المحتوى الرئيسى

أديس أبابا التي رأيت "5/5"

06/28 02:09

عند حلول المساء أخبرني صديقي عمر بأنه سيمر عليّ بعد العاشرة لنذهب معاً إلى المطعم اللبناني وهو من الأماكن المفضلة للزوار العرب لقلة المطاعم العربية بشكل عام في أديس أبابا، ولوجود برنامج يومي يبتدئ بتقديم أغنيات غربية ثم يفتح المجال للغناء السوداني والإثيوبي فيما تخصص الفقرات الختامية للغناء العربي والرقصات التراثية الشرقية يؤديها شباب من الجنسيات السورية واللبنانية.. في تلك الليلة كانت الشابة الإثيوبية (Fiker) قد أبدعت في فاصل من الأغاني السودانية أدتها بطريقة جميلة تفاعل معها الجمهور.

كنت أود أن تمتد زيارتي لتشمل مسجد النجاشي، ملك الحبشة الذي آوى صحابة رسول الله، لكن بُعد المسافة حال دون ذلك؛ حيث إن المسجد يقع في إقليم (تيجراي) على بعد 800 كلم من العاصمة أديس أبابا، وأقرب مطار إليه يبعد حوالي ساعتين.

بقية الأيام كنت أقضيها ما بين التسكُّع في الأجواء الممطرة الغائمة، والتعرّف على فرص ومناخ الاستثمار في الدولة التي تشهد نهضة ونمواً يسير بسرعة الصاروخ رغم الأوضاع العالمية المتقلبة، وما بين الأمسيات الجميلة التي كنت أمضيها برفقة أصدقائي.

برغم كل ما ذهبنا إليه من إيجابيات وصور رائعة، فإن هناك بعض الصعوبات التي يمكن أن تواجه الزائر العربي لأديس أبابا من بينها مشكلة اللغة التي تكلمنا عنها في وقت سابق، والحل هو التخاطب مع السكان باللغة الإنجليزية التي يجيدونها بطلاقة، كما أن قلة المطاعم العربية قد تسبب إزعاجاً لدى البعض إذ أن عددها لا يزيد عن 4 أو 5 تقريباً وهي مطعم النخلة وصنعاء ودودي السوداني إضافة إلى المطعم اللبناني. أيضاً هناك صعوبات في بعض الأشياء التي يحتاجها الزوار مثل رداءة الاتصالات والإنترنت إضافة إلى قلة المغاسل الأوتوماتيكية داخل أرجاء العاصمة رغم النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة.

الشعب الإثيوبي بشكل عام ودود جداً يرحب بالضيوف ويسعى لمساعدتهم بقدر الإمكان، قليلاً ما تجد مواطناً إثيوبياً يستغل السياح كما في بعض الدول الأخرى، وهذه من أهم الصفات التي يتميز بها المواطن الإثيوبي.. عزة النفس والكرامة مع الرضا بالقليل من المال.

أديس أبابا مدينة ذات سحر عجيب.. عندما تحط رحالك في مطارها تكون فرحاً لدرجة تتمنى أن تنتهي إجراءاتك بسرعة لتدخل إلى الديار وتستمتع بكل لحظة فيها، عكس ذلك عندما تصل المطار مودعاً ينقلب شعورك إلى الحزن والأسى كما لو أنك توشك على فراق المحبوب!.. هذا الإحساس شعرت به عندما انتهت رحلتي وقدِمت إلى المطار لأستقل الطائرة المغادِرة إلى دبي.

في مبنى الركاب 2 بمطار بولي لاحظت كثافة الرحلات التي تُسيرها الخطوط الإثيوبية.. كانت هناك طائرة عملاقة تستعد للإقلاع إلى لوس أنجلوس، وأخرى بنفس اللحظة في طريقها إلى العاصمة واشنطن، وثالثة إلى فرانكفورت ورابعة متجهة إلى باريس.. أما بالنسبة للدول الإفريقية فإن الإثيوبية تمد أسطولها الحديث الذي يحتوي على أكثر من 90 طائرة ليغطي القارة بأكملها تقريباً؛ لذلك فهي تستحق عن جدارة لقب عاصمة "الاتحاد الإفريقي" وقلبه النابض، وفي المطار المزدحم شاهدت الآلاف من الأوروبيين والأفارقة وحتى رعايا الدول العربية يتجولون في السوق الحرة التي تحتوي على المقتنيات والموروثات الشعبية من قهوة وسجاد وأزياء شعبية إثيوبية.

قبل الختام أشير إلى الكلمات التي يستخدمها الإثيوبيون بكثرة في لغتهم (الأمهرية) ذات الجرس الموسيقي المحبب إلى النفس من بينها.. كلمة (إشّي) وهي تعني حاضر، أوك..، (بُنة) يقصدون بها القهوة، (فِكر) تعني حُب، و(تنش) تقابل قليل أو بسيط، و(إمسقنالو) بمعنى شكراً.

انتهت الرحلة الجميلة إلى ديار الحبوش، ولكن أثرها باقٍ وذكرياتها تظل دوماً في الخاطر والوجدان إلى أن أزورها مجدداً بإذن الله.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل