المحتوى الرئيسى

جنود سيناء

07/04 21:23

سيزداد كتاب تاريخنا وقاراً واحتراماً، حينما تمتلئ صفحاته بصور الأبطال فى سيناء، جنوداً كانوا أو مواطنين مدنيين، فما يتساقط من عرق جسدهم، هو أقيم بكثير من الأبطال الوهميين الذين تصنعهم فتاوى القاعد للمجاهد، وكلمات من يده فى الماء المثلج لا النار، وتنظيرات من يأكل الزبادى، لا من يمتلئ صدره بنار ودخان المعارك.

حسناً، يقول سكان مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام إنهم الأكثر قدرة على الفهم، والتحليل، فى وقت المباريات، كل فرد فيهم هو مدير فنى أفضل من مانويل جوزيه فى عز مجده، وفى وقت المعارك العسكرية كل منهم خبير عسكرى وجنرال أفضل من نابليون فى أعلى مناطق جبروته، وأقوى من الإسكندر فى أقوى أوقات نفوذه، ظهر ذلك جلياً فى كل الحوادث الإرهابية التى شهدتها أرض سيناء فى الأعوام السابقة وتحديداً فى العام الماضى الذى شهدت مثل أيامه التى نعيشها الآن هجوماً إرهابياً منظماً على كمائن ومنشآت الجيش فى الشيخ زويد، وتجرأ القاعد على الفتوى للمجاهد، حتى اكتشفنا جميعاً أن القاعد لم يكن سوى أداة تحركها داعش لخدمة حربها النفسية، واكتشف القاعد فى وسيلة إعلام أو على فيس بوك أنه لم يكن سوى ساذج ابتلع الطعم وروج بكل ثقة بيانات من يصفهم بالإرهابيين الخونة والكذبة، بينما أعطى لنفسه حقاً غير مستند لدليل بالتشكيك فى بيانات الدولة الرسمية. هزم أهل «الفيس بوك وتويتر» وبعض وسائل الإعلام ممن ظنوا أنهم خبراء ومحللون عسكريون، ومر اليوم الصعب وداعش تزين رؤوسهم بطراطير على سبيل المكافأة نظيراً لحسن ترويجهم لأكاذيب الإرهاب، والتأثير على الروح المعنوية أحد أهم أسلحة الشعوب وقت الحروب.

تكلموا عن الهزيمة، روجوا لشائعات العدو، شككوا فى قدرات الجنود، قاموا بتخوين الأهالى، شتموا القيادات، سخروا من الأهالى، نشروا الرعب، استدعوا ما فى جوفهم من مخزون دموع التماسيح، تحدثوا عن الدماء، تكلموا عن أعداد ضخمة من الشهداء، تفننوا فى البحث عن المصائب فى مواقع مجهولة ومن مصادر هم يعلمون جيداً أنها تكره هذا الوطن، ثم خاب سعيهم فى آخر النهار وأطلت النتائج تخبرنا أن الرجال فى سيناء دحروا الإرهاب وأحالوا الأرض التى أرادها الإرهابيون تحت السيطرة إلى نار تأكل أجساد 100 منهم وتلقى الرعب فى قلوب المجرمين. لم يفكر واحد من أهل «الفذلكة» فى قلوب العائلات الدامية وهو ينشر أخباره وشائعاته المسمومة التى يعلم هو قبل غيره أنها لا تستند إلى مصدر واحد يمكن الوثوق فيه، ولم يفكر واحد من هؤلاء الذين انتحلوا وظيفة الجنرال العسكرى الخبير فى أن يبذل بعضاً من جهده فى البحث عن خبر كارثى لصالح الإتيان للناس بقصة بطولة من داخل أرض المعركة.. هم فقط يحبون التخريب، تخريب نفسية المصريين وتدميرها، أما القصص التى تلد فخراً وفرحة فهم لا يحبون نشرها.. ولكننا نحب هنا قصة عن المعنى الخالص للبطولة، قصة من ضمن قصص كثيرة لرجال اختاروا أن يعيشوا يوماً واحداً كالأسود بدلاً من العيش 100 سنة كالجبناء.

مثل هذا اليوم من العام الماضى وعلى بعد 3700 متر من الشيخ زويد، يوجد كمين صغير اسمه «السدرة»، يبعد عن كمين الرفاعى الذى دمره الإرهابيون وقتلوا من فيه بسيارة مفخخة صباح يوم الأربعاء الماضى، 700 متر من الرفاعى وبنشوة الانتصار تحركت سيارات دفع رباعى تحمل مدافع وأسلحة وعدداً من الإرهابيين تتقدمهم سيارة مفخخة نحو كمين «السدرة»، انفجرت سيارة الغدر المفخخة، وأحدثت موجتها الانفجارية خسائر مادية وبشرية غير قليلة بالكمين ومن بين الدماء والصخب والغبار خرج الضابط المسئول عن الكمين مصاباً بعدة شظايا فى قدميه، بالإضافة إلى خلع فى كتفه، كانت حالته الصحية صعبة، الموقف كله صعب، حاول عدد من العساكر حمل الضابط ووضعه فى المدرعة للانسحاب وطلباً للعلاج، ولكنهم لم يسمعوا منه سوى صرخة واحدة: «اثبتوا أنتم رجالة ولا إيه؟ مش هننسحب ونبقى حريم، ياندفنهم هنا يانندفن إحنا هنا».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل