المحتوى الرئيسى

بالصور.. "المؤيد شيخ" السجن الذي تحول إلى مسجد

07/04 01:06

من بين حكام عهد المماليك في مصر، اهتم المماليك الجراكسة بالمنشآت الدينية، واهتموا بعمارتها كثيرًا، فخلفوا لنا أكثر من 136 أثرًا عظيمًا، ما بين مسجد ومدرسة ورباط وزاوية وخانقان وقبة، بخلاف القصور والبيمارستانات "المستشفيات" وغيرها من المباني الأثرية.

مسجد "المؤيد شيخ" هو أحد أعظم بقايا المماليك الجراكسة، أسسه المؤيد أبوالنصر شيخ بن عبدالله المحمودي الجركسي، الذي كان أحد أمراء الملك برقوق، بدأ بناؤه في عام 818 ه/1415 م ، واكتمل في عام 824ه/1421م، أي استمر بناؤه 6 سنوات.

ويقع المسجد في منطقة الغورية بالدرب الأحمر في شارع المعز لدين الله ملاصقًا لباب زويلة، ويتبع منطقة آثار شمال القاهرة، وقد استغل الباعة أسوار المسجد وأنشأوا المحال في جدرانه الخارجية، كما عانى المسجد من الإهمال والتخريب وتدهورت حالته، حتى قامت لجنة حفظ الآثار العربية بالبدء في رعايته وترميمه منذ نهاية القرن التاسع عشر.

وتعد قصة بناء المسجد أحد أهم أسباب شهرته؛ حيث كان عبارة عن "سجن"، ولا يزال هذا واضحًا على أبوابه وبنائه ونوافذه الأقرب لسجن منها لمسجد، عرف باسم "خزانة الشمائل" وسجن به مؤسسه عندما كان أحد أمراء الملك برقوق بسبب وشاية أحدهم للملك بأنه يتآمر ضده، للاستيلاء على حكم البلاد، فقرر الملك برقوق سجنه هناك، وعانى "المؤيد شيخ" كثيرًا في محبسه ونذر تحويل المكان لمسجد إذا تولى حكم مصر وهو ما حدث بالفعل.

تقول سعاد ماهر -في موسوعتها "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"- عن المؤيد شيخ: "كان السلطان الملك المؤيد شيخًا يميل إلى جنس الترك ويقدمهم، حتى إن غالب أمرائه كانوا أتراكًا، أما فعله في وجوه البر فكثير، وله مآثر مشهورة به وعمائره كثيرة أعظمها الجامع المؤيدي الذي لم يبنَّ في الإسلام أكثر زخرفة منه بعد الجامع الأموي بدمشق، وتجديده لجامع المقياس، والمدرسة الخروبية بالجيزة، وأشياء غير ذلك كثيرة".

وتضيف: "أما المسجد، فهو أهم آثاره على الإطلاق، وقد بني مكان سجن عرف باسم "خزانة الشمائل" كان المؤيد قد سجن فيه وقت أن كان أميرًا، وقاسى فيه من الشدائد ما جعله ينذر إن نجاه الله تعالى من هذا السجن ليبنين مكانه مسجدًا.. فلما ولي ملك مصر وفَّى بنذره، فاشترى قيصارية الأمير سنقر الأشقر، وأضاف إليها السجن وعدة دور وحارات ليقيم المسجد، وبلغت تكاليف البناء لنحو سبعين ألف دينار، ومع ذلك فإن كثيرًا من ملحقات الجامع لم يكن قد شرع في بنائها".

وفي وصف عمارته، كتبت ماهر في موسوعتها: "كان السلطان الملك المؤيد مغرمًا بالعمارة فقد أنشا مثلثة بالجامع الأزهر وجدد مسجد القياس بالروضة، وأنشأ كثيرًا من المساجد والمكاتب والأسبلة والمناظر بمصر والشام"، وتتابع "ويعد مسجد المؤيد من الروائع المعمارية في دولة المماليك الجراكسة، فقد وصفه السخاوي بأنه لم يعمر في الإسلام أكثر منه زخرفة ولا أحسن ترخيمًا بعد الجامع الأموي".

وفي وصفه، قالت: "للمسجد 4 وجهات؛ الشرقية منها وهي الرئيسية وهي محتفظة بكل تفاصيلها، وهي واجهة مرتفعة حليت أعتاب نوافذها ومشجاتها بالرخام، وفي الطرف الشمال لهذه الواجهة يوجد المدخل الرئيسي، وله سلم، وهو باب شاهق الارتفاع كسي بالرخام الملون وقد ركب على الباب مصراعان من الخشب المصفح بالنحاس، نقلهما المؤيد شيخ من مدرسة السلطان حسن، ويبلغ ارتفاع كلاهما 6 أمتار، وقد ملئت هذه المساحة الكبيرة من النحاس بزخارف نباتية وهندسية على شكل أطباق نجمية محفورة وبارزة".

وتعقب: "وقد كان للجامع 4 إيوانات تحيط بالصحن ويتكون كل من الإيوان الغربي والبحري والقبلي من رواقين، وقد تخربت هذه الإيوانات ولم يبقَ منها سوى الإيوان الشرقي الذي تغمره الزخارف من الأرض حتى السقف، وقد كسي الجدار بالرخام الملون حتى ارتفاع المحراب، ثم يعلو ذلك شبابيك مخرمة جميلة الزخرفة والنقوش، ويكشف هذه الشبابيك مستطيلات منقوشة ومذهبة ويحيط بها شريطان من الكتابة التي تحتوي على آيات قرآنية، أحدهما بالخط الثلث المملوكي بحروف مذهبة، والشريط الثاني بالخط الكوفي بحروف سوداء على أرضية مذهبة، ويتوسط الإيوان الشرقي محراب مكسو بالرخام المتعدد الألوان، وبجوار المحراب منبر خشبي دقيق الصنع طمست بعض حشواته بالعاج كما زخرف البعض الآخر بطريقة اللاكية".

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل