المحتوى الرئيسى

آمال بناء الدولة تصطدم بتحديات الواقع

06/30 12:41

«زى النهاردة».. أشرقت شمس 30 يونيه من عام 2013، وغربت معها عصابة «الإخوان المسلمين» التى حكمت مصر فى غفلة من الزمن، وكادت أن تعصف بالدولة ومؤسساتها فى عام واحد من الحكم، لولا أن استيقظ الشعب ووقف معه الجيش مسانداً وداعماً لثورة أنقذت مصر من مخطط رهيب لجماعة كانت تعمل بالوكالة لجماعات إرهابية ومنظمات صهيوأمريكية، هدفها تركيع مصر وإذلالها حتى تنفذ أمريكا «الشرق الأوسط الجديد»، وتقيم جماعة الإخوان دولة الولاية الإسلامية منطلقة من سيناء بعد جعلها بوابة رئيسية لتصدير الإرهاب إلى المنطقة.

هذا المخطط الجهنمى انتبه إليه الشعب المصرى بفطرته وذكائه، فانتفض ضد الذين كانوا يريدونها حرباً أهلية، ويجعلون مصر مثل سوريا والعراق واليمن، وطالب عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، بأن يلبى نداء الشعب ويرشح نفسه للرئاسة، وقد كان له ما أراد. ويومها قال الرئيس: «إنه لن يبقى فى الحكم ثانية واحدة ضد إرادة الشعب.. ولو الشعب كله عايزنى أمشى هامشى من غير ما تنزلوا».

وجاء «السيسى» وورث حملاً ثقيلاً، وتحديات جساماً، تجريفاً سياسياً، وانهياراً اقتصادياً، وبدأت مصر مرحلة أخرى فاصلة لا ينكر ما تحقق منها من إنجازات إلا كل حاقد مهما شابها من عيوب، ومهما سقط من شجرتها المثمرة من أوراق، ولأول مرة يشعر المصريون أن لهم حلماً يركضون نحوه ويجب أن يحققوه.

وكانت بداية الحلم قناة السويس الجديدة، ومشروعات المحور وشرق التفريعة وبورسعيد والإسماعيلية، تلتها مشروعات أخرى قومية عملاقة فى الطرق والنقل والمواصلات، فمشروعات الطاقة، مروراً بدخول مصر النادى النووى بإنشاء محطة الضبعة النووية، ثم العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع المليون ونصف المليون فدان، وغيرها من المشاريع التى فتحت أبواب الأمل أمام ملايين الشباب العاطل فى مختلف المحافظات.

ومضى عبدالفتاح السيسى بثورة الشعب التى نحتفل بذكراها الثالثة، اليوم، كأعظم ثورة فى تاريخها القديم والحديث.. يعمل على أكثر من محور ينفذ مشاريع تتجاوز قيمتها حاجز التريليون وأربعين مليار جنيه (تريليون و40 مليار جنيه).. وانطلق الرجل يشجع رؤوس الأموال العربية والأجنبية على القدوم إلى مصر، وأخذ على عاتقه محاربة الفساد أينما عشش واستوطن. ووضع الرئيس خارطة طريق، نجح فى إتمام مراحلها الثلاث باقتدار، وهو ما أزعج الإخوان وأذنابهم، فأخذوا يهددون ويتوعدون، وجاءت عملياتهم الخبيثة لاغتيال رجال الشرطة والجيش؛ تعبيراً عن هذا الحقد الدفين، ولكن كان رجال الجيش والأمن، لهذه الفئة الضالة، مستيقظين، لا يدخرون جهداً فى سبيل الدفاع عن الوطن والأرض حتى ولو كان الثمن أرواحهم.

وعلى مستوى الاقتصاد جاء مشروع تنمية منطقة قناة السويس الذى يقع معظم مشروعاته، كما هو معلوم، فى سيناء، ويشمل ميناء سيتكون من أرصفة بطول 5 كيلومترات، ومنطقة صناعية وأخرى لوجستية و1000 وحدة سكنية على مساحة 4 ملايين متر للعاملين بالمنطقة ومناطق للاستزراع السمكى، وإنشاء مشروع مدينة الإسماعيلية الجديدة، وتطوير طرق سيناء بالكامل، وأهمها طرق شرق بورسعيد/ شرم الشيخ، وطريق الإسماعيلية/ العوجة وطريق العريش/ رفح، والبدء فى إطلاق مشروعات إنشاء مطار دولى بمنطقة الميلز، وإنشاء مدينة رفح الجديدة؛ بهدف ربط سيناء بباقى أرض الوطن، والتغلب على جميع مشاكل عبور المواطنين لقناة السويس، وتحقيق سهولة الحركة من وإلى سيناء من خلال إنشاء مجموعتين من الأنفاق أسفل القناة بمنطقة جنوب بورسعيد وشمال الإسماعيلية، تتكون كل مجموعة من نفقين للسيارات وللسكة الحديد، كذلك يجرى تطوير ميناء العريش البحرى. وعلى صعيد توفير الرعاية الصحية للمصريين بسيناء، تم رفع كفاءة 21 نقطة إسعاف على الطرق، وإنشاء 3 نقاط بمناطق الزهور والمساعيد والميدان مع إنشاء مخزن للأدوية بمدينة العريش، ورفع كفاءة الوحدات الصحية وتطوير مستشفيات سانت كاترين، وشرم الشيخ، وطابا، وأبورديس، والبدء فى إنشاء 3 مستشفيات مركزية بشمال سيناء بمناطق رفح وبئر العبد ونخل، بإجمالى طاقة 220 سريراً. كما تم توفير احتياجات أبناء سيناء من مياه الشرب النقية من خلال تنفيذ محطة تحلية مياه البحر بمدينة رفح، وإنشاء محطة تحلية مياه البحر بمدينة أبورديس، والبدء فى إنشاء محطة بمدينة العريش مع تطوير محطة تحلية مياه البحر بالشيخ زويد، وزيادة الطاقة الإنتاجية لها لتصل إلى 10000م3 بدلاً من 5000م3 إلى جانب إنشاء محطة بمدينة الطور بطاقة 10000 متر مكعب، وإنشاء عدد 3 محطات تحلية بجنوب سيناء بطاقة 1500 متر مكعب فى اليوم للمحطة بمناطق رأس سدر وطابا لصالح هيئة التنمية السياحية، واستكمال البنية الأساسية بالمنطقة الصناعية ببئر العبد، وكذلك تطوير بحيرة البردويل لزيادة الطاقة الإنتاجية لها من خلال إنشاء مفارخ سمكية جديدة وتأمين البحيرة من التعديات وأعمال الصيد الجائر.

وعلى صعيد آخر، ولربط سيناء بالعالم الخارجى بدأ التطوير لمطار المليز لتحويله لمطار دولى. وفيما يخص الأنفاق يجرى، حالياً، تنفيذ 3 مجموعات أسفل قناة السويس هى جنوب بورسعيد وشمال الإسماعيلية وشمال السويس.. مشروعات لتنمية حقيقية لأرض الفيروز بتكلفة إجمالية أكثر من 15 مليار جنيه، كل ذلك مع الجهود المستمرة والمضنية للقوات المسلحة فى حربها للقضاء على الإرهاب بشبه جزيرة سيناء.

وهناك مشروع قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية الذى يستهدف تحسين حالة الرى فى زمام قدره 1.7 مليون فدان بنسبة لا تقل عن 20٪ من إجمالى المساحة المزروعة فى مصر وموزعة على 5 محافظات هى أسيوط والمنيا وبنى سويف والفيوم والجيزة، لصالح مليون مزارع مصرى بتلك المحافظات، وبما يتيح الفرصة لتحسين الأحوال المادية للأهالى إلى جانب توليده 32 ميجاوات من الكهرباء النظيفة، قيمتها السنوية 100 مليون جنيه وتوفير 3000 فرصة عمل على مدار فترة تنفيذ المشروع وهى 5 سنوات إلى جانب 30 فرصة عمل دائمة، فضلاً عن إنشاء كوبرى علوى حمولة 7 أطنان وبعرض 4 حارات مرورية يربط شرق وغرب النيل، بالإضافة إلى إنشاء عدد 2 هاويس من الدرجة الأولى لخدمة أغراض الملاحة النهرية، وقد بلغت نسبة التنفيذ للمشروع حتى كتابة تلك السطور الآن 79٪ من قيمة الأعمال المدنية و70٪ بالأعمال الهيدروميكانيكية.

وجاءت العاصمة الجديدة بعد مرور عام كامل على الإعلان عنها بالمؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ وبعد اجتيازها كمشروع لعدة اختبارات صعبة، تحول الحلم إلى حقيقة بعد أن بدأت 4 شركات مصرية العمل فى إنشاء المرافق والبنية الأساسية على مساحة 2500 فدان من أصل 10 آلاف و500 فدان، هى إجمالى مساحة المرحلة الأولى من مشروع سيغير وجه مصر للأفضل.. حيث يجرى العمل على مدار 24 ساعة، رغم توقع الكثيرين تأخره أو إلغاءه بسبب أزمات مصر الاقتصادية، وخصوصاً بعد أزمتها مع الشركات الإماراتية التى وقعت مذكرة التفاهم خلال مؤتمر دعم مصر العام الماضى إلى أن تم التوقيع مع مجموعة صينية لإنشاء العاصمة الجديدة شرق وغرب الطريق الدائرى الإقليمى ما بين طريق السويس والعين السخنة وسط قلب القاهرة القديمة ومنطقة قناة السويس.. عاصمة ستضم القصر الرئاسى والبرلمان والحكومة وحياً دبلوماسياً على أعلى مستوى وحوالى 25 حياً سكنياً وتوفر 1.7 مليون فرصة عمل دائمة للشباب وبناء مليون و100 ألف وحدة سكنية و10 آلاف كيلو متر طرق. ومن المشروعات والنجاحات الأخرى شبكة طرق بطول البلاد لم يتم مثلها طوال عقود مضت، وتحقيق الكهرباء فائض إنتاج لأول مرة، كذلك البدء بجدية فى القضاء على ظاهرة العشوائيات بنقل بعض سكانها مؤخراً إلى حى الأسمرات بالمقطم وبالمجان وبكامل التجهيزات للشقق السكنية الآدمية.. مشروعات وتوقيتات إنما تدل على سرعة الصاروخ فى تعهدات الرئيس «السيسى» من حيث التنفيذ، والدفاع عن الدولة وبنائها فى آن واحد.

ولكن ومع كل هذه الإنجازات لا يمكن إنكار أن هناك أيضاً إخفاقات لم تستطع الحكومة إقناع الشعب بما تحقق فعلاً على أرض الواقع من إنجازات ونجاحات، فرغم نجاحها فى امتحان توفير رغيف الخبز والسلع التموينية المدعمة رغم اختفائها بين الحين والآخر، فقد فشلت فى امتحان الغلاء وارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات والاستسلام التام لإملاءات واقتراحات رجال الأعمال، وابتزاز المستوردين؛ لفتح الباب على مصراعيه للاستيراد ولكافة شىء، بل وعملت على ضرب المحاصيل الاستراتيجية لصالح مافيا الاستيراد.. كذلك كان تعاملها مع كوارث السياحة هزيلاً ومضطرباً ومتردداً رغم أن الكوارث حقاً كانت أقوى من السياحة ووزيرها، كذلك سقطت فى امتحان ولعبة القط والفأز فيما بين البنك المركزى والسوق السوداء، وكان انهيار الصادرات الدلالة الأخطر والأكبر على فشل الحكومة، كذلك ارتفاع الدين المحلى «الداخلى» بما يتجاوز أكثر من 82٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتلك كارثة ومخاطرة كبرى، كذلك ارتفع الدين الخارجى لـ53 مليار دولار حتى مارس 2016، وذلك رغم رفض الرئيس السيسى الدين فى بداية توليه مهام منصبه؛ لأنه يحمِّل الأجيال القادمة ما لا طاقة ولا ذنب لهم فيه!

فى ظل ذلك أعلن مؤخراً موقع «بلومبرج» الأمريكى ارتفاع معدل التضخم فى مصر إلى أعلى مستوى له منذ 7 سنوات، حيث بلغ 12.2٪ الشهر الماضى بعد رفع البنك المركزى أسعار الدولار فى مارس الماضى.. كل ذلك ومصر تعانى فجوة تمويلية بـ30 مليار دولار حتى 2018 بحسب تصريحات سابقة لسحر نصر وزيرة التعاون الدولى مع «الوفد».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل