المحتوى الرئيسى

عن عصر الكشوف المعلوماتية.. مجلة الديمقراطية في عددها 63 الصادر حديثا

07/04 16:09

كانت الكشوف الجغرافية واكتشاف العالم الجديد في نهاية القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، بداية لعصر جديد اصطلح علي تسميته بـ"العصر الحديث"، حيث شهد اختراقات علمية وفتوحات معرفية وتطورات سياسية، وشكل قطيعة تاريخية وجغرافية مع عصور سابقة، قديمة ووسيطة.

في الذكرى الثالثة.. "30 يونيو" ثورة شعب حماها الجيش للتخلص من الحكم الفاشي لجماعة "الإخوان"

صندوق التسجيلات الصوتية يحسم لغز الطائرة المنكوبة

من تقليد "كابوريا" إلى "الأسطورة" ..ناصر حُلم شباب العشوائيات.. ونقاد: رمضان غير معايير "البلطجة"

كما لعب دورًا كبيرًا في تشكيل العالم الحديث بالصورة المتعارف عليها الآن، لاسيما فيما يتعلق بنشأة الدولة الحديثة علي النمط الويستفالي(1648) حيث مفاهيم الدولة الوطنية والسيادة والديمقراطية كنظام سياسي وبزوغ فجر الرأسمالية كنظام اقتصادي عالمي.

ومع انتهاء الحرب الباردة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وانتصار الليبرالية الغربية، وشيوع مفاهيم الحرية والديمقراطية، وبزوغ فجر العولمة الرأسمالية وفتوحاتها المعرفية والتكنولوجية، لاسيما في مجال الإعلام والاتصال، باتت مفاهيم الدولة الوطنية والسيادة والهوية والخصوصية الفردية، والحريات الشخصية، أمام تحديات جمة. فثمة فيض كبير من المعلومات والوثائق أتاحته قدرة تكنولوجيا الاتصالات علي نحو يمكن القول معه إننا نعيش عصر "الكشوف المعلوماتية"، وبشكل يمكننا القول معه أيضاً إنه يشكل قطيعة تاريخية ومعرفية وسياسية مع عصور سابقة للمعرفة والإعلام

فكلما هدأت موجة من موجات الإفصاح والتسريب التى تكشف المسكوت عنه فى السياسة والاقتصاد العالميين، ثارت موجة جديدة أشد وأعمق أثرا.

فقد دشنت “ويكيليكس” ما أصبح يعرف بعصر التسريبات عام 2006 من خلال موقع حوى وثائقا سرية سربها صحفيون ومن يطلق عليها "مطلقو الصفافير " whistle blowers والتى سلطت الضوء على عالم السياسة بكل أسراره المسكوت عنها، وفضائحه الأخلاقية والمالية، من فظائع الاحتلال الأمريكى للعراق، إلى جرائم الفساد فى العالم، لفضيحة تجسس الولايات المتحدة على حلفائها، بحيث أصبحت ويكيليكس منصة لكشف الأسرار وإخراجها إلى النور.

وقد بلغ التفاؤل بوقع التسريبات فى اختراق جدار السرية وفضح جرائم التعذيب والفساد حول العالم، إلى التبشير بدور هذه التسريبات فى إحداث صحوة ديمقراطية حول العالم، بل ذهب البعض إلى أن الحقائق التى كشفتها ويكيليكس على سبيل المثال ربما تكون قد ألهمت الربيع العربى، بما كشفته بعض برقيات سفراء دول الربيع لخارجيتهم من بذخ عيش وإسراف الطبقة الحاكمة فيها.

وأخيرًا، أعاد تسريب أوراق بنما، الاهتمام بقوة لمسألة التسريبات وعلاقتنها بالشفافية والمحاسبية، حيث فجر زخما هائلا من حيث حجم الوثائق التى أتاحها، وهى الأكبر حتى الآن، وما كشفت عنه من عالم التعاملات المالية السرية، وضلوع ساسة ورجال الأعمال حول العالم فى إطار شبكاته.

ويسلط ملف هذا العدد من مجلة الديمقراطية، الضوء على قضية التسريبات وقوة المعلومات، خاصة ذات الطابع المعولم فى علاقتها بالديمقراطية. وتتناول مقالات الملف بالتحليل الأبعاد المختلفة للقضية على المستويات: السياسية، الاقتصادية، القانونية، الأخلاقية، والتكنولوجية. ففى حين إن فكرة الإتاحة فى حد ذاتها تعتبر صنوا للحرية، بحيث يصب الحصول على المعلومات، وتوفيرها للرأى العام العالمى، فى صالح تعزيز الشفافية والمحاسبية، والقدرة على مراقبة الحكومات والسياسيين وحركة الأموال، وتمكين الأفراد والمجتمعات، إلا أن دراسة متأنية للظاهرة تظهر جوانبا أكثر تركيبا.

وتطلق مقالات الملف جرس إنذار أمام فرط التفاؤل بالتأثيرات الديمقراطية للتسريبات، حيث إن عالم الإنترنت تتحكم فيه الشركات الكبرى ويسوده منطق الربح، ومن ثم فإن تصوره باعتباره جنة المساواة المعلوماتية، أمرا غير دقيق. فالأقوى والأكثر ثراء فى عالم الإنترنت –كما فى العالم الطبيعى يظل أقدر على تحصين نفسه فى مواجهة الاختراق المعلوماتى.

ومن ناحية أخرى، فإن التكنولوجيا التى قد تمكن من مراقبة الساسة ومحاسبتهم وإتاحة المعلومات عبر منابر مثل ويكيليس وأوراق بنما وغيرها، هى ذاتها التى قد توفر وسيلة لمراقبة الأفراد والتعدى على حرمةخصوصياتهم من خلال وسائل الرقابة الممنهجة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل