المحتوى الرئيسى

شاهر جوهر يكتب: انحسار «الإسلاموفوبيا».. عن جيفري لانغ أتحدث | ساسة بوست

06/25 18:10

منذ 21 دقيقة، 25 يونيو,2016

مشكلتنا كجيل جديد في الشرق المسلم أننا مشغولون دائمًا بما يعتقده الغرب عنا، وهذا الخوف – ولفرط غياب الثقة في أنفسنا – يسبب لنا الشلل، ويدفعنا لصرف حياتنا أسرى له. ومن ثم بلحظة عجز قد يشار إلينا بتساؤل مبهم: هل حققنا ما نبغي؟ هل نعيش من أجل ديننا؟ هل نتصرف وفق قناعاتنا الدينية؟

والجواب ـ بكل تأكيد ـ ليس كما نريد؛ فالغرب في عمومه ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﺪًا حتى تتم شيطنته بتلك الحدة، ومنذ ظهور الإسلام ﻟﻢ يكف الغرب – كما يقول ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ «ﺩﻳﺒﺎﺳﻜﻴﻴﻪ» ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﻪ؛ ﻟﻜﻲ ﻳﺠﺪ ﻣﺒﺮﺭﺍﺕ ﻟﻘﺘﺎﻟﻪ، «ﻭﻗﺪ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﺨﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﻓﻈﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ؛ ﻟﻴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ».

ومهما يكن من صحة الدعاية التي يقودها الغرب ضد الإسلام، والتي سرعان ما استغلها جميع الذين اعتبروا هذا الدين كانفصال نفسي أو كفساد روحي، فإنها كانت ولم تزل في غاية الظلم. وإن دعايتهم المتأججة قد أوسعت لهذا الدين أن يحيا وينمو بينهم، حين كان الكثيرون لا يفكرون سوى في اغتياله؛ باعتباره اليوم «أقوى دين ديناميكية في كسب الأتباع» وفق ما كتبت عنه مجلة «دير شبيغل» الألمانية؛ إذ يدخل الإسلام سنويًا أكثر من 22 ألف معتنق جديد في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.

وبنفس الوقت لا نستطيع أن ننكر أن الهجمة كانت بالغة الشؤم، ودفع لأجلها الإسلام ثمنًا باهظًا جدًا خلال تاريخه، ولا ننكر أن لها تبعات مؤسفة على ديننا تحولت إلى «رعب أكبر» يطال الإسلام حتى في ديارهم، وأنها قد أزاغت ـ أكثر من مرة ـ قلوب الشباب المسلمين قبل غيرهم، وأفسدت ملكتهم النقدية وكرست في حياتنا أحكامًا جائرة، لكن لم يمنع ضخ الأموال في هذا السبيل، وتجنيد الإعلام، وتحويل هذا الدين إلى «فوبيا» عالمية من إظهار الحقيقة، ولم يحل دون تكشّف زيف الادعاءات الواهية ضد هذا الدين.

ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ «ﺳﻮﻟﺠﻨﺴﺘﻴﻦ» «ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻧﺤﻮ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻑ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻫﻮ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻘﻮﺓ ﻣﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩ ﻟﻪ قيمه ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻪ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻗﻴﻢ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺪﻫﺎ ﺣﺪﻭﺩ».

فالإسلام يدافع عن الكرامة الإنسانية في خضم هذا الصراع المادي الذي أفرزته الحضارة الغربية بتناقضاتها الجلية، والواقع الاجتماعي في الغرب يؤكد صحة ذلك اليوم.

فحصل ذات مرة أن ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻹﺳﻼﻡ، وكان السبب ـ حين سُئلت عن ذلك ـ قولها «لأني أردت البحث عن العفة»، ثم تكمل «ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﻫﻮﻟﻨﺪﺍ، ﻓﺴﻤﻌﺖ ﺿﺠﻴﺠًﺎ ﻭﺃﺻﻮﺍﺗًﺎ ﻭﻫﺮﺟًا، ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﺭﺟلًا ﻳﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﻢ ﻋﺮﺍﺓ ﻭﻳﺴﻤﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ‏بـ«ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﺤﻲ»، ﻓﻬﺰ ﻛﻴﺎﻧﻲ ﻭﺣﺮﻙ ﻧﻮﺍﺯﻋﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺩﻳﻦ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻋﻔﺎﻓﻲ ﻭﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﻋﺰﻳﺰﺓ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ، ﻭﻟﺴﺖ ﺳﻠﻌﺔ ﺭﺧﻴﺼﺔ ﻣﺒﺘﺬﻟﺔ، ﻓﺒﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ في ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﺎﻋﺘﻨﻘﺘﻪ».

وقس على تلك القصص الكثير، لكن يدفعني الحماس اليوم لتسليط الضوء حول قصة إسلام المفكر الأمريكي «جيفري لانغ» كنموذج لفشل الدعاية الغربية حول الإسلام، فيما يعرف بـ«الاسلاموفوبيا»؛ لأننا هنا في بلاد العرب نحيا وفقًا لقواعدنا، ولدينا شعور مفرط أننا قد لا نملك القوة للنهوض في حال سقطنا، لهذا أخطأنا في حياتنا، وقمنا بأشياء نخجل من ذكرها، ولو تسنى لنا تكرارها لتجنبناها، لكن الأمور لا تجري بهذه الطريقة، لذا فمن الحشمة علي ككاتب أن أحترم  ديني ووظيفتي، وأن أتحدث عن هذا الشخص بما ترضاه نفسي، وبما يرضي الله. وبالرغم من أن كلانا على طرفي ثقافة، فلقد تعرضنا مثله لشكوك، وخوف، لا ينتهي حول حياتنا، ربما لأننا كعرب مسلمين نعرف الخوف جيدًا، عندما نبتعد عن الله، ونفرق ديننا بإيدينا شيعًا ومذاهب.

ففي وقت بدت فيه الأمة الإسلامية عاجزة عن تكرار إنجاب عمالقة في الشرق، ظهر هو في الغرب بصوته وإيمانه الأكاديمي المدوي ليعيد الأمل لقلوبنا الفارغة بأن الله قادر أن يزيغ قلوب من أرادوا بهذا الدين سوءًا، لهذا من غير المستغرب ملاحظة أن لا شيء يمنع شابًا من عائلة كاثوليكية ليتحول إلى ملحد عتيد في سن السادسة عشرة، وليدين فجأة بدين الإسلام؛ لأنه ليس على المرء، كما يقول هو، «أن يعرف الله ويعبده، ولكن عليه أن يختار بملء حريته الطريق لمعرفة الله وعبادته».

في شارع ضيق بإطلالة جميلة في «بريدجبورت» في ولاية «كونيكتيكت» في العام 1954 ولد عالم الرياضيات الأمريكي «د. جيفري لانغ»، حصل على شهادة الفلسفة من جامعة «باردو» سنة 1981م، ويعمل اليوم في قسم الرياضيات بجامعة «كنساس».

نشأ لانغ مسيحيًا أصيلًا وسط عائلة صغيرة، لأم تمجد التعاليم الكاثوليكية، وأب كاثوليكي، بدون طقوس،  مدمن، سكير وخارج عن السيطرة العائلية. أما هو، وفي صباه، لم يستطع أحد إقناعه بوجود خالق يتدبر أمور البشر، الأمر الذي دفعه ليسير متخبطًا عشر سنوات مخالفًا عائلته، وفاقدًا «الإيمان بالمسيحية الغربية»، وبأي معتقد  يصف ﺍﻟﺪﻳﻦ باعتباره ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩ ﻟﻠﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، وأنه لا يرى سوى في الطبيعة المتحكم الوحيد ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ﻟﺤﻴﺎﺗﻨﺎ، ولكن أكثر ما كان يؤرِّقه طوال السنوات العشر من الإلحاد هي التعاسة التي يعيش فيها الناس في أوربا على الرغم من حياتهم المترفة، فهم يعيشون في مجتمع فاق حدود الوفرة، ومنحهم جهدهم لتذليل الطبيعة لتكون في خدمتهم، واستمسكوا بيمينهم لكل طريقة سبب حتى فاقت معدلات الرفاه حدودًا أكثر من متوقعة، وبالرغم من ذلك لم يجد أسباب السعادة في هذا المجتمع.

«محمد قنديل» طالب عربي مسلم  تربطه مع لانغ علاقة صداقة لا أكثر . وكانت تتخلل جلسات الصديقين نقاشات دينية محدودة حول طبيعة الله، وكيف يرتب أمور البشر وفق رأي الإسلام، وأمور أخرى كان يعجز قنديل غير متعمق في الدين الإسلامي كما يجب عن الرد عليها.

تغيرت حياة لانغ تمامًا مع قراءته لنسخة مترجمه من القرآن، كان يحتفظ بها قنديل في مكتبته، ثم أخذ يسجل انبهاره بطريقة العرض القرآني للإيمان الذي لا يسرد تاريخ شعب أو سيرة معلم أو حكمًا مأثورة، ويبدي دهشته من قراءة القرآن للقارئ، ومن اعتبار الشخصية البشرية أعظم من الشخصية الملائكية، ومن غياب مفهوم الخطيئة الأصلية بمعناها التوراتي المتداول، والتي يختصرها القرآن إلى زلة «فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم»، ويعلن انبهاره بشخصية نبي الإسلام، ويستنتج أن مفتاح الوصول إلى الحقيقة في الإسلام هو المعاناة.

حيث يصف شعوره بعد قراءته للقرآن قائلًا: «شعرت أنني أمام أستاذ علم نفس يسلط الأشعة على كل مشاعري المخبأة، كنت أحاول مناقشة بعض المشاكل فأجده أمامي بالمرصاد، يغوص في أعماقي فيجعلني عاريًا أمام الحقيقة».

أخذ لانغ يتردد إلى المسجد؛ لعله يجد أجوبة لكثير من التساؤلات حول الإسلام ليجد نفسه في عام 1980 مسلمًا ينطق الشهادتين. تزوج من «راقية»  امرأة سعودية مسلمة من عائلة صديقه قنديل، ويعتبر اليوم أحد الأصوات النشطة في الدائرة الإسلامية، وهو أحد أكثر المتحدثين المعروفين إلهامًا لـ«مركزية مكة»، وهي منظمة تعليمية أمريكية مسلمة، كما يمارس وظيفته كبروفيسور أمريكي في قسم الرياضيات بجامعة كنساس، وعضو مؤسس لـ مجموعة «جيل إسلام أمريكا الشمالية المعتدلة».

ليست المرة الأولى التي يتدرج فيها شاب غربي مراحل دينية؛ ليجد نفسه في نهاية الطريق مسلمًا، لكنها المرة الأولى – بالنسبة لي على الأقل – أن أستمتع بما يكتبه رجل أكاديمي غير عربي عن الإسلام بطريقة نقدية إصلاحية جريئة بالمقياس الإسلامي العربي المعروف لدينا، والتي تحاول تغيير المجتمع الأمريكي الذي هو «مجتمع يسكر بالحرية» لاتخاذ الإسلام منهجًا فكريًا واضحًا.

فبعد 35 عامًا من إسلامه كتب لانغ ثلاثة كتب رائعة هي «الصراع من أجل الإيمان» 1994  – «حتى الملائكة تسأل» 1997 –  وكتاب «ضياع ديني» عام 2004م. بالإضافة إلى العديد من المقالات، والعديد من المحاضرات تناولت الإسلام بطريقة نقدية جميلة .

١ – الصراع من أجل الإيمان.     

وهو كتابه الأول الصادر في العام 1994 أي جاء بعد أربعة عشر عامًا من إسلامه، حيث يتناول الكتاب انطباعات أمريكي اعتنق الإسلام، فيذكر تجربته وحياته الجديدة في الإسلام. وبداية تعرفه إلى الإسلام، والمراحل التي عاشها قبل اعتناقه للدين الجديد أيام المدرسة والجامعة ودراساته العليا، ثم يورد أسئلة حول الكون والحياة والدين واعتراضاته الكثيرة حول بعض المعتقدات المسيحية، ثم بداية قراءته للقرآن وتعرفه بالمسلمين في أمريكا. ودخوله إلى المسجد أول مرة لمعرفة الإسلام. ونقاشاته مع المسلمين ثم نطقه بالشهادة.

يتحدث الفصل الأول منه على قرار اعتناقه الإسلام ، و الثاني فهو يتناول دور القرآن في اتخاذ قرار التحول، والفصول الثلاثة الأخيرة يتحدث فيه عن سبل معالجة الصعوبات التي واجهت المؤلف بعد اعتناقه للإسلام.

– لماذا أصبحت مسلمًا يا أبي؟

يُعتبر هذا السؤال هو جوهر كتابه هذا، وللإجابه على هذا السؤال الذي طرحته ابنته عليه قرر لانغ تأليف هذا الكتاب، فتذكر أنه سأل أباه من قبل شيئًا كهذا «لماذا أنت كاثوليكى؟» وأجابها باختصار، ولم يحسم معها الأمر؛ لأنه يريد أن يبقي الباب مفتوحًا للحوار، وقرر أن يكون الرد كاملًا في كتاب حاول فيه أن يكون مخلصًا أمينًا صادقًا قدر المستطاع، ليكتب الجواب بحذافيره، وليضمِّن الكتاب جميع النقاط الهامة بما فيها الاكتشافات والشكوك والأسئلة التي تطرح حول الإسلام ومعها أجوبتها.

يصف الكاتب هنا معاناته للوصول إلى الحق، وكيف أصبح مسلمًا، كما يعبر في كتابه عن معاني رائعة في رحلته العميقة ليس مع القرآن، وإنما مع ترجمة تقريبية لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، فبالرغم من عدم معرفته باللغة العربية، وما نتج عن ذلك من حرمانه من الاتصال المباشر بالنص القرآني، فإنه سبح مع القرآن في تأملات هائلة، وفي تفاعل حي ويقظ مع منهج الإسلام وروحه. يصف جيفري مؤلفه بقوله «إنه تجربتي في الإسلام، واستجابتي وتفكيري بذلك، فهو أشبه بمذكرات أو رحلة شخصية، لأنه ذو طبيعة شخصية جدًا … وهو دون أدنى شك تفسير إنسان أمريكي للإسلام، ويمثل مساهمة في سبيل تطور الإسلام في الولايات المتحدة… وهو محاولتي أن أقول ماذا يعني لي كوني أصبحت مسلمًا».

تناول هذا الكتاب الشكل المتشدد المحنط في بلد إسلامي ليس بالضروري الجيد، ولا هو النموذج الموجود في بلد آخر. وممارسة الإسلام في مصر غير ممارسته في الخليج. كما أن إسلام الألماني أو الأمريكي لن يكون على شكل الهندي أو الفليبيني.

كذلك تعرض إلى قضية المرأة وحضورها الاجتماعات العامة. ونبه من خلال فكرة النماذج إلى أن وضع المرأة الأمريكية ومشاركتها مع زوجها حضور المؤتمرات لا يمكن أن يكون نسخة عن المرأة الشرقية. وتعرض كذلك لمشكلة خطيرة في علم الحديث حينما يتناقض مع نصوص قرآنية واضحة في مسائل خطيرة. مثل ولاية المرأة واللباس ونقص العقل والدين والردة. وباختصار فقد أثار الرجل البحث حول قضايا نحن لم نفتح ملفاتها بعد. وربما لا نتجرأ على ذلك بعوامل من استبداد الثقافة الراسخة عندنا.

وفي النهاية يذكر بموضوع الصراع العربي مع إسرائيل، ويتكلم عن «سيكولوجية» اليهودي. وأنهم يخافون من انقلاب الزمن عليهم، مهما علوا في الأرض.

٢ – حتى الملائكة تسأل.

يطرح هذا الكتاب موضوعًا دقيقًا جدًا، وهو مسألة التفكير المستمر بالله تعالى والكون والنفس، فالملائكة وهم لا يعصون الله ما أمرهم يسألون أسئلة جوهرية؛ ذلك لأن الإسلام دين الذين يفكرون، فلا ينبغى أن يطيع المسلم طاعة عمياء، وخصوصًا في مجال العقيدة والأمور الحساسة.

ويتحدث «د. جيفرى لانغ» أيضاً عن قصة إسلامه التي بدأت بالتفكير والسؤال، والتى تمثل إيمان المسلمين الجدد من الأمريكيين، وما يلاقون من عقبات فى سبيل ذلك، ويبحث المصاعب التي تواجه انتشار الإسلام في البيئات الغربية.

ونتعلم من خلال قراءتنا لهذا الكتاب كيف ندعو للإسلام بعيدًا عن العواطف، وكيف نلتزم بتعاليم الإسلام بعيدًا عن الغيبة والنميمة، وبعيدًا عن بعثرة صفوف المسلمين، وكيف نكون منهجيين لا نلقي الكلام على عواهنه.

٣ – ضياع ديني   

يبحث جيفري لانغ خلال هذا الكتاب بعد 24 عامًا من إسلامه في انسلاخ الأكثرية الساحقة من المسلمين الأمريكيين الذين نشأوا في الوطن، عن المساجد ونفورهم منها. ويؤكد أنه لا بد للمؤسسة في أمريكا أن يكون لديها رغبة في الإصغاء إلى شكوك وشكاوى الساخطين على الإسلام وغير الموالين له. وهذا يستدعي الانخراط في مناقشات مفتوحة حول قضايا لا يرتاح لها كثيرون من أبناء الجالية الإسلامية، ويجزم أن الحوار المفتوح سيكون أجدى وأنفع للمسلمين الأمريكيين الشباب الذين يتصارعون مع عقيدتهم، أكثر من المناقشات المغلقة والنمطية المألوفة، وأجدى كذلك من عدم إجراء هذه المناقشات أصلًا.

بالإضافة إلى ما أجراه المؤلف من تمحيص لقضايا الحكمة الإلهية من السماح بوجود الشر، وصحة الحديث النبوي الشريف، والممارسات التجريدية ضمن الجالية المسلمة الأمريكية فقد ضمن كتابه شهادات وأدلة وتحقيقات واستقصاءات مما يجعل هذا الكتاب مفعمًا بالثقافة.

وهو في هذا الكتاب كما يقول الكاتب – أحمد عمر – يركّز على مشاكل المسلمين الأمريكيين من الجيل الثاني المبتلين بجاذبية الممارسات الجنسية الحرة، ونقاط الخلاف بين الإسلام والثقافة الأميركية والخلط بينهما والذي يدفع الكثيرين إلى هجرة المسجد الذي يحضّ على التقاليد وقواعد السلوك الصارمة، في الحين الذي تعوّد فيه الأمريكي على العقلانية الفردية والتكيّف والإبداع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل