المحتوى الرئيسى

صراع في النيل.. إسرائيل تلعب على المكشوف ومصر تواجه تمردا إفريقيا

07/04 01:14

في الستينات، لم تقدم الدول الأفريقية على التطبيع مع إسرائيل خوفًا على من الدولة المصرية في حينها، أما الآن، أصبحت أغلب هذه الدول لا ترى "حساسية" في توطيد العلاقات مع "تل أبيب"، وتأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى إثيوبيا هذا الشهر، صحبة 70 من رجال الأعمال الإسرائيلين، بمثابة تحدي واضح للقاهرة، وسابقة هي الأولى منذ 22 عامًا.

إثيوبيا تستقبل "نتنياهو" علنًا بعد بدء تخزين المياه خلف سد النهضة 

تتزامن زيارة نتانياهو مع افتتاح المرحلة الأولى لسد النهضة، المتوقع لها هذا الشهر أيضًا، وقد ذكرت "التحرير"، في تقرير انفردت به في وقت سابق، أنه تم البدء فعليًا في تخزين المياه خلف السد، وفق صور رصدتها الأقمار الصناعية، بالتزامن مع قمة دول شرق إفريقيا، التي سيلتقي خلالها رئيس الوزراء الاسرائيلي بـ7 من قادة القارة.

إذًا هذه الزيارة مخطط لها جيدا من حيث التوقيت، وفق تصريحات نتانياهو نفسه، الذي قال عنها، "سأقوم بزيارة تاريخية إلى إفريقيا، بعد عشرات السنوات من غياب رؤساء حكوماتنا عنها، سألتقي 7 من رؤساء الدول في أوغندا خلال وصولي لقمة خاصة مع دول شرق إفريقيا، الأمر يعتبر دخولا جديدا لإسرائيل في القارة السمراء، هناك توجد 54 دولة وفي نيتنا العودة لإفريقيا، سيكون لهذا نتائج هامة جدا فيما يتعلق بتحالفاتنا وعلاقاتنا الدولية التي تتزايد وتتوسع لقوى عظمى في آسيا وروسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا".

 ووفق الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، فإن الزيارة تشير إلى توغل إسرائيل في إفريقيا، لافتًا إلى أن "تل أبيب" تضع عينيها على مياه النيل، وترغب في توصيلها لها عبر ترعة السلام.

تل أبيب تزرع "فتنة" بيع المياه إلى مصر

وكشف شراقي، لـ"التحرير"، أن إسرائيل ستزرع من خلال تلك الزيارة فتنة تسعير مياه النيل وبيعها إلى مصر، وذلك يتضح من خلال ما ظهر باتفاقية عنتيبي، التى ترغب في إعادة توزيع الحصص المائية، والانتقاص من حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه، وتقود تمرد دول المنابع على مصر بقيادة إثيوبية، لافتًا إلى أن "تل أبيب" ترغب في أن تكون عضوًا مراقبًا بالقمة الإفريقية، وذلك نتيجة ابتعاد مصر عن القارة السمراء، وتراجع قوتها وتأثيرها في إفريقيا، وهو ما استغلته إسرائيل لصالحها جيدًا، وبدأت توسع أنشطتها في الدول الإفريقية.

تهريب الماس من إفريقيا إلى إسرائيل 

وأوضح شراقي أن إسرائيل ترغب في تصدير منتجاتها للدول الإفريقية، فضلًا عن طمعها في الخامات والموارد الطبيعية التي تملأ القارة، إذ تعد إسرائيل أحد أكبر 4 دول بالعالم في صناعة الماس، والذى يتم تهريبه اليها من جنوب إفريقيا والكونغو، عن طريق بعض عصابات تهريب الماس، وتصنعه "تل أبيب" وتبيعه إلى دول العالم.

ولفت شراقي إلى أن إسرائيل تضع عينيها أيضًا على نفط إفريقيا، وترغب في تسويق منتجاتها إلى القارة، منوهًا بأن لإسرائيل أيضًا أهداف سياسية بالقارة، وعقب: "الغريب أن إسرائيل كانت تعمل في إفريقيا بشكل سري خلال الستينات والسبعينات، أما هذه الزيارة لإثيوبيا، فهي أول ظهور صريح لتل أبيب في القارة"، وأشار إلى أنه في عهد الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، كانت مصر قوية داخل القارة، ولم تكن الدول الإفريقية تريد إغضاب مصر، وكانت ترفض تطبيع العلاقات مع "تل أبيب" أما الآن فأصبح التطبيع مع إسرائيل على أعلى مستوى من القيادات، وأصبحت العلاقة علنية، وباتت تلك الدول تنظر إلى مصالحها الشخصية.

وتابع: "في الوقت الذي أنشأت فيه دولة مثل إيران وكالة إفريقية رأسمالها ملياري دولار، بينما مصر أنشأت الوكالة الدولية للشراكة من أجل التنمية في إفريقيا، برأس مال لا يزيد عن 20 مليون دولار، ويقتصر نشاطها على إرسال القوافل الطبية وأجهزة الكمبيوتر، وخدمات أخرى لا ترقى لمستوى دولة بحجم مصر، إذ ان هذه الخدمات يمكن ان تقوم بها جمعية خيرية وليس دولة"، حسب وصفه.

ولفت إلى أن مصر هي التي حررت الدول الإفريقية من الاستعمار، ودربت العسكريين الأفارقة، وكانت تدعم أي حركة تحررية في إفريقيا، وتنشئ مكاتب لها بالقاهرة، وبالتالي فلابد أن يكون هناك موقفًا حازمًا وحاسمًا لمصر تجاه إفريقيا، وأن تدرس مصر جيدًا الدور الإسرائيلي في إفريقيا، وأن تستفيد من دعم العلاقات مع القارة، وأن تتعاون معها في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية، فشراء اللحوم مثلا من جنوب السودان وإثيوبيا يمكن أن يخفض سعر كيلو اللحوم في مصر إلى 30 جنيهًا.

شراقي ذكر أن إثيوبيا تستقوي حاليًا بالقوى الدولية، نتيجة العلاقة التي أن لم تكن سيئة مع مصر، فإنها ليست على ما يرام، ومن تلك القوى "أمريكا وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي"، لافتًا إلى دعم أوباما خلال زيارته الأخيرة لإثيوبيا للمشروعات التي تقيمها، ومنها سد النهضة، في الوقت الذي تتدهور فيه الأوضاع الاقتصادية في مصر، وبالتالي أصبحت غير مؤثرة على الإطلاق في القارة الإفريقية، في ظل دعم إسرائيلي أمريكي لأديس أبابا، كما لا تملك حاليًا أوراق ضغط مؤثرة لاستخدامها في اللعبة، ونوه بأنه منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، لم يقدم المسئولون سوى تصريحات كلامية فقط عن تقوية الدور المصري في إفريقيا، لكن الامر لا يتعدى الكلام، ولا يحدث شيئًا على أرض الواقع.

السفارات المصرية بأفريقيا لا تؤدي دورها 

وانتقد شراقي السفارات المصرية في الدول الإفريقية، التي لا تؤدي دورها كما ينبغي، ووفق الأموال الطائلة التي يتقاضاها العاملون فيها؛ لتحقيق المصالح المصرية في القارة السمراء، وبالتالي لابد من تحويل هذه الشعارات التي تدعوا إلى زيادة الدور المصري إلى أعمال على أرض الواقع، من خلال زيادة أعمال البنية التحتية، ومحطات الكهرباء والمياه في الدول الإفريقية.

وذكر شراقي، أن إثيوبيا بدأت تخزين المياه بالفعل خلف سد النهضة، ما سيخصم من حصة مصر من المياه بنحو 7 مليارات متر مكعب سنويًا، على مدار 10 سنوات مقبلة، ما يُعد كارثة بكل المقاييس، ستؤثر على الزراعة والكهرباء والطاقة فيها.

من جانبه قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري، وعضو لجنة حوض النيل بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا ستبدأ في تخزين المياه خلف سد النهضة بمقدار 14 مليار متر مكعب بتشغيل توربينتين الشهر المقبل.

وأضاف نور الدين، لـ"التحرير"، أن إثيوبيا ستنتهي من بناء السد بشكل كامل خلال 15 شهرًا، وتحديدًا في أكتوبر 2017، مشيرًا إلى أن الدراسات المقرر إجراؤها للكشف عن تأثيرات السد على مصر والسودان ستستغرق 18 شهرًا.

وطالب المهندس إبراهيم الفيومي، رئيس مشروع تنمية إفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل، بمحاكمة الوزراء الأربعة السابقين للري، (الذين تولوا المهمة منذ ثورة 25 يناير)، لمسئوليتهم عن تفاقم أزمة سد النهضة، حسب تعبيره، ووصولها إلى هذا الحد، لافتًا إلى أن قناة جونجلي، التى تكلفت 600 مليون دولار، لم تكتمل، فمن المسئول عن أموال المصريين التي "ضاعت" دون تحقيق جدوى من هذا المشروع.

إسرائيل تختبئ خلف الشركات الصينية 

وأضاف الفيومي، لـ"التحرير"، أن إسرائيل تختبئ خلف بعض الشركات الصينية للتواجد في إفريقيا، مبيَّنًا أن قبيلة التيجراي التي تحكم إثيوبيا حاليًا، لا تزيد عن 20% من تعداد السكان، وأن وصولها للحكم كان مخططًا؛ لانحيازها لإسرائيل والصهيونية، وأنها ترتكب جرائم ضد الأغلبية الشعبية هناك من شعب الأوروموا، وتسعى للسيطرة على منابع النيل.

وأوضح أن الخبراء الإسرائيليين لهم دور كامل بوزارة الري الإثيوبية، فضلًا عن تدريبهم 500 إثيوبي في إسرائيل، مشيرًا إلى أن إسرائيل ترغب في نقل مياه النيل من إثيوبيا إلى تل أبيب عبر البحر الأحمر، ولفت إلى أن إسرائيل تدير أزمة السد حاليًا.

وكشف عن تناقص إيراد النيل خلال العامين الماضيين إلى 34 مليار بدلًا من 55.5 مليار متر مكعب، موضحًا أن مصر تجاوزت مرحلة الشح المائي، ودخلت مرحلة الندرة المائية.

من جانبها، قالت الدكتور نانيس فهمي، الباحثة في الشئون الإفريقية، إن العلاقة الإثيوبية الإسرائيلية قوية، وأهم مظاهرها وجود مهندسين إسرائيلين يشاركون في بناء السد، فضلًا عن المعونات الإسرائيلية الفنية الأخرى، مردفة أن إسرائيل تعد العدو الأول لمصر، وتتوغل في دول منابع النيل لتحقيق مصالحها، ما يعد تهديدا لمصر، وأن إثيوبيا عندما كانت متعنة فىي مفاوضات سد النهضة كانت تتلقى دعمًا أمريكيًا إسرائيليًا.

وأضافت، أن خطورة التوغل الإسرائيلي في إفريقيا تتمثل في التحكم بمصدر الحياة في مصر "النيل"، من خلال تقوية العلاقات الاستراتيجية مع دول المنابع، خاصة إثيوبيا، التي تحصل من خلالها مصر على 85% من حصتها المائية، وتابعت "يكفي أن الشركة التي ستروج لسد النهضة إسرائيلية، وبالتالي فإسرائيل مستفيدة من تلك العلاقة مع إثيوبيا سياسيًا واستراتيجيًا واقتصاديًا، فضلًا عن أن هناك دعم إسرائيلي لإثيوبيا غير معلن".

ولفتت إلى أن إسرائيل تعد لاعبًا رئيسيًا في إفريقيا، ومصر تحاول أن تعود مرة أخرى على المستوى الإفريقي، وبدا ذلك من خلال حصول مصر على مقعد غير دائم عن إفريقيا في مجلس الأمن، ذاكرة أن زيارة نتانياهو إلى إثيوبيا سينجم عنها عددًا من الاتفاقيات الكبرى، وشددت على ضرورة تأكيد أن مصر اعترفت بحق إثيوبيا في التنمية، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب حصتها التاريخية في النيل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل