المحتوى الرئيسى

سارة مصطفى تكتب: لماذا لا يموت الـ”دارك لوردز”؟

06/27 11:14

أنهيت مؤخرا قراءة مجموعة روايات هاري بوتر بأجزائها السبعة.. قد تبدو المجموعة للوهلة الأولى خاصة بالأطفال أو بالمراهقين على أقصى تقدير، ولكن إعادة قراءتها ومشاهدة الأفلام المقتبسة عنها مرة تلو الأخرى تكشف درسًا، أو مقولة، حكمة، أو تفصيلة لم ينتبه إليها القارئ أو المشاهد في المرة التي سبقتها.

في البداية فرضت الرواية نفسها على الواقع، وظننت أنني ابتعدت حينما وجدت نفسي أستل عصاي السحرية وأقف بجانب “جماعة العنقاء” أحارب أسوأ ساحر ظهر في هذا العالم “اللورد فولدمورت“.

بعد عدد من الصفحات، وجدت الواقع يغلب ويفرض نفسه مرة أخرى، فرأيت أشرار هذا العالم في وجوه شخصيات الجانب المظلم في هذه الرواية، ووجدت نفسي أربط بين ما يحدث في الرواية وبين ما يحدث في الأخبار التي أقرأها كل يوم.

رغم تشابه الصفات بين أشرار الواقع وأشرار الرواية، إلا أن بعض العوالم أكثر حظا من غيرها، فعالم السحرة ممتع مثير للاهتمام، يحظى بأشرار أذكياء ذوي قوى مدهشة مثل فولدمورت.

أما دول العالم الثالث فمملة، حتى في أشرارها تحظى بمن هم أقل ذكاء وأقل قوة وأكثر فشلا وأقل حيلة. اللورد فولدمورت هو الشرير الرئيسي على امتداد السبعة أجزاء، ورغم المحاولات المستمرة لقتله في هذه الأجزاء، ومحاولات أجيال أخرى للقضاء عليه، إلا أنه بدا أن “الدارك لورد” لا يموت.

يحاول المعلمون الكبار مثل “دامبلدور” قتله، ولكنهم لا ينجحون، يحاول الآباء التخلص منه لحماية مستقبل أبنائهم فينجحون في إضعافه وإيقافه لعدد من السنوات، ولكنه لا يلبث أن يستعيد قوته ويعود، فتقع مهمة القضاء عليه على الجيل الجديد.

مثل الدارك لوردز الذين يحكمون عالمنا، قال فولدمورت لمن حوله أن عليهم الاستماع إليه هو، والثقة فيه هو فقط دون غيره.. حاول أيضا أن يقضي على كل السحرة الذين لا يملكون دماء نقية، أي ينحدرون من أسر عادية وليس من سحرة، لأنه يرى أنهم في منزلة أقل، كما أنه يحتقر سائر الكائنات السحرية ويراها أحقر من السحرة.. فولدمورت خلق أعداءه بنفسه، فهو الذي حشد الناس ضده حينما قتل عائلة هذا، وعذب أهل ذاك، وخطف العديدين وأخفاهم، لأنهم لا يؤيدونه.. فولدمورت أيضا يستعين بمخلوقات تدعى “ديمنتورز“، وقد كانت وظيفتها حراسة سجن عالم السحرة “أزكابان” في مقابل أن تتركهم وزارة السحر ليسحبوا أرواح المساجين ويتغذوا على ذكرياتهم ويجعلونهم يعيشون أسوأ ذكرياتهم مرة تلو الأخرى، حتى يتركوا السجناء في النهاية أجساد لا هي ميتة، ولا هي على قيد الحياة.

كل أفعال فولدمورت هذه ساعدت على تقوية من يقفون ضده وجعلت البعض ينضمون إلى الجهة المقابلة رغم خوفهم، فولدمورت صنع أعداءه بنفسه مثل أي طاغية كما قال “دمبلدور” لهاري، فلولا جرائمه البشعة لما حاربه الآخرون.

لم يحمل “فولدمورت” هذا الاسم منذ البداية، بل كان اسمه “توم ريدل”، وقبل أن يصبح “الدارك لورد”، كان مجرد طالب في مدرسة “هوجوارتس” للسحر.. انجذب للسحر الأسود منذ حداثته، وفي طريقه ليصبح أعظم ساحر أسود سيطرت عليه فكرة الخلود.

قام بخداع أحد أساتذته وعلم منه أن هناك نوعا من السحر يدعى “هوركروكس” يمكّنه من تجزيء روحه وحفظ جزء منها داخل أداة ما، ولكن عملية تجزيء الروح لا تتم إلا عن طريق القتل.

وهكذا استطاع “فولدمورت” العودة مرة تلو الأخرى، بعد أن ظن الجميع أنه قضي عليه.

قد لا يملك أشرار عالمنا قدرات سحرية، لكن كل جرائم القتل التي قاموا بها جزأت شرهم وحفظته في أماكن عديدة مثل نفوس الشعوب، ووسائل الإعلام، وأجهزة الدولة، وبهذه الطريقة يتم إعادة إحياة الشر مرة أخرى، بعد أن يظن من حاربوه أنهم قد انتصروا عليه أخيرا.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل