المحتوى الرئيسى

دلالات كلمة السيسي في احتفالية 30 يونيه

07/04 18:53

اقرأ أيضا: القرضاوي في ضيافة خادم الحرمين .. ماذا يعني ذلك ؟! تباريح صائم .. عن العملاء والخونة والمخابرات ! لماذا يكرهون التجربة التركية ويخشونها ذكرى ما جرى في 30 يونيه عن ما جرى مع ليليان داوود !

اختلف المشهد تماما ، واختلفت الصورة ، واختلفت المشاعر ، بين خطاب "الفريق أول" عبد الفتاح السيسي أمام المصريين في وسط العام 2013 بعد إطاحة مرسي "مصر أم الدنيا وها تبقى أد الدنيا ، وبكره تشوفوا مصر"، وبين خطاب "الرئيس" عبد الفتاح السيسي في أواسط 2016 والذي يمكن تلخيصه في نداء استغاثة للمصريين "لا تتركونا نغرق" ، انتقل المشهد من الطموح بلا حدود ، والثقة الكاملة بالمستقبل والوعود الجازمة بأن مصر العظيمة مقبلة خلال أيام أو ربما شهور تحمل العظمة والرفاه والنهضة لشعبها ، وبين المشهد الذي رآه المصريون في احتفالية 30 يونيه أمس التي شهدها السيسي في دار الإوبرا ، حيث كان الإحباط يرسم ملامحه الواضحة على الوجوه ، وعلى وجه السيسي تحديدا ، ولغة التواضع الشديد والخوف من المستقبل والهلع من أن نظل "في الحوجة للآخرين" ولغة الاستعطاف للشعب بأن لا تتركونا نحتاج للآخرين ، ولغة الصبر على البلاء والفقر والجوع "ما نكلش آه ما نكلش" ، فارق كبير بين المشهدين ، ربما يلخص لنا حصاد تجربة ثلاث سنوات منذ وقف مسار ثورة يناير الحقيقي .

السيسي كان صادقا تماما في "استغاثته" بالمصريين ، وإعلانه بأنه "محتاج" إليهم أكثر من أي وقت مضى ، ولكن المشكلة تبقى في أن هؤلاء المصريين الذين يستغيث بهم ويحملهم كامل المسئولية أصبحوا مهمشين في وطنهم ، ومهدري الكرامة ، وأن هناك شعبين الآن بالفعل في مصر ، شعب تمثل عدة مؤسسات وأجهزة محدودة يستند عليها السيسي في السيطرة على كامل الأوضاع في الداخل ، لها كامل الرفاه والرعاية والحقوق والكرامة والسيادة ، وبقية الشعب وهم ملايينه الكاسحة ، مهمشون وبعيدون عن أي سلطة وبلا أي ظهر للحماية من تغول السلطة ومطلوب منهم هم فقط التضحية "وما يكلوش" ، مشكلة السيسي هي الاحتياج الحقيقي للشعب والخوف منه في نفس الوقت ، وتجربة مبارك ومرسي تمثل هاجسا يقض مضاجعه ، أن يدفع الغضب الملايين للنزول إلى الشوارع وتفرض اختيارها وقرارها ، وتكسر الهياكل المؤسسية الهشة والديكورية لدولة اعترف الرئيس نفسه بأنها "أشباه دولة" وليست دولة حقيقية ، رغم كل تلك المؤسسات والأجهزة والقوانين والنظم ، لذلك يحافظ السيسي بكل قوة على كل القوانين والتشريعات والإجراءات التي اتخذها بعد 3 يوليه 2013 المكبلة للحريات ، والمحاصرة لأي حراك شعبي وتجريمه بأقصى درجات التجريم والمعاقبة عليه بأشد ألوان العقوبات ، لأنه يدرك مدى خطورة ذلك ، وأن الناس إذا نزلت إلى الشارع بعد الآن فلن تعود إلا برحيل النظام .

أيضا ، تبدو المشكلة المتكررة في خطابات السيسي هي فراغها من المضمون السياسي الواضح والمحدد والمتعارف عليه ، ولجوئها إلى لغة العاطفة الفضفاضة "اوعوا يا مصريين حد يخدعكم" ، وهذه اللغة العاطفية لم تعد تجدي كما كانت في السابق "ما تعرفوش إنكم نور عينينا والا إيه" ، لأن الناس عاشت ثلاث سنوات منذ تلك الوعود وهي ترى الأوضاع من سيء إلى أسوأ في المعيشة بكافة تفاصيلها وفي الحريات وفي إحساس الناس بالكرامة وفي استعلاء وتجبر أجهزة الأمن على المواطنين ، إضافة إلى أن المعنى الوحيد الذي يمن على الناس به وهو استعادة الأمن مبالغ فيه كثيرا ، وربما مغلوط ، فكلها كانت افتراضات عن انهيارات أمنية ، ولم يحدث في مصر أي انهيار أمني في أي يوم من الأيام وفي أشد أوقات ثورة يناير عندما غابت المؤسسة الأمنية عمدا ، لم يشعر الناس بانهيار الأمن ، رغم بعض الفلتان ، بل إن مستويات الجرائم الاجتماعية الآن يلاحظ أنها ازدادت كثيرا عما سبق وانتشار البلطجة ، ولجوء الناس إلى العنف والسلاح والخروج على القانون أصبحت شائعة أكثر بكثير من أيام الثورة ، والإرهاب الذي تشهده سيناء أصبح أسوأ كثيرا مما كان قبل 3 يوليه وضحاياه من أبنائنا الشهداء في الجيش والشرطة أضعاف مضاعفة وأصبح مسلسلا يوميا ، فحتى "المعايرة" باستعادة الأمن فيها مبالغة كبيرة .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل