المحتوى الرئيسى

دماء ضحاياهم كانت الثمن| «ضباط» تورطوا في جرائم حقوق إنسان عوقبوا بـ«الترقية» !

06/26 15:25

خرج المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي في يناير الماضى إلى منصة محكمة القضاء الإدراي، وبصوت باتر وكلمات حاسمة أخذ يقول: "المشرع الدستورى جعل الكرامة حقًّا لكل إنسان، ولم يُجز المساس بها، وألزم الدولة باحترامها وحمايتها، وجعل التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم، لتعلقها بحقوق الإنسان، وألزم الدولة بحفظ كرامة أى مقبوض عليه، وعدم جواز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذائه بدنيًّا أو معنويًّا".

لكن تلك الكلمات، لم تصل إلى مسامع الجالسين على مقعد وزير الداخلية، والذي أخذوا يكافئون ضباط التعذيب بنقلهم إلى مكان آخر، وترقيتهم حتى وصل بعضهم للصفوف الأولى بالوزارة، وسط استمرار عمليات التعذيب والتي تكشف عن الكثير من القضايا يوميًا دون هوادة، التي تصفها الوزارة بالحالات الفردية.

 ورصد مركز "النديم" لتأهيل ضحايا العنف حوادث التعذيب في مصر، خلال الفترة من يونيو 2014 وحتى يونيو 2015، 289 حالة تعذيب، و272 حالة وفاة، 63 حالة إصابة نتيجة إطلاق نار في الشارع، 10 حالات إهمال طبي لإصابات نتجت عن التعذيب، و8 حالات تحرش جنسي داخل أقسام الشرطة.

الكثير من الضباط المتهمين في تلك الحالات مازلوا يجلسون على مقاعد الشرطة، وعلى أكتفاهم النجوم والنسور يأخذون نصيبهم من الترقيات دون أدنى محاسبة تذكر، بل وكان أشد عقاب هو النقل، حسبما صدر عن وزير الداخلية في حق الكثير، ففي ديسمبر 2015، استقبل الأهالى مدينة الإسماعيلية قرار وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار بنقل الضابط إبراهيم عمارة المتهم بقتل "ضحية الأقصر" طلعت شبيب لمديرية أمن الإسماعيلية، بغضب شديد والذى اعتبروه عقابًا للمدينة.

لم تكن حالة ضابط الأقصر هي الأولى ولا الأخيرة، حيث تنتهج الوزارة، ذلك المسار منذ زمن، حيث يحمل بعض اللواءات في سجلهم قضايا تعذيب، لم يكونوا فقط متهمين فيها ولكنهم أدينوا فيها وحكم عليهم بالسجن، ولم تنظر الوزارة لذلك خلال حركة التنقلات المستمرة والتي يصبهم فيها الدور بالترقية.

اللواء خالد شلبي، رئيس الإدارة العام لمباحث الجيزة، يضج سجله بالكثير من الاتهامات، حكم عليه في واحدة منها، والحكم عليه سنة مع إيقاف التنفيذ في القضية رقم 67909 لسنة 2000 المنتزه، في قضية قتل وتعذيب المواطن شوقي عبد العال، ولتزوير تقارير الشرطة حول وقائع التعذيب حتى الموت، وهو نفسه من وجهت له الصحف العالمية اتهامات بمحاولة التستر على تعذيب الطالب الإيطالي "ريجيني"، بعدما صرح لأحد الصحف المصرية بأنه قتل في حادث سير في مخالفة لما خرجت بها النيابة العامة.

ورغم إدانة "شلبي" عام 2000، في قضية التعذيب في حكم مع إيقاف التنفيذ، إلا أنه عاد للخدمة وتمت ترقيته إلى وكيلٍ للإدارة العامة لمباحث الجيزة، ثم رئيسًا للإدارة العامة لمباحث الجيزة، وذلك ضمن حركة التنقلات التي أعلنها وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار في ديسمبر الماضي.

اللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية بالقليوبية، لم يكن بعيدًا عن الاتهامات بالتعذيب، وأدين في 19 ديسمبر عام 2002، وحكم عليه بسنة مع الشغل، لتعذيبه أحمد محمود محمد يوم 12 يوليو 1999 بدائرة قسم العمرانية حتى الموت، حيث تعدى عليه بأجسام صلبة بعضها ذى سطح خشن، وقام بصعقه بالكهرباء في أعضائه التناسلية ، حسبما ذكر مركز النديم في تقرير له.

ولكن رغم الإدانة عاد "حمزة" للوزارة مرة أخرى وترقى بعد الحكم، حيث أصبح مفتشًا لمباحث شمال الجيزة، وأخذ نصيبه من الترقيات الرسمية حتى وصل إلى رتبة لواء ومنصب مدير المباحث الجنائية بالقليوبية، دون النظر لسجله المدنس بجرائم التعذيب.

وكانت القضية الأشهر في التعذيب في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك هي قضية مقتل السائق عماد الكبير، عام 2006، حيث ألقى الضابط إسلام نبيه القبض على السائق "عماد الكبير" واحتجزه وعذبه ثم هتك عرضه بالقوة، وقام بتصوير عملية تعذيبه وهتك عرضه بكاميرا موبايل.

وعاقبت محكمة جنايات الجيزة في نوفمبر 2007 "نبيه"، وأمين الشرطة رضا فتحي السيد، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لإدانتهما بتعذيب السائق عماد الكبير، ولكن بعدما قضى عقوبته عاد الضابط والأمين للخدمة مرة أخرى ونقلا إلى مديرية أمن أسيوط، ورفضت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة  قبول الدعوى المقامة من عدد من المحامين وعلى رأسهم أحمد سيف الإسلام مدير مركز هشام مبارك للقانونى، ضد اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، لوقف تنفيذ وإلغاء قراره بإعادته إلى العمل.

وفي الإسكندرية، جلس ضابط التعذيب أكرم سليمان على مقعد مسؤول حقوق الإنسان بمديرية الأمن بالمدينة، والذي صدر ضده في عام 2009 حكم بالسجن خمسة أعوام، بعدما عذب مواطن يدعي "رجائي سلطان" وهشم رأسه بشومه، مما سبب له ارتجاجًا في المخ وتهشمًا في عظام الجمجمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل