المحتوى الرئيسى

حياة المدينة وعلاقتها بالصحة العقلية للأطفال

06/28 02:37

توصلت دراسة جديدة، أجراها باحثون في جامعة ديوك وكلية كينجز لندن، إلى نتائج مفادها أن نقص الترابط الاجتماعي بين الجيران ومعدلات الجريمة العالية تساهم في الأعراض النفسية الذهانية عند أطفال المدن. 

لقد كشفت بحوث سابقة، أيضًا، عن وجود معدلات أعلى من الأعراض الذهانية عند أطفال المدن. أما هذه الدراسة، والمتاحة على الإنترنت منذ الشهر الماضي على Schizophrenia Bulletin، فهي الأولى التي تتحرى السبب الكامن وراء هذه الظاهرة.

تتضمن الأعراض الذهانية أفكارًا ارتيابية (بارنويدية)، وسماع أو رؤية أشياء لا يراها الآخرون، وتصديق أن الآخرين يستطيعون قراءة عقول الناس. ترتبط التجارب الذهانية عند الأطفال بداء الفصام Schizophrenia وبأمراض ذهانية أخرى لدى البالغين.

قالت كانديس أودجيرز Candice Odgers، وهي بروفيسورة مساعدة في علم النفس والسياسات العامة في جامعة ديوك ومديرة مساعدة في مركز سياسات الطفل والعائلة التابع للجامعة: "أردنا أن نفهم كيف تؤثر المجتمعات التي يعيش فيها الأطفال عليهم، وهذه الدراسة تساعدنا في التعرف على الصفات الخاصة للأحياء السكنية، التي قد تكون مضرة بشكل خاص للصحة العقلية للأطفال".

صحيح أن أقلية صغيرة من مجموع الأطفال يعايشون أعراضًا ذهانية مستمرة وتشخيصًا سريريًا بداء ذهاني في نهاية المطاف، إلا أن هذه الأرقام ترتفع أكثر في المدن. في الواقع، وجدت دراسات عدة زيادة بمقدار الضعف بالنسبة للذهان psychosis لدى البالغين والأطفال الذين نشأوا في مناطق حضرية، وهو أمر مثير للقلق، باعتبار أن من المتوقع أن يعيش ثلثي سكان العالم في مدن بحلول 2050، وفق تقاريرَ الأمم المتحدة.

أراد الباحثون أن يتبينوا ما إذا كانت هناك ظروف محددة في المناطق الحضرية هي التي أدت لظهور الأعراض الذهانية لدى الأطفال. ومن أجل ذلك، تابعت الدراسة 2,232 توأمًا بريطانيًا منذ الولادة وحتى سن 12. وقُيِّمت الأعراض الذهانية للأطفال في سن 12 عن طريق مقابلات جرت في المنازل.

حصل الباحثون على السمات المميزة للأحياء السكنية عن طريق استقصائهم للسكان المحليين، وعن طريق إنشاءهم لقطاعات من المعلومات الجغرافية-المكانية عالية الدقة من السجلات الإدارية وصورGoogle Street View. تأخذ هذه الدراسة طويلة الأمد التاريخ العائلي للأمراض العقلية بالاعتبار، وكذلك تاريخ الأعراض الذهانية لدى الأم.

وتوضح أودجيرز: "جمعنا ما لدينا من أفضل المقاييس لصحة الأطفال العقلية مع عمليات التقييم الجغرافية المكانية من أجل أن نفحص السبب الكامن وراء ارتفاع تعرض الأطفال الذين ينشأون في بيئات ح للتجارب الذهنية".

وجد الباحثون أن الأطفال الذين بلغوا 12 عامًا في الأحياء الحضرية كان احتمال معايشتهم لأعراض ذهانية أكثر بمرتين تقريبًا، مقارنة بالأطفال في المناطق غير الحضرية. وقد بقيت هذه النسبة على حالها عندما أخذ الباحثون بالاعتبار مسألة التنقل بين المساكن، والظروف الاجتماعية و الاقتصادية، ووجود تاريخ عائلي لمرض ذهاني. حوالي 7.4 بالمئة من الأطفال الذين يعيشون في مناطق حضرية عايشوا على الأقل عرضًا ذهانيًا واحدًا في حياتهم حتى عمر 12، وذلك مقارنة بـ4.4 بالمئة من الذين يعيشون في مناطق غير حضرية.

قالت هيلين فيشر Helen Fisher، إحدى كبار المحاضرين وزميلة من MQ في كلية كينجز لندن: "مجرد معايشة الطفل للأعراض الذهانية، لا يعني أنه سيطور اضطرابات عقلية سريرية مكتملة. كثير منهم سيتخلصون من هذه الأعراض خلال نموهم، ولكن هذه التجارب الحياتية المبكرة وغير المألوفة قد تؤدي إلى مجموعة من المشاكل لاحقًا".

نظر الباحثون في أربعة أنواع من التجارب على مستوى الأحياء السكنية، لتحديد السبب: الدعم والتماسك في الحي، وميل الجيران لأن يتدخلوا إذا ما حدثت مشاكل في الحي، والاضطرابات الموجودة في الحي كرسوم "الغرافيتي" والتخريب والجيران المزعجون والشجارات المزعجة، ووجود ضحايا للجرائم.

كانت الأعراض الذهانية أكثر شيوعًا لدى الأطفال الذين يعيشون في مناطق ذات مستوى تماسك اجتماعي أقل، ومستوى ضبط اجتماعي أقل، ومستوى أعلى من الاضطرابات في الحي، وكذلك الذين كان أفراد من عائلتهم ضحية لجريمة.

ولكن يبدوا أن الأثر الأكبر كان للتماسك الاجتماعي المنخفض، ووجود ضحايا للجرائم. لقد استطاع هذا المزيج من العوامل تفسير ربع العلاقة ما بين الحياة الحضرية وما بين الأعراض الذهانية لدى الأطفال.

يمكن الاستفادة من الدراسة من أجل تطوير تدخلات اجتماعية وطبية للأعراض الذهانية المبكرة، للحد من المشاكل الصحية العقلية المكلفة، التي قد تتلو هذه الأعراض، وذلك بحسب ما قاله الباحثون.

قالت أودجيرز: "إحدى النتائج المشجعة هنا، هي أن التماسك الاجتماعي قابل للتغيير على مستوى المجتمعات، كما أنه ليس معتمدًا بشكل كلي على الموارد الاقتصادية"، وأردفت: "كثير من الأحياء السكنية شديدةِ التماسك في دراستنا كانت أيضًا الأكثر فقرًا من الناحية الاقتصادية".

بما أن الأعراض الذهانية في مرحلة الطفولة نادرةٌ نسبيًا (أقل من 6 بالمئة من الأطفال في الدراسة بلغوا عن أعراض كهذه)، ينصح الباحثون أن تُكرَّر هذه الدراسة. كما أن هناك حاجة لأبحاث أخرى، من أجل فهم الأعراض الذهانية بشكل أفضل في نهايات مرحلة المراهقة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل