، هذه قاعدة شرعية وقانونية وعرفية، إلا أن الغريب فى الأمر هو أن يعتقد أى مسؤول فى موقعه أن هذا الموقع أصبح ملكية خاصة، سواء كان الموقع وزارة، أو سفارة، أو حتى عمارة، كل مهمته فيها هى الإدارة، ذلك أن المالك لأراضى الدولة، أى دولة، على مر التاريخ، ليس أبداً الحكام، بل ولا الشعوب الذين يعيشون عليها الآن، هى ملك للشعوب القادمة، للأجيال المقبلة، بالتالى ليس من حق الأجيال الحالية التفريط فيها، لا بيعاً ولا شراءً، هم فقط يُسلمون الأمانة، وهكذا دواليك.

ما لا يدركه البعض هو أنه فى أعقاب أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، قامت إثيوبيا على الفور باستغلال الفرصة، والبدء فى تشييد سد النهضة، فى الوقت نفسه قامت السعودية بالتنقيب فى منطقة خليج العقبة حول تيران وصنافير، اكتشفوا هناك كميات هائلة من النفط والغاز، لذا فقد جاء فى اتفاقية الترسيم البحرية أن مصر سوف تحصل على ٢٥٪‏ مما سيتم استخراجه، أى أن استغلال مصر وابتزازها كان أفريقياً وعربياً فى آن واحد، ناهيك عن أن الجزء الأكبر من تمويل السد المشار إليه كان خليجياً.

السؤال هو: إذا كانت هذه المنطقة متخمة بالنفط والغاز، ما الذى يجعلنى أنحنى أمام أموال هذه الدولة أو تلك، ما الذى يجعلنى أتقاسم، بالحد الأدنى ثروات الأرض المصرية بحكم التاريخ والجغرافيا، لماذا إذن كل هذا الذل والهوان، لماذا كل ذلك التفريط فى ثرواتنا، بدءاً من مياه النيل، مروراً بغاز البحر المتوسط، وحتى نفط وغاز البحر الأحمر، لماذا أطعن فى حكم محكمة مشهود لها، لماذا كل هذه الحملة على الشرفاء من أبناء الشعب، الذين يبحثون عن حقوق الدولة، أو حقوق الأجيال المقبلة؟

هى فرصة أتوجه بالشكر من خلالها للقائمين على صحيفة «المقال» الذين أفردوا ملحقاً خاصاً مع العدد، يتضمن النص الكامل لحكم محكمة القضاء الإدارى، ورجاء خاص للقائمين على صحيفة «المصرى اليوم» بإعادة طباعته، باعتبار أنها الصحيفة الوحيدة التى يمكن أن تفعل ذلك، فى ظل الضغوط الحاصلة على وسائل الإعلام هذه الأيام، فيما يتعلق بتناول هذه القضية، وكأن الهدف فى النهاية، هو الخضوع والخنوع حتى نبيع أرض الوطن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل