المحتوى الرئيسى

موقع أميركي: بعد 3 سنوات من الانقلاب في مصر.. كيف يتصاعد غضب الطلاب

06/28 03:07

وشمل الاحتجاج طلّاب درجة الماجستير المطالبين بالوظائف التي يقولون أنّ الحكومة المصرية وعدت بها منذ أيّام جمال عبد الناصر في عام 1950.

وعلى الرغم من مخالفتهم القانون المشين لعام 2013 الذي يمنع التظاهر إلا بتصريح، فإن مثل هذه الاحتجاجات مستمرة في شوارع مصر.. وفقاً لتقرير لصحيفة ديلي بيست الأميركية.

وقد تمّت مواجهة جميع الاحتجاجات بالقوّة، بما في ذلك احتجاج عام 2015 الذي أسفر عن إغلاق ميدان التحرير، وسط سحابةٍ من الغاز المسيل للدموع.

يقول محمود أبو زيد البالغ من العمر25 عاماً: "من حقّي أن أطالب بالعمل، ولكنّهم يعتقلونني". محمود هو خرّيج القانون من جامعة طنطا بمحافظة الغربية وسط دلتا النيل. وكان مرتدياً قميصاً أزرق اللون، علّق فيه نظارته الشمسية، بينما يلمع شعره تحت أشعة الشمس.

وعلى الرغم من استمراره في تنظيم المظاهرات، فقد توقف أبو زيد عن حضور الاحتجاجات بعد أن ألقي القبض عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 لمدة أربعة أيام. وهي تجربة وصفها أبو زيد "بالمهينة".

إنّه واحدٌ من 2700 خريج بدرجة الماجستير، الذين أمضوا أكثر من عامٍ للمطالبة بما يرونه حقّهم في الحصول على الوظائف التي وُعدوا بها.

وبالرغم من قلّة أعدادهم نسبياً، إلّا أنّ مشكلة طلّاب الماجستير، هي جزء من سلسلة مشاكل تجتاح الشرق الأوسط. فمع نظام التعليم العقيم، إلى جانب البطالة والفساد والخدمة المدنية المتدنية، وتدهور الاقتصاد السريع، تبقى مشكلة الشباب الخريجين قائمة.

منذ ثلاثة أعوام، أطاحت الحكومة العسكرية، بدعمٍ شعبي، بالرئيس المنتخب التابع لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، والمحكوم عليه بالإعدام حالياً.

استطاع حينها بعض الشباب المصريين الذين ثاروا على ديكتاتورية حسني مبارك في 2011، أن يروا أحلامهم بالحرية والحداثة تتحقق لفترةٍ وجيزة. ولكن مع تولي عبد الفتاح السيسي الحكم، انهارت أحلامهم التي قاتلوا من أجلها.

وبينما يزداد الوضع سوءاّ، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنّ عام 2016 هو عام الشباب، واعداّ إيّاهم بالتسهيلات المالية وتوفير فرص التعليم، وذلك في خطابٍ ألقاه في يناير/كانون الثاني 2016، قال فيه مازحاً: "ليس لديكم أيّ أعذارٍ الآن".

من المنطقي أن يكون السيسي قلقاً بشأن احتياجات الشباب في بلاده، فهو لا يريد أن يرى تكرار الانتفاضة التي أطاحت بمبارك، لكن في الواقع، فإنّ المصريين تحت سن الثلاثين لم يكونوا يوماً أتعس مما هم عليه الآن.

يقول أبو زيد وزميلته البالغة من العمر 31 عاماً شيماء متولي، بأنّهما أرادا أن يصدقا وعود السيسي.

عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في 2014، تبنى مبدأ الحفاظ على روح الشباب التي ظهرت في احتجاجات عام 2011، متعهداً بأن تدور فترة حكمه بأكملها حول الشباب.

قال كل من أبو زيد وشيماء أن رغبتهما في العمل في القطاع العام نبعت من شعورهما بالالتزام تجاه وطنهما.

وقال أبو زيد: "أكثر ما يهتم به القطاع الخاص هو أبناء رِجال الأعمال، وهدفه الأساسي هو تحقيق الرِبح. أما السبب الأول وراء حصولنا على درجة الماجيستير، فكان من أجل تحقيق النفع والفائدة للبلد".

أما شيماء متولي، البالغة من العمر 31 عاماً التي تخرجت من قسم التقنية الحيوية بكلية العلوم، جامعة القاهرة، والتي كانت ترتدي حجاباً بنفسجياً متناسقاً مع قميصها وحقيبتها في اليوم الذي قابلناها فيه، قالت: "يحصل عددٌ محدد من الخريجين على عمل في كل عام، ولكن هذا الأمر لا يشملنا نحن".

ومن بين آلاف الطلاب من خريجي عام 2015 عبر جمهورية مصر العربية بأكملها، فإن أولئك الطلاب الـ2700 تم تجاوزهم. وأضافت شيماء: "صرّحت الحكومة بأنه يوجد بالفعل العديد من الموظفين في القطاع العام. قالوا هذا التصريح يوماً ما، وفي اليوم التالي، بدأوا في تعيين بعض الخريجين الآخرين، ولكننا لم نَكُن من بينهم. وأعلنوا بعد ذلك يومياً عن وجود وظائف شاغرة في القطاع العام، مع أنهم لم يقوموا باختيارنا أبداً".

أما الطلبات المباشِرَة التي تم توجيهها للحكومة المصرية، فلم تثبت أي فعالية، بما في ذلك مُخاطبة مكتب رئيس الجمهورية.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحكومة المصرية بتقليص عدد المنضمين للخدمة المدنية، والتي تُعَدّ أكبر مُشَغِّل في الدولة، وفي الشرق الأوسط بحسب بعض التقديرات، بدأ الطلاب في الشعور بأن حصولهم على وظيفة بات أمراً غير ممكن وأن سوء الحظ سيحالفهم دائماً.

بدأت هذه المجموعة بتنظيم الاحتجاجات في صيف 2015. وقد بدأ الأمر بالحصول على تصريح من وزارة الداخلية المصرية، والتي سرعان ما توقفت عن إصدار هذه التصريحات مع زيادة أعداد المتظاهرين. وقدّر أبو زيد عدد المرات التي تظاهَر فيها الطلاب بأنها 45 مرة على الأقل، بما في ذلك خمسة أحداث على الأقل حدثت فيها اعتداءات جماعية من قِبَل قوات الشرطة في محاولات لقمع الاحتجاجات، مع وجود بعض الاعتقالات في صفوف المتظاهرين لأكثر من سبع مرات.

وأضاف أبو زيد قائلاً: "يحاولون إثارة الفزع في صفوفنا عن طريق قوات الأمن. ونحن لا نمتلك أي شيء سوى شهاداتنا الجامعية، ولا يقوم أي طرف من الأطراف في الحكومة بحماية حقوقنا والدفاع عنّا".

كانت هذه هي الأفكار التي تدور في ذهن أبو زيد خلال الثلاثة أيام التي اعتقل فيها، وقال أن سبب الاعتقال كان: "التحريض على التظاهر ضد النظام ومحاولة تخريب الممتلكات العامة".

أما أبو زيد فيواجه صراعاً من نوع آخر مع والديه لمقاومة الضغوط التي يمارسونها عليه من أجل الزواج، الأمر الذي يُعَد في حد ذاته مُهِمَّة صعبة تتطلب منه ألا يكون فقط موظفاً، بل أن تكون وظيفته أيضاً مُرْبِحة.

وبالإضافة إلى كل ذلك، فإنه يَحْمِل مسئولية أسرته على عاتقه: والده الذي يعمل كمُزارِع، ووالدته، لم يتلقيا إلا تعليماً بسيطاَ، واستثمرا كل ما لديهما في تعليم ابنهما.

شرح أبو زيد الأمر قائلاً: "كان كل همهم أن أحصل على تعليم جيد وأن يفخروا بي". وحتى الآن، لا يزال أبو زيد قابِعاً في منزله بكفر الشيخ، بينما تزداد من حوله مُغريات السفر للعمل في الخارِج. وقال: "إذا وجدت فرصة للسفر، فلن أعود أبداً".

الجهود المبذولة من أجل تحسين أحوال قطاع الخدمة المدنية بهدف زيادة قدرتها على المنافسة، أثارت بعض الاحتجاجات المحدودة في صيف 2015، وسرعان ما تزايدت الاحتجاجات وانتقلت إلى منطقة في القاهرة تبعد على الأقل ساعة واحدة من وسط المدينة.

وقد قام كل من العاملين بقطاع الخدمة المدنية والطلاب باتهام الحكومة بالفساد الجسيم في قطاع التوظيف بالدولة، ووفقاً لما أعلنته Transparency International فإن ترتيب مصر بلغ رقم 88 من ضمن 168 دولة، من حيث الفساد في القطاع العام. أما رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، والذي أعلن في تقريره أن الحكومة المصرية خسرت ما يقارب 76 مليار دولار ما بين الأعوام 2012 و 2015 بسبب الفساد، فإن مصيره الآن هو الفصل والوقوف أمام القضاء للمحاكمة بتهمة "نشر أخبار كاذبة".

أما النقاشات الدائرة داخل الصحافة المصرية حول الفساد والخدمة المدنية، فقد أدت إلى فتح المجال لطرح الأسئلة حول كيفية إصلاح النظام التعليمي المتدني في الدولة.

تتعرض الجامعات المصرية في كثير من الأحيان لانتقادات لأن خريجيها الباحثين عن وظائف غير مؤهلين للقيام بها، ولكنهم أمضوا سنوات في التدريب من أجلها. وهذا بدوره يثير مسألة المحاباة، وهي مشكلة متأصلة في أذهان خرّيجي الطبقة الوسطى مثل أبو زيد وشيماء متولي، اللذين يتمسكان بفكرة المعاشات والاستقرار في القطاع العام، بينما الاقتصاد المصري ينهار ببطء من حولهما.

حتى وإن حصل طلبة الماجستير على وظائف، وتمكنوا من الزواج والحصول على مسكن، فإن قوتهم الشرائية تتضاءل يوماً بعد يوم.

يقول تيموثي قلدس من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط "إن تكلفة كل شيء قد ارتفعت ارتفاعاً كبيراً، من السيارات وأجهزة الكمبيوتر، والكثير من البضائع المستوردة".

يقول قلدس إن جهود الحكومة لمواجهة العجز التجاري عن طريق تقليل الواردات بنسبة 25% قبل نهاية عام 2016 تستهدف تشجيع الإنتاج المحلي، ولكن "من المستحيل أن تفعل الحكومة ذلك في الفترة الزمنية التي حددتها، لأن ذلك يعني خفض الاستهلاك مما يعني خفض الطلب في السوق، وتقليل الإنتاج الذي يقلل من فرص العمل".

فقدان الوظائف في المصانع ومراكز التسوق في جميع أنحاء البلاد، هو نتيجة مباشرة لجهود الحكومة لخفض الواردات، وقد أثر ذلك على القطاع الخاص في خضم أزمة الدولار وزيادة نشاط السوق السوداء.

بعد تخفيض قيمة الجنيه المصري في شهر مايو / أيار 2016، ازداد قلق الحكومة المصرية من زيادة نفوذ السوق السوداء في تجارة العملة، حتى إنها أصدرت قانوناً في شهر يونيو/حزيران 2016 يحكم بالسجن على أي شخص يقوم بالتداول خارج المعدّل المقرر.

والنتيجة النهائية هي المشاكل المالية التي تصيب الكل، حتى من هم في قمة الهرم الاجتماعي، وتفاقم مشكلة هجرة العقول والخبرات التي تعاني منها مصر منذ عقود.

واستمرت احتجاجات طلاب الماجستير في صيف القاهرة القائظ، وقد مر عامٌ على بداية معركتهم مع الحكومة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل