المحتوى الرئيسى

ترجمات| كيوبريك لمجلة «بلاي بوي» لو فكر الإنسان في نهايته سيجن بالتأكيد

07/03 18:28

 أجرت مجلة "بلاي بوي" حوارًا مع المخرج الكبير ستانلي كوبريك بعد عرض فيلم "أوديسا الفضاء" في العام نفسه، وفيه يتكلم عن رؤيته للحياة الموت وقيمة الإنسان:

- بلاي بوي: بفضل المؤثرات، فإن 2001 هو التصوير الأكثر حيوية لرحلة فضائية في تاريخ الأفلام، وبرغم ذلك فقد سبق أن اعترفت أنك أنت نفسك ترفض الطيران ولو حتى على خط طيران تجاري، لماذا؟

*كوبريك: أتصور إمكانية اختزال ذلك نوعاً إلى تلك الدراية المرعبة بالفناء، إن قدرتنا – بخلاف باقي الحيوانات- على تصور نهايتنا تخلق بداخلنا ضغوطاً نفسية هائلة سواءً أردنا الاعتراف بذلك أم لا، ففي صدر كل إنسان منا نِمس صغير جداً من الخوف من تلك المعرفة القصوى يقرِض ذاته وإحساسه بالهدف، نحن محظوظون بشكل ما أن جسدنا والوفاء بحاجاته ووظائفه يلعبان دوراً ضرورياً إلى حد ما في حياتنا، هذه القشرة المادية تخلق عازلاً بيننا وبين الإدراك المُعجز للذهن أن سنوات قليلة من الوجود تفصلنا عن موتنا، لو جلس الإنسان ليفكر في نهايته الوشيكة، وفي تفاهته المرعبة ووحدته في الكون، فسيُجن بالتأكيد، أو سيخضع لحس مخدر من العبث، قد يسأل نفسه: لماذا عليه أن يتكلف عناء كتابة سيمفونية عظيمة، أو أن يكدح لكسب عيشه، أو حتى أن يحب شخصاً أخر بينما هو مجرد جرثومة لحظية على ذرة غبار تدور في الضخامة غير المعقولة للفضاء؟

المجبرون منا على النظر لحياتهم من هذا المنظور بسبب حساسيتهم الخاصة – ممن يدركون غياب أي غاية يمكنهم فهمها، وأنه في ظل هذا العدد الضخم الذي لا يحصى من النجوم فإن وجودهم يصبح غير معروف وغير مؤرخ – يمكنهم بسهولة بالغة السقوط فريسة لأقصى الشذوذ، ولكن حتى بالنسبة لهؤلاء المفتقدون للحساسية لما يفوق إدراكهم المبهم لعرضيتهم وتفاهتهم، فإن هذا الإدراك الناقص يسلب الحياة من المعنى والهدف، وذلك هو السبب أن "أكثرية البشر يحيون حيوات من اليأس الهادئ" ، وأن العديد منا يجدون حيواتنا بلا معنى كَوَفياتنا.

قدمت أديان العالم – رغم ضيق أفقها – نوعاً من العزاء لهذا الوجع العظيم، ولكن بينما يعلن رجال الدين الآن موت الله، وكما نقتبس من أرنولد مرة أخرى فإن "بحر الإيمان" ينحسر حول العالم مع "كآبة"، وهدير انسحاب طويل. ليس للإنسان من سند باقٍ يتكئ عليه، ولا أمل مهما كانت لا عقلانيته ليقدم غاية لوجوده، تلك المعرفة الساحقة بفنائنا متجذرة في أمراض نفسية أكثر بكثير مما يعرفه الأطباء النفسيين.

-بلاي بوي: لو كانت الحياة بلا غاية إلى هذا الحد، هل تشعر أنها تستحق أن تُعاش؟

*كوبريك: انعدام معنى الحياة في حد ذاته يجبر الإنسان على خلق معناه الخاص، يبدأ الأطفال حياتهم طبعاً بحس تعجب لا تشوبه شائبة، وقدرة على الشعور بمتعة خالصة في شيء بالغ البساطة كخُضرة ورقة شجر، ولكن مع تقدمهم في العمر، تبدأ الدراية بالموت والانحطاط في التأثير على وعيهم وتقوّض خلسة بهجة تمتعهم بالحياة، ومثاليتهم، وافتراضهم الخلود.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل