المحتوى الرئيسى

مجدي منصور يكتب: الإسرائيليون والفلسطينيون.. الوصول للحائط المسدود! نظرة بالعمق في مجرى الصراع العربي الإسرائيلي (5) | ساسة بوست

06/25 20:39

منذ 10 دقائق، 25 يونيو,2016

طريق المهالك في بعض الأحيان يبدأ بفكرة!

«إننا تدخلنا بحزم في لبنان مرتين: مرة لمنع الموارنة من تصفية الفلسطينيين، وإخضاع المُسلمين، ومرة ثانية لمنع (جنبلاط وعرفات) من إلحاق هزيمة ساحقة بالموارنة».

في أجواء الحرب الأهلية في لبنان كان بعض قادة «منظمة التحرير» قد أدركوا من جوانب الحقيقة ما يكفيهم لكى يتأكدوا أن بقاءهم في لبنان لا يمكن إلا أن يكون مؤقتًا لعدة اعتبارات:

إن هناك إرادة دولية لها رأى فيما يتعلق بدور لبنان ومستقبله في المنطقة، فهناك اعتبارات كثيرة تفرض ألا تتخلى بعض الدول الأوروبية، وفى مقدمتها فرنسا عن موقع تاريخي له أمية حضارية، واقتصادية على شاطئ البحر الأبيض مثل لبنان، وكذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي طالما اعتبرت لبنان مركز خدمات أساسيًا في مجالات حيوية، مثل المال، والإعلام، والمعلومات، بما في ذلك نشاط المخابرات، لن ترضى في خاتمة المطاف أن يسقط هذا الموقع في يد من تعتبرهم أكثر العناصر تطرفًا في العالم العربي وقتها!

إن سوريا التي لم تستطع أن تصل مع إسرائيل إلى أكثر من فك ارتباط واحد في مرتفعات الجولان، كانت تُعد نفسها لصراع طويل مع إسرائيل، وهذا الصراع يصعُب أن يكون عسكريًا في غياب القوة العسكرية المصرية. وإذا كان ذلك فهو إذن صراع سياسي يحتاج بالدرجة الأولى إلى مقدرة الصبر وقوة الأعصاب. وفى ذلك فإن سوريا لا بد أن تؤمن طُرق الاقتراب إليها من لبنان، ومن ثم تُصبح بيروت موقعًا لا يمكن أن تسمح فيه سوريا بقوى مناوئة لسياستها أو خارجة عليها.

إن إسرائيل بدورها لن تسمح للمقاومة الفلسطينية ضدها أن تخرج من عمان، ثم تُقصى عن القاهرة، وبالرغم من ذلك تجدها أمامها مباشرة في لبنان. وبالتالي فإن إسرائيل لن تقدر على السكوت طويلًا أمام تجمع فلسطيني كثيف يحاول أن يتخذ من لبنان قاعدة لعملها السياسي والعسكري والإعلامي، ولم تكن منظمة التحرير غافلة عن أن إسرائيل قامت باختراقات كبيرة في مراكز متنفذة في لبنان. وبالتالي فإن الثورة الفلسطينية في لبنان متوجسة على خطوطها الأمامية، وغير مطمئنة إلى خطوطها الخلفية وذلك دعاها إلى حيث لم تكن مدعوة في مواقع عديدة في لبنان.

إن كل القوى اللبنانية لم تكن سعيدة بالوجود الفلسطيني الكثيف في لبنان، وقد راودت بعض اللبنانيين مخاوف من أن يتحول لبنان إلى وطن بديل للفلسطينيين يعوض عليهم وطنهم المفقود. وحتى القوى القومية التي كانت شديدة الصلابة في حمايتها للوجود الفلسطيني في لبنان كانت تفعل ذلك ولديها قدر كبير من الشك في كفاءة القيادة الفلسطينية، وفى مقدرتها على إدارة صراعها.

وعلى سبيل المثال فقد كان رأي «كمال جنبلاط» أن القيادة الفلسطينية أصغر من قضيتها.

وكان رأي الإمام«موسى الصدر» أن الثورة الفلسطينية تكاد تكون حركة فوضوية غير مُنضبطة. وكل ما لديها هو أن العالم العربي يُداريها ، إما إكرامًا لقضيتها أو اتقاء لخطر جموحها. وفي الحالتين فإن العالم العربي يكتفي بأن يعطيها المال؛ يشتري به السكوت. كمال جنبلاط

ونتيجة لهذه الأوضاع نفسها فإن العلاقة بين قيادات الثورة الفلسطينية وبين القيادات اللبنانية، على اختلاف ألوانها، كانت علاقة مشوبة بقدر كبير من الازدواجية؛ فالقيادات الفلسطينية تعرف رأي القوى المختلفة اللبنانية في أحوالها، وفي نوعية رجالها، وهى تُدرك أن كل هؤلاء الأطراف يحاولون استخدام الوجود الفلسطيني الذى لم يقدروا على منعه في مناوراتهم الداخلية بأكثر مما يساندونه إيمانًا بقضية يقدر أصحابها على الوصول بها الى نتائج مقبولة. ونتيجة لذلك فإن العلاقات اتخذت طابعًا لا يطمئن فيه جانب إلى الآخر، وإنما السمة الأساسية فيه هي عمليات المداورة والالتفاف وكسب الوقت.

كانت أجواء المنظمة قبل بيروت أجواء حافلة بالعنف ومكدسة بالسلاح، وفى بيروت أُضيف عنصر آخر إلى هذه الأجواء، وهو عنصر التزاحم الفكري والفلسفي بصرف النظر عن القيمة الفعلية للأفكار والفلسفات، والحاصل أن المدافع الرشاشة المعبأة بالطلقات وجدت إلى جانبها فوهات أخرى على استعداد لأن تُطلق الكثير من الاجتهادات والتنظيرات!

وكان أن بدأ التفكير يسرى بتساؤل شاع في البداية على استيحاء ومؤداه: لماذا لا تعتبر المنظمة نفسها طرفًا متفاوضًا ومستقلًا ما دامت المنطقة كلها تضُج بحديث المفاوضات بين مصر وإسرائيل، وبين سوريا وإسرائيل (في فك الاشتباك الأول بينهما)، وبين الأردن وإسرائيل، وكان السر الذائع في المنطقة وقتها هو وجود قنوات اتصال، لم تتوقف بين الأردن وإسرائيل.

وفى ذلك الوقت ظهر في أجواء منظمة التحرير دور واحد من أعضائها القدامى، راح اقتناعه يتزايد يوم بعد يوم بضرورة أن تقوم المنظمة باستكشاف إمكانية الاتصال مع عناصر في إسرائيل. وكان هذا الرجل هو «محمود عباس» (أبو مازن) ولم يكن في اقتناعات «أبي مازن» اكتشاف جديد، فالمنطق الذى يقول به الآن قد مارسه بالفعل كثيرون، ولكن الجديد أن القائل به اليوم من قيادة الثورة الفلسطينية، وكانت تلك مسألة مهمة!

– ويروي (أبو مازن) في مذكراته «طريق أوسلو» «في أحد أيام 1970 قرأت خبرًا في صحيفة محلية يفيد بأن يهود البلاد العربية أصبحوا يشكلون أكثر من نصف سكان إسرائيل. وأثار هذا الخبر فضولي وتساؤلاتي؛ كيف زودت الدول العربية إسرائيل بنصف سكانها؟ وكيف يعيشون فيها؟ وما هي علاقاتهم مع اليهود الغربيين؟ وعدد من الأسئلة التي لم أجد جوابًا لها. وكان لابد من بدء مرحلة جديدة من القراءة والاطلاع؛ للبحث عن مكنونات إسرائيل وخباياها. ومنذ سنة 1970 وحتى عام 1977 نشرت كتابين عن الهجرة اليهودية من البلاد العربية والدول الغربية وعلاقات إسرائيل بأمريكا وأنصار السلام داخل هذا المجتمع، وغير ذلك من المعلومات الأولية التي تفيد في تكوين فكرة أولية عن إسرائيل».

ثم يواصل «أبو مازن» كلامه فيقول «وقد توصلت إلى ضرورة العمل على الاتصال بالقوى الإسرائيلية لإجراء حوار معها للوصول إلى السلام».

وفى أجواء بيروت كان «أبو مازن» يبشر ـ همسًا ـ بنظريته الجديدة القديمة، ويعرضها في مجموعة نقاط:

حان للثورة الفلسطينية أن تفهم عدوها، وألا تتعامل معه ككتلة واحدة، فهناك في الواقع ثلاث كُتل هي: اليهود الغربيون «الأشكيناز»، واليهود الشرقيون «السيفارديم»، ثم هناك يهود البلاد العربية الذين هاجروا إلى إسرائيل.

إن هناك داخل المؤسسة الإسرائيلية ذاتها كثيرين من الذين يرون إمكانية التعايش السلمى مع العرب، وهؤلاء تمثلهم منظمة «السلام الآن».

إن اتفاقات فك الارتباط التي قام بها الرئيس «السادات» مع إسرائيل تحت رعاية ساحر فيتنام «كيسنجر» بصرف النظر عن نتائجها خلقت في إسرائيل أجواء رطبة مهيأة لحديث السلام.

كان «أبو مازن» يدعو إلى أفكاره في بيروت، ولم يكن حظها من القبول وفيرًا حتى انفجرت الحرب الأهلية في لبنان واشتعلت نيرانها بأوسع وأسخن مما كان محتملًا، وقرر الرئيس (حافظ الأسد) أن يتدخل عسكريًا لوقف هذه الحرب وسط تأييد من قوى دولية وافقت، وربما شجعت.

كان الرئيس «حافظ الأسد» على اعتقاد جازم بأن الحرب الأهلية في لبنان مخطط مدبر من قبل «هنري كيسنجر» الذي أرادها عملية تلفت أنظار الجماهير العربية، حتى يُتيح لمصر فرصة توقيع اتفاقية فك الارتباط الثانية مع إسرائيل (سبتمبر 1975) دون أن تجد في ذلك معارضة قوية من العالم العربي، وأكثر من ذلك فقد كان الرئيس «الأسد» يعتقد أن اتفاقية فك الارتباط الثانية بين مصر وإسرائيل هي عملية تحضير لتوقيع سلام مصر – إسرائيلي منفرد.

الرئيسان «السادات» و«الأسد» تضارب في الأفكار خلاف واختلاف في المواقف أنتجت قطيعة دائمة!

وفى لقاء للرئيس «حافظ الأسد» مع الملك «خالد» وولي عهد الأمير «فهد» في ذلك الوقت، تحدث الرئيس «الأسد» عن أسباب تدخله في لبنان على النحو التالي: إن حرب تشرين (أكتوبر) كانت معركة مشتركة حاربتها مصر وسوريا، ولكن الرئيس «السادات» انفرد بموقف. إن القضية الفلسطينية قضية عربية ، ولم يكن من حق «السادات» أن يتصرف فيها، دون رجوع إلى بقية الأمة. إن نتائج حرب أكتوبر السياسية، لم تكن على مستوى معركة عظيمة خاضها الجيشان المصري والسوري. إن نتائج اتفاقات فك الاشتباك، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر تركت الجبهة السورية وحدها في مواجهة إسرائيل، وبالتالي فإن الضغط على إسرائيل عسكريًا لم يعُد ممكنًا ولا موجودًا. وإنه في ظل هذه الأحوال لم يكن أمام سوريا مفر من التدخل في لبنان عسكريًا لأن انفجار هذا البلد يكشف سوريا، وبالتالي فإن التدخل السوري لم يكن في مصلحة سوريا وحدها، ولا من أجل لبنان فقط، وإنما كان عملًا أملته ضرورات إيجاد حل عادل، وشامل للقضية الفلسطينية. ثم أضاف الرئيس «الأسد» لذلك قوله للملك «خالد» والأمير «فهد»:

«إنكم تلاحظون أننا تدخلنا بحزم في لبنان مرتين»:

مرة لمنع الموارنة من تصفية الفلسطينيين وإخضاع المسلمين. ومرة ثانية لمنع «جنبلاط» و«عرفات» من إلحاق هزيمة ساحقة بالموارنة.

ثم أضاف الرئيس «الأسد» «إنني بذلك حافظت على تركيبة لبنان القائمة على تعايش مسلم – مسيحي ، فأنا لا أقبل معاملة المسيحيين في لبنان وكأنهملاليسوا عربًا،وبنفس القدر لن أسمح للمسيحيين في لبنان أن يتحولوا عن التزامهم القومي».

درس مجانى من ملك المغرب لقادة الثورة الفلسطينية!

«إذا فاجأكم قول أو فعل لرئيس دولة عربية فأعطوا أنفسكم فرصة للتفكير فيه 24 ساعة على الأقل» ـ الملك الحسن للفلسطينيين

كانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تستطيع أن تناور مع كل القوى المحلية في لبنان، وكانت تستطيع أن تغير مواقفها وتحالفاتها طبقًا لأية توازنات طارئة، لكن الجيش السوري في لبنان كان قوة من نوع مختلف، فهو سلاح متفوق بالتأكيد، وأي صدام معه يضع منظمة التحرير الفلسطينية بين المطرقة السورية والسندان الإسرائيلي حتى، ولو لم تكن سوريا تريد ذلك أو تقصده، ثم إن هذا الجيش السوري، وفى لبنان كانت وراءه دولة لها مواقف وسياسات، ولها وجود ونفوذ إقليمي ودولي. وكانت منظمة التحرير تسعى باستمرار إلى توقى الضغط السوري بالنجدة السعودية في وقت غابت فيه مصر عن الساحة، وبالفعل فأن السعودية تدخلت أكثر من مرة كان أبرزها تدخل الأمير «فهد» في ديسمبر 1976 بهدف تلطيف الأوضاع في لبنان، وقاد الأمير “فهد” مشروعًا يحتوى على أربعة نقاط تقضى بما يلي: الأمير (فهد)

يوقف القتال على الأرض اللبنانية. تتعهد المقاومة الفلسطينية باحترام سيادة لبنان. تُشكل قوة ردع عربية توضع تحت تصرف الرئاسة اللبنانية. تُساهم الدول العربية في تقديم معونات للبنان تمكنه من إعادة تعميره، بعد دمار الحرب الأهلية.

لكن هذه القرارات بواقع الحال كانت تصب في صالح الوجود السوري في لبنان، فحين تألفت قوات ردع عربية لم تكن حقائق الأوضاع العربية تسمح، إلا أن تكون هذه القوة سورية. فسوريا هي القوة القرب، وهى القوة الأكثر استعدادًا، ثم إنها القوة الموجودة فعلًا في لبنان، وهكذا فإن الوجود العسكري السوري في لبنان لم يعد قضية تصرف سوري مستقل، وإنما حقق لنفسه فوق ذلك شرعية قبول عربي عام.

والحاصل أن القبول لم يكُن عربيًا فقط، لكنه كان أمريكيًا كذلك، ودوليًا بعد ذلك. ومما لا يحتمل الشك أن إسرائيل أيضًا «استؤذنت» في الدخول العسكري السوري إلى لبنان ووافقت بشرطين:

ألا يُدخل الجيش السوري أي منصات صواريخ إلى الأرض اللبنانية. ألا يستخدم الجيش السوري الطيران بكثافة في لبنان.

وربما أن أشد دواعي نقمة منظمة التحرير على دمشق أن الجيش السوري التزم بالخطوط الحمراء الإسرائيلية، ولم يسمح لنفسه أن يتجاوزها، حتى في لحظات كانت درجة الاستفزاز عالية.

وكان ذلك وضعًا مُقلقًا بالنسبة لقيادة منظمة التحرير، فقد أُحيط الوجود والنشاط الفلسطينيان في لبنان بطوق سوري يصعب الخروج منه، ولم يكن ذلك ما تريده المنظمة. وهنا زادت قوة التيار الذى يمثله «أبو مازن» والذي كان يُطالب باستكشاف إمكانية الاتصال بعناصر إسرائيلية، تمهيدًا لما هو أكثر، إذا سمحت الظروف بذلك، وكان التحسب أن الخروج أو الطرد من لبنان قد أصبح واردًا – فإذا وقعت الواقعة: فإلى أين؟

وفى مارس 1977 طُرح موضوع إجراء اتصالات مع عناصر في إسرائيل على المجلس الوطني الفلسطيني، وكانت تلك أول مرة يناقش فيها مثل هذا الأمر علانية، وبالفعل أصدر المجلس الوطني الفلسطيني قرارًا، يوم 12 مارس (أذار) 1977 دعا فيه «إلى اتصالات مع القوى اليهودية بما يتلاءم ومصلحة الشعب الفلسطيني». في المجلس الوطني الفلسطيني

كان النص على «القوى اليهودية» قصدًا أُريد منه تمرير القرار، بحيث يبدو وكأنه اتصال بالقوى اليهودية خارج إسرائيل، وبالتحديد في أوروبا وفي أمريكا، ولم تكن هناك معارضة كبيرة ضد ذلك، وبدت المحاولة وكأنها مسعى إلى كسب إعلامي بالدرجة الأولى. وارتفعت أصوات المعارضة داخل المؤتمر الوطني الفلسطيني تُبدى تخوفها من هذه الفكرة، لكن الرد عليها لم يكن صعبًا. ويروي «أبو مازن» في مذكراته الطريق إلى أسلو «قبل أن ينهي رئيس المجلس الحوار، ويقفل باب النقاش في هذا الموضوع، طلبت الكلمة؛ لأرد على كل المتحدثين، وقد اكتشفت أنهم على غير علم بالموضوع الذى يتحدثون عنه، ولا يعرفون من إسرائيل، إلا اسمها، ولا يفهمون عنها إلا أنها العدو الذى لابد أن نستمر في حربه، ولذلك عملت على أن أستغل نقطة الضعف هذه، وأن أتسلل من هذه الثغرة؛ لأعرض أسلوب التعامل مع الأعداء، وطرق الوصول إلى الهدف، غير مُقلل لأهمية البندقية التي هي إحدى وسائلنا للوصول إلى غاياتنا، ووقفت بكل ثقة مرتجلًا حديثًا دام خمسًا وأربعين دقيقة طارحًاًكل الأفكار التي رغبت في نقلها إليهم بأسلوب منظم ومسلسل، وقرأت في عيونهم وصمتهم المطبق ما يفيد بأنهم يستمعون لأول مرة إلى نوع من الكلام لم يسمعوه من قبل»!

وخرجت توجيهات من «أبو مازن» بموافقة «ياسر عرفات» لعدد من مكاتب المنظمة بأن تبدأ في إجراء اتصالات بيهود، وطبقًا للقرار الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني، وأضيف له، وبدون الاستناد إلى القرار «أنه لا مانع من أن يكون الاتصال بإسرائيليين تُعرف عنهم نياتهم الطيبة تجاه السلام مع الفلسطينيين».

وبدت نتائج الاتصالات تظهر في شكل اغتيالات لكل مندوبي المنظمة الذين قاموا بتنفيذ التوجيه الصادر لهم فمثلًا جرى اغتيال مندوب المنظمة في باريس (رؤوف القبيسي) وجرى اغتيال مندوب المنظمة في دولة الكويت (علي ياسين) وغيرهم كثيرون، وقيل أن من قام بتلك الاغتيالات بعض المتشددين الفلسطينيين لوقف أي اتصال مع عناصر السلام الإسرائيليين! كما قيل في مرات أخرى أن «المخابرات الإسرائيلية» (الموساد) هي التي قامت بها لتمنع الفلسطينيين من الاتصال بعناصر السلام في إسرائيل.

ومع عمليات الاغتيال المستمرة والمتلاحقة لمديري مكاتب المنظمة فقد بدأت المنظمة تبحث عن مكان في العالم العربي تجرى منه اتصالاتها السرية في ظل حماية تُعطى ممثليها حد أدنى من الأمان. وكان اتجاه التفكير في البداية إلى المغرب؛ فالملك «الحسن» يشجع عملية السلام، وفى ذلك الوقت شاع أن الملك قام بدور هام في التمهيد للاتصالات المصرية – الإسرائيلية التي أدت إلى رحلة القدس، ثم إن الملك من جانبه أنه كان كثيرًا ما ينصح منظمة التحرير بأن تجرى اتصالات استطلاعية مع إسرائيل لا تخسر منها شيئًا، بل لعلها تُساعد في استجلاء النوايا والخطط.

لكن الملك «الحسن» فوجئ بقرار الرئيس «السادات» الذهاب شخصيًا إلى القدس. كان الملك عندما قام بترتيب اجتماع بين «موشى ديان» و«حسن التهامي» على استعداد لأن يتصور اجتماعًا سريًا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبين رئيس جمهورية مصر العربية، لكن قرار الرئيس «السادات» باختصار الإجراءات والطرق فاجأه على غير انتظار، واضطره أن يتخذ موقفًا متحفظًا وصل فيه إلى حد الوقوف مع الآخرين في شجب زيارة القدس، ولم يكن الملك مستعدًا للمغامرة مرة أخرى مع منظمة التحرير.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل